• ×

02:48 مساءً , الإثنين 7 يوليو 2025

الاركيلة: القاتل المحبوب حتى آخر نفس

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 اجتاحت ظاهرة الاركيلة المجتمع اللبناني بكافة فئاته العمرية من دون استئذان بحيث انتشرت في السنوات الاخيرة بشكل كبير وخطير، بينما في ما مضى كانت المسالة تقتصر على كبار السن دون غيرهم.

"جميع انواع المأكولات الشرقية والغربية - مشاوي على انواعها سندويشات سلطات - عصير كوكتيل - مشروبات -اركيلة كتير طيبة للصبايا فقط الاركيلة ببلاش!"

هكذا تغري المطاعم المارة لتجذبهم الى الدخول وتناول الطعام الذي بات يختتم "بنفس اركيلة" الذي لا بد منه.

فالاركيلة تحولت بين ليلة وضحاها، وبسحر ساحر مشعوذ الى "وجبة دائمة"على لوائح الطعام على اختلاف انواعها.

كما انها اصبحت الرقم واحد في المقاهي في مرافقة فنجان القهوة، او حتى من دونه، متفوقة بذلك باشواط على معادلة "فنجان قهوة وسيجارة".

حتى المقاهي التي تتخذ لنفسها اسما اجنبيا تقدم الاركيلة وهي تبقى الجامع بين الاذواق،شرقية كانت ام غربية.

لا طبقية في الاركيلة، فلقد امسى بامكان كل لبناني ان ينام على الطوى اياما وليال، لكنه لا يستطيع ان يتحمل غياب الاركيلة يوما واحدا، فكأن لها دور المخدر ضد ثورات الجوع وغلاء المعيشة،رغم ان متعاطيها معظمهم من الشبان العاطلين عن العمل والذين يريدون الهروب من الواقع والاحباط الذي يعانونه وان يقتلوا الوقت بأي شيئ وبأية وسيلة.

وبما ان الحاجة ام الاختراع، ومع الاقبال الكثيف على هذه الظاهرة، انتشرت المحلات في مختلف المناطق والاحياء لتامين هذه "الخدمة"الى المنازل، وهو ما يعرف بـ"الدليفري" باسعار زهيدة ومن دون حسيب او رقيب.

ويقول احد اصحاب هذه المحلات انه اصبح لديه زبائن من مختلف الفئات، مشيرا الى ان الفتيات يقبلن بشكل متزايد على الطلب بأنواع وتشكيلات عديدة، وبالتحديد من المعسل.

ويباع "النفس" بثلاثة الاف ليرة لبنانية اي ما يعادل دولارين.

كل ذلك يحصل في غياب حملات التوعية من الجهات المختصة للتحذير من مخاطر هذه الآفة الاجتماعية التي باتت تضرب المجتمع اللبناني في شيبه وشبابه.

من اين؟

اخترعت الاركيلة في الهند على يد الطبيب حكيم عبدالفتح، في الفترة المغولية، وكان يعتقد انها وسيلة غير مضرة لتدخين الحشيشة.

اما اصل الكلمة فيتأرجح بين الهند وبلاد فارس. انتقلت الى العالم العربي في عهد السلطنة العثمانية ومنه الى مناطق اخرى من العالم.

وللاركيلة اسماء متعددة، فهي اركيلة في لبنان وسوريا، ونركيلة في العراق، والشيشة في مصر والسعودية، واسمها بالانكليزية water pipe

كيف تعمل؟

تتالف الاركيلة من خمسة اجزاء:

- الراس: وهي وعاء يستعمل لوضع التنباك،والفحم المشتعل الذي يحرقه. وهو يصنع عادة من الفخار وتكون فتحته السفلى صغيرة لتدخل في الانبوب، اما الفتحة الاخرى فتكون واسعة مع فتحات صغيرة لتحمل التنباك وتسمح بدخول الهواء.

- الصحن: وهو يوضع تحت الراس ليلتقط الرماد المتطاير.ويصنع عادة من المعدن.

- غرفة المياه: وهي وعاء يحمل الماء وتصنع من زجاج مزخرف.

- الانبوب: الذي يحمل الراس من جهة ويغطس بالماء من جهة اخرى وله فتحة جانبية تستخدم لادخال خرطوم الاتنشاق.ويصنع من المعدن.

- الخرطوم(او النبريج باللبناني): الذي يدخل احد طرفيه في الانبوب والطرف الاخر لسحب الدخان واستنشاقه. ويصنع عادة من الياف نباتية ليعطيه لونه وينتهي طرفاه بانبوبين خشبين واحد ليدخل في الفتحة الجانبي للانبوب والاخر يستعمل للاستنشاق.

عند استنشاق الهواء بقوة من طرف الخرطوم يسحب الهواء من حوالي الراس. ومرور هذا الهواء بالفحم يشعله اكثر فيحترق التنباك ويولد الدخان الذي ينسحب مع الهواء داخل غرفة المياه ومن خلال الماء الى الفتحة الجانبية للانبوب فالخرطوم فرئة المستنشق والف صحة.

بين التنباك والمعسل:

انواع التنباك عديدة واكثرها استعمالا.

الناشف او المجفف: ولاستعماله ينقع في الماء ويصفى مع ابقائه رطبا. ويسمى في لبنان تنبك عجمي واشهره الاصفهاني.

الملغوم: وهو تنباك مضاف اليه مواد مخدرة مثل قنب الحشيشة.

المعسل: وهو تبغ منقوع في عصير الفاكهة او الدبس او العسل.

وللمعسل قصة تعود الى قرون عندما انكسرت خابية عسل اسود كانت مشحونة على مركب يحمل بجوار العسل شحنة من اوراق التبغ،فاختلط العسل بالتبغ.

وراح صاحب الشحنة يبكي على خسارته، لكنه فكر في ايجاد حل ينقذ به بعضا من الشحنة فحاول تدخين التبع المختلط بالعسل لكنه لم ينجح في اشعاله فقام بتجريب تدخينه عن طريق وضعه في حجر فخاري يوضع فوقه فحم مشتعل، فكانت تلك بداية تدخين المعسل في الاركيلة.

ما هي مضار الاركيلة على الصحة؟

يؤدي تدخين الاركيلة الى انواع عديدة من الامراض تشكل خطرا كبيرا على الصحة العامة، كالذي يمثله تدخين السجائر العادية، وله ذات الاضرار على صحة المدخن وعلى صحة الاشخاص المحيطين به. فالاركيلة تحتوي على سبعين مادة مسرطنة.

واظهرت دراسة غربية حديثة ان كمية الدخان المستنشقة عبر تدخين الاركيلة تساوي 48 ضعفا عما يتم استنشاقه خللا تدخين سيجارة واحدة. كما ان سحبة واحدة من نفس الاركيلة تفوق ما تحتويه سبعة سجائر من النيكوتين الذي يصل الى الدماغ في اقل من 19 ثانية من بدء سحب النفس.

ومن ابرز هذه الامراض: ارتفاع ضغط الدم الشرياني وخلل في وظيفة الرئتين ونقص الوزن عند حديثي الولادة لأمهات مدخنات وسرطان الحنجرة وامراض القلب والشرايين من جراء النكيوتين وامراض سرطانية من جراء القطران والمعادن الثقيلة التي يحتويها كالزرنيخ والكروم والرصاص والنيكل التي توجد في دخان الاركيلة بكميات تفوق دخان السيجارة باضعاف المرات وكذلك احمرار العينين بسبب الدخان المتصاعد من الاركيلة.

كما يتسبب تدخين الاركيلة ايضا بامراض واضرار تصيب اللثة والاسنان وقد تؤدي الى تخلخل في عظم الفك وبالتالي على الاسنان.
بواسطة : Admin
 0  0  91