الحكمة القائلة مصائب قوم عند قوم فوائد يراها الجميع امام اعينهم في ميدان التحرير الذي يعتصم فيه وينام ويتظاهر كل يوم مئات الالوف، اصبح مصدرا لرزق البعض، وجلب خسائر فادحة للبنوك والمحلات التجارية والاف التجار بسبب حظر التجول وعدم خروج الناس من منازلهم.
والذين استفادوا من مصيبتهم هم الباعة الذين اسرعوا بالتواجد في الميدان يقدمون خدماتهم للمعتصمين وكذلك المحلات القريبة من الميدان، التي اصبحت تعمل طوال اليوم دون توقف، ومن اشهرها محل كشري التحرير الذي كان المتظاهرون يقفون امامه في طوابير طويلة، وكذلك 'كشري توم اند بصل' ومطاعم الفول والطعمية وبعض محال السوبر ماركت وبائعو كروت الشحن وعربات الكبدة التي انتشرت في الشوارع الضيقة المحيطة بالميدان ومحل اخر للفطائر والبيتزا اصطف المتظاهرون امامه في طوابير ونظرا لاقبال مئات الالاف من شباب الثورة على تلك المحال لشراء ما يعينهم على الاستمرار في الاعتصام من طعام وشراب وخلافه.
كما اسرع بالمجيء للميدان الباعة الجوالون بعلب الكشري والسندوتشات والفطائر وجميع انواع البسكويت والمياه المعدنية والغازية وكروت الشحن والسجائر والمناديل الورقية والكثير منهم يقومون بتحضير الشاي وبيعه للمتظاهرين واتسع الامر حتى دخلت الميدان عربات تقوم ببيع الكبدة و'الفشار' و و'حمص الشام' ثم الاعلام والجوارب والكوفيات واغطية الرأس وكل يبيع بضاعته بالاسعار العادية اي لا يستغلون الوضع ويقومون برفع اسعار بضائعهم، وكل من يدخل الميدان للبيع تنفد بضائعه نظرا لمئات الالاف الذين يقومون بالشراء، ويحاول الباعة اظهار تعاطفهم مع المتظاهرين، والتأكيد على انهم معهم قلبا وقالبا، فنجد اكثرهم يرددون هتافات الثورة والمطالبة برحيل مبارك، واخرون يقومون بتعليق لافتات مطالبة باسقاط النظام فوق بضائعهم.
ولم يخل الامر من وجود بعض المتسولين وبالحيل المعروفة لدى الشعب المصري والمنتشرة في جميع الاماكن العامة مثل حمل عدد من اكياس المناديل الورقية والمرور بها على المتظاهرين مع طلب المساعدة، ورأيت شابا أخذ علبة مناديل من احدى السيدات واعطاها ثمنها المعروف، فقالت له ان ظروفها صعبة وحملت اكياس المناديل وجاءت الحرب مخاطرة بنفسها حتى تتكسب فأعطاها ضعف ثمنها، وهناك من الشباب من يقوم بشراء كل ما لدى البائع من طعام ثم يقوم بتوزيعه على رفاقه المتظاهرين، ويقوم الشباب المتظاهر بحماية المنشآت والمحلات التي فتحت ابوابها لهم وتأمينها وتنظيم حركة البيع والشراء حتى لا يصاب احد منهم بأذى.