اللبنانييون يعتبرونها جوهرة السياحة في بلادهم، وتنافس على اكتشافها رواد أجانب ومغامرون لبنانيون عبر التاريخ إنها مغارة جعيتا السامية ذات التجاويف والشعاب الضيقة، والردهات والهياكل والقاعات المنحوتة من الطبيعة. تسربت إليها المياه الكلسية من مرتفعات لبنان لتشكل مع مرور الزمن عالماً من القباب والمنحوتات والأشكال والتكوينات العجيبة.
تقع "جعيتا" في بلدة أخذت إسمها، بوادي نهر الكلب على بعد نحو 20 كلم شمال بيروت، وتتكون من طبقتين، الطبقة أو المغارة العليا والمغارة السفلى. ونسبةً إلى الصوت الذي يحدثه تدفّق مياه تلك المغارة، سُميَّت البلدة "جعيتا"، وهي كلمة ساميّة وتعني هدير الماء والضجيج بعكس ما يمكن أن تجده اليوم في "جعيتا" من هدوء وجمال طبيعي خلاّب، يمنحها إياه موقعها المتميّز الذي يرتفع حوالي 400 م عن سطح البحر، ليجعل منها شرفة طبيعية تشهد على جمال الساحل .
افتتحت المغارة العليا منها في يناير 1969، بعد أن تم اكتشافها عام 1958 وتأهيلها للزيارة على يد المهندس والفنان والنحات اللبناني غسان كلينك، وذلك في احتفال موسيقي أقيم داخلها وأعدها خصيصاً لهذه المناسبة الموسيقار الفرنسي فرنسوا بايل. وشهدت المغارة العليا بعد فترة مهرجاناً موسيقياً مماثلاً في شهر نوفمبر من العام عينه، عزفت فيه مقطوعات عالمية للموسيقار الألماني كارل هاينز شتوكهاوزن. وتتميز هذه الطبقة من المغارة بأنها تمنح زوارها متعة السير على الأقدام لمسافة، بعد عبور نفق يبلغ طوله حوالي 120 متر، ليطل في الممرات بعد ذلك على الأقبية العظيمة الارتفاع، والموزعة فيها الأغوار بالإضافة إلى الصواعد والهوابط والاعمدة الكلسية وما إليها من اشكال مبهرة.
يعود تاريخ اكتشاف الجزء السفلي من المغارة إلى ثلاثينات القرن الـ19 مع رحلة للمبشر الاميركي وليام طومسون. وكان طومسون قد توغل فيها حوالي 50 متراً. وبعد أن اطلق النار من بندقية الصيد التي كان يحملها وأدرك من خلال الصدى الذي احدثه صوت إطلاق النار أنه للمغارة امتداداً جوفياً على جانب كبير من الاهمية.
اليوم، تترقّب هذه المغارة الباهرة، ومعها اللبنانيون جميعاً، استحقاقاً أساسياً يتوّجها على لائحة "عجائب الدنيا السبع" كما تستحقّ، وذلك بعد أن تمّ ترشيحها لذلك من قبل شركة new7wonder المنظمة لهذه المسابقة، وهو "استفتاء عجائب الدنيا السبع للمواقع الجغرافية الطبيعية".
وصلت جعيتا إلى مرحلة متقدمة جدا، حيث تتنافس بين 28 موقعا طبيعيا لدخول عجائب الدنيا السبع، وباتت على قاب قوسين من الفوز، لكنّها تحتاج الى نسبة تصويت أعلى، نسبةً الى عدد سكان لبنان مقارنة مع باقي الدول المشاركة وعدد سكانها.
وتتنافس مغارة جعيتا مع جبل كليمانجارو والبحر الميت والغابة السوداء وشلالات الملائكة والأمازون في المرحلة النهائية من المسابقة التي ستُعلن نتائجها في الشهر المقبل.
والجدير بالذكر أن المنافس الابرز لمغارة جعيتا في هذه المسابقة هو البحر الميت المدعوم بشكل أساسي من إسرائيل.