في الوقت الذي تتجه الدولة لتأهيل وتطوير قيادات شابة تتولى زمام الأمور وقيادة البلاد، أطلقت وزارة التعليم المرحلة الأولى من برنامج التطوير المهني لمديري التعليم الذين تزيد أعمارهم في الغالب على 50 عاماً، ويشي بمجاملة ومحسوبية في اختيار المرشحين للبرنامج الذي يهدف بحسب تصريحات وزارة التعليم إلى تعزيز وتطوير القدرات القيادية لدى مديري التعليم، واطلاعهم على مستجدات عالم الإدارة التربوية. واعتبرت «الوزارة» هذا البرنامج أحد البرامج النوعية المحققة لمبادرات التحول الوطني 2020، إذ إنه ينفذ في فترة لا تتعدى الـ15 يوماً، كما أن الفئة المستهدفة هي مديرو التعليم الذين تبدأ أعمارهم من الـ50 عاماً فما فوق، مع مؤهلات تعليمية أغلبها غير تخصصية مع قليل من حملة الشهادات العليا، إذ إن غالبيتهم من خريجي بكالوريوس كليات المعلمين أو كليات التربية بالجامعات في المملكة.
وعلى رغم أن البرنامج يُقام في جامعة هارفارد الأميركية، إلا أن غالبية المرشحين، يفتقرون إلى إجادة اللغة الإنكليزية، في حين تمتلك الوزارة كوادر شابة بمؤهلات دراسية عليا من حملة الماجستير والدكتوراه التخصصية، تماشياً مع سياسة المملكة الحالية لتحقيق مستقبل رؤية 2030. وأكد المشرف العام على برنامج التطوير المهني للقيادات التربوية في وزارة التعليم الدكتور راشد الغياض في حديث لـ«الحياة» أن المشاركين هم جميع مديري التعليم والبالغ عددهم 46 مدير تعليم، مبيناً أن البرنامج يهدف إلى تطويرهم في جامعة هارفارد لمدة أسبوعين مع زيارات ميدانية لإدارات التعليم في بوسطن الأميركية وعدد من المدارس في مختلف المراحل.
وقال إنه بالنظر إلى جوانب البرنامج من جانب نظري وتطبيق عملي وزيارات ميدانية لإدارات تعليم ومدارس، فإن الهدف التطويري لا يتناسب مع المدة الزمنية المقننة بـ15 يوماً. من ناحيته، اعتبر أستاذ الأصول والفلسفة الاجتماعية بكلية التربية بجامعة الملك سعود الدكتور بدر العتيبي، أن التطوير والتجديد يستلزمان رجالاً يقومون بذلك بروح وهمة الشباب، موضحاً أن المملكة تجاوزت خطط التنمية الرتيبة إلى مشروع التوازن المالي والتحول الاقتصادي لتحقيق أهداف رؤية 2030 الطموحة، وبالتالي فإن تحقيق متطلبات التحول للوصول إلى الرؤية المنشودة يتطلب إعطاء التعليم الفرصة الأكبر لتعليم الجيل الجديد الرؤية بكامل عناصرها الإدارية والإشرافية والتدريسية، والأخذ بأسباب الجديد من المعارف والتقنية. وقال لـ«الحياة»: «إن وزارة التعليم خطت خطوة وقفزة بالتوسع في التدريب وابتعاث العديد من كوادرها إلى الولايات المتحدة وكندا للتدريب على المستجدات الحديثة في أساليب وطرق الإدارة والإشراف والتدريس»، مشدداً على أهمية اختيار من يبتعث للتدريب بحصر ذلك في إطار ذات الفئة العمرية من 25 إلى 45 سنة، أي فئة الشباب والتوسع في ذلك وبشكل مقنن جداً». وأضاف: «أما بالنسبة للأعمار ما بين 45 و50 فما فوق، فإن في ذلك هدراً غير مبرر، وذلك لأسباب عدة، ذكر منها أنه كلما كان العمر صغيراً كان المبتعث أقدر على التكيف ومرناً لتقبل الجديد، وأيضاً قصر مدة الدورة يفيد في حال الشباب أكثر من الكبار، وكذلك لغة الدورة لا تسعف كبار السن على فهم مواد الدورة، كما أن الشباب أقدر على التعامل مع التقنية بشكل فاعل».
وأشار العتيبي إلى أن من الأسباب أيضاً، أن الشباب يستطيع تطبيق ونقل ما تعلمه بشكل أكثر سلاسة ومهارة أسهل، وكذلك قدرة الشباب على الإبداع وتكييف ما تعلمه مع بيئة التعليم في المملكة، ضارباً مثلاً بالقول المأثور «العلم في الصغر كالنقش على الحجر» تفادياً للهدر المالي وحرصاً على تحقيق الأهداف من هذه الدورات. واقترح العتيبي على وزارة التعليم التوجه إلى الجامعات في المملكة والنظر في تجاربها في التدريب، إذ إن نموذج جامعة الملك سعود في تنفيذها البرامج من عمادة تطوير المهارات لأعضاء هيئة التدريس يستحق النظر في إمكان الاستفادة منها توفيراً للجهد والمال والاستفادة من الخبرات والخبراء كافة وفقاً لصحيفة الحياة.