قال المذيع الدكتور محمد العوين: أما الفاكس الذي أريد الرد عليه فيقول "أرجو من المقدم قراءة هذا الفاكس وعدم إهماله"، وأرجو من الزميل تركي المصور أن يأخذ صورة لهذا الفاكس. يقول" هذه التبرعات تذهب إلى الكفرة من الهندوس وغيرهم، لكي يقتلوا إخواننا بها، لا تتبرعوا".

فأجيبوا عليها يا أصحاب الفضيلة.. لا زلنا نرد على هذه الاتهامات من أول الحملة، فبعض الذين في قلوبهم شيء أو لديهم شبه لا بد من قطع هذا الشك وهذا الوسواس القهري لكي نرد هذه الاتهامات الباطلة، وكأن الاخت أو الأخ الذي كتب هذا الفاكس يملك كل العلم والبقية لا يملكون من العلم شيئاً فأرجوا أن تتفضلوا بالإجابة.

من لديه منكم إجابة؟ د. حمزة؟ د. سعد؟

د. سعد البريك: "حقيقة يعني قد قال الإخوان بما فيه الكفاية، ويعني ما عاد نقول يعني عفوا لا مؤاخذة، يعني


إذا الكلب لم يؤذيك إلا بنبحه

فدعه إلى يوم القيامة ينبح

ما هناك جواب أبلغ من أن تقول لأولئك الذين.. يعني سماحة المفتي حينما تكلم، كان جاهلاً وصاحب الفاكس أعلم؟! سماحة رئيس مجلس القضاء الأعلى حينما تكلم، كان جاهلاً وصاحب الفاكس هو العالم؟! المشايخ الذين من الساعة الواحدة ظهراً إلى الساعة الثانية الآن، يعني كل هؤلاء جهلة أجمعوا على جهل وغباء وعدم فهم وعدم معرفة، وصاحب الفاكس وحده هو الذي يعلم؟! قد قيل، وقد أجيب، وقد تكرر الجواب، فيا أحبابي، أرجو يا دكتور محمد يعني ألا نطيل الوقوف أمام هذه المشكلات،

وأود حقيقة أن أعود لتنويه الأخوة، والله الصور التي رأيناها من هذه الأخاديد الطويلة المستطيلة العريضة التي ضاقت بالجثث المتعفنة، ولم تجد أكفاناً، الناس يدفنون بلا كفن، والناس يعيشون بلا سكن، والناس يبحثون عن شربة ماء نقية فلا يجدون. منظمة الصحة العالمية تقول نحن أمام كارثة خطيرة في انتشار البلهارسيا والأمراض الخطيرة.

يعني قليل من المال بهذه التبرعات المباركة نوصله لهم يدفع عنهم شراً كبيراً من الأوبئة، والأمراض الفتاكة، التي يمكن أن تنتقل بهبوب الرياح إلينا. مجرد أن تهب الرياح في أي اتجاه من الشرق إلى الغرب يمكن أن تصل هذه الأوبئة فيموت الناس بالمئات في أي مكان من أنحاء العالم.

فالمسألة هي مسألة.. يمكن أنت يا صاحب الفاكس أول من يموت فيها، وأول من يستنشقها.

- مداخلة - كما ترى الصورة.

يعني هذه الجثث حينما تتعفن وحينما لا نقدم مالاً يساعد رجال الإغاثة والإنقاذ.. والله أنت حينما ترى ناراً تلتهب وتحرق بيوتاً ودوراً، هل تقول: قفوا لا يطفئ النار إلا من يشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويعلم أن الله في السماء ويأتينا بتفاصيل العقيد!؟ وتقول: لا نسمح لأحد يطفئ النار إلا إذا جاء أتانا بماء طاهر أو طهور ولا نسمح بالماء الطاهر أو الدنس!

يا حمقى يا مجانين يا مساكين، افقهوا واعلموا وتعلموا وأدركوا. إلى متى هذا الغباء وإلى متى هذه السخافة؟ النار إذا اشتعلت يجب أن (تحرقها) بالماء الطاهر والطهور والنجس، وأن تستعين بكل من يستطيع أن يعينك على إطفائها.

نقول: نعم فئة قليلة كان عندهم شبهات فأجبنا عليها، كان عندهم تساؤلات جزاهم الله خير سألوا كما قال صلى الله عليه وسلم "إنما شفاء العي السؤال، هلا إذ جهلوا سألوا" فسألوا وأجبنا عليهم. لكن يأتينا من يقول: هذه تذهب إلى .. ياخي الذين الآن تبرعوا للفيضان، في هذه الحالة، في هذه اللحظة، يعني هل هذه المرأة التي تلطم وتصرخ وتنوح سواء كانت مسلمة أو غير مسلمة، هل عندها الآن النفس والنفس والفكرة أن تقتل مسلما أو أن تفعل شيئا؟ هذه تشير بلعبة أطفالها. ما هذه العقول؟ ما هذا الفكر المتحجر؟ ما هذا التشدد؟ ما هذا التنطع؟ ما هذا التشمت؟ ما هذه الحياة التي ملئت عقدا ؟ وملئت والعياذ بالله أمراضاً؟

وملئت عقداً نفسية؟ حتى وصلت الحال إلى أن نقول حرام علينا أن نرسل قطرة الماء، وحرام علينا نرسل جرعة الدواء، وحرام علينا أن نرسل لقمة الغذاء، وحرام علينا أن نقدم الكساء لدفن الموتى وتكفينهم، تلك والله مصيبة عظيمة.

هؤلاء والله على خطر أن يبتليهم الله بكارثة مثلها، قد يأتي.. قد يقدر الله عليه مقادير تسافر به إلى إي مكان، في أي ما..، ربما يبتليه الله بطائرة يسقط بها، أو يبتليه الله بكارثة أو يموت في ينتفخ فلا يجد من يلقنه أو يغمضه أو يدفنه أو يصلي عليه.

انظروا إلى هذه الصور، يحاولون إنعاش أطفال وهم في الرمق الأخير، فلا يستطيعون. القوم في نواح في بكاء، وأغلب المنكوبين من المسلمين، وأغلب أهل الكوارث من المسلمين، ولو ساعدنا غير المسلمين لكان لنا الأجر، يا إخواني، يا أحبابي، والله..

فلو كنا جمادا لاتعظنا ولكنا أشد من الجماد..

تفاجينا الكوارث كل حين

وما نصغي إلى قول المنادي..

وأنفاس العباد إلى انتقاص

ولو أن الدمار إلى ازدياد

فيا أيها الناس، اسمعوا والتفتوا وانتبهوا واجأروا إلى الله عز وجل، وقولوا "ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين" أيها الناس، عودوا إلى الله، وتوبوا إلى الله، واستغفروا الله حتى لا تبتلوا بالكارثة في أرضكم، أو داركم، صحيح أن هناك مائة تفسير جيولوجي وجغرافي وفلكي، ولكن أيضاً من تفسير الكوارث هو تقصير العباد. والجبار عز وجل يغير على نعمه، ولا يشترط أن تكون هذه البلاد أكثر أرض الله فساداً، فنحن نعرف أن هناك دولاً وعواصم وأماكن فيها من الفساد أضعاف أضعاف ما قد يوجد في أي مجتمع من المجتمعات في قريب أو بعيد أو قليل أو كثير، لكن أن نقول أن كل هؤلاء فساق،

وكل هؤلاء فجار، وكل هؤلاء اجتمعوا على دعارة وكل هؤلاء اجتمعوا على الخمور، وكل هؤلاء اجتمعوا على فساد، هذا والله من نقيصة العقل. في الناس من يبتلى، أليس الله يبتلي عباده! "أ ل م أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين". لا تشترط أن تكون الكارثة طولاً وعرضاً شرقاً وغرباً بداية ونهاية كلها ذنوب ومعاصي. إنها حكمة. يبتلى الله من يشاء، ربما يتوفى الله أنفساً ليدفع عنها عاراً لا يطاق، ويتوفى الله أنفساً ليرد عنها شراً لا يطاق، ويتوفى الله أنفساً ليجعلها في درجات في الجنة، وإن العبد لتكون له المنزلة الرفيعة عند الله في الجنة لا يبلغها بعمله، فيشدد الله عليه البلاء، أو تصيبه البلية فيبلغها بما أصابه.

لا يجب أن نتقوقع ونوحد السبب ونقول كل الناس كانوا في الكريسمس وكلهم كانوا في رأس السنة، وكلهم كانوا في فجور، وكانوا في معاصي.

نعم وجد من سافر من الغرب إلى الشرق فحياه الزلزال وقتله، وحياه العاصفة والإعصار وقتله، لكن ليس كل الناس كذلك، القرية المعروفة (تشانشي) في إندونيسيا التي الآن تتعرض إلى صفقة بيع ستمائة طفل لجمعيات تريد أن تأخذهم وتخطفهم وتمارس أبخس أنواع وأسوأ أنواع الانتهازية، ليست فقط في الظروف، بل في المبادئ والعقائد والقيم. أناس يشتروا أطفالا فيباعون، هذه المسألة يجب أن ننظر إليها، هذه القرية معروفة بأن أهلها أشد الناس تمسكا بالحجاب وبالصلاة في الجماعة،

وبالديانة. هل نقول هذه القرية كلهم سكانها على فجور وعلى خمور وعلى دعارة وعلى فساد؟! ويا أخواني ويا أخواتي يكفي أن نعتبر وأن نتدبر وأن نتذكر أن الجزاء من جنس العمل. والله هذه المصيبة الكارثة.. من كسا مؤمنا كساه الله، من أشبع جائعا أشبعه الله، من سقى ظمآناً سقاه الله، من نفس عن مؤمن كربة. نفس الله عنه من كرب يوم القيامة. من داوى مسلما شفاه الله، نتعامل بكل إيمان بكل تقوى بكل إخلاص، بكل روحانية، بكل أريحية، لا بمثل هذه الأفكار السخيفة التي يمجها كل من عنده أدنى إيمان أو أدنى روح أو إنسانية.

المذيع: د. حمزة أيضا حول هذه النقطة بالذات تحديدا وباختصار الله يبارك فيك يا دكتور.

د. حمزة: بخصوص الفاكس وقبل أن أغادر أبين مسألة مهمة، وهذه المسألة أن هؤلاء الذين يشككون ويطرحون الشبه في البداية كانوا يقولون مساعدة الكفار ويسكتون، فلما أزحنا (..) وكشفنا النقاب عن شرعية ذلك بالأدلة، الله يقول "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين، ولم يخرجوكم من دياركم، أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين". وغير ذلك من النصوص الشرعية. بدأوا بسؤال آخر وهم لا ينتهون. يقولون أنها تذهب إلى الهندوس ليقتلوا بها المسلمين، طبعا هذا أمر ظني لا ندفع به الأمر اليقيني، فهذا الكلام ليس عليه لا دليل ولا برهان ولا حجة، والله يقول، ونحن نقول كما قال الله "قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين".

الأمر الأخير، هذه المناظر والمشاهد المؤسفة، في الحقيقة ما كانت تمر على السلف الصالح مرور الكرام، ولم يكونوا يرخوا عليها الستار، ولم يعرفون مواقف سلبية تجاهها. قد يسأل سائل، هل كان في عصر النبي صلى الله عليه وسلم أو عصر الصحابة قنوات فضائية أو تلفزة؟

أقول لا، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم رأى الأمر واقعاً مشاهداً ملموساً في قصة المضريين الذين جاءوا كما ثبت في صحيح مسلم من حديث جرير بن عبد الله البجلي جاء أناس قوم عراة من نمار فلما رآهم النبي صلى الله عليه وسلم تمعر وجهه لأنه لم تمر هذه الأمور على شخصيته العظيمة، وعلى قلبه الرؤوف الرحيم دون أن يتمعر لما أصابهم من الفقر والفاقة، دخل الغرفة ثم خرج.. الحديث طويل.

ثم حث المسلمين. اختم بقصة للمجاهد المنفق عبد الله بن المبارك رضي الله عنه وأرضاه ورحمه، كان يسير إلى بيت الله الحرام حاجا، فمر على موطن تلقى فيه القاذورات، فرأى امرأة تجمع فضلات الطعام التي ألقيت في هذا المكان، فاقترب منها ورابه أمرها فقال ما تصنعين؟ فقالت دع الخلق للخالق. فألح عليها. قالت أنا امرأة وأعول أربع بنات مات عائلهن فلا يعولهن بعد الله غيري، فما وجدت وراء الأبواب قلوباً ولكنني وجدت حجارة. فالتفت عبد الله بن المبارك، وهو الشهم المنفق،

وهو الفقيه، التفت إلى خادمه قال خذ من نفقتنا إلى الحج ما يكفينا إلى أن نرجع واعط باقي هذا المبلغ إلى هذه المرأة. وهو بذلك حقق قول أمير المؤمنين الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يقول "الأكباد الجائعة أحب للصدقات من بيت الله الحرام". ولذا ندعو أولئك الذين حجوا مرارا أن يفسحوا المجال لمن لم يحج وأن يأخذوا هذا المال الذي ادخروه لنفقة الحج ويتبرعوا به.