كيف اشتعلت الفتنة؟
لل*** عبد المحسن العبيكان حفظه الله
ان المتتبع لحال المسلمين في السنوات الاخيرة ليدرك ما وصلت اليه حالهم من الاضطراب والتفكك والاختلاف الشديد في الآراء التي لو اتحدت لأمكن ان تحل لها مشاكلهم وان تعالج بها مصائبهم. وبنظرة ثاقبة في الاحداث الاخيرة المتلاحقة واستعراض لها ندرك كيف حصل ذلك وكيف وصلنا الى هذه الحال. فمنذ سنين عديدة لم يكن هناك اقبال عام من الناس، خاصة الشباب، على المحافظة على احكام الدين الاسلامي حتى قامت الصحوة المباركة بتقدير من الله وتوفيق منه عز وجل، كما قال صلى الله عليه وسلم «ان لهذا الدين اقبالا وادبارا»، فأقبل الناس اولا على قراءة القرآن وحفظه وسماع تلاوته من خلال الاشرطة التي انتشرت انتشارا كبيرا، ثم بعد فترة ظهرت اشرطة المحاضرات والخطب وانتشرت، وكان لها تأثير كبير على سلوك الناس، خاصة الشباب. وفي هذا خير كثير ومكسب ثمين، إلا انه حصل تفريط في ضبط هذا الاتجاه وثوران هذا الحماس الديني والعواطف الجياشة حياله، اذ كان من الواجب دراسة تلك الظاهرة دراسة دقيقة من قبل العلماء والاخصائيين في العلم الشرعي وعلم النفس والسياسة الشرعية والتربية الاسلامية ووضع الخطط والضوابط لكبح جماح هذا الاندفاع ليكون على منهج سليم وشرع قويم، ولكن مع غياب الرقيب استغل البعض هذه الصحوة المباركة لتوظيف الشباب المندفع في تنفيذ خططه ومآربه السياسية، فاتجهت بعض المحاضرات والخطب الى التهييج السياسي والخروج على الحكام بعدة حجج، منها عدم تطبيق الشريعة الاسلامية كاملة وظهور بعض المخالفات والمنكرات. ومما زاد الطين بلة ان هناك من استغل احتلال اليهود لفلسطين واحتلال الاتحاد السوفيتي لافغانستان في تهييج مشاعر الناس واظهار حكام المسلمين بمظهر الخونة المتآمرين المتخاذلين عن نصرة اخوانهم. ثم فتح باب الجهاد في افغانستان، وبدأ التحريض عليه وفتح باب التبرعات والتدريب و***** خروج الشباب للقتال هناك من دون ضوابط لصرف تلك الاموال واشتراك اولئك الشباب. فتجمع الشباب من عدد من الدول وفر بعض المطلوبين للجهات الأمنية من بلدانهم الى تلك المنطقة واصبح كل من يحمل فكرا معينا يطرح آراءه وافكاره بكل حرية فتلاقحت الافكار وقامت سوق التكفير للحكام والمجتمعات، ورفع لواءها من كانوا في السجون واثر السجن في نفسياتهم وسلوكياتهم ولم يكن هناك من يدفع هذا الخطر الفكري بقوة البيان والحجة والبرهان بشكل قوي بين صفوف اولئك الشباب، فشب هذا الفكر وترعرع وآتى اكله واينعت ثماره عندما خرج الروس من افغانستان واشتعلت الفتنة بين جماعات المقاتلين، وعاد شباب الجهاد الى بلدانهم وبعضهم يحمل الروح القتالية الدموية مع الفكر التكفيري الذي وجد طريقه الى عقولهم لضعف التحصيل العلمي وتنفيرهم من كبار العلماء بتشويه صورهم والاتهامات الباطلة لأشخاصهم. وللحديث صلة عن هذه المسألة.