وماذا في ذلك.؟؟ فقد كان من سبقهم من التلاميذ يجلسون على (الحنابل) التي تغطي أرض فصول الطين..!!! ماهذا الهذيان في هذا الوقت..؟؟ هل عدنا الى عهد حكايا الجدات.؟؟ الجواب قطعا لا بل هو زميلنا في هذه الجريدة محمد السهلي الذي حرث ذاكرتي حين نشر صور طلاب مدرسة الحكم بن هشام الابتدائية في حي الازدهار بالرياض والصغار بكل براءة الدنيا يتكدسون جلوساً على (السيراميك) وليس على البلاط كما قال محمد هداه الله، لن أتناول تفاصيل الخبر المنشور بجريدة الرياض يوم الأحد الفائت 5شعبان 1425هـ فلا بد أن من يهمه الأمر قد قرأه على عجل أو بعناية يعتمد الأمر في هذا على كيفية التلقي وسببه انما سأحكي لو سمحتم لي ما أثارته الصور المنشورة في الخبر من أحزان وأشجان، ففي عام 1381هـ الموافق للعام 1960م وفي منطقة (نجد) التعليمية وبالتحديد في مدرسة السيح الأولى الابتدائية بالخرج (الوحيدة آنذاك) كان طلبة السنة الثانية الابتدائية فصل(جيم) يجلسون على (حنبل) يغطي أرض الفصل الطينية فينظرون الى المعلم كعملاق يقف أمامهم يتحدث وهم يصغون فاغري الأفواه من الدهشة لا يتحركون كأن على رؤوسهم الطير، المعضلة الوحيدة كانت حين يدافع أحد الصغارعن(الأخبثين) وحين لا يستطيع المدافعة يضطر الى الخروج من آخر الصفوف الجالسة متخطياً بذلك الرقاب والاجساد وحينها لامناص من(ركلة) هنا وضربة هناك حتى إن أحدهم في يوم دام من أثر(الفلكة) أدمى أنف زميله عن طريق الخطأ غير المقصود في رحلة عودته من (بيت الخلاء) الى مكانه في الصف الأخير من الفصل حيث يجلس طوال القامة و(الشنبات) ..!!!!
العملية التعليمية آنذاك حيث لم ترد حينها مفردة(تربية) كانت على بساطة الامكانات وبعيداً عن مايسمى بـ (اقتصاديات التعليم) وعمليات ترشيد الانفاق تسير بكل ثقة نحو مستقبل واضح المعالم يعرف كينونة مدخلاته ومخرجاته يهتم بالصدق أولاً ثم الصدق والصدق، لهذا أجدها مناسبة جيدة لأقول لمن ادعى بأن المناهج الحالية هي هي لم تغيير وأنها قد ساهمت في تخريج الرجال الذين ساهموا في بناء الوطن بأن هذا الادعاء غير دقيق البتة فمناهج الثمانينيات الهجرية التي درسها الطلبة آنذاك لم تكن كمناهج التعليم منذ عشرين عاماً والى اليوم حيث غزاها فكر قاتم التوجه ومعلم خفي النوايا..!!! ما علينا، أقول لعل وزارة التربية والتعليم اليوم وهي تعيد الزمن للوراء تود أن تعلم صغارنا(عملياً) لانظرياً مقولة أحد الحكماء بأن المرء لا يمكنه الحصول على المعرفة إلا بعد أن يتعلم كيف يفكر فلو تمعنا في هيئة طلاب مدرسة الحكم بن هشام الابتدائية لرأينا كيف أن علائم التفكير بادية على قسماتهم إذ كيف استطاعت الوزارة بهذا الذكاء الخارق إعادة الزمن عكس اتجاه عقارب الساعة ليس هذا فحسب بل هناك درس آخر لا يقل أهمية إلا وهو غرس فضيلة (الزهد) في أرواح الصغار فلا يمكن بلوغ المجد إلا بعد أن يلعقوا الصبرا(أي الأمرين) والزهد في الكماليات نظافة وأناقة كما يقال..!!! ثم لا تنس أن الناس في مجتمعات أخرى يتعلم صغارها داخل (خيام) فاحمدوا ربكم أن وجدتم مبنى تحشرون فيه من أجل العلم..!!!
أي هرطقة تلك التي يقول بها المنظّرون حين يتحدثون عن(الموجة الثالثة) تلك التي تمزج بين التقدم الثقافي والثورة المعلوماتية الفائقة واستخدام الجيل الثالث من الانسان الآلي والكيمياء الحسابية والهندسة الوراثية وتلك الموجة منبعها الأصلي دور العلم فعن أي دور يتحدث هؤلاء ..؟؟ الا يعرفون بأن الانسان من الأرض وإليها فهانحن نعيد للأرض دورها فليجلس طلبة العلم على الأرض ليتعلموا موجة( رابعة) جديدة اسمها( التاريخ يعيد نفسه) رغم المتغيرات ورغم ضخ الميزانية السنوية .

http://writers.alriyadh.com.sa/kpage.php?ka=64