اللون الاخضر اللون الازرق اللون الاحمر اللون البرتقالى
تغذية المنتدى صفحتنا على تويتر صفحتنا على الفيس بوك

النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: فيم يختصم الملأ الأعلى ورؤية الرسول ربه

  1. Top | #1

    تاريخ التسجيل
    3 - 4 - 2009
    اللقب
    تربوي نشط
    معدل المشاركات
    0.02
    المشاركات
    107
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي فيم يختصم الملأ الأعلى ورؤية الرسول ربه

    بسم الله الرحمن الرحيم
    خطبة لفضيلة ال*** : عبد الوهاب العمري
    بتاريخ 7 – 1 – 1433 هـ
    بعنوان [ حديث فيم يختصم الملأ الأعلى]
    [الجزء الأول – الخطبة الأولى]
    بدأ فضيلته بحمد الله والثناء عليه وتمجيده وتوحيده والصلاة والسلام على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم , ثم قال بعد ذلك
    ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )) ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )) .
    أما بعد عباد الله : أوصيكم ونفسي بتقوى الله فهي خير الزاد وخيرلباس وخير ماينفعك في المعاد واعلم عبدالله أن الله قدأعظم عليك المنة إذ فضلك على كثير من خلقه إذجعلك من المسلمين وجعلك من أتباع محمد الأمين صلى الله عليه وآله وأصحابه والتابعين , فاذكر نعمة الله عليك واستمسك بهذا الفضل من الله عزوجل وكن عليه حتى تلقاه فكل نعمة تصغر عند هذه النعمة وكل مصيبة تهون مع هذه النعمة , اللهم اهدنا صراطاً قويماً اللهم اهدنا صراطاً قويماً والزمنا دينك الذي اخترته لعبادك حتى نلقاك يارب العالمين .
    أحبتي في الله كنت في خطبة الجمعة الماضية ذكرت استشهاداً حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذكر [ الكفارات والدرجات ] لكونه حديث عظيم أمرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم بأن نتدارسه ونتعلمه أحببت أن نقف عنده في هذه الخطبة نسأل الله أن ينفعنابه إنه على كل شيء قدير فقد خرج الإمام أحمد رحمه الله في مسنده من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : (( احتبس عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة في صلاة الصبح حتى كدنا نتراءى قرن الشمس فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعاً فثوب بالصلاة فصلى وتجوز في صلاة الصبح فلما سلم قال : كما أنتم على مصافكم ثم أقبل إلينا فقال : سأحدثكم ماحبسني عنكم الغداة إني قمت من الليل فصليت ماقدر لي فنعست في صلاتي فاستثقلت فإذا أنا بربي عزوجل في أحسن صورة فقال : يامحمد فيم يختصم الملأ الأعلى فقلت: لاأدري أي ربي فقال : يامحمد فيم يختصم الملأ الأعلى قلت لاأدري أي ربي قال : يامحمد فيم يختصم الملأ الأعلى قلت لاأدري أي ربي , فرأيته وضع كفه بين كتفي وحتى وجدت برد أنامله في صدري وتجلى لي كل شيء وعرفت فقال : يامحمد فيم يختصم الملأ الأعلى , قلت في الكفارات والدرجات قال : وماالكفارات , قلت نقل الأقدام إلى الجمعات وفي لفظ إلى الجماعات , والجلوس بعد الصلوات , وإسباغ الوضوء على الكريهات وفي لفظ إسباغ الوضوء في السبورات , فقال وماالدرجات فقلت : إطعام الطعام ولين الكلام وفي لفظ وإفشاء السلام والصلاة بالليل والناس نيام , فقال : سل فقلت : اللهم إني أسألك فعل الخيرات , وترك المنكرات ، وحب المساكين ، وأن تغفر لي وترحمني ، وإذأردت فتنة في قوم فتوفني غير مفتون ، وأسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربني إلى حبك ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنها حق ، فادرسوها وتعلموها )) .
    وقد خرج هذا الحديث الإمام الترمذي رحمه الله فقال حسن صحيح وقد سألت الإمام البخاري فقال : حديث حسن صحيح ، اللهم لك الحمد ماأعظم فضلك وما أكثر منتك ، اللهم اجعلنا شاكرين اللهم اجعلنا شاكرين اللهم اجعلنا شاكرين .
    أيها الأخوة هذا الحديث يفيد فوائد كثيرة وأحكاماً عظيمة فهذا رسولكم صلى الله عليه وسلم انتظره الناس في صلاة الفجر ليخرج كعادته ، فإن من عادته صلى الله عليه وسلم أن يصلي الفجر في أول وقته يصلي ( بغلس ) أي في شدة الظلام قبل أن يبين النور وينتشر هكذا كانت عادته صلى الله عليه وسلم لكنه في ذلك اليوم تأخر عنهم وانتظروه صلى الله عليه وسلم فهاتنان فائدتان . الأولى : أن السنة أن يصلي الفجر في أول وقته قبل أن ينتشر النور . والثانية : أن الجماعة ينتظرون إمامهم ولايستعجلون في الإقامة حتى يخرج إليهم إلاإذا علموا أنه لن يخرج أو أنه غير موجود أو أذن لهم مسبقاً إذا تأخر عنهم مدة معلومة هكذا السنة عباد الله ، ثم صلى بهم صلى الله عليه وسلم فإنه لما خرج ثوب بالصلاة أي أقيمت الصلاة فصلى بهم فتجوز في صلاته أي صلاها صلاة أخف مما اعتادوه فإن صلاة الفجر تختص بأنها طويلة فكان صلى الله عليه وسلم يطيل القراءة في صلاة الفجر وصلاة الفجر على الخصوص ركعتين ليست كغيرها لأنه يشرع فيها تطويل القراءة عن غيرها وهذه السنة التي هجرها كثير من الناس لكنه لما تأخر صلى الله عليه وسلم وخشي أن يخرج الوقت قبل أن ينتهي من صلاته خففها على غير عادة صلى الله عليه وسلم فتجوز فيها أي خففها ولما سلم صلى الله عليه وسلم قال لهم على مصافكم أي انتظروا لاتقوموا وابقوا على صفوفكم ثم انحرف والتفت إليهم صلى الله عليه وسلم وهذا يدل على أنه يجوز للمصلين إذا كان لهم حاجة في الإسراع أن يخرجوا بعد السلام ، ولكن الأفضل انتظار الصلاة بعد الصلاة والجلوس في المساجد بعد الصلوات فهي عبادة مستقلة فلما التفت إليهم صلى الله عليه وسلم أخبرهم بسبب تأخره وهذا فيه مظهر من مظاهر حسن خلقه صلى الله عليه وسلم إذيعتذر إذا أثقل على الناس وهم ينتظرونه ، ويطيب خواطر الناس إذا أثقل عليهم في شيء من الأمور على غير عادة وهذا من حسن الخلق وينبغي لكل إمام مسجد أن يكون حسن الأخلاق مع مصلي المسجد يعتذر إذا أثقل عليهم ويبين لهم ماأشكل منه عليهم وإذا عمل عملاً لايعرفوه علمهم فإن رسولنا صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ثم أنه صلى الله عليه وسلم أخبرهم فقال : إني قمت من الليل فصليت ماقدر لي وفي هذا كشف لبعض أعماله السرية في بيته صلى الله عليه وسلم فإن صلاتك أيها المسلم من الليل في بيتك من الصلاة التي لايطلع عليها أحد غيرك أوبعض أهل بيتك فيسن أن تبقى سرية لايعلم بها إلاالله عزوجل فهي من الخبايا التي تجعلها خبيئة بينك وبين الله تجدها خالصةً خاليةً من الرياء والسمعة لكن لابأس بأن يبين الإنسان بعض عمله السري إذاكان له عذره لكي يقتدي به من يجب أن يعلم من أهله أوتلاميذه أومن أصحابه أو ليبين أمراً تتابع تلو هذا العمل السري يجب تبيينه لهم وإلا فالمسلم ينبغي أن يكون عمله خالصاً لله عزوجل لايريد به رياءً ولاسمعةً ، قال صلى الله عليه وسلم : فنعست في صلاتي فاستثقلت أي أنه من طول قيامه أوجلوسه صلى الله عليه وسلم أصابه نعاس والنعاس أول النوم ثم يأتي بعد ذلك الإستغراق في النوم وهوالإستثقال وهذا ماجرى لرسولنا صلى الله عليه وسلم فهو كغيره من البشر عليه الصلاة والسلام ينعس في صلاته إذا طال عليه المقام وقد يعرض له النسيان كما حصل في أحاديث كثيرة وهو الذي يقول إنما أنا بشر فإذا نسيت فذكروني صلى الله عليه وسلم وقد جاء في الحديث وجاء في الأثر : (( أن الرجل إذا قام إلى صلاته من الليل ثم غلبته عينه فنام باهى الله به الملائكة وقال هذا عبدي في طاعتي وروحه في طاعتي وروحه عندي ، فالمؤمن عندما ينام تذهب روحه إلى الله عزوجل فكيف بعبد بين هذين المقامين المقام الحسي أنه في مصلاه بين يدي الله والمقام المعنوي وهو أن روحه عند الله فوق العرش لاإله إلاالله أي كرامة للمؤمن أعظم من هذه الكرامة . صل ياعبد الله من الليل فإن استثقل رأسك فأنت على خير إن كملت وإن نمت نسأل الله من فضله ، قال صلى الله عليه وسلم : فإذا بربي رآه عزوجل ورؤيا الأنبياء وحي يوحى ، ورأى ربه عزوجل وقام يخبرهم صلى الله عليه وسلم بما راى لأنها رؤياعظيمة لاتخصه صلى الله عليه وسلم بل هي عامة للمسلمين وفي هذا إعلام بسنة أن المؤمن إذا رأى رؤيا حسنة استبشر بها وللناس فيها خير سُن له أن يخبر بها من يحب كما جاء في أحاديث أخرى ، فإن كانت تحتوي على مالايحب أوعلى أمريكره أو أمر يخيف فالسُنة أن لا يخبر بها أحد ولايعبرها فإن رسولنا صلى الله عليه وسلم أرشد إلى ذلك فإذا رأيت في نومك ماتكره فلاتلتفت إليه ولاتخبر به أحداً واستعذ بالله من شرها وتحول عن حالك فإنها لاتضرك بإذن الله ، أما ماترى مماتحب لنفسك أو للمسلمين فاخبر به من يحبك خاصة ولاتعرض رؤياك على من يحسدك ولاعلى من يكرهك ولاعلى من تعرف حاله وهذه من آداب الرؤى التي تفوت على كثير من الناس ، فأخبر نبينا صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث وسمعه المسلمون منه في المسجد وحدثنا به أصحابه رضي الله عنهم فإن هذا الحديث مروي عن معاذ ومروي عن أبي ذر ومروي عن عبدالله بن عباس ومروي عن عدد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذا كثرت ألفاظه وكل منه سمع وعبر بلفظه فاختلفوا في الألفاظ فهذه رواية عن الإمام أحمد بسنده عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال فيها : فإذا بربي عزوجل في أحسن صورة رأى الله عزوجل في صورته والله سبحانه وتعالى له الصفات العلى وله الأسماء الحسنى وله الكمال المطلق وهو المنزه عن كل نقص تبارك وتعالى ، فقال الله لرسوله صلى الله عليه وسلم : يامحمد فيم يختصم الملأ الأعلى أي تكريم وتعظيم أكرم من هذا المقام لرسولنا صلى الله عليه وسلم أن يكلمه الله ليس بينه وبينه ترجمان ، هذه من المقامات العليا لرسولنا صلى الله عليه وسلم ثم الحديث يثبت أن لله صورة والحديث يثبت أن الله يتكلم ولايزال يتكلم متى شاء بما شاء كيف شاء بكلام مسموع له صوت وحرف لاكما يقول المعطلون والمبطلون قال صلى الله عليه وسلم : قلت لاأدري أي ربي : يعني يارب لاأدري فهو تودد في الجواب مقابل لفضل الله عزوجل في السؤال بمايناديه بالتحبب يامحمد فناداه باسمه واسمه أخص من كل وصف فلم يقل ياعبدي ولم يقل يارسولي وإنما ناداه باسمه يامحمد اللهم صل وسلم على محمد فقال لاأدري أي ربي قال فيم يختصم الملأ الأعلى قال : لاأدري أي ربي قال فيم يختصم الملأ الأعلى قال : لاأدري أي ربي ثلاث مرات ليعلم محمد صلى الله عليه وسلم ثم ليعلم الناس أنه لاعلم بما في الغيب إلامن علم الله (( فلايظهر على غيبه أحدا إلامن ارتضى من رسول )) ولذا أمر الله رسوله أن يقول : (( وقل رب زني علما )) وفوق كل ذي علم عليم ومهما علم الخلق معلمهم لايساوي شيئا في علم الله عزوجل ، قال صلى الله عليه وسلم : فرأيته وضع كفه بين كتفي فوجدت برد أنامله في صدري اللهم صل وسلم على رسول الله ، وضع الله كفه بين كتفي رسولنا صلى الله عليه وسلم من الخلف فكان لحلاوة وضع كفه أن وجد برد أنامله في صدره من الأمام , وقد جاء في لفظ آخر قال : وتجلى لي كل شئ وعرفت أي بهذا الوضع كشف الله له ملكوت السماوات والأرض , كما فعل إبراهيم عليه السلام , وكلمه في هذا الحديث كما كلم موسى عليه سلام الله فكشف الله لرسوله مافي السماوات ومافي الأرض , وقد جاء في الحديث أن الله جلى لإبراهيم عليه السلام في قصة هجره لأصنام قومه (( كذلك لنري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض )) أن الله كشف له مافي السماوات والأرض . إلا الخمس التي لايعلمها إلا الله اللهم صل على رسول الله فبهذا عرف رسول الله ماكان جارياً قبل عندما سأله ربه ليعلمه قال : فيم يختصم الملأ الأعلى يامحمد , وهذا ياعباد الله يثبت أن لله سبحانه وتعالى يد وأن يده لها كف وأن كفه لها أنامل كل ذلك نثبته كما جاء عن الله وعن رسوله بلاتمثيل ولاتكييف ولاتعطيل , بل كما جاء عن الله عزوجل وهذا هو شأن أهل الإيمان فيما يشكل عليهم من هذه الأحاديث أن يرد علمه إلى الله كما قال الله عزوجل : (( والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا )) نوقن تمام اليقين أن الله لايشبهه خلقه ولايتشبه به شئ من خلقه ونثبت له من الصفات مايليق به سبحانه ومن غير تمثيل ولاتعطيل ولاتكييف ولاتشبيه نعم وهذه الآيات والأحاديث يثبتها أهل السنة والجماعة كماجاءت ويؤمنون بها على حقيقتها كمايليق بالله عزوجل , جلس ابن عباس رضي الله عنه يعلم الناس فذكر شيئاً من هذه الأحاديث وكان في مجلسه أحد أهل البدع فانتفظ كأنه عصفور كراهية ذكر صفات الله عزوجل فقال رضي الله عنه وأرضاه : مابال هؤلاء القوم يرقون عند محكه ويزلفون عند متشابهه أما أهل الإيمان الذين لاغيض في قلوبهم فيقولون : (( آمنابه كل من عند ربنا ومايذكر إلاأولوا الألباب )) , فأجاب بعدها رسولنا صلى الله عليه وسلم فقال : فيم يختصم الملأ الأعلى , الملأ الأعلى : هم الملائكة يختصمون أي الملائكة أوقيل هم الطبقة العليا من الملائكة حملة العرش ومن حوله يختصمون أي يتجادلون ويتناقشون ويتراجعون . ماهي الكفارات وماهي الدرجات قال : في الكفارات والدرجات نعم عباد الله : إن أعلى الملائكة مرتبة عند الله وأقدرهم على مايأمرهم به الله وأخصهم بالمرتبة قرباً من الله مشغولين بمصالح المسلمين بعد توحيدهم لرب العالمين , عندما قال الله في سورة غافر (( الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلماً فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم )) وهنا يخبرنا الله ويخبرنا بعده رسولنا صلى الله عليه وسلم أنهم عليهم السلام مشغولين بما فيه مصلحتنا من الكفارات والدرجات . قال قلت : في الكفارات والدرجات , قال تعالى : وما الكفارات قلت : الكفارات نقل الأقدام إلى الجمعات والجلوس في المساجد بعد الصلوات وإسباغ الوضوء على الكريهات . نعم عباد الله : الدرجات والكفارات هي مشغلة للملائكة في الدرجات العلا عليهم سلام الله وهي أي الكفارات : نقل الأقدام إلى الجمعات وفي لفظ إلى الجماعات وهذه من نعم الله العظيمات التي من بها على المسلمين أن شرع لهم الصلوات في المساجد فإنك ياعبد الله حينما تخرج من بيتك خارجاً إلى المسجد أو راجعاً من المسجد فأنت تعيش في كفارات تكفر بها السيئات وت**ب بها الحسنات وترفع بها في الدرجات إذ بكل خطوة تخطوها إلى المسجد يرفع لك بها درجة ويحط عنك بها سيئة ويكتب لك بها حسنة ولذا كان السلف عليهم رضوان الله إذا مشوا إلى المساجد قاصروا الخطى طمعاً في زيادة العدد , كان رجل يمشي إلى مسجد رسول صلى الله عليه وسلم من مكان بعيد ولايفوته صلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له الصحابة : لواشتريت ****اً لتركب عليه إذا أتيت إلى المسجد للتقي الهوام والنكبات في الظلمات , فقال رضي الله عنه وأرضاه كما في حديث أبوهريرة عن أبي بن كعب : إني أحتسب على الله أوبتي كماأحتسب عليه ذهابي إلى المسجد فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (( إن ذلك كتب لك كله)) , ولما سمع من بني سلمة أنهم يريدون أن ينتقلوا من بيوتهم إلى جوار مسجده صلى الله عليه وسلم قال : (( يابني سلمة دياركم تكتب آثاركم )) دياركم : أي ابقوا في دياركم واستكثروا الخطى إلى المساجد فإنها تكتب في آثاركم , وكانت سنة رسول الله الحضور إلى المسجد صلى الله عليه وسلم فهذه من النعم العظيمة التي حرم منها كثير من الناس فيبحث عن أي سبب للتقاعس عن الحضور إلى المسجد والصلاة فيه متعذراً ببعد الدار ونحن في زمن عبدت فيه شوارعنا وأنيرت واصبحنا في خير عظيم من الله عزوجل ولاخوف ولاهم ولاحزن ولابرد ولاوحل ولاطين فما أعذارنا , أيها المسلمون في الحديث : (( بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة )) يفزع الناس ولايفزعون , يفزع الناس يوم القيامة وأما أهل المشي إلى المساجد في الظلمات فلايحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة , هل يفوز بها من فضلوا المراتب والمراقد على صلاة الفجر ثم قاموا فنقروها نقر الغراب , هل يفوز بهذا من تعمد أن يقوم إلى الصلاة إلا مع ساعة الخروج إلى العمل وقد طلعت الشمس فيتوضأ فلايسبغ وينقرها لاخشوع فيها ويؤديها مجاملةً روتيناً كما يقولون , هل يفوز بهذه المكاسب العظيمة إن هذا فضل الله يؤتيه من يشاء والله تعالى يقول عن أولئك : (( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون * فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون )) قال كثير من اهل العلم تتجافى جنوبهم عن المضاجع بقيامهم إلى صلاة الفجر , فلماذا نستثقل عباد الله لماذا نتكاسل وعلى الخصوص صلاة الفجر يوم الجمعة والخميس عندما تقضى ليالي الإجازات في السهرات الضائعات ثم يرجع فيرمي نفسه قبيل الفجر فلايستيقظ لصلاة الفجر كم فاتك من الخير , وافضل الصلوات على الإطلاق كما جاء في الحديث الصحيح صلاة الفجر يوم الجمعة , ألافاتقوا الله عباد الله .
    قال صلى الله عليه وسلم : والجلوس في المساجد بعد الصلوات .
    جلوسك في المسجد عبادة سواءً وأنت تنتظر الصلاة لتقام أو وأنت تنتظر بعد الصلاة لتأتي الصلاة الأخرى أو لتسمع درساً أو لتجلس لذكر الله عزوجل والخلوة به وهي من أعظم العبادات عند الله عزوجل , جاء في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنه : (( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من بيته بعد صلاة المغرب مسرعاً وقد ارتفع نفسه وحسر عن ركبته صلى الله عليه وسلم لسرعتة حتى وقف على حلقة في المسجد جلوس فقال : مالذي أجلسكم هنا قالوا : يارسول الله جلسنا نتذاكر نعمة الله علينا بالإسلام وماكنا عليه في الجاهلية وننتظر الصلاة قال : آلله ماأجلسكم إلاهذا قالوا : والله ماأجلسنا إلاهذا كررها ثلاثاً صلى الله عليه وسلم ثم قال أما إني لا أكذبكم ولكن الله أوحي إلي أنه يباهي بكم ملائكته . جلستك في المسجد عبادة وقد جاء فيها احاديث كثيرة ولا أريد الإطالة عليكم وللحديث إن شاء الله بقية نسأل الله عزوجل أن ينفعنا وإياكم بما علمنا وأن يجعلنا هداة مهديين أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم .


    [الخطبة الثانية من الجزء الأول ]
    من خطبة بعنوان [ حديث فيم يختصم الملأ الأعلى ]

    الحمد لله وصلى الله وسلم على خير خلق الله سيد ولد آدم أول شافع وأول من ينشق عنه قبره يوم القيامة صلى الله عليه وآله واصحابه وسلم تسليماً كثيراً , أما بعد عباد الله :
    ذكر رسولنا صلى الله عليه وسلم في إجابته على سؤال ربه ما الكفارات ذكر الكفارة الثالثة : وهي ( إسباغ الوضوء على الكريهات ) , وجاء في لفظ إسباغ الوضوء في السبورات وإسباغ الوضوء : إكماله وإبلاغه المبلغ الشرعي في أعضاء الوضوء , فالوجه من منابت الشعر إلى ماانحدر من الذقن طولاً ومن الأذن إلى الأذن عرضاً واليدين غسلها بأن تغسلها حتى تبلغ بها مافوق المرفقين فتدخل المرفقين فيها ولاتستعجل فتنسى المرفقين فتتركها بياضاً ومسح الرأس بأن تبل يدك في الماء فتقبل بها وتدبر إلى القفا ذهاباً وإياباً تدخل السبابتين في الأذنين وتجعل الإبهامين من على الصماخين فتديرها عليها مرة واحدة , وغسل القدمين بأن تغسل القدمين إلى الكعبين والكعبان هما العظمان الناتئان بين الساق والقدم فتدخلهما في المغسول فإذا بلغت في الماء ذلك كله ولم تترك فيه لمعة فقد أسبغت الوضوء أسبغت الوضوء وهو من اعظم القربات إلى الله عزوجل .
    استعجل الصحابة في سفر فسبقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الماء فتوضؤا سراعاً قبل ان يلحق بهم الجيش فجاء إليهم عليه الصلاة والسلام فرأى أقدامهم تلوح لم يصب مؤخرتها الماء فنادى بصوت عال (( ويل للأعقاب من النار ويل للأعقاب من النار )) , ودخل المسجد فجاءه رجل قدتوضأ فدخل فكبر فرأى في رجله لمعة مثل الدرهم فقال : (( ارجع فتوض فإنك لم تتوضأ )) فإسباغ الوضوء على الكريهات أي على المفروضات في الوضوء وقديكون إسباغ الماء مكروهاً في البرد حينما يشتد عليك برد الماء وتكره أن يصيب بعض أعضاء جسدك فإذا تذكرت أنها عبادة لله واستعملت نعمة الله عليك في أداء حقه فزت بهذه الكفارة العظيمة فنبينا صلى الله عليه وسلم ذكر في احاديث كثيرة كثيرة كثيرة : أن الوضوء يمحوا كل السيئات فإذا توضأت تساقط من وجهك كل ذنب فعلته بعينيك أو بفمك أوبلسانك فتحادر مع قطر الماء وإذا غسلت يديك تحادر مع قطر الماء كل خطيئة **بتها بيدك في أخذك أو إعطائك أو غير ذلك , وإذا مسحت رأسك مسح الله بها كل خطيئة أصبتها في تفكيرك أو في ماتصيبه في هذا الأمر حتى يتحادر مع قطر الماء من شعرك وإذا غسلت قدميك تحادر مع قطر الماء كل خطيئة مشيت إليها بقدميك فتخرج من الذنوب كما ولدتك أمك , والصلاة بعد ذلك نافلة أي زيادة , وفي حديث عثمان عندما جاء بتور فيه ماء فتوضأ أمام الناس رضي الله عنه وهو خليفتهم فتوضأ كوضوء رسول الله ثم قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا ثم قال : (( من توضأ نحو وضوئي هذا ثم قام فصلى ركعتين لايحدث فيها نفسه خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه )) . وفي حديث عمر بن عبسة : (( أن المؤمن إذا تمضمض خرج من فمه كل ذنب **به فإذا استنشق خرج من انفه كل ذنب **به بأنفه فإذا غسل وجهه تحادرت ذنوب وجهه مع قطر الماء إلى أن أتم الوضوء ثم قال : ثم قام فصلى ركعتين يحسن قيامها وخشوعها إلارجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه , قالوا ياعمر بن عبسة أنظر ماتقول هذه يخرج بها من ذنوبه كيوم ولدته أمه , قال والله لقد كبر سني ورق عظمي ولولم أسمع هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرة إلامرتين إلاثلاث إلى أن عد سبعاً ماحدثتكم بهذا )) هذا فضل الوضوء والكثير يستعجل وقديتوضأ بغير نية وقديصلي بغير وضوء ليجامل الناس وليرائي الناس .
    أحبتي في الله الكلام في هذا طويل وممتع وشيق لكن لاأريد أن أطيل عليكم ثم اعلموا رحمكم الله أن يوم الإثنين والثلاثاء القادمة بإذن الله عزوجل من أفضل أيام الصيام للتطوع فهو يوم عاشوراء ولأن هلال هذا الشهر لم يثبت دخوله لكون مابعد مغرب الجمعة الماضية كانت السماء ملبدة بالغيوم في كثير من مناطق المملكة فلم يثبت دخول هلال شهر محرم وبالتالي فإنه يكون هذا الشهر قد بدأ بيوم الأحد لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( فإن غم عليكم فأتموا عدة الشهر ثلاثين يوماً وعليه فيكون يوم عاشوراء يوم الثلاثاء القادم وصوم يوم الإثنين وهويوم التاسع إقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخالف اليهود إذ قال : (( لإن عشت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر )) وهذا اليوم يوم عظيم أعز الله فيه الإسلام وأهله وأذل الله فيه الكفر وأهله إذ أنقذ الله موسى ومن معه واغرق فرعون ومن معه فصامه صلى الله عليه وسلم في مكة ثم صامه في المدينة وامر الناس بصيامه فكان صيامه واجباً ثم نسخ وجوبه بفضل صوم رمضان وبقي على الإستحباب , وكان كثير من الصحابة يأمرون به أمراً أكيداً أن يصام يوم عاشوراء ويأمرون به صبيانهم وأخبر نبينا صلى الله عليه وسلم : (( أن الله يكفر به ذنوب السنة الماضية )) فاحمدوا الله على فضله واجتهدوا في طاعته وتقبلوا نعمة الله التي ساقها إليكم واسألوا الله أن يبلغكم ذلك وقتاً وقبولاً ,
    ألا وصلوا على البشير النذير والسراج المنير نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .


  2. Top | #2

    تاريخ التسجيل
    3 - 4 - 2009
    اللقب
    تربوي نشط
    معدل المشاركات
    0.02
    المشاركات
    107
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي

    وهذا الجزء الثاني وفيه تكملة لشرح الحديث نفع الله بما قال ال*** وجزاه عن الإسلام *****لمين خيرا:
    بسم الله الرحمن الرحيم
    خطبة لفضيلة ال*** : عبد الوهاب العمري
    بتاريخ 14 – 1 – 1433 هـ
    بعنوان [ حديث فيم يختصم الملأ الأعلى]
    [الجزء الثاني – الخطبة الأولى]
    بدأ فضيلته بحمد الله والثناء عليه وتمجيده وتوحيده والصلاة والسلام على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم , ثم ذكرفضيلته المصلين بآيات التقوى وحثهم على التقوى والإستمساك بالعروة الوثقى وقد استكمل فضيلته في هذه الخطبة شرح ماتبقى من [حديث الملأ الأعلى في الكفارات والدرجات ] وقد ذكر فضيلته أنه تكلم في الجمعة الماضية عن الجزء الأول في ذكر الكفارات وقال فضيلته : وأما الدرجات عباد الله فقد قال عنها في الكفارات والدرجات لربه : ( إطعام الطعام ولين الكلام والصلاة والناس نيام ) , فأما إطعام الطعام فإن الله عزوجل جعل لكم معاشر المسلمين ميدان سبق فيما تطعمون وفيما رزقكم فمنه تأكلون , فإن من السابقين في جنات النعيم من أطعم الطعام وهو في حاجته فآثروا على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة قال الله تعالى :
    (( ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيرا * إنما نطعمكم لوجه الله لانريد منكم جزاءً ولاشكوراً * إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً * فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسروراً * وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا.....)) إلى أن قال سبحانه وتعالى في وصف جنته لهم : (( ....وسقاهم ربهم شراباً طهوراً * إن هذا كان لكم جزاءً وكان سعيكم مشكوراً )) , فوصف سبحانه وتعالى ماأعده لمن يطعم الطعام في الدنيا مخافة جوع الآخرة , وعذاب الآخرة ,ومقام الآخرة , وقد جاء في المسند وصحيح الترمذي عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( إن في الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها ويرى باطنها من ظاهرها , قالوا لمن هي يارسول الله قال : لمن أطعم الطعام وأطاب الكلام وصلى بالليل والناس نيام )) , وقدجاء في حديث عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( وقد سئل أي الأعمال أفضل قال : إيماناً بالله وجهاد في سبيله وحج مبرور وأهون من ذلك إطعام الطعام ولين الكلام )) , وفي حديث عبدالله بن سلام رضي الله عنه حين أسلم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم أول ماقدم إلى المدينة يقول : (( أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام )) , وقد جاء في حديث أن رجلاً قال يارسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار قال: (( تطعم الطعام وتفشي السلام )) ,وجاء في حديث :
    (( من ختم له بإطعام مسكين دخل الجنة )) .أمر يسير على من يسره الله تعالى عليه , بل قدجعل النبي صلى الله عليه وسلم إطعام الطعام أفضل الإسلام كما جاء في الحديث عن عبدالله بن عمر بن العاص (( أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير قال : (( تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف )) وفي حديث صهيب عنه صلى الله عليه وسلم :
    (( خيركم من أطعم الطعام )) * إذن هذه خلة يسيرة وطريقة قصيرة ونعمة سابغة أن تطعم الطعام , ولاحظ ياعبد الله أنه لم يحدد قدر الطعام ولانوع الطعام ولامتى وقت الإنفاق فإنك ما أطعمت طعاماً مهما قل تبتغي به وجه الله عزوجل إلانلت به الخير ووصلت به إلى البر , وقد كان من السلف من عود نفسه أن لايمر يوم إلا وقد أطعم فيه حتى إذا لم يجد أخذ بصلة في كمه فإذا خرج تلها في يد مسكين , وكانوا يتاجرون مع الله عزوجل , والله قبل منكم القليل وجعله كثيرا فاقبلوا نعمة الله .
    * قد جعل من اقتحام العقبة إطعام في يوم ذي مسغبة يتيماً ذا مقربة أو مسكيناً ذا متربة , فإطعامك في يوم المجاعة أعظم أجراً من إطعامك في يوم غيره وإ ن من بلاد المسلمين اليوم من يئن تحت الجوع والفقر *****غبة والخوف , أكفهم ممدودة إليكم معاشر المسلمين يستغيثونكم بعد الله فسابقوا إلى هذا الفضل من الله عزوجل وأعطوا عطاء من يبتغي بذلك وجه الله فكم من لقمة أنفقتها تبتغي بها وجه الله كانت حجاباً لك من النار , بل أقل من لقمة ألم تسمعوا حديث : (( اتقوا النار ولوبشق تمرة )) .
    * وكان أبوا موسى الأشعري رضي الله عنه يقول لولده : اذكروا صاحب الرغيف ثم ذكر أن رجلاً من بني إسرائيل عبدالله سبعين سنة ثم أن الشيطان حسن في عينيه امرأة فأقام معها سبعة أيام , ثم خرج هارباً ساءه ذنبه فأقام مع مسكين فتصدق عليه برغيف كان بعض أولئك المساكين يريده فآثره به ثم مات , قال فوزنت عبادته السبعين سنة بالسبعة الأيام التي مع المرأة فرجحت السبعة الأيام التي مع المرأة بعبادته كلها , ثم وزن الرغيف الذي أعطاه للمسكين وهو محتاج إليه بالسبعة الأيام فرجح الرغيف بالسبعة الأيام , ويتأكد عباد الله إطعام الطعام للجائع والجيران خصوصاً , ففي الصحيحين عن ابي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( أطعموا الجائع وعودوا المريض وفكوا العاني )) , وفي الصحيح عن أبي ذر أنه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ياأباذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك )) , وفي الصحيح أيضاً قال : (( أيما أهل عرسة اصبح فيهم امرؤ جائع قد برئت منه ذمة الله عزوجل )) , وقال (( والله لايؤمن من شبع وجاره جائع )) فافضل انواع الإطعام عباد الله الإيثار مع الحاجة قد كان كثير من السلف يؤثرون بفطورهم بعد الصيام أوبسحورهم قبل الصيام ويصبحوا صائمين , ومنهم من كان لايأكل إلامع ضيف ومنهم من كان لايفطر إلامع مسكين فإن لم يأته أحد خرج بطعامه ليأكله مع الناس , وقد جاء في الإيثار عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم أنهم يقولون : لأن أصنع طعاماً فآتي به إخواني يعجبهم فيأكلونه خير لي من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل . هذه درجات في الإطعام أعظمها إطعام المحتاج المسكين ثم الجار القريب ثم إطعام حتى من كان غنياً من الأصحاب والجلساء والندماء فصناعتك لطعام يشتهونه وتقديمه لهم يصل إلى هذه الدرجة من البر إن هذا فضل من الله عظيم , وقد كان من السلف يشتهي الطعام حتى إذا توفرله بعد جهد وجد من يحتاجه دفعه إليه واستغنم الفرصة ليبتغي الأجر عند الله عزوجل .
    * والدرجة الثانية عباد الله : ( لين الكلام ) وفي رواية (إفشاء السلام ) وهذا كله مما امر الله به في كتابه في مواطن كثيرة فالله يقول : (( وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن )) ويقول تعالى :
    (( ادفع بالتي هي أحسن السيئة فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلاذو حظ عظيم )) , فادفع الكلمة السيئة بالكلمة الحسنة , وقال :
    (( وجادلهم بالتي هي احسن )) وقال في مجادلة الكفار أهل الكتاب : (( ولاتجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم ... )) والله سبحانه وتعالى جعل هذا في متناول اليد فما بينك وبين لين الكلام إلا أن تختاره فكل كلمة تسابق لسانك أنت الذي يزمها بخطامها والقادر على صرفها بإذن الله ومن استعان بالله أعانه الله , وقدم الحسنة قبل القبيحة , وجواب القبيحة بحسنة تكن في خير أنت ومن كلمك ومن آذاك (( وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما )) وفي الحديث : (( الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة قالوا وما الحج المبرور يارسول الله قال إطعام الطعام ولين الكلام )) فاختصر الحج كله في هاتين الخلتين في إطعام الطعام وفي حسن الكلام ولينه , فيختار الإنسان السلامة ولايختار مافيه الندامة , في الحديث : (( والكلمة الطيبة صدقة ))
    وفي الحديث : (( اتقوا النار ولوبشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة )) .
    * وأما إفشاء السلام فإنه من موجبات الجنة ففي الحديث الصحيح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    (( والذي نفسي بيده لاتدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولاتؤمنوا حتى تحابوا أفلا أدلكم على شئ إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم )) , وقد قال صلى الله عليه وسلم : (( إذا مر الرجل بالقوم فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة لأنه ذكرهم بالسلام وإن لم يردوا عليه رد عليه ملأ خير منهم وأطيب )) نعم عندما تقول : السلام عليكم فأنت تدعوا لمن قابلت بالسلامة من الآفات ومن الشرور في الدنيا والآخرة وتؤمن الملائكة على سلامك ويردون عليك وجوباً ويرجع الخير إليك وزيادة (( وإذا حييتم بتحية فحيوا بمثلها أو ردوها )) والله سبحانه وتعالى وعدك إن رد عليك وسلمت عليه أن تنال أجر ذلك وبركته وإن لم يرد عليك إن الملائكة ترد وكفى بها مستجابة دعوتها مقربة عند ربها سبحانه وتعالى , قد سبق أن ذكرت كثيرا المنافق الذي آذى رجلاً بنخلته في حائطه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (( بعنيها قال : لا قال : بعنيها بنخلة في الجنة قال : لا والله لاأبيعها فقال النبي صلى الله عليه وسلم : والله مارأيت أبخل منك إلا الذي يبخل بالسلام )) فالذي يبخل بالسلام على عباد الله أبخل من هذا المنافق الذي بخل على نفسه بالجنة فإنه إن أعطي النخلة في الجنة كان من لوازم ذلك أن يدخل الجنة ليصل إلى نخلته , ولكن المحروم من **** الله نسأل الله العفو والعافية تعجب من بخله على نفسه وحرمانه من هذا الخير اليسير لكن ارجع وتعجب من نفسك حينما تمر على ملأ في الشارع فتبخل عليهم بالسلام , ولم تبخل تقول نفسك هذا عجمي كيف أسلم عليه هذا ليس على طبقتي كيف أسلم عليه , هذا مشغول عني كيف أسلم عليه بل أسوأ من ذلك واقبح أن يأتي رجل إلى القوم فيسلم على بعضهم دون بعض فيجد الرجل مع القوم فيقول : السلام عليك يافلان أو يافلان وتخصه من بينهم , وقدجاء في حديث ابن مسعود ضي الله عنه أنه مر ومعه نفر
    فقال رجل له : السلام عليك ياأباعبدالرحمن فقال : إنالله وإناإليه راجعون هذا ماأخبرني به خليلي صلى الله عليه وسلم : (( بين يدي الساعة تسليم الخاصة )) أي أن يخص بعضهم دون البعض أوكما قال رضي الله عنه وأرضاه .
    عباد الله : إن الله عزوجل يسر لكم سبل التقوى والسلامة من النار في كلمة يسيرة أوفي لقمة يسيرة أوفي أخلاق يسيرة , فلا تحرموا أنفسكم رحمة الله واستعينوا على ذلك بالله وحده فإنه محروم من لم يعنه الله عزوجل .
    * والثالثة من الموجبات عباد الله : ( والصلاة بالليل والناس نيام )
    وهذه مرتبة عظيمة ذكر الله عزوجل أهلها في قوله : (( إن المتقين في جنات عيون * آخذين ماآتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين * كانوا قليلاً من الليل مايهجعون * وبالأسحار هم يستغفرون )) ، ويقول الله سبحانه وتعالى لأهل الإيمان :
    (( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون * فلاتعلم نفس ماأخفي لهم من قرة أعين جزاءَ بما كانوا يعملون )) , وفي الحديث : (( أفضل الصلاة صلاة الرجل من جوف الليل )) قدكان رسولنا صلى الله عليه وسلم يقول : (( وجعلت قرة عيني الصلاة )) فكان يصلي بالليل حتى تتورم قدماه صلى الله عليه وسلم ويقال له : تتعب نفسك وقد غفر الله ماتقدم من ذنبك وماتأخر فيقول : (( أفلا أكون عبداً شكورا )) صلى الله عليه وسلم , والصلاة بالليل كانت سيما الصالحين ومأوى أفئدة المتقين يتلذذون بها فيجدون فيها من اللذة أعظم وأكثر وألذ ممايجد أهل الأهواء من اللذائذ في أهوائهم . قال أحدهم بعد انصرافه من صلاة الليل : لاإله إلاالله والله إنا لفي لذة إن كان أهل الجنة في مثل مانحن فيه إنهم لفي خير كثير , وهذه الحلاوة التي يجدونها في صلاة الليل ولوركعتين ويوترون بعدها
    لايجدها إلامن أخبتت قلوبهم .
    مامن رجل يقوم من الليل يدع فراشه ويدع محبه ويقوم ليتوضأ بالماء البارد ثم ينسط إليه مستقبلاً قبلة الله التي خص بها أهل الإيمان يناجي ربه ويذكره ويسأله قائماً وراكعاً وساجداً إلا وجد من اللذة مالايخطر على بآل لذة لايجدها إلامن جرب وهو مؤمن في ظلمة الليل لايراه أحد ولايرجوا من ذلك ثناء من أحد ولامدحة من أحد تنافس فيها الصالحون وأبلغوا في وصف لذائذها ونتائجها ومافيها فلايحرم منها إلامحروم , سئل بعض السلف إنا لانطيق قيام الليل ؟ قال : حرمتكم ذنوبكم , ولايحول بين المرء وصيام التطوع وصلاة التطوع إلاماوقع فيه من الذنوب تكبله وتقيده إلى الله نشكوا حالنا , ثم بعدذلك عباد الله : قال الله لرسوله : سل
    سل وعلمنا رسولنا صلى الله عليه وسلم لنعلم من هذا السؤال من أعظم ماقرب به عليه الصلاة والسلام إلى الله حينما فتح الله له أبواب ملكوت السماوات والأرض فهدى وعلم صلى الله عليه وسلم فنطق بالحق وهو قبل يقول : ( لاأدري أي ربي ) ، فلما فتح الله عليه علمه هذا الدعاء : (( اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات )) , هذا من جوا مع الكلم جمع كل خير فسأله الله , وجمع كل شر فاستعاذ بالله منه ( أسألك فعل الخيرات ) وهذا شامل لكل خير , ( وترك المنكرات ) وهذا شامل لكل شر , ثم قال : ( وحب المساكين ) *****اكين جمع مسكين : وهو من لايجد كفايه فهو خفيف الحال خفيف الملبس قانع النفس مستكين لربه ليس في نفسه كبر ولاخيلاء , وأهل الحب للمساكين يفوزون بإطعام الطعام ويفوزون بلين الكلام ويفوزون بحسن المنطق والسلامة فيدخلون الجنة بسلام , أما الذين يكرهون المساكين فإنهم متكبرون , والمتكبرون كما في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم : (( يحشرون يوم القيامة كأمثال الذر يطأهم الناس في عرصات الساعة )) والخاتمة حديث آخر : (( لايدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر )) نسأل الله العفو والعافية , كيف وأهل الجنة المساكين وأول من يدخل الجنة المساكين .
    جاء في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال : (( قمت على باب الجنة فإذا عامة من دخلها المساكين )) , وفي الحديث :
    (( تحاجت الجنة والنار فقالت الجنة : لايدخلني إلا الضعفاء *****اكين , وقالت النار : لايدخلني إلا المتكبرون المتجبرون )) , وسئل صلى الله عليه وسلم عن أهل الجنة فقال : (( كل ضعيف متضعف )) وفي الحديث : (( ابغوني ضعفائكم , فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم )) , وفي الحديث : (( الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمس مئة سنة )) , واول من يجوز عن الصراط المساكين فقد سئل صلى الله عليه وسلم عن أول من يجوز عن الصراط فقال : (( فقراء المهاجرين )) .
    عباد الله : إن الله ذو فضل عظيم ورحمة بالغة فاسألوه تعطوا وتقربوا إليه بحبه , وهذا ماأرشده إليه في الدعاء : (( واسألك حبك وحب من يحبك وكل عمل يقرب إلى حبك )) فحب الله عزوجل هو سبب دخول الجنة فإنه لامكان فيها للمكروهين ولاللملعونين وإنما هي لأحبابه وأولياءه جعلنا الله وإياكم منهم احفظوا هذا الحديث عباد الله احفظوه وتعلموه وادرسوه فقد أمركم صلى الله عليه وسلم بذلك (( اللهم إنا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لنا وترحمنا وإذا أردت فتنه بقوم فاقبضنا غير مفتونين اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وكل عمل يقربنا إلى حبك )) .
    استغفر الله لي ولكم .


  3. Top | #3

    تاريخ التسجيل
    19 - 3 - 2003
    اللقب
    المشرف العام
    معدل المشاركات
    0.80
    المشاركات
    6,183
    معدل تقييم المستوى
    30

    افتراضي

    الله يجزاك خير وشكرا لكم


معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

      
twitter facebook rss
yahoo

المشاركات المكتوبة تمثل رأي كاتبيها و ليس بالضرورة تمثل رأي و منهج إدارة الموقع.

الساعة الآن 02:05 PM