اللون الاخضر اللون الازرق اللون الاحمر اللون البرتقالى
تغذية المنتدى صفحتنا على تويتر صفحتنا على الفيس بوك

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: وادي القرى في العصر النبوي

  1. Top | #1

    تاريخ التسجيل
    26 - 2 - 2011
    اللقب
    تربوي جديد
    معدل المشاركات
    0.00
    الدولة
    محافظة العلا
    المشاركات
    6
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي وادي القرى في العصر النبوي

    أحوال وادي القرى بعد الفتح الإسلامي:
    الأحوال الاجتماعية:
    رغم ضآلة المعلومات المتوفرة لدينا حول الفترة التي أعقبت الفتح الإسلامي لوادي القرى حتى نهاية العصر النبوي، إلا أننا نستطيع أن نستخلص منها جوانب من أحواله السياسية والاجتماعية الهامة، ففي أثناء الفتح الإسلامي الذي باشره النبي  بنفسه، توافرت لدينا بعض النصوص الهامة، وخاصة فيما يتعلق بالفترة التي قضاها النبي  في الوادي، وكانت مدتها أربعة أيام، فقد ذكر البلاذري في شأن وادي القرى رواية تقول: "قالوا أتى رسول الله  منصرفه من خيبر وادي القرى فدعا أهلها إلى الإسلام فامتنعوا من ذلك وقاتلوا ففتحها رسول الله  عنوة وغنمه الله أموال أهلها وأصاب المسلمون منها أثاثا ومتاعا فخمس رسول الله  ذلك وترك الأرض والنخل في أيدي يهود وعاملهم على نحو ما عامل عليه أهل خيبر فقيل إن عمر أجلى يهودها وقسمها بين من قاتل عليها وقيل إنه لم يجلهم لأنها خارجة من الحجاز وهى اليوم مضافة إلى عمل المدينة"، ثم قال: "وولاها رسول الله  عمرو بن سعيد بن العاص"، وقال أيضا: "وأقطع رسول الله  جمرة بن النعمان ابن هوذة العذري رمية سوطه من وادي القرى وكان سيد بني عُذْرَةَ وأول أهل الحجاز قدم على النبي  بصدقة بني عُذْرَةَ"( ).
    وهو نص جد مهم، إذ أنه تضمن عدة معلومات لها أهميتها، التي توضح أحوال هذا الوادي من عدة نواحي، وخاصة موقف النبي من سكانها من اليهود والعرب، وكيف تعامل معهم قبل أن يعود إلى المدينة المنورة وكذلك قيامه بتعين عامل من قبله عليها، هو عمرو بن سعيد بن العاص، وهو ما سوف نتناوله بالتفصيل.
    وفي خلال أربعة أيام قضاها في وادي القرى تنقل النبي  بين ربوعها، نعم المسلمون بالإقامة به ولم يرد في المصادر ما يفيد أنهم تعرضوا لأي عارض يعكر صفو إقامتهم من قبل سكان الوادي عربا كانوا أم يهودا؛ وبعد عامين عاد إليها، وكان في طريقه لغزو تبوك سنة9هـ، حتى وصل هو وأصحابه إلى قرية الحجر، فقد ذكر الإمام أحمد بعد سلسلة من الرواة: عن ابن عمر قال: لما نزل رسول الله  بالناس على تبوك، نزل بهم الحجر عند بيوت ثمود، فاستسقى الناس من الآبار التي كانت تشرب منها ثمود، فعجنوا منها ونصبوا منها القدور. فأمرهم النبي  فأهرقوا القدور، وعلفوا العجينَ الإبلَ، ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التي كانت تشرب منها الناقة، ونهاهم أن يدخلوا على القوم الذين عذبوا وقال: "إني أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم، فلا تدخلوا عليهم"( ) وقَالَ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ كُنْت أَصْغَرَ أَصْحَابِي وَكُنْت مُقْرِيهمْ فِي تَبُوكَ، فَلَمّا نَزَلْنَا عَجَنْت لَهُمْ ثُمّ تَحَيّنْت الْعَجِينَ وَقَدْ ذَهَبْت أَطْلُبُ حَطَبًا، فَإِذَا مُنَادِي النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُنَادِي: إنّ رَسُولَ اللّهِ يَأْمُرُكُمْ ألا تَشْرَبُوا مِنْ مَاءِ بِئْرِهِمْ. فَجَعَلَ النّاسُ يَهْرَقُونَ مَا فِي أَسْقِيَتِهَا. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللّهِ قَدْ عَجَنّا. قَالَ أَعْلِفُوهُ الإبِلَ. قَالَ سَهْلٌ فَأَخَذْت مَا عَجَنْت فَعَلَفْت نِضْوَيْنِ فَهُمَا كَانَا أَضْعَفَ رِكَابِنَا. وَتَحَوّلْنَا إلَى بِئْرِ صَالِحٍ النّبِيّ عَلَيْهِ السّلامُ فَجَعَلْنَا نَسْتَقِي مِنْ الأسقِيَةِ وَنَغْسلُهَا، ثُمّ ارتوينا، فلم نرجع يومئذ إلا ممسِين( ).
    وقال الإمام أحمد أيضا: عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله وهو بالحجر: "لا تدخلوا على هؤلاء المعذَّبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين، فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثلُ ما أصابهم" وأصل هذا الحديث مُخَرَّج في الصحيحين من غير وجه. وقال الإمام أحمد أيضًا: عن محمد بن أبي كَبْشَة الأنماري، عن أبيه قال: لما كان في غزوة تبوك، تسارع الناس إلى أهل الحجر، يدخلون عليهم، فبلغ ذلك رسولَ الله ، فنادى في الناس: "الصلاة جامعة".
    قال: فأتيت رسول الله  وهو ممسك بعيره وهو يقول: "ما تدخلون على قوم غضب الله عليهم". فناداه رجل منهم: نعجبُ منهم يا رسول الله. قال: "أفلا أنبئكم بأعجب من ذلك: رجل من أنفسكم ينبئكم بما كان قبلكم، وبما هو كائن بعدكم، فاستقيموا وسَدِّدوا، فإن الله لا يعبأ بعذابكم شيئا، وسيأتي قوم لا يدفعون عن أنفسهم شيئا" لم يخرجه أحد من أصحاب السنن وأبو كبشة اسمه: عمر بن سعد، ويقال: عامر بن سعد ( ).
    ومما لاشك فيه أن هذه الروايات تؤكد، أن وادي القرى أصبح آمنا بالنسبة للنبي  وأصحابه، وبات خاضعا تماما لسيادة حكومة المدينة المنورة، فكانوا يتنقلون آمنين بين ربوعه، لا يخشون أحدا، حتى إنهم ذهبوا إلى تبوك، وعادوا إليه ولم يلقوا مقاومة تذكر من أهله، وربما دل ذلك على خضوع القبائل العربية أيضا، واعتناقهم الإسلام بصورة جماعية، رغم عدم وجود نصوص صريحة حول هذا الأمر.
    وأثناء مروره بوادي القرى عند غزوة تبوك سنة 9هـ، رأى النبي  امْرَأَة فِي حديقَةٍ لَها فقال لأصحابِه اخْرصوا( )، وخرص رسول اللّه  عشَرَةَ أَوْسقٍ (الوسق ستون صاعا)، وطلب من المرأة أن تحْصِي مَا يَخْرُجُ مِنْ الحديقة حتى يعود من تَبُوكَ، فَلَمَّا أَتَى وَادِيَ الْقُرَى قَالَ لِلْمَرْأَةِ: كَمْ جَاءَ حَدِيقَتُكِ، قَالَتْ: عَشَرَةَ أَوْسُقٍ، خَرْصَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ  إِنِّي مُتَعَجِّلٌ إِلَى الْمَدِينَةِ فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَعِي فَلْيَتَعَجَّلْ( ). وقد أقطع النبي  عدد من الصحابة رضوان الله عليه في وادي القرى ومنهم،عس العذري، وقيل الغفاري. الذي استقطع النبي  أرضاً بوادي القرى، فأقطعها إياه، فهي تسمى "بويرة عس" وقال عس: رأيت النبي  غزا تبوك، وصلى في مسجد وادي القرى( ). وهو مذكور في الصحابة. روى عنه مطرف أبو شعيب الوادي من وادي القرى( )، ولعله هو عش ابن لبيد بن عداء بن أمية بن عبد الله بن رزاح بن ربيعة بن حرام بن ضنة بن سعد هذيم بن أسلم بن الحاف بن قضاعة، شاعر جاهلي. وابنه سليم بن عش العذري، وقد روي ابن السكن والباوردي من طريق سليم بن مطير عن أبيه عن سليم بن عش قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، في المسجد الذي في صعيد القرح فعلمنا مصلاه بحجارة، فهو الذي يصلي فيه أهل الوادي، ومن ولده حريث وعاطف ابنا سليم بن عش. ومن ولده هوذة بن أبي عمرو بن عداء بن عش بن لبيد يقال له رب الحجاز ومدحه النابغة. ومن ما قال عس:
    امسوا بقرح راكـدين وأصبحـوا وببطن مكـة فارس الزحاف
    وأبو كبيشـة عند توضـح ثاويـا ولنعم حشو الدرع والتجفاف( )
    ونجد أيضا أبو حصيرة - لا نعرف له اسم على وجه التحديد- الذي قسم له النبي  من وادي القرى خطراً( ) (أي نصيبا). وقد سار الخليفة عمر بن الخطاب على نهج النبي فلَما أَخْرَجَ اليَهُودَ مِنْ خَيْبَرَ رَكِبَ فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ وَخَرَجَ مَعَهُ جَبّارُ بْنُ صَخْرِ بْنِ أُمَيّةَ بْنِ خَنْسَاءَ أَخُو بَنِي سلَمَةَ كَانَ خَارِصَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَحَاسِبَهُمْ - وَيَزِيدُ بْنُ ثَابِتٍ وَهُمَا قَسَمَا خَيْبَرَ بَيْنَ أَهْلِهَا ، وَكَانَ مَا قَسَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ مِنْ وَادِي الْقُرَى ، لِعُثْمَانِ بْنِ عَفّانَ خَطَرٌ، وَلِعَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ خَطَرٌ، وَلِعُمَرِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ خَطَرٌ، وَلِعَامِرِ بْنِ أَبِي رَبِيعَة خَطَر،ٌ وَلِعَمْرِو بْنِ سُرَاقَةَ خَطَرٌ، ولأشَيْمٍ خَطَرٌ، وَيُقَالُ وَلأسْلَمَ وَلِبَنِي جَعْفَرٍ خَطَرٌ وَلِمُعَيْقِيبٍ خَطَرٌ وَلِعَبْدِ اللّهِ بْنِ الأرْقَمِ خَطَرٌ، وَلِعَبْدِ اللّهِ وَعُبَيْدِ اللّهِ خَطَرَانِ، وَلابْنِ عَبْدِ اللّهِ خَطَر، وَلابْنِ الْبُكَيْرِ خَطَرٌ، وَلِمُعْتَمِرٍ خَطَرٌ، وَلِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ خَطَرٌ، وَلأُبَيّ بْنِ كَعْبٍ خَطَرٌ، وَلِمُعَاذِ بْنِ عَفْرَاء خَطَرٌ، وَلأبِي طَلْحَةَ وَحَسَنٍ خَطَرٌ، وَلِجَبّارِ بْنِ صَخْرٍ خَطَرٌ، وَلِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ رِئَابٍ خَطَرٌ، وَلِمَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَمْرٍو خَطَرٌ، وَلأبْنِ حُضَيْرٍ خَطَرٌ، وَلابْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ خَطَرٌ، وَلِسَلامَةِ بْنِ سَلامَةَ خَطَرٌ، وَلِعَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَبِي شَرِيكٍ خَطَرٌ، وَلأبِي عَبْسِ بْنِ جَبْرٍ خَطَرٌ، وَلِمُحَمّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ خَطَرٌ، وَلِعُبَادَةَ بْنِ طَارِقٍ خَطَرٌ. وَيُقَالُ لِقَتَادَةَ. وَلِجَبْرِ بْنِ عَتِيكٍ نِصْفُ خَطَرٍ، وَلابْنَيْ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ نِصْفُ خَطَرٍ، وَلابْنِ حَزَمَةَ وَالضّحّاكِ خَطَرٌ، فَهَذَا مَا بَلَغَنَا مِنْ أَمْرِ خَيْبَرَ وَوَادِي الْقُرَى وَمَقَاسِمِهَا . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ . الْخَطَرُ النّصِيبُ . يُقَالُ أَخْطَرَ لِي فُلَانٌ خَطَرًا( ). ولاشك أن هؤلاء هم الصحابة الذين دخلوا وادي القرى في عصر الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
    عامل النبي على وادي القرى:
    قام النبي بعد انتشار الإسلام خارج حدود المدينة المنورة بإرسال عماله إلى الأقاليم التي دخلت في دين الله، وذلك بغرض تلقين العرب مبادئ الدين، وجمع الصدقات منهم، فكان إذا وفد عليه وفدا يعهد إليه أن يعلم قومه دينهم، خصوصا إذا كان الوفد رأسا في قومه( )، كما حدث مع رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ الْجُذَامِيّ ثُمّ الضّبَيْبِيّ عندما أَهْدَى لِرَسُولِ اللّهِ  غُلامًا، وَأَسْلَمَ، فَحَسُنَ إسْلامُهُ، وَكَتَبَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ كِتَابًا إلَى قَوْمِهِ. على نحو ما تقدم. ثم قام  بتمييز *** من بني عُذْرَةَ في وادي القرى، فأجزل له العطاء، وربما كان ذلك لتأليف قلوب بني عُذْرَةَ، حيث أقطع جمرة بن النعمان ابن هوذة العذري رمية سوطه من وادي القرى وكان سيد بني عُذْرَةَ وأول أهل الحجاز قدم على النبي  بصدقة بني عُذْرَةَ"( ).
    ويتضح ذلك أيضا من قصة الوافد الميمون الذي دعا له رسول الله ، وهو عامر بن لقيط العامري، فقد دعاه الرسول ليسلم فغلبه، فلما غلبه قال: فأنا أعطيك خراج وادي القرى فأبى قال: ما نعطيك إلا الاعنة فتكون بيدك. قال: لا، قال: فما يريد؟ قال: أروني إسلامكم حتى أنظر ما هو، فقاموا فصلوا، فقال: هذا الذي تدعونني إليه؟ باللات والعزى لا نظرت إلى عامرية محببة أبدا أبدا، وركب راحلته وخرج وقال: والله لأملانها عليك خيلا شقرا ورجالا حمرا..فقال: كذبت، ثم قال: تطهروا فإذا دعوت فأمنوا، فزعم عبد الله بن جراد: أن الرسول  قال: "اللهم اشغل عامر بن الطفيل وأرينه الحتوف" فأمن القوم، فقال رسول الله  : أيها الناس إنه سيأتيكم الراكب الميمون الذي تحبون، وأشار من قبل أرض بني عامر بن صبرة بن أنيس بن لقيط بن عامر بن المنتفق بن عامر بن عقيل، فأتاه، فأعجبه، وقال: ما فعل قومك؟ قال: قومي على ما يحب رسول الله، وقد أتيتك بطواعيتهم إياك وحرصهم عليك، فقال أعجل قومك، ومسح ناصيته وصافحه، وقال: هذا الوافد الميمون. فلما جاءوه قال: أبى الله لبني عامر إلا خيرا، فدفع يزيد بن مالك بن خفاجة إلى الضحاك بن سفيان البكري الذي جعله النبي صلى الله عليه وسلم قائدا على سليم وعامر، ودفع إليه ذات الاذنة ودرعه وحصانه وسيفه، وهو سلب حارثة الكندي( ).
    وقد حرص النبي  على أن يتعهد عماله بالنصح والإرشاد، ومن ذلك قوله لأحدهم: "إني لم أبعثكم جبابرة، ولكن بعثتكم أئمة. فلا تضربوا المسلمين فتذلوهم، ولا تجرموهم فتفتنوهم، ولا تمنعوهم فتظلموهم، وأدروا لقحة المسلمين."( ) وفي المقابل حرص النبي  على محاسبة عماله، وكان يستوفي الحساب عليهم، ويحاسبهم على المستخرج والمصروف، وحدد لبعضهم رواتب( )، وكانت رواتب العمال تتغير بيغير أحوال المعيشة، فهي ليست ثابتة ( ). وكان ثلاثة أرباع العمال الذين اختارهم النبي  من بني أمية، لأنه إنما طلب للأعمال أهل الجزاء والغناء من المسلمين، ولذا وقع اختياره على عمرو بن سعيد بن العاص ليكون عامله على وادي القرى. وكان عمرو من أهل السوابق في الإسلام وقد ذكر الواقدي أنه شهد الفتح وحنينا والطائف وتبوك وخرج إلى الشام فاستشهد بأجنادين في خلافة أبي بكر وكذا قال ابن إسحاق وموسى بن عقبة عن ابن شهاب وأبو الأسود عن عروة وخالفهم خليفة بن خياط فقال: إنه استشهد بمرج الصفر، وقال: وكان النبي 
    استعمله على وادي القرى وغيرها وقبض وهو عليها.( )
    وقال ابن عساكر: إن النبي  ولى عمرو بن سعيد بن العاص على قرى عربية خيبر ووادي القرى وتيماء وتبوك وقبض النبي وعمرو عليها. وقال خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد حدثني أبي أن أعماما له خالدا وأبان وعمرا بني سعيد رجعوا عن أعمالهم حين بلغتهم وفاة رسول الله  فقال أبو بكر ما أحد أحق بالعمل من عمال رسول الله  ارجعوا إلى أعمالكم فقال بنو أحيحة لا نعمل بعد رسول الله لغيره فخرجوا إلى الشام فقتلوا جميعا وكان خالد على اليمن وأبان على البحرين وعمروا على تيماء وخيبر( ).
    ونقل ابن سعد عن أم خالد بنت خالد قالت: "قدم علينا عمي عمرو ابن سعيد بأرض الحبشة بعد مقدم أبي بسنتين فلم يزل هناك حتى حمل في السفينتين مع أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقدموا على النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو بخيبر سنة سبع من الهجرة، فشهد عمرو مع النبي، صلى الله عليه وسلم، الفتح وحنين والطائف وتبوك، فلما خرج المسلمون إلى الشام فكان فيمن خرج فقتل يوم أجنادين شهيدا في خلافة أبي بكر الصديق في جمادي الأولى سنة ثلاث عشرة، وكان على الناس يومئذ عمرو بن العاص"( ). ويفيد هذا النص أن عمرو بن سعيد قد شهد فتح وادي القرى، وولاه النبي  عليها عقب الفتح. وقد ذكر أحد الباحثين أن النبي ولى بعده على وادي القرى يزيد بن أبي سفيان عقب فتح مكة( )، ولكن ذلك يخالف ما ورد في الروايات السابقة التي تؤكد أن عمرو بن سعيد لم يترك ولايته طوال حياة النبي  كما أن يزيد كان واليا على تيماء( ). ومن المعروف أن يزيد أسلم يوم فتح مكة، وشهد حنين، وأعطاه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من غنائم حنين مائة من الإبل وأربعين أوقية( ). مما يجعل أمر ولايته على وادي القرى، غير منطقي. غير أنه من المرجح أن يكون النبي  قد أخذ تيماء من عمرو بن سعيد وولى عليها يزيد، بينما احتفظ عمرو بن سعيد بولايته على وادي القرى.
    المساجد والمواضع التي صلى فيها النبي :
    وكانت مساجدُ رسولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عليهِ وسلّمَ فيمَا بينَ الْمدِينَةِ إلَى تَبوكَ معْلُومةً مُسَمّاةً مسجِدٌ بِتَبُوكَ وَمَسْجِدٌ بثَنيةِ مِدْرَانَ، ومسجدٌ بذَاتِ الزّرَابِ وَمَسْجِدٌ بِالْأَخْضَرِ وَمَسْجِدٌ بِذَاتِ الْخِطْمِيّ وَمَسْجِدٌ بِأَلَاءَ وَمَسْجِدٌ بِطَرَفِ الْبَتْرَاءِ، مِنْ ذَنْبِ كَوَاكِب ، وَمَسجدٌ بِالشقّ شِقّ تَارَا، ومسجِدٌ بِذي الْجِيفَةِ، وَمَسْجِدٌ حَوْضَى، وَمَسْجِدٌ بِالْحِجْرِ وَمَسْجِدٌ بِالصّعِيدِ وَمَسْجِدٌ بِالْوَادِي، الْيَوْمَ وَادِي الْقُرَى، وَمَسْجِدٌ بِالرّقُعَة مِنْ الشّقّةِ شِقّةِ بَنِي عُذْرَةَ، وَمَسْجدٌ بذِي الْمَرْوَةِ، وَمَسْجِدٌ بِالْفَيْفَاءِ، ومسجدٌ بذِي خُشب( ).
    وقد ذكر السمهودي عشرين مسجدا ما بين تبوك والمدينة المنورة، منها خمسة مساجد في مواضع مختلفة من تبوك، واثنان بذي الحليفة، *****جد الثاني عشر بصدر حوضي،وهو موضع بين وادي القرى وتبوك، وقال: "ولعل صدر حوضي هو المعبر عنه بسمنة في رواية ابن **الة،.... ماء قرب وادي القرى، ونسخة المجد في حكاية روايته: مسجد بذنب حويضي بدل قوله بسمنة." والثالث عشر بالحجر، وذكر ابن **الة بدله العلاء، وكلاهما بوادي القرى، والرابع عشر: بالصعيد صعيد قرح، والخامس عشر بوادي القرى، "وقال الحافظ عبد الغني، في مسجد الصعيد وهو اليوم مسجد وادي القرى." قال السمهودي: "فهذا والذي قبله بوادي القرى، وفي رواية بن **الة: ومسجدان بوادي القرى أحدهما في سوقها والآخر في قرية بني عُذْرَةَ، فلعل هذا الذي بقرية بني عُذْرَةَ، والذي قبله هو الذي بالسوق، ولكن المجد أخذ بظاهر العبارة، ولأن في رواية أخرى لابن **الة: صلى رسول الله  في المسجد الذي بصعيد قرح من الوادي، وتعلمنا مصلاه بأحجار وعم، فهو المسجد الذي يجتمع أهل الوادي" والسادس عشر: بقرية بني عُذْرَةَ ، والسابع عشر بالرقعة: "قال أبو عبيد البكري: أخشى أن يكون بالرقمة – بالميم- من الشقة شقة بني عُذْرَةَ ، وقال بن **الة بدله: بالسقيا من بلاد عُذْرَةَ قريبة من وادي القرى" ولعل المقصود سقيا الجزل، أي وادي الجزل. الثامن عشر بذي المروة وهو على ثمانية برد من المدينة، كان بها عيون ومزارع، وبساتين. وكانت تعد من وادي القرى، التاسع عشر: بالفيفاء فيفاء الفحلتين كان بها عيون وبساتين لجماعة من أولاد الصحابة وغيرهم،والفحلتان قناتان تحتهما صخر على يوم من المدينة. والعشرون: بذي خشب، على مرحلة بالمدينة، صلى بها النبي  تحت الدومة التي في حائط عبيد الله بن مروان( ).
    ولا شك في أن هذه المواضع لم تكن مساجدا مشيدة وإنما المقصود بها مواضع سجود النبي  أينما حل وأدركته الصلاة، وليس من المعقول أن يذهب النبي  في غزوة واحدة ويبني عشرين مسجدا، ولكن سكان هذه المناطق ربما أقاموا مساجدا في تلك البقاع الطاهرة التي شرفت بسجود النبي  عليها، وذلك تبركا وتشرفا، وحبا للنبي  والعمل بسنته، في أزمنة تالية لهذه الغزوة. ولعل ما يهمنا هنا تلك البقاع التي صلى بها النبي  في وادي القرى وهي كثيرة حسبما جمع السمهودي، لذلك فلا عجب أن يختلف أهل مدينة العلا الحالية حول تلك المساجد، أيها صلى به النبي  حتى أنهم اختلفوا حول مسجدين في مكان واحد، يفصل بينهما أقل من مائة متر. أحدهما يعرف بمسجد الصخرة والآخر بمسجد العظام. ولعل هذا الاختلاف يعود بلا شك إلى أن هذه المساجد لم تكن إلا مصلى صغير يصلي به أهل الوادي عقب رجوع النبي  إلى المدينة المنورة.
    1- مسجد العظام:
    أما مسجد العظام، فإن المعلومات المتوفرة لدينا تؤكد أنه هو المسجد الذي بني في موضع مسجد النبي  ويرجع هذا الاسم إلى ما ورد في بعض المصادر وكتب الحديث، من أن النبي  بنى مسجدا في صعيد قرح وعلم محرابه بعظم وحجر، وهو المسجد الذي يصلي فيه أهل وادي القرى. ومن الواضح أن هذا المسجد هو الذي صلى فيه النبي  في صعيد قرح( ). أي في طريق قرح وموقع المسجد بالفعل في أول البلدة القديمة، وعلى الطريق المؤدي إليها.
    وكان المسجد قائما في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري، حيث يقول المقدسي (ت:375هـ): "والجامع في الأزقة، في محرابه عظم" ونستفيد من ذلك أن المساكن في القرن الرابع الهجري كانت تحيط بالمسجد، حتى إنه أصبح في أزقة البلدة، وأن العظم استمر في محرابه حتى زمن المقدسي، وقد نقل عن أهل البلدة آنذاك، قولهم إن العظم الذي في محرابه "هو الذي قال للنبي : لا تأكلني، فأنا مسموم"( ). ولا شك أن هذه المقولة لا تتفق مع المنطق، فليس من المعقول أن يحمل النبي  وأصحابه وهم في حالة حرب عام شاة من خيبر إلى وادي القرى، وهم يحملون من السلاح والعتاد، ما يلائم حالة الحرب التي كانوا عليها وهم مستنفرون للغزو، إلا إذا كان أمرا من عند الله، لا يحق لنا مناقشته وهو ما لم يأت في كتب السنة، ولا كتب السيرة، وإنما كان اجتهادا من أهل البلدة بعد مرور حوالي ثلاثة قرون ونصف. وأعتقد أن هذه العظام ربما كانت للإبل التي كانوا ينحرونها أثناء حصارهم لليهود، في وادي القرى.
    ويتضح مما ذكره المقدسي أن المسجد في عصره، كان هو هذا المسجد الجامع، أي أنه مسجد البلدة الكبير الذي تصلى فيه الجمعة والأعياد. وهو الآن مسجد جمعة أيضا، بما يعني أنه المسجد الجامع والرئيسي للبلدة القديمة، وقد شهد المسجد زيادات وإضافات، وتعديلات وترميمات، ومدخله من الشمال والغرب، وقد أعيد بناؤه بالحجر، وسقف بخشب الساج، وغيرت أبوابه ، ورفعت منارته، عام 1374هـ، على نفقة الملك سعود، فأصبح يستوعب جميع المصليين، يوم الجمعة، من أهل الديرة، والجديدة، ووادي المنشية وغيرهم.وكان يتولى الإمامة فيه "آل الإمام"( )
    2- مسجد الصخرة (مسجد ابن يسرة):
    عثرت في أرشيف مدرية الأوقاف بمحافظة العلا، على وثائق عن مسجد الصخرة المجاور لقلعة أم ناصر(موسى بن نصير)، تقول إنه من الممكن أن يكون هذا هو المسجد الذي صلى به النبي  أثناء مروره في غزوة تبوك بوادي القرى سنة 9هـ، وإنه توضأ من العين المجاورة له، غير أننا لم نجد بين المصادر ما يطابق ذلك، وإن كانت الرواية تحتمل الصحة، لما ذكر عن مسجد قرح (وادي القرى)، ومسجد صعيد قرح (وادي القرى) كما سبق، وتوجد نسخة من وثيقة شرعية لذات المسجد تحتوي على مبايعة وحجة وقف ترجع تاريخ شراء البيوت التي بني عليها المسجد إلى سنة 780هـ، وهي محفوظة بمديرية الأوقاف بمحافظة العلا. وتحدد موقع مسجد الصخرة والأرض التي بناه عليها أحمد بن يسرة، جد عشيرة اليسرة بالعلا. بعد أن اشترى الأرض من الرجلين (مسلم وسلمان) من (المتراكشة؟) حيث أنه اشترى بعض البيوت بمائة صاع شعير بمد الدمشقي، وعشرين دينار منفردة بميزان الشام، فجعله مسجدا لله، وقفا صحيحا مسجلا لا يباع ولا يشترى( ). ولذلك أرجع بعض الباحثين بناء المسجد إلى سنة 780هـ( ). ومن الملاحظ وحسبما ورد في الوثيقة أن الأرض التي بني عليها المسجد كانت بيوتا يتملكها بعض سكان العلا، ولم يكن هناك مسجد قبل بنائه في هذا الموقع، وبالرغم من ذلك، فلا نستطيع أن ننفي أو نؤكد صحة الرواية التي تقرر صلاة النبي  في هذا الموضع.
    المسجد الآن يلقى اهتماما كبيرا من هيئة الآثار في المحافظة في إطار الاهتمام بالبلدة القديمة التي تعود إلى القرن السابع الهجري كما تفيد اللوحات الإرشادية التي وضعتها هيئة الآثار. ولعل هذا المسجد بديلا لموضع سجود النبي  الذي ذكره كل من ابن هشام والسمهودي وغيرهما، وسمي بمسجد الصخرة لوجود صخرة على هيئة وجه ورقبة إنسان بجواره وقد تم إزالتها منذ عهد قريب. ويقع هذا المسجد في منتصف مدينة العلا تقريبا، في الجهة الشرقية منها على حافة مزارع تدعل (وتدعل عين أثرية غار ماؤها ونضبت)( ). وهو شرقي جبل أم ناصر(موسى بن نصير) الذي تعلوه قلعة موسى بن نصير ويفصل الشارع العام بين المسجد والجبل. ولا يعرف بالتحديد تاريخ إنشاء هذا المسجد، وكانت آخر توسعة في عهد الملك سعود سنة1374هـ، وكانت تؤدى فيه صلاة الجمعة والجماعة لتوسطه مدينة العلا( ).
    ومن المستغرب أن في هذا المكان يوجد حوش القلعة الذي يزعمون أنه يضم رفات موسى بن نصير، وبه أثر محراب أسفل الجبل، قبلته نحو بيت المقدس، وتكرر هذا المنظر في قرية تربة شمال مدينة العلا، ومنطقة المابيات الأثرية جنوب العلا، ومن المعروف أن القبلة قد تحولت إلى الكعبة في السنة الثانية للهجرة، وبالتحديد بعد 17شهرا من الهجرة إلى المدينة المنورة، بعد أن بدأت مرحلة جهر اليهود بالعداء للنبي  فقدم عليه عدة نفر منهم، وقالوا له: "يا محمد ما ولاك عن قبلتك التي كنت عليها نتبعك ونصدقك"، فأنزل الله فيهم الآيات (142-146) من سورة البقرة( )، وهذا يعني أن تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة كان قبل فتح خيبر ووادي القرى، بأكثر من خمس سنوات. ولعل هذا التجويف كان بفعل اليهود الذين كانوا يقيمون في هذه المناطق يؤدون طقوسهم وشعائرهم الدينية، منذ زمن بعيد، وربما أحدثوها عقب فتح النبي وادي القرى نكاية في المسلمين الذين صرفوا قبلتهم إلى الكعبة.

    التعديل الأخير تم بواسطة دكتور مصطفى علي دويدار ; 26 - 2 - 2011 الساعة 08:10 PM سبب آخر: حذف جملة

  2. Top | #2

    تاريخ التسجيل
    5 - 3 - 2011
    اللقب
    تربوي جديد
    معدل المشاركات
    0.00
    المشاركات
    5
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي

    بارك الله فيكم


معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. أحلى النكت
    بواسطة طالب الهداية في المنتدى منتدى اطفال الغزالي
    مشاركات: 37
    آخر مشاركة: 6 - 8 - 2009, 03:58 PM
  2. أكبر مكتبة للنكت في المنتدى
    بواسطة عبدالرحمن14 في المنتدى منتدى استراحة الغزالي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11 - 11 - 2007, 02:05 PM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

      
twitter facebook rss
yahoo

المشاركات المكتوبة تمثل رأي كاتبيها و ليس بالضرورة تمثل رأي و منهج إدارة الموقع.

الساعة الآن 04:44 AM