هونا ما في الحقد على أمريكا !!!

إذا تأملنا عالمنا المعاصر عصر العولمة نجد انتشار كثير من الأمور على مستوى العالم و كأنها أصبحت نظام عالمي
و أود أن أذكر بعض الأمور التي نشكو و نتذمر منها كثيراً و هي موجودة في مجتمعاتنا ابتداء من الأسرة و مروراً بموقع العمل و انتهاءً بالدول و المنظمات الدولية و هي :
-تسلط القوي على الضعيف
-الحلال و المشروع هو كل ما تصل إليه الأيدي
- الازدواجية في المعايير و الكيل بمكيالين
-التطرف في الأحكام و إلقاء التهم جزافا
فتجد احدهم له أعمال إيجابية كثيرة و كبيرة فيتم تقزيمها و التعامل معها و كأنها أعمال عادية لا تستحق الذكر
و بالمقابل تجد من يعمل عمل إيجابي بسيط فيدعوا الناس للسجود له و الاستهانة بالأعمال الجليلة التي قدمها ذاك و يتم تهويل و تضخيم هذا العمل و ربما يصل الأمر لحد الرمزية و القداسة لفاعله
و هناك من يخطأ خطأ بسيط عادي و الخطأ من سمة البشر فيتم تهويله و تضخيمه حتى يبدوا و كأنه هدم الكعبة المشرفة أو قام بإبادة جماعية أو خرج من الملة
و بالمقابل تجد من يرتكب أخطاء قاتلة و جرائم بشعة فيتم التهوين من شأنها و كأنها خطأ بسيط عادي لا يستحق الذكر
و كل هذه الأمور من الظلم التي حرمها الشارع سبحانه و تعالى و من تمادى فيها فليعلم أنها بداية النهاية له لأن الله سيقصمه و هذه سنة كونية سنها خالق الكون سبحانه و تعالى.
و هنا أود أن أعرض أمريكا على هذه المعايير
فمن الواضح للجميع أنها غارقة إلى شحمتي أذنيها فيها و ها هي تغرق بسوء أعمالها و بدأ العد التنازلي لها
و هذا معروف للجميع و لا خلاف عليه
و لكنني في هذا الموضوع أود أن أشير إلى أنه لماذا يتم تهويل هذا الأمر بحق أمريكا لحد التطرف و الحقد الدفين الذي يؤدي إلى التطرف في إطلاق الأحكام
رغم أن هذه الأمور منتشرة في مجتمعنا و هناك من ينافس الأمريكان فيها و هم من أبناء جلدتنا
و العدالة و الإنصاف من صلب ديننا الإسلامي الحنيف حتى مع الأعداء
و الظلم و الطغيان من طبع البشر إذا لم يكن هناك رادع ديني أو أخلاقي أو قانوني
و لذلك قيل ( من يظن نفسه أفضل من نفس فرعون فهو مغرور)
و التطرف و الانفعال و الجري وراء العواطف ضره أكبر من نفعه
و الحقد الدفين إذا سيطر على النفس يعمي البصيرة و يؤدي إلى التصرف بحماقة و لؤم و يدفع لسلوك غير متوازن و يضعف قدرة العقل و يشل الفكر عن ابتكار الحلول الناجعة والتصرفات النافعة لأنه سوف ينشغل بحقده و طريقة الانتقام دون حساب العواقب التي ستترتب على ذلك.
و أمريكا دولة عظمى و لها هيمنة في شتى المجالات على جميع دول العالم فلا بديل عن التعامل معها سوى العيش بعيشة بداية القرن الماضي
فمصلحة الأوطان و الشعوب في التعامل معها و مداراتها
فدول عظمى مثل الصين و اليابان و فرنسا و بريطانيا تداريها ليس خوفاً منها و لكن لمصلحتها
و في الواقع أمريكا لها فضل كبير على الإنسانية جمعاء لما تقوم به من اختراعات نتمتع بها جميعا في حياتنا اليومية و من الإنصاف الاعتراف بذلك وعدم الاستهانة به
و الذي يهتم بشعبه يداريها حرصاً على مصلحة شعبه
أما الذي لا يهمه مصلحة شعبه بل يهمه أن يصفق الناس له و يهتفوا باسمه
فيطلق التصريحات النارية التي لا تسمن و تأتي بالجوع و هو لا يتضرر من ذلك بل ينتشي لهتاف الناس باسمه و يزيد رصيده الشعبي
و يقول هكذا يريد الناس فماذا افعل لهم فأنا أعطيهم طلبهم و مصلحتي تقتضي ذلك
و المتضرر الوحيد من هذه التصريحات هو الشعب الذي يدفع الفاتورة و ليس المسئول
و في الحقيقة هذه لا تحتاج لإبداع و حنكة فأي شخص عادي يستطيع أن يعادي العالم كله خلال فترة وجيزة .
و لكن الإبداع و التميز هو ترويض الذئب المفترس و الأسد الهائج ليصبح أليفاً ننتفع به و نكتفي شره
فمن السهل جدا تهييج الحيوانات المفترسة في الغابة ليأكلوا من فيها و الاختباء في مخبأ
و من أشكال التطرف في الأحكام و الذي هو نتيجة للحقد الدفين الآتي:
-التصرفات الانفعالية أو الغوغائية و التي جربتها امتنا طيلة الفترة الماضية و لم تفلح و لم تأت بنتيجة و لا يزال البعض يصر عليها و يقييم من خلالها
فإذا قام أحدهم و هتف بعض الهتافات الحماسية ضد أمريكا يعطى صك البراءة من العمالة للأجنبي و وسام البطولة.
و أما الذي يساعد ضحايا هذا العدوان الظالم قدر استطاعته و يدعوا في ركوعه و سجوده على هذا الظالم و يعمل بهدوء و عقلانية و لا ينشغل بهذه الشعارات عن عملية البناء التي تغيظ الأعداء أكثر من ملئ الدنيا هتافات لا تسمن و لا تغني من جوع فكل هذا لا ينفعه و يتم دمغه بالعمالة و الجبن و يتم وضع علامات استفهام عليه !!!!
-و قد استهوى هذا الميزان أصحاب المطامع و المصالح و الأغراض المشبوهة فصار كل من يريد أن يتعاطف الناس معه يهتف بضعة هتافات ضد أمريكا فيلتف حوله المؤيدون و المتعاطفون و لو كان يعتدي على حرمة بلد يضم اطهر بقعة على وجه الأرض و أقدس مقدسات المسلمين مثل اعتداء الحوثيين و القاعدة على بلاد الحرمين الشريفين.
أليس هذا من العجب !!!!
نعم هكذا يفعل الحقد الدفين يقلب الموازيين و يغشي القلوب و العقول!!!
- لصق اشد التهم بمن يداري أمريكا و يكتفي شرها لمصلحة شعبه و أمته و نسف كل الايجابيات التي له و لو كانت مثل الجبال
- رفع من يطلق التصريحات النارية إلى مرتبة الرمزية و القداسة ولو تسبب بتدمير بلده و تجويع شعبه
و الإنصاف توجيه اللوم لمن يتحرش بهذا الحيوان المفترس الذي لا قدرة لنا على قتله ليؤكلنا و يؤذينا
و الإشادة بحكمة من يداريه و يروضه للوقت المناسب الذي تتم تصفية الحساب معه بالعدل و القسط
علماً بأن المدارة صفة محمودة و التبعية و العمالة صفة مذمومة و مرفوضة
و فلسطين سلبت في وقت ساد فيه الظلم و ضعف الوازع الديني و الأخلاقي و التخلف والجهل و الجري وراء الشهوات المحرمة و العصبية الحديثة المقيتة و الطائفية البغيضة و الانغلاق و التقوقع و .........
و لن تعود إلا إذا تخلصنا من آثار الواقع الذي سلبت به .
و اليمين المتطرف الصهيو أمريكي هو الذي يؤجج الصراع في المنطقة بهدف القضاء على الصحوة الإسلامية المعتدلة و تخريب ما بنته البلدان الإسلامية خلال الفترة الماضية و هي الهدف الأول لهم .
و أحسب أن الإرهابيين و الغلاة و الطائفيين ليسوا هدفهم الأول لأنهم يقدمون لهم الذرائع و المبررات لتحقيق أهدافهم الشريرة في بلداننا.
و هذا اليمين المتطرف يمتلك آلة إعلامية ضخمة يشوه بها صورة المسلمين و العرب فمعظم الأمريكيين ضحية هذا الإعلام المضلل
فالحل الصحيح حالياً هو:
التركيز على إنشاء و دعم مؤسسات إعلامية إسلامية تنافس هذه المؤسسات الصهيونية لنشر الإسلام الوسطي و تصحيح هذه الصورة المشوهة عنه في عقول الغرب و في عقول أبناء امتنا أيضا .
و تصحيح سلوكنا لنرضي ربنا وحبيبنا محمد صلوات الله عليه الذي أرسله الله رحمة للعالمين.
و لنعطي الصورة الصحيحة عن إسلامنا .
و كره أعمال أمريكا التي تضر بنا دون الحقد عليها و عدم الجري وراء العواطف و الانفعالات و التصرفات الغوغائية و الانشغال بعملية البناء التي تغيظهم و تفوت الفرصة عليهم للنيل منا و تخريب ما بنيناه.
و هناك فرق بين البغض أو الكره و الحقد فالبغض أن تكره الفعل الخاطئ لا المخطأ و هذا يكون سطحي أما الحقد أن تكره ذات المخطأ و هو يتغلغل إلى أعماق النفس
و في البغض يكون الإنسان مسيطراً على نفسه و عواطفه و بالتالي يفكر بشكل إيجابي للتخلص من العدوان و غالبا يصيب بينما في الحقد فالعواطف و الانفعالات هي التي تسيره و بالتالي يكون تفكيره سلبي في التخلص من العدوان فهو يفكر فقط في الانتقام دون حساب للعواقب و غالبا ما يخطأ و يضر نفسه و غيره
و الكره لا يضر في النفس و الجسم بينما الحقد له أضرار نفسية و جسمية كبيرة على الإنسان
و الحقد يدل على الضعف و التماسك و ضبط الانفعالات يدل على القوة المعنوية فالقوي المتمكن غالبا لا يحقد
و لذلك المستبد المتمكن ينتشي إذا رأى خصمه يحقد عليه و يخاف إذا رآه متماسكاً و مسيطرا على نفسه و انفعالاته لأن ذلك يدل على قوته و انه يخطط جيدا لاستعادة حقوقه
و الحقد الشديد نوع من أنواع العبودية القهرية لأن المستبد يسيطر على تفكير الحاقد فيراه في ركوعه و سجوده و الحاقد يجعل هذا المستبد معيارا للحق و الباطل فعلى أساسه يصنف الناس مؤمن و كافر بريء و خائن و الحاقد يظن أن هذا المستبد يستطيع أن يفعل ما يشاء و انه يسير العالم فكل ما يقع في العالم فبسببه و ينسى أن الله آخذ بناصيته فأي عبودية اشد من هذه العبودية
و لنتأمل الكتاب و السنة لنرى كم مرة ذكر فرعون هذه الأمة أبو جهل و كم مرة ذكر الفرس و الروم طغاة ذاك العصر
و لننظر في واقعنا الحاضر لنشاهد كم يذكر خوارج هذا العصر أمريكا فسنجد بونا شاسعاً
و المسلم الذي ذاق طعم الإيمان يمتلك قوة معنوية اكبر من القوة المعنوية لطاغية عصره فيظهر متماسكا و مسيطرا على نفسه و انفعالاته أمامه وهذا يجعل هذا الطاغية يرتعد خوفا و لو كان هذا المؤمن مكبلا أمامه.
و الذي كرس ثقافة الحقد في مجتمعاتنا هي الأنظمة الثورية
و المجاهد الذي يكره العدو يستطيع استحضار النية الصادقة و هي القتال لإعلاء كلمة الله
بينما المجاهد الذي يحقد على العدو غالباً لا يستطيع استحضار هذه النية و يكون قتاله انتقاما لنفسه و خصوصيته
الكاتب :عبدالحق صادق