المعلمة / أتوجه بطبيعة الحال إلى قبري ومستقري الذي حفرته بيدي لأدفن جثة معاناتي
وأواري جسد شقائي عن الأنظار .
النفس / من الذي حرضك على هذا التصرف الغريب ؟ومن هو معدوم القلب الذي *** لك
الشقاء والتعاسة مدى الدهر ؟
المعلمة / أنا الحمقاء التي حينما حملت شهادتي بيدي رضيت بمحض إرادتي واكتمال عقلي أن
أحمل مهمة شاقة على ظهري ( معلمة ) لأثبت وجودي وأحقق كياني وأرضي ذاتي الطموحة .
النفس / مالذي حدث بعدما حققت أهدافك ووصلت لقمة طموحاتك وأحلامك العظيمة ؟
المعلمة / لا تسأليني بل وجهي التساؤل لمعول الوظيفة الذي دمر مملكتي ******ة وحطم حياتي وشتت شمل أولادي ؟ ولم يبقي لي شيئا أتعلل به وأتسلى عن مصيبتي العظمى ، والذين ترينهم
أمامك الآن يمثلون أحداثها ويتجرعون من كأسها حتى الثمالة .
فأين زوجي العزيز الذي افتقد جنة قلبي الغناء التي تفيض بالحب والحنان ؟ أين لمساتي الحانية
ونغماتي العذبة وهمساتي الدافئة والأحاديث الشائقة ؟ بل أين صغاري الذين كنت احتضنهم تحت جناحي وأكلؤهم بعيني الدامعة وأغطيهم وأحميهم بقلبي وروحي من الشرور المهلكة ؟
النفس / ألم يخطر في بالك ويدور في ذهنك أنك ستدفعين الثمن غاليا وهو حياتك ؟
المعلمة / في ظل الأضواء الساطعة لا نرى الحقيقة التي تبقى بعيدا عنا ، فلم يتبادر إلى ذهني إن الوظيفة ستدك بنياني وتحطم كياني وتزج بي في فرن الضغوط والأزمات النفسية التي لا
تكاد تخلو منها موظفة ، أتدرين ما هي أمنيتي بعد الخروج من هذه المعركة الخاسرة ؟
النفس / أتوجد لديك أمنيات بعدما فقدت كل الأشياء الجميلة في حياتك ؟
المعلمة / كنت أتمنى في قرارة نفسي أن أحرق شهادتي العليا قبل أن تحرقني وأن أمزقها اربا قبل أن تمزق سجل حياتي العظيم الحافل بكل التضحيات والانجازات الجليلة قبل أن ألج الى السجن المؤبد وأقاسي ألوان العذاب ، يا ليتني أستطيع بناء بيتي من جديد وبعث الروح والحياة
فيه لحملت طوب البناء على ظهري وبنيته بعرق متصبب أفضل من تجرع المآسي التي حصدتها من زرع يدي .