سلسلة مواقف من الميدان الخامس عشر
الجدول المدرسي ذلك الأمر المعقد، والذي فيه ومن أجله تحصل من الأمور ومن المشاكل بين المعلمين والإدارة الشيء الكثير ..؛ لأن أصعب شيء يواجهه المدير في مدرسته هو العدل، وفي نظري أن الجدول هو مرآة للمدير، ومن خلاله تحكم على المدير ومدى جودة إدارته .
في بداية عملي في الإدارة نزلنا الجدول بالعدل بين المعلمين تحت قاعدة معينة، فالمعلم له ثلاث أسابيع ويوم سادسة ويوم رابعة.
فتقدم المعلمون بطلب فتح التغيير مع الزملاء، فكل زميل يغير مع زميله في الجدول، وذلك على حد قولهم من باب التعاون بين المعلمين، فوافقت على ذلك.
ولما بدأ المعلمون في التغيير رأيت بعض المعلمين وخصوصاً من يبحثون عن مصالحهم الخاصة، وليس عندهم تقدير لأحد، رأيت جداولهم مريحة، ويخرجون بعد الرابعة، ولهم استراحة، وباقي المعلمين ممن عندهم صفة الحياء تتابعت عليهم الحصص في جداولهم، فترى الجدول من الثانية إلى السابعة، ولا يخرجون إلا بعد السابعة، ولما كلمتهم قالوا: نستحي من زملائنا، ولا نستطيع رفض طلب الزميل بتغيير الجدول!
وبعضهم جاء يشتكي هذا الوضع، ويرمي السبب على إدارة المدرسة بأنها فتحت باب التغيير .
ولما كان الفصل الثاني نزلت الجدول، ومنعت التغيير إلا لمصلحة، وبدون تغيير وقت خروج المعلم، فكان بعض المعلمين يعارض وبشدة، ولكني تمسكت في رأيي ومنعت التغيير، فكان الجدول مقسماً بالعدل بين الزملاء .
وكنت متذكراً قاعدة: " رضا الناس غاية لا تدرك "، فراقبت الله سبحانه في مسألة المساواة بين الزملاء.
ومن خلال الأعوام كنت إذا أردت وضع الجدول أطلب من المعلمين طلباتهم، فمنهم من يريد الدرس الأول، ومنهم من يريد الخروج بعد الرابعة يوماً معيناً........إلخ
وعند إخراج الجدول أطلب منهم ملاحظاتهم على أن يعمل بها على قدر الإمكان، فكانت هذه الطريقة جيدة، وعند مناقشة المعلم لي في الجدول أقبل النقاش بنفس هادئة، وأستمع إلى كلامه، وأنظر في رأيه إن كان وجيهاً، وإلا أقول: وزملاؤك لهم حق.
ذات مرة اعترض معلم وقال: أصحابك تراعيهم في الجدول !!
فقلت له وأنا واثق من نفسي: خذ الجدول، وإذا ذهبت إلى بيتك انظر فيه بتمعن، فإن وجدت فرقاً بين المعلمين فلك ما تشاء !! عندها سكت، واقتنع بما أعطيته من عمل.
|
|
المفضلات