ولكن الامر يكون مختلفا بالنسبة للشركات التي تساهم فيها الدولة او احدى مؤسساتها او الشركات التي تتملكها او تنشؤها الدولة . فهذه الشركات تكتسب صفة التاجر اذا توافرت فيها شروط اكتساب الشركة صفة التاجر أي ان يكون غرضها تجاريا او ان تتخذ احد اشكال الشركات التجارية المنصوص عليها في قانون الشركات.
والسبب في ذلك ان الشركة تعتبر شخصا معنويا مستقلا عن شخصيات الشركاء المكونين له , وذمتها المالية تكون مستقلة عن ذمم الشركاء لذا فان الشركة التي تساهم الدولة فيها تكون مستقلة عنها , عليه فانها تكتسب صفة التاجر.

المطلب الثاني
ان يكون الاحتراف باسم الشخص ولحسابه
لا يكفي حتى يكتسب شخص صفة التاجر ان يحترف مزاولة الاعمال التجارية وانما ينبغي فضلا عن ذلك ان يقوم بمزاولة هذه الاعمال باسمه ولحسابه . ويتضح هذا الشرط من تعريف المشرع الاماراتي للتاجر. اذ انه يعرفه بأنه : " كل من يشتغل باسمه ولحسابه في الاعمال التجارية... " .
وهذا الشرط يعني ان يزاول الشخص هذه الاعمال على وجه الاستقلال . فهو يمارس العمل لحسابه وليس لحساب شخص اخر , بحيث ان اثار هذا العمل تعود عليه, فهو يحصل علىارباحه وهو من يتحمل الخسائر .
بناء على ذلك لا يكتسب الشخص صفة التاجر اذا كان يزاول العمل التجاري لحساب شخص اخر وليس لحسابه.
وتطبيقا لذلك لا يعتبر تاجرا ما يأتي من الاشخاص على الرغم من مزاولتهم للعمل التجاري:
- العمال والمستخدمون الذين يستعين بهم التاجر في مزاولة التجارة . لانهم لا يزاولون هذا العمل على وجه الاستقلال . فالعلاقة التي تربطهم بالتاجر هي عقد عمل وهي علاقة تبعية يكون فيها العامل خاضعا لتوجيه ورقابة رب العمل . لذا فانهم لا يكتسبون صفة التاجر حتى لو اشتركوا في نسبة من الارباح لانهم في كل الاحوال خاضعين لارادة رب العمل .
- النائب عن التاجر مثل الوكيل العادي لان الوكيل يقوم بالتصرف القانوني باسم ولحساب شخص اخر . فاذا كان هذا التصرف عملا تجاريا فانه لا يقوم به لحسابه لذا فانه لا يكتسب صفة التاجر. ويكتسب الاصيل الموكل هذه الصفة لان اثار تصرف الوكيل تعود عليه سواء كانت ربحا او خسارة.
ولكن يلاحظ ان الوكيل التجاري والوكيل بالعمولة والممثل التجاري يكتسب صفة التاجر خلافا للوكيل العادي . لانه يمارس عملا تجاريا باسمه ولحسابه هو الوكالة التجارية . فهذا العمل يمارسه على وجه الاستقلال قبل ان يقوم باي عمل تجاري لحساب الغير. بعبارة اوضح يجب ان نميز بين الوكالة التجارية وهي عمل تجاري يختص بممارسته الوكيل التجاري على وجه الاستقلال وبين التصرفات التي يبرمها الوكيل التجاري باسم الغير ولحسابه فهذه التصرفات الذي يكتسب صفة التاجر بموجبها هو الاصيل وليس الوكيل .
- مدير الشركة : يجب ان نميز ابتداء بشأن مدير الشركة بين المدير غير الشريك والمدير الشريك.
- فاذا كان المدير غير شريك فأنه لا يكتسب صفة التاجر لان علاقته بالشركة تكون علاقة تبعية يحكمها عقد العمل ويلتزم بموجبه بأن يقوم بالاعمال التي يحددها عقد الشركة , وتنصرف اثار هذه الاعمال الى الشركة باعنبارها شخصا معنويا . فهي من يكتسب صفة التاجر لان العمل يتم لحسابها.
- اما اذا كان المدير شريكا فيجب ان نميز هنا بين الشريك المتضامن والشريك غير المتضامن.
- فالشريك المتضامن يكتسب صفة التاجر بمجرد دخوله في الشركة بهذه الصفة سواء كان مديرا للشركة او لم يكن مديرا لها.
- والشريك المتضامن هو الشريك الذي يكون مسؤولا عن ديون الشركة مسؤولية شخصية وتضامنية . فهو لا يسأل عن ديون الشركة بمقدار ما قدمه من حصة في رأس مالها وانما يكون مسؤولا عن ديونها في كل ذمته المالية . لذا فانه يتحمل مخاطر النشاط الذي تقوم به الشركة كما لو كان هو من يقوم به لحسابه . لذا يتوافر بالنسبة له شرط مزاولة العمل باسمه ولحسابه كما يتحقق بالنسبة له شرط احتراف العمل التجاري وهو هنا كما يقول الفقهاء يحترف العمل التجاري بصورة غير مباشرة.
اما الشريك غير المتضامن مثل المساهم في شركة المساهمة او الشريك الموصي في شركة توصية بسيطة او شركة توصية بالاسهم لا يكون مسؤولا عن ديون الشركة الا بمقدار حصته في رأس المال . فهو لا يتحمل مخاطر العمل التجاري الذي تقوم به الشركة . كما انه لا يحترف القيام بالعمال التجارية لان من يحترف القيام بهذه الاعمال هي الشركة باعتبارها شخصا معنويا . لان جميع المعاملات التي تقوم بها الشركة تتم باسمها وليس باسم الشريك الموصي .
واذا كان الشريك غير المتضامن مديرا للشركة مثل مدير شركة المساهمة او الشركة ذات المسؤولية المحدودة فانه لا يكتسب صفة التاجر لانه يكون تابعا للشركة يعمل على تنفيذ الاعمال المحددة له في عقدها .
اما الشريك غير المتضامن الموصي فانه يمنع بحسب الاصل من التدخل في اعمال الادارة الخارجية التي تقتضي تمثيل الشركة امام الغير لان هذه الاعمال يقوم بها الشريك المتضامن . فاذا تدخل الشريك الموصي فيها فانه يعد شريكا متضامنا ويكتسب صفة التاجر بناء على هذه الصفة.

المطلب الثالث
الاهلية التجارية

يشترط لاكتساب صفة التاجر بالاضافة الى احتراف العمل التجاري وممارسته باسم الشخص ولحسابه ان يكون هذا الشخص متمتعا بالاهلية التجارية. وهذا الشرط يتضح من تعريف المشرع الاماراتي للتاجر . اذ يعرفه بأنه : " كل من يشتغل باسمه ولحسابه في الاعمال التجارية وهو حائز للاهلية الواجبة... ".
وتختلف احكام الاهلية التجارية تبعا لما اذا كان التاجر شخصا طبيعيا او شخصا معنويا.

الفرع الاول
الشخص الطبيعي التاجر
يميز المشرع الاماراتي فيما يتعلق باحكام الاهلية بين التاجر الوطني والتاجر الاجنبي وذلك على النحو الاتي.
اولا : الاهلية التجارية للوطني
تقوم الاهلية التجارية شأنها شأن الاهلية المدنية على الادراك والتمييز . فالاهلية تكون كاملة اذا كان التمييز كاملا , وتكون ناقصة اذا كان التمييز ناقصا وتنعدم اذا كان التمييز منعدما. لذا فأن احكام الاهلية التجارية تختلف تبعا لما اذا كان الشخص كامل الاهلية او ناقصها او عديمها . وكما يتضح مما يأتي :
1- كامل الاهلية : يتمتع الشخص بالاهلية التجارية الكاملة اذا اتم احدى وعشرين سنة ميلادية ولم يقم به مانع قانوني . فكمال الاهلية يستلزم توافر شرطين :
أ*- اتمام احدى وعشرين سنة ميلادية .
ب*- عدم قيام مانع قانوني . ويقصد بالمانع القانوني هنا عوارض الاهلية وهي الجنون والعته والسفه والغفلة.
فاذا توافر هذان الشرطان فان الشخص يعد كامل الاهلية ويستطيع مزاولة جميع الاعمال التجارية باسمه ولحسابه. ويسري هذا الحكم على الرجل والمرأة على السواء. اذ تخضع المرأة فيما يتعلق بالاهلية التجارية لذات الاحكام التي يخضع لها الرجل حتى لو كانت متزوجة وهذا تطبيق لقواعد الشريعة الاسلامية الغراء التي تقر مبدأ المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات. كما تقر بتمتع الزوجة باستقلال مالي تام عن زوجها واحتفاظها بملكية اموالها وبحق ادارتها.

2- القاصر:
القاصر هو كل من لم يتم احدى وعشرين سنة ميلادية . وهو قد يكون مميزا بأن يكون قد اتم السابعة من العمر او غير مميز وهو الذي لم يتم السابعة من العمر.
والاصل ان القاصر لا يستطيع مزاولة الاعمال التجارية حتى اذا كان مميزا لان الاعمال التجارية هي من التصرفات الدائرة بين النفع والضرر وحكمها اذا قام بها بنفسه انها تكون موقوفة على اجازة وليه او اجازته هو بعد بلوغه سن الرشد ( المادة 159 / ف 2 ) من قانون المعاملات المدنية .
ومع ذلك فان هناك احكاما خاصة يجوز بموجبها للقاصر مزاولة التجارة اذا كان مأذونا له بذلك او لم يكن مأذونا له ولكن آلت اليه حصة في مشروع تجاري وعلى النحو الاتي:
1- القاصر المأذون له بالاتجار:
يجيز القانون للقاصر الذي اتم 18 سنة ميلادية ان يزاول التجارة اذا اذنته المحكمة في ذلك .
عليه لا يشترط لكي يكون القاصر مأذونا ويستطيع مزاولة التجارة شرطان :
الاول: ان يكون قد اتم 18 سنة ميلادية.
الثاني: ان يحصل على اذن من المحكمة المختصة ( وهي الدائرة الجزئية في المحكمة الابتدائية ) فلا يكفي ان يحصل القاصر على اذن من وليه بمزاولة التجارة . بل لابد من ان تأذن له المحكمة بمزاولة التجارة ولا يكفي ان تأذن له المحكمة بادارة امواله , لان التجارة تنطوي على مخاطر وواجبات لا تنطوي عليها الادارة.
والمحكمة لها سلطة تقديرية في منح الاذن . فلها ان تمنح الاذن اذا آنست في القاصر رشدا وقدرة على مزاولة النشاط التجاري وتحمل مخاطره , ولها ان ترفض منحه الاذن اذا تبين لها عدم قدرته على مزاولة النشاط التجاري.
والاذن الذي تمنحه المحكمة قد يكون مطلقا وبموجبه يستطيع القاصر ان يزاول أي نوع من انواع الاعمال التجارية يريد وبالمبلغ الذي يشاء ولو كان بكل امواله . كما يمكن ان يكون الاذن مقيدا . فتقيد المحكمة القاصر بنوع معين من الاعمال التجارية مثل شراء المنقول لاجل البيع او تقيده بمبلغ معين.
واذا نمحت المحكمة القاصر اذنا مطلقا فأن بامكانها ان تقيده , كما ان بامكانها ان تسحب الاذن الذ منحته سابقا اذا تبين لها عدم قدرة القاصر على مزاولة التجارة واساءة التصرف.
والقاصر المأذون يعتبر بمنزلة كامل الاهلية فيما يتعلق بالاعمال التجارية الداخلة في حدود الاذن وكذلك جميع التصرفات المكملة لها مثل التقاضي بشأنها او اجراء صلح او تحكيم او اقتراض. لذا فانه يستطيع القيام بهذه الاعمال على وجه الاحتراف . ويترتب على ذلك اكتساب صفة التاجر بكل ما يترتب على هذه الصفة من آثار ونتائج فهو يلزم بواجبات التاجر كالقيد في السجل التجاري ومسك الدفاتر التجارية . كما انه يتعرض لاشهار افلاسه اذا توقف عن اداء ديونه التجارية. ولكن يلاحظ ان اشهار افلاس القاصر المأذون يكون في حدود امواله المستثمرة في التجارة , فلا تتم تصفية امواله كلها تصفية جماعية , استثناء من مبدأ وحدة الذمة المالية . وهذا هو الرأي الراجح في الفقه لان منح القاصر الاهلية لممارسة التجارة جاء استثناء وبقيود معينة حددها المشرع لذا فلابد من التقيد بهذه القيود تماشيا مع الغرض منها وهو حماية القاصر من مخاطر انشاط التجاري.
وفي كل الاحوال تتجدد اهلية القاصر المأذون بمزاولة التجارة واحترافها بحدود الاذن الذي منحته اياه المحكمة . اما الاعمال التي تخرج عن حدود الاذن , فانه يبقى بالنسبة لها ناقص الاهلية فاذا كانت اعمالا دائرة بين النفع والضرر فأنها تكون موقوفة لمصلحته . واذا كانت ضارة ضررا محضا فانها تكون باطلة في حين تكون صحيحة اذا كانت نافعة نفعا محضا وفقا للقواعد العامة.
ويناقش الفقه مدى امكانية الاذن للسفيه ولذي الغفلة بالاتجار لان كلا منهما حكمه حكم الصبي المميز . ولان المادة 171 من قانون المعاملات المدنية تجز للمحكمة ان تأذن لهما باستلام اموالهما لادارتها . فهل يجوز ان تأذن لهما المحكمة بالاتجار؟
يذهب الرأي الراجح في الفقه الى عدم جواز ذلك . لان التجارة اوسع واخطر من ادارة الاموال. ولان السفيه وذي الغفلة تم الحجر عليه لانه لا يحسن التصرف في المال فلا يتصور بعد ذلك ان تأذن له المحكمة بالاتجار.