التاجر
تعريف التاجر:
عرف المشرع الاماراتي التاجر في المادتين ( 11 و12 ) من قانون المعاملات التجارية . فبين بأنه يعد تاجرا :
1- كل من يشتغل باسمه ولحسابه في الاعمال التجارية وهو حائز للاهلية الواجبة متى اتخذ هذه الاعمال حرفة له.
2- كل شركة تباشر نشاطا تجاريا او تتخذ احد الاشكال المنصوص عليها في قانون الشركات التجارية حتى لو كان النشاط الذي تباشره مدنيا .
3- كل من اعلن للجمهور بأية طريقة عن محل اسسه للتجارة يعتبر تاجرا وان لم يتخذ التجارة حرفة معتادة له.
يتبين من ذلك ان التاجر وفقا للقانون الاماراتي قد يكون شخصا طبيعيا وقد يكون شخصا معنويا ( شركة ) . كما ان المشرع اعطى صفة التاجر ليس فقط للتاجر الحقيقي وانما ايضا لمن يدعي انه تاجر ولو لم يحترف العمل التجاري.
والتاجر ليس مجرد صفة انما هو مركز قانوني. لذا لا يكفي لكي يعتبر شخص ما تاجرا ان يصف نفسه بهذا الوصف انما لا بد من توافر شروط معينة حددها المشرع . فاذا توافرت هذه الشروط اكتسب صفة التاجر وخضع لاحكام التاجر ومنها التزامه بعدد من الالتزامات التي يفرضها القانون على التجار.
لذا سنبحث اولا شروط اكتساب صفة التاجر ثم نبحث في الاثار المترتبة على اكتساب صفة التاجر.
الفصل الاول
شروط اكتساب صفة التاجر
تختلف شروط اكتساب صفة التاجر بينما اذا كان شخصا طبيعيا او معنويا . لذا سنبحث شروط كل منهما في مبحث مستقل.
المبحث الاول
شروط اكتساب الشخص الطبيعي صفة التاجر
يشترط لاكتساب الشخص الطبيعي صفة التاجر توافر ثلاثة شروط هي:
1- احتراف الاعمال التجارية.
2- ان يكون الاحتراف باسم الشخص ولحسابه.
3- الاهلية التجارية .
المطلب الاول
احتراف الاعمال التجارية
يقصد بالاحتراف ان يزاول الشخص الاعمال التجارية بصورة منتظمة ومستمرة وان يتخذها وسيلة للارتزاق والتعيش.
يتضح من ذلك ان للاحتراف عنصرين هما :
1- الاعتياد والتكرار.
2- اتخاذ العمل وسيلة للارتزاق والتعيش.
أ - الاعتياد والتكرار:
يشترط لتحقق الاحتراف ان يقوم الشخص بممارسة العمل التجاري بشكل متكرر ومنتظم وعلى وجه الاعتياد.
فلا يكتسب الشخص وصف التاجر اذا قام بالعمل التجاري لمرة واحدة كمن يشتري سيارة لاجل بيعها وبقصد تحقيق الربح. كذلك لا يكتسب وصف التاجر اذا قام الشخص بالعمل بصورة متكررة ولكن هذه الاعمال وقعت في فترات متباعدة بحيث لا يمكن القول بتحقق الاعتياد . مثل الطبيب الذي يقوم بين فترة واخرى بشراء الاسهم وبيعها في البورصة او الشخص الذي يقوم بنقل الاشخاص بالجرة بين فترة واخرى.
فاذا كان الاعتياد قائما على تكرار الاعمال التجارية , فمتى يعتبر التكرار اعتيادا؟
لا يمكن تحديد معيار او عدد معين من المرات يكرر فيها العمل حتى يمكن القول بتحقق الاعتياد . لأن هذه المسألة تختلف بحسب ظروف الحال . ويكفي للقول بوجود الاعتياد ان يكون تكرار العمل قد تم بصورة منتظمة . فمثلا الشخص الذي يشتري القطن كل عام في موسم جنيه بقصد اعادة بيعه تحقيقا للربح يتحقق بالنسبة له الاعتياد طالما انه يقوم بذلك بصورة منتظمة على الرغم من انه لا يكرر هذا العمل الا مرة واحدة في السنة .
والمسألة متروكة لسلطة القاضي التقديرية يستخلصها بحسب ظروف الحال . والقاضي يسترشد بعدد من الامور على مزاولة الشخص العمل بصورة منتظمة ومستمرة منها مثلا ان يستثمر رأس مال كبير في النجارة فهذا دليل على انه يريد ان يمارس التجارة بشكل منتظم ومستمر بحيث يتحقق الاعتياد.
ب- اتخاذ العمل وسيلة للارتزاق والتعيش:
لابد للقول بتوافر شرط الاحتراف ان يكون القيام بالاعمال التجارية هو وسيلة الشخص للارتزاق والتعيش. لذا لا يعد شرط الاحتراف متوافرا اذا قام شخص بممارسة اعمال تجارية ولكنه لا يعتمد عليها كمصدر للرزق حتى لو انه اعتاد القيام بها بصورة منتظمة . كما هو الحال في مستأجر العقار الذي اعتاد ان يدفع الاجرة شهريا عن طريق سحب ورقة تجارية . فهو هنا يقوم بعمل تجاري لان العمليات المتعلقة بالاوراق التجارية تعد عملا تجاريا وهو اعتاد القيام به ولكنه لا يعد محترفا للقيام بعمل تجاري , لان التعامل بالاوراق التجارية لا يمكن ان يكون موردا للرزق.
ويكفي لتحقق هذا الشرط ان يقصد الشخص من قيامه بهذا العمل ان يتخذه وسيلة للارتزاق سواء نجح في عمله وحقق منه رزقا وفيرا او لم ينجح فيه ومني بخسارة.
ومتى توافر هذان العنصران الاعتياد واتخاذ العمل وسيلة للارتزاق فان احتراف العمل التجاري يعد متحققا . ولا يتطلب أي شرط اخر . فلا يشترط ان يكون القيام بالعمل التجاري هو النشاط الوحيد الذي يقوم به الشخص . فقد يكون لهذا الشخص حرفة او مهنة اخرى الى جانب النشاط التجاري وهذا الفرض لا يمنع من ان يكتسب صفة التاجر. فيطبق على كل حرفة القانون الذي يحكمها . كأن يكون مزارعا وتاجرا في الوقت نفسه او موظفا وتاجرا في نفس الوقت.
واكثر من ذلك ان توافر شرط الاحتراف يؤدي الى اكتساب الشخص صفة التاجر حتى لو كان هذا الشخص يزاول مهنة اخرى يحظر قانونها عليه ان يمارس العمل التجاري الى جانبها , مثل المحامي والقاضي واستاذ الجامعة. فهؤلاء اذا مارسوا العمل التجاري يكتسبون صفة التاجر وتطبق عليهم احكام القانون التجاري حماية للغير الذي يتعامل معهم على انهم تجار , وهم يتعرضون للعقوبات المنصوص عليها في القوانين التي تنظم مهنهم لانهم خالفوا الحظر الوارد فيها .
كذلك لا يشترط للقول بتحقق الاحتراف ان يكون لدى الشخص محل تجاري. فالاحتراف يعد متحققا حتى بالنسبة للبائع المتجول طالما انه يمارس عمل تجاري على وجه الاعتياد ويتخذ منه وسيلة للرزق.
وايضا لا يشترط للقول بتوافر الاحتراف ان يكون رأس المال المستثمر في التجارة كبيرا لان المشرع لم يفرق بشأن اكتساب صفة التاجر بين التاجر الكبير والتاجر الصغير.
- استثناءات على شرط الاحتراف :
اولا : اكتساب صفة التاجر دون احتراف الاعمال التجارية :
اذا كان الاحتراف شرط من شروط اكتساب صفة التاجر بموجب احكام القانون , فان القانون يستثني من هذا الشرط بعض الاشخاص, اذ يقضي باكتسابهم صفة التاجر على الرغم من عدم احترافهم الاعمال التجارية لحكمة معينة قدرها المشرع. وهؤلاء الاشخاص هم :
التاجر بالاعلان ( منتحل صفة التاجر ) والتاجر المستتر والشركة المدنية ذات الشكل التجاري.
1- التاجر بالاعلان ( منتحل صفة التاجر ) :
استثناءا من شرط الاحتراف اعتبر المشرع ان من ينتحل صفة التاجر يعد تاجرا حتى وان لم يحترف الاعمال التجارية فعلا .
ويتحقق الانتحال عندما يدعي شخص ويعلن بأي وسيلة من وسائل الاعلان انه اسس محلا للتجارة.
وتبرير هذا الحكم والحكمة منه هي ضرورة حماية الغير الذي وجه هذا الشخص اعلانه اليهم. اذ يقوم لديهم اعتقاد مشروع بانه تاجر ويدخلوا معه في معاملات معينة على هذا الاساس.
ومن جانب اخر فان من يعلن باي وسيلة عن محل اسسه فعلا للتجارة انما يكشف عن نيته في احتراف التجارة وان لم يحترفها فعلا .
2- التاجر المستتر :
قد يمارس شخص النشاط التجاري مستترا وراء شخص اخر او يقوم بهذا النشاط ولكن باسم مستعار لاي سبب من الاسباب كأن يكون محظورا عليه بموجب القانون مزاولة التجارة و فان التساؤل يثار عمن يكتسب صفة التاجر هل هو الشخص الظاهر ام المستتر؟
بين المشرع جواب هذا التساؤل اذ اعتبر كل من الشخص الظاهر وكذلك المستتر تاجرا. وذلك في المادة 13 من قانون المعاملات التجارية التي تنص على انه:
" تثبت صفة التاجر لكل من احترف التجارة باسم مستعار او كان مستترا وراء شخص اخر فضلا عن ثبوتها للشخص الظاهر"
ويلاحظ بأن الشخص المستتر تتوافر فيه شروط اكتساب صفة التاجر لان العمل التجاري يتم لمصلحته وتنصرف اليه اثار جميع التصرفات التي يقوم بها الشخص الظاهر, فهو في الحقيقة يحترف الاعمال التجارية وان لم يقم بها بنفسه لذا فانه يكتسب صفة التاجر.
اما التاجر الظاهر الذي يقوم بالعمل التجاري لحساب المستتر فأنه في الحقيقة لا يحترف الاعمال التجارية لانه يقوم بهذه الاعمال لحساب شخص اخر , ولكن ظهوره بصفة التاجر وارتباطه مع الغير بهذه الصفة يجب ان يؤدي الى الزامه بصفة التاجر وتحميله جميع النتائج القانونية المترتبة على ذلك, حماية للغير وحماية لاستقرار المعاملات .
3- الشركة المدنية التي تتخذ شكلا تجاريا :
ان الاحتراف شرط من شروط اكتساب صفة التاجر , ويقابله بالنسبة للشخص المعنوي ( الشركة ) شرط ان يكون غرضها تجاريا . اذ لا يمكن الاخذ بفكرة الحرفة وكون العمل يتخذ وسيلة للارتزاق والتعيش بالنسبة للاشخاص المعنوية
.
عليه فان الشركة تكتسب صفة التاجر اذا كان غرضها تجاريا بمعنى انها مؤسسة لكي تزاول عملا تجاريا بمعنى انها مؤسسة لكي تزاول عملا تجاريا . فتعد الشركة تجارية اذا كان غرض الشركة القيام بعمل مثل النقل والتأمين وتعد مدنية اذا كان غرضها القيام بعمل مدني مثل الزراعة.
وهذا ما نص عليه المشرع الاماراتي في المادة ( 11 ) من قانون المعاملات التجارية اذ تقضي بأنه : " يعتبر تاجرا كل شركة تباشر نشاطا تجاريا. " .
ولكن استثناء من شرط ممارسة العمل التجاري , اعتبر المشرع الشركة تجارية أي تكتسب صفة التاجر اذا اتخذت احد الاشكال المنصوص عليها في قانون الشركات التجارية حتى لو كان النشاط الذي تباشره مدنيا . والسبب في هذا الاستثناء هو ان غرض الشركة لا يكفي احيانا لتحديد صفتها وما اذا كانت مدنية او تجارية . خصوصا عندما تتعدد اغراض الشركة وتتداخل كما لو كانت الشركة تقوم باعمال تجارية ومدنية في الوقت نفسه. لذا اراد المشرع ان يجد حكما لهذه الحالة فنص على تجارية الشركة وفقا لمعيار الشكل وليس الموضوع.
ثانيا : عدم اكتساب صفة التاجر على الرغم من احتراف الاعمال التجارية :
على نقيض الحالة السابقة التي يكتسب فيها الشخص صفة التاجر على الرغم من عدم احتراقه العمل التجاري , فان هذه الحالة يمارس فيها شخص عملا تجاريا على وجه الاحتراف ولكن لا يكتسب صفة التاجر . ويتمثل هذا الاستثناء بالدولة ومؤسساتها.
فالدولة ومؤسساتها كالوزارات والدوائر والهيئات قد تمارس نشاطا تجاريا على وجه الاحتراف مثل النقل او التأمين او اعمال المصارف الا انها لا تكتسب صفة التاجر. لان الدولة حينما تمارس العمل التجاري لا تستهدف تحقيق الربح انما تستهدف تحقيق المصلحة العامة. كما ان بعض احكام التاجر تتعارض مع وظيفة الدولة وما تتمتع به من سيادة , مثل احكام الافلاس لان الافلاس يؤدي الى منع الشخص من مزاولة النشاط التجاري وغل يده من التصرف بامواله. وهذا ما لا يمكن تطبيقه علىالدولة لانها تدير مرافق عامة ضرورية وحيوية وتهدف الى المصلحة العامة .
ولكن اذا كانت الدولة لا تعتبر تاجرا فان الاعمال التي تقوم بها تعتبر تجارية وهذا يعني ان الاعمال التجارية التي تقوم بها الدولة تخضع لاحكام قانون المعاملات التجارية , ولكن الدولة لا تخضع لاحكام التاجر لانها لم تكتسب هذه الصفة .
المفضلات