ماذا لو كنتُ أنا !!! ||
ماذا لو كنت أنا ، تلك الناظرة بعينين حالمتين ..
نحو شطايا جثتٍ لا ألمح فيها إلاّ دماء !!
ماذا لو كنت أنا ، تلك المستيقظة صباح اليوم على صوت بكاء
فأسرعتُ خطايَ لمعرفة الأحداث ..
فإذا ببنادقهم فوق الرأس لكي أصمتَ ، لا أتحركَ ، لا أتنفس !!
ماذا لو كان ذاك ال*** المكبّل جدّي – أو عمّي – ..
ورأيت غدر الدهر بكهلٍ لا يُرعى بياض الشيب على وجهه ..
فيُسَبُ بأقسى الكلمات ....
وآراه بدمعٍ سال على وجنتيه ؛ لا يدري أي منزلٍ يُنزلوه !!
ماذا لو كانت أمي ، تلك الراكضة من سطو كلابٍ جائعةٍ ..
تلك الساحبة يديها من بين الفكّين !!
ماذا لو كان أخي ، ذاك المرميِّ على ناصية الشارع ، يصرخ ألماً .. ينزف أشلاء
ولا نملك إلا أن نقفَ على بعدٍ !!!
ماذا لو كنتُ أنا ، تلك الحالمةِ بليالٍ تخلو من قصفٍ ..
ونهارٍ يخلو من رائحة دماء ، أو صوت صراخ ورجاء !!
ماذا لو كان أبي ، ذاك المسحوب من قعر المجلس ، يُضرب ليذلّ أمام مساكننا ..
ويُجر بشوارع الحي كاملة .... لا ندري إلى أين !
.. ونسمع صوت رصاص ... فلا نعلم أذاك عليه ؟ أم على جارنا المجاور في الشارع الآخر!!
.... ونظل ساعات طوال ، نتحيّن أيّاً من أخبار !
أحي أم ميّت .. أسير أم شهيد !!!
أأصابه رصاص الغدر ، فأعاق الحركة ؟ أم ذهب بشيءٍ من أطرافه !؟
أم سرق الروح على صمت ؟؟!!
ماذا لو كنتُ أنا ، في ذاك المكان .. أرى لحظات الموت صباح مساء ..
ومع كل رصاص أسمعهُ ، أعلم أنّ بين المصابين حبيباً وقريب ...
أباً أو أخاً أو جد ...
وأتساءل مع كل صباح ... من الراحل اليوم ؟؟!
.... أتراه شعور أهون من أن استيقظ بلا إحساس ، وأمارس كل نشاطاتي ..
وإذا ما حلّ مساء ، نظرت لشاشات الأخبار ، وسمعت صراخ الأموات ..
فهمست بعضَ الكلمات ، لعنتُ إسرائيلَ وقدّستُ فلسطين .
ثم أكملت نشاطاتي كالعادة ! .. وقلت بنفسي :
يالي من منتمية ... لعنتُ العدو اليوم ، وقدّستُ الوطن!!! ؟؟؟!
علّي لو كنتُُ أنا تلك الساكبة دماها فوق تراب الحق ، لشعرتُ بأنّي أكثر راحة
من أن ألقى وطني يوم الحشر ، فيُسائلني عمّ قدمت
فأذكّره بأنّي همستُ لنفسي يوماً ، ولعنتُ عدوه ..
فيسائلني : وماذا بعد !!؟؟!!
فأخال بأن لا بعد ... وأني أتيتُ بأحسن ما يأتي محبُ الوطن حبيبه .
فيسائلني عنهم ، عمّن قُتِلوا أو غُدِروا أو أُسِروا ..
يُسائلني عن موؤدةٍ دُفِنَت ... وعذراء اغتُصِبَت ... ومقلةٍ اجتُثّت !!
.. علّي لو كنت أنا ، تلك القاطنة بين الألغام .. تلك الفاقدة شيئاً من أطراف ،
لحادثته عن ليالي الحرب ، وعين العدو ..
لأخبرته عن قسوة الشتات ، ودمع الفراق .. ونبضات الخوف أو القلق !
.. لكنتُ رفعت الرأس بفخر !
.... لكنّي لست أنا ، تلك الراكضة بين الأزقّة ، تبحث عن والدةٍ أو والد
.. لستُ أنا
... فأنا تلكَ السائلة النفس : ماذا أجيبُ الوطن إن ساءلني يوم الحشر : وماذا بعد!!