بعد ان نشرنا الاسبوع الماضي حوار الدكتور عمران البشلاوي حول حقيقة فيروس الايدز جاءنا التعقيب من الدكتور حسن بادريق العمودي استشاري طب الاطفال قائلا:
إن هذا الموضوع فيه تلاعب بالألفاظ العلمية وغالبا ما ينتج مثل هذا الكلام عن جهل مطبق والكلام المنقول عن الطبيب المعني في المقال وهو الدكتور البشلاوي اذا صح انه قال هذا الكلام مثل عبارة (الجسم المضاد يعني الموت) دون أن يكمل الحقيقة العلمية بكاملها- كمثل الذي يقرأ نصف الآية الكريمة {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة} ثم يترك باقي الآية وهو {لاتقربوا الصلاة وانتم سكارى}. والحقيقة العلمية في موضوع الايدز هي ان الفيروس يحتل موضعا داخل الحمض النووي الخلوي نفسه وليس داخل الخلية فقط مثل الامراض المعدية الاخرى. وباستيلاء الفيروس على جينات بعض الخلايا الليمفاوية يتحكم في جهاز المناعة -ونحن نعلم ان مركز المناعة في الجسم يعتمد على حد كبير على الخلايا الليمفاوية التي توجد بكثافة في الغدد الليمفاوية والطحال والكبد والنخاع العضمي والغدة الصعرية (الثايموس). ثم ان هناك عدة انواع من الخلايا الليمفاوية جميعها لها مهمات مختلفة في الاداء المناعي للجسم واهمها الخلايا الليمفاوية المساعدة (داعمة للمناعة) والخلايا الليمفاوية القاتلة التي لو زادت نسبتها في الدم تؤدي الى إفتراس الخلايا الليمفاوية الاخرى وكريات الدم البيضاء الكبرى التي تبتلع الجراثيم عند دخولها الجسم. فهناك نوع معين من الخلايا الليمفاوية الذي اذا قل عدده في الدم اصبح معرضا للاصابة بامراض ناتجة عن بكتريا مثل السل او فيروسات الالتهابات الرئوية والتي في الحالات الطبيعية لا يمكن لها التكاثر في الجسم بسبب الخلايا الليمفاوية المانعة, هذه الخلايا الليمفاوية المساعدة او الواقية تسمى T-helper cells لتي تحمل البروتين (CD4( الذي يتفاعل مع فيروس الايدز والتي اذا هبط عددها في الدم اصبحت مناعة الجسم مختلفة. ومن المعروف ان تشخيص مرض الايدز يعتمد على فحص الدم بالنسبة لاجسام المناعة مبدئيا ثم للتأكد تجرى فحوصات اكثر دقة على الخلايا الليمفاوية في مختبرات متخصصة. اما قول ان مرض الايدز هو وهم او ان لا علاقة له بفيروس (HIV) فهذا كلام غير علمي وغير واقعي كمثل الذين كانوا يعزون الامراض الى الاشباح والجن وخلافه ثم اصبحت الآن تعالج بواسطة الطب الحديث. وفي الحقيقة ان رئيس جنوب افريقيا امبيكي تبنى فكرة ان الايدز ليس له علاقة بفيروس (HIV) -ونحن نعلم ان مرض الايدز منتشر انتشارا واسعا في تلك البلاد- فقامت عليه كل الاوساط العلمية في جنوب افريقيا وخارجها حتى عدل من خطابه السياسي في هذا الموضوع, لانه لو لم يفعل ذلك لحرم مئات الألوف من المصابين بالمرض من وسائل العلاج, ثم تلا ذلك التفاوض مع شركات الادوية الكبرى المنتجة لعلاج الايدز لتنزيل اسعارها لكي يتمكن عامة المرضى المصابين من الحصول على الادوية المضادة لفيروس ضةب. واذا كان اي شخص -سواء الدكتور البشلاوي او غيره- يقول ان مرض الايدز ليست له علاقة بالفيروس HIV فما عليه الا ان يجرب ان يحقن نفسه بواحد ميلليلتر دم من مريض بالايدز او حقنة سبق وان استعملت لمريض بالايدز ثم ينتظر ليرى ما اذا سيصاب بالمرض ام لا. هذه هي احدى الخطوات الداعمة للبرهان على انتشار المرض من عدمه بواسطة الميكروبات والتي ارساها ابو علم الجراثيم, العالم الالماني روبرت كوخ منذ اكثر من مئة عام, ومن هنا فان الايدز مرض خطير يهدد العالم الثالث بأسره ويجب اخذ كل الاحتياطات لمنع انتشاره كما هو معمول به حاليا في المملكة وفي معظم البلدان الاخرى, وان فيروس HIV حسب كل الادلة العلمية هو السبب المباشر لمرض انخفاض المناعة المكتسب, وهدفي من التعقيب ان لا يأخذ القراء معلومات مغلوطة والتي قد -لاسمح الله- تسبب التساهل في الوقاية من هذا المرض وانتشاره في المجتمعات الاسلامية.
** المحرر: (باب التعقيب مازال مفتوحاً أمام الاطباء حول حقيقة فيروس الايدز).


عكاظ 19/9/1424