احتضنت مدينة الرياض في المملكة العربية السعودية مؤخراً المعرض الثاني عشر للفنون التشكيلية والتصوير الضوئي ورسوم الاطفال لشباب دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ونظمته الرئاسة العامة لرعاية الشباب.


المعرض يقدم نتاج مشاركين اقل من 25 عاماً وقال الامير سلطان بن فهد بن عبدالعزيز الرئيس العام لرعاية الشباب في السعودية: ان مشاركة الاشقاء في هذا الاحتفاء الرائع لهو دليل واقعي لمدى عمق المحبة والتواصل التي تربطنا نحن شعوب وابناء هذه المنطقة الحيوية من العالم، وحيا الشباب المشاركين في هذا المعرض والذين هم امل المستقبل وغده المشرق، واعتبر الامين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية «ان المعرض نموذج من نماذج العمل المشترك الهادف إلى تقوية الترابط وتبادل الخبرة والنهوض بالحركة الثقافية في دول المجلس.


وان هذه الفعالية وغيرها من فعاليات ثقافية مشتركة «انما تأتي تلبية للحاجات الفكرية والروحية لدى الشباب وتحقيقاً لأهداف مجلس التعاون وانسجاماً مع توجيهات قادته» تعتبر البداية التشكيلية في دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال المعرض الاول للشباب الذي اقيم في دبي عام 1975 تحت مسمى «المعرض الفني الأول للشباب» وشارك فيه اكثر من ثلاثين قدموا مئة لوحة وفي العام 1987 شهدت الدولة انشاء المرسم الحر التابع لوزارة التربية والتعليم والشباب الذي توفرت فيه المواد والخامات ليتلقى المنتسبون اليه التدريب على ايدي مختصين كما اقيم فيما بعد المرسم الحر التابع لجمعية الامارات للفنون التشكيلية والتابع للمجمع الثقافي في أبوظبي او جامعة الامارات او غيرها، ويعتبر بينالي الشارقة احد أهم المناسبات التشكيلية الدولية التي تشهدها المنطقة العربية منذ بداية التسعينيات.


عرضت في جناح الفنانين الشباب اعمال لمي عبيد الضباح ونادية حسين محمود وحمده محمد المرزوقي ومنى عبدالقادر، وغيرهم، اهتمت مي الضباح بجانب تعبيري يتمثل في رسمها للاشخاص كما في لوحة بورتريه، ومعه أكدت على مساقط الضوء والعتمة والحالة التي تلتقط عليها شكلها ـ العنصر، اما نادية حسين فتدرس الطبيعة الصامتة باهتمام مماثل في اسقاطات او اشعاعات ضوئية بخامة الباستيل، تشترك معها فيها منى عبدالقادر اما لوحة حمده المرزوقي فتذكرنا بلاعبات الباليه التي رسمها اديجار ريجا.


ظهر الفن التشكيلي في دولة البحرين خلال الخمسينيات وتشكلت منذ ذلك الحين الجمعيات الفنية التشكيلية واقيمت المعارض وارسلت البعثات، وتشهد دولة البحرين معرضاً سنوياً مهماً هو المعرض السنوي الذي تمنح فيه جائزة الدانة، وجوائز تقديرية اخرى وفي ظل النشاط المتقد الذي تشهده الساحة من خلال جمعياتها التشكيلية الثلاث: جمعية البحرين للفن المعاصر وجمعية البحرين للفنون التشكيلية وجمعية خزافي البحرين، وكذا وزارة شئون مجلس الوزراء والإعلام، وغيرها ظهرت الوجوه الشابة التي وجدت الارضية الملائمة والمناخ الفني، وقد شارك في هذا المعرض من الشباب خالد الذوادي وحسين علي سلمان وحسن كاظم وابراهيم الغانم ونسرين جواد وآخرون.


ومن الجانب القطري جاءت المشاركة الشابة متمثلة في اعمال احمد الحمد وسيف العرابيد وال*** عبدالعزيز بن حمد آل ثاني ومحمد يوسف الشريف وقابضة عبدالرضا ومحمد احمد الرشيد وسهلة آل سعد وفهد الكعبي وذلك بين الرسم والضوئي. لقد حملت الاعمال الفنية هاجس تصوير المحيط والبيئة المحلية، المراكب البحرية والمراعي والمنازل التقليدية ويهتم الفنانون الشباب بدراسات متأنية ومحاكاة تسجل من خلالها المشاهد الشعبية التقليدية.


عرفت الساحة التشكيلية في قطر منذ السعبينيات ووجدت الاهتمام والرعاية من الدولة. انشئت الجمعية القطرية للفنون التشكيلية، ونظمت هذه الجمعية المعارض وأصدرت المطبوعات وكانت الهيئة العامة للشباب والرياضة القطرية قد قامت بانشاء المراسم الفنية المتخصصة بغرض صقل ورعاية الموهوبين في عدة مجالات فنية. وفي العام 1985 قامت جماعة قطر للتصوير الضوئي وكانت تابعة لادارة الثقافة والفنون إلى ان اشتهرت كجماعة للتصوير الضوئي عام 1995.


اما في المملكة العربية السعودية فكانت الستينيات الميلادية بداية فعلية نظمت فيها المعارض الفردية، ثم الجماعية لرواد الحركة التشكيلية. وخلال السبعينيات قامت الرئاسة العامة لرعاية الشباب فنظمت المعارض بشكل سنوي وخصصت الجوائز كما اقامت الاسابيع الثقافية السعودية في الخارج وقدمت اعمال الفنانين التشكيليين السعوديين في المناسبات العربية والدولية بجانب المشاركات الخليجية المتمثلة في مثل هذا المعرض أو المعرض الدوري لفناني دول مجلس التعاون الخليجي والذي انطلق من مدينة الرياض اواخر الثمانينيات.


شارك في المعرض تركي محمد الغامدي وعبدالعزيز الحيلان وحاتم المطرفي وثويمر العيتبي وعبدالله الخنيفر وهدى المزروع وصديق واصل، كما قدم خالد الخميس واحمد الزهراني وسعد الشهراني وابراهيم محمد سليمان وبندر العنزي وآخرون صوراً ضوئية عن مظاهر تراثية محلية. اما الاعمال التشكيلية فتتمثل في توجه عدد من المشاركين نحو التجريب محاولين بعث حلول من خلال الساحة المجردة مواضيع تعبر عن الزهور أو الكعبة المشرفة أو غيرها، كما تتجه اعمال ثويمر العيتبي نحو الاستفادة مما هو خيالي في صيغ واختيارات رمزية. كما يحرص عبدالله الخنيفر على طرح امكاناته في التأكيد على الضوء والظل كما في لوحة هبوط الصقر، بينما ترسم هدى المزروع «تكوينها» بشكل رمزي لا يخلو من الخيال، ويبحث صديق واصل في الخامة من خلال مواضيع انسانية يعيدها من ذاكرة طفولية خاصة مع عمله «الدراجة»، ويعتبر صديق واصل من الوجوه الشابة التي برزت خلال الاعوام الأخيرة وحصلت على جوائز محلية متقدمة.


تعتبر الحركة التشكيلية في عمان شابة، فقد ظهرت بداية في الاندية، ثم انشئت مرسم الشباب ليعتبر ميلاداً أكيداً وقاعدة التف حولها الشباب من الموهوبين وفي العام 1993 انشيء الجمعية العمانية للفنون التشكيلية التي اسهمت بدور بارز في الحركة التشكيلية العمانية ونظمت ملتقى مسقط التشكيلي، كما تنظم معرضا سنوياً، وقد نظمت الجمعية ورشاً فنية وبعثت الفنانين إلى الخارج للاطلاع والمشاركة والاحتكاك.


قدم فهد البلوشي معالجات تعبيرية لمشاهد وفضاءات تتناغم الوانها وتتباين، يلتقي معه في جرأة التلوين وعلى مرجعية تجريدية تستفيد من التكعيبية افتخار بنت حمدون في لوحة «بيوت من جبال عمان». ويؤلف ادريس الهويني عناصر هندسية «دائرية» تنجح نتجتها عن غيرها من اعمال يتناول فيها عناصر آدمية كما هي لوحته تكوين، كما يحاول مبارك المعشري تأليف كتابة آية قرآنية يعالجها بوسائط مائية تقربها من الاستفادة من الكتابة العربية في اللوحة الحديثة.


تعبر الحركة التشكيلية في دولة الكويت عن اهتمام واضح بالبيئة المحلية، وقد برزت مبكراً اعمال عدد من الرواد في اطار محاكاة وتسجيل الحياة التقليدية الكويتية، الا ان البعثات ـ المبكرة ـ لعدد من فناني الكويت على شكل دراسات أكاديمية او حرة اسهمت في بروز التجارب الاكثر حداثة وتميزاً فكانت اعمال عيسى صقر وجاسم بوحمد وسامي محمد وغيرهم. بدأت الكويت بايفاد الفنان معجب الدوسري للدراسة عام 1945 الا ان هذا الفنان توفي مبكراً كما هو محمد الدمخي. وكان العام 1967 مهماً عندما تدارست مجموعة من الفنانين التشكيليين فكرة انشاء جمعية تشكيلية كويتية، وكان لهذا الطموح الأمل الولادة في العام التالي وبدأت على الفور بتنظيم المعارض، وكان معرض الكويت للفنانين التشكيليين العرب من أهم ما قامت به الجمعية فقد أصبحت لسنوات عديدة، وحتى 1989 تقريباً مستقطباً للفنانين العرب، وحقق هذا المعرض مقداراً من التعارف والتلاحم بين العديد من الفنانين العرب، كما قام المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب بدور كبير في مضمار الفن التشكيلي وانعكس عام 1974 بقيام صالة متخصصة هي الاولى في دولة الكويت سميت بصالة الفنون، وتشكلت في العام 1994م لجنة الفنون التشكيلية لمنح الحركة التشكيلية في الكويت زخماً جديداً وتضع هذه اللجنة بالتنسيق مع الأمانة العامة خطط معارض الفنون التشكيلية كأفراد أو من خلال الجمعية.


يلاحظ في عدد من الأعمال المشاركة الكويتية في المعرض الجانب الرمزي الذي اراد به المشاركون التعبير عن بعض المواضيع الاجتماعية او الذاتية، وسنلاحظ من خلال عناوين بعض اللوحات مثل ذلك، كما هي لوحة يوسف بوعباس «الصبر مفتاح الفرج» وفي هذه يلتقي يوسف مع فنانة سعودية شابة هي رضية برقاوي على الاختلاف بأن أردية يوسف سوداء، كما ان لوحة ابراهيم العطية قد عبرت بعنوانها «صب على المصائب مصائب ألوانها» النحو الرمزي وكذا يوسف المليفي.


المعرض الثاني عشر للفنون التشكيلية، والتصوير الضوئي ورسوم الاطفال لشباب دول مجلس التعاون الخليجي احد اشكال علاقة الوحدة والمحبة التي تربط شعوب المنطقة يأتي ليساهم في دعم وتشجيع وتقديم وجوه جديدة ومحاولات شابة هم «أمل المستقبل وغده المشرق» كما قال الرئيس العام لرعاية الشباب في المملكة العربية السعودية.


لوحة يوسف بوعباس لوحة ال*** عبدالعزيز آل ثاني عمل فني لصديق واصل لوحة عبدالله الخنيفر لوحة افتخار البدوي لوحة مي عبيد الضباح