المعلم يبني فكراً يحمي الوطن
---------------------------------------------------
علي بن ذيب الأكلبي
رفعت كليات المعلمين هذا الشعار بالتزامن مع عمل الجميع أفرادا وجماعات ضد الفئة الباغية التي خرجت على تعاليم الدين والأعراف والتقاليد وما عرفناه وعشناه من أمن وارف وتسامح وتكاتف في هذه البلاد الكريمة، ولم يدر في خلد أحد أن يظهر من بيننا من ينقلب علينا ويقابل الإحسان بالإساءة ليستخدمه كل مغرض وحاقد على هذه البلاد أداة هدم ومعول تخريب.إن الفكر المتطرف والمفاهيم الضالة والعقول المعطلة هي ما وصل بتلك الشرذمة إلى ما تبنوه من معتقدات قادتهم للنخر في جسم أمتنا والحفر في بنائنا المتين ليسهل تحقيق مآرب الأعداء الذين أرادوا أن تخرب بيوتنا على يد بعض أبنائنا الذين تنكروا لنا، وما ذاك إلا لوجود أرض خصبة وبيئة مناسبة تبنت هذا الفكر ونبت فيها في ظل غياب المرشد الحكيم والموجه الأمين، حيث إن هذه الفئة احتكت بخبرات شاذة استطاعت أن تؤثر على هذه العقول لدرجة تسمية الباطل حقا والحق باطلا، فأصبحوا لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا، فاقتادوهم صيدا ثمينا، به يمكن على حد تخطيطهم الوصول إلينا في العمق بأقل التكاليف المادية ودون خسائر بشرية في صفوفهم.. ولكن الله تعالى بالمرصاد لهم، فلولا عنايته وحده ثم ما بذلته حكومتنا الرشيدة من جهود كبيرة أثمرت إحباط العديد من مخططاتهم والقبض على معظمهم والقضاء على البعض الآخر وبيان زيف معتقداتهم وبطلان تفكيرهم وتوضيح وتجلية موقفهم للعامة حتى أصبحوا معروفين لكل أحد فلم يجدوا من بيننا من يؤيدهم أو يوادهم أو يداهنهم بل وقف الجميع صفا واحدا خلف القيادة في مواجهة هذه الموجة التي انحسرت وتناقصت وضعفت بل وقضي عليها ولله الحمد.. لولا ذلك لاستفحل الشر.ولكي نبقى بمأمن على مجتمعنا وأبنائه فإن من الحكمة أن نعمل على تفعيل جانب الوقاية من مثل هذا الخطر (الإرهاب) الذي لا يقبله دين ولا عقل ولا فطرة سليمة، والوقاية والتحصين من هذا المرض لا يأتيان إلا بتضافر الجهود واجتماع الكلمة وبذل ما في الوسع، كل في مجاله ومجهوداته؛ ولذلك فقد شرعت وكالة الوزارة لكليات المعلمين التي هي المؤسسات التربوية الوحيدة المعنية بإعداد المعلم للمرحلة الابتدائية منذ زمن في محاربة الفكر المتطرف ونبذ الأفكار الهدامة وتأصيل الفكر العلمي الصحيح ومكافحة الفكر الضال. ومبادرتها في ذلك من خلال مجلس الكليات الذي عقدته في كلية التربية البدنية منذ ثلاث سنوات والذي تبنت فيه خطة ذات محاور ثلاثة (وقائي وإنمائي وعلاجي)، ورفعت شعار (المعلم يبني فكراً يحمي الوطن)، وعملت على تفعيله في كلياتها في عموم مناطق ومحافظات المملكة، لدى معلمي المستقبل من طلابها عبر برامج تم التخطيط والإعداد الجيد لها، تمثلت فيما يلي:
- لجنة رعاية الفكر والسلوك.
- الندوات والمحاضرات العلمية المتعلقة بموضوع الأمن الفكري.
- البرامج الحوارية الطلابية الموجهة لمحاور أضرار الفكر المنحرف، ووسطية الإسلام، ودور المعلم في تعزيز الأمن الفكري.
- الورش التدريبية الميدانية واللقاءات المنظمة عبر الملتقى السنوي لختام الأنشطة الطلابية بكليات المعلمين.
وهذه الجهود التي تبذلها كليات المعلمين ولا زالت مستمرة تصب في مضمون وهدف قرار وزارات التربية المتعلق باشتراط اجتياز المتقدم لمهنة التعليم لشروط سلامة الفكر والمعتقد ونبذ الفكر الضال والحرص على اختيار المرشحين للوظائف التعليمية من الأشخاص المشهود لهم بالاعتدال في دينهم والمتميزين خلقاً وعلماً وعملاً وقدرة في أداء هذا الواجب النبيل من خلال قوائم التوظيف لدى وزارة الخدمة المدنية ولجان التشكيل لهذا الغرض.. وأن يكون هؤلاء المعلمون من الكفاءات العلمية المتميزة القادرة على أداء هذه الرسالة العظيمة بكفاءة واقتدار مع الاهتمام والحرص كل الحرص على ذلك.ويؤكد توجه الدولة ممثلة في قرار وزارة التربية أن الحاجة لازالت مستمرة لوجود جهة أو مؤسسة تعنى بإعداد المعلم وبالأخص المعلم الأساس، معلم المرحلة الابتدائية، ولذلك فإنه من الطبيعي أن تبقى كليات المعلمين كما نص على ذلك قرار المقام السامي لتمارس دورها. وإن مسيرة زاخرة زادت على ثمانية عقود من عمر هذه البلاد المباركة جديرة بألا تنتهي خاصة أن الدعوات تزداد الآن بشأن ضرورة العناية بالمعلمين وإعدادهم واختيارهم باعتبارهم الأمناء على عقول الناشئة وبالتالي هم حماة الأمن الفكري للبلاد، فيجب أن يتم إعدادهم وتأهيلهم في مؤسسات خاصة أنشئت لهذا الغرض، ويكون ذلك وفق خطة متينة لا تسمح للأفكار الهدامة والتطرف بالنفاذ إلى عقول أبنائنا الطلاب، وهذا يؤدي بطبيعة الحال إلى تأييد الإبقاء على كليات المعلمين كوحدة مستقلة ذات برامج خاصة وتبعية مستقلة تحت مظلة وزارة التعليم العالي، وأن يتم التركيز على تطوير قدراتها الأكاديمية وإعداد برامج مكثفة للعناية بالفكر وتعزيز الأمن الفكري لدى معلمي المستقبل.
http://www.al-jazirah.com/114088/rj24d.htm
المفضلات