كبسولات العلم والتحضير المعلّب!
--------------------------------------------------
أ.د. إبراهيم إسماعيل كتبي
كيف يكون تحضير ال**;**;**;**;**;**;دروس ج**;**;**;**;**;**;**;**;اهزاً ويش**;**;**;**;**;تريه معلم أو معلمة؟ بل حتى الطلاب باتوا يعتمدون على (كبسولات) من ملازم وملخ**;**;**;صات ج**;**;**;**;**;**;اهزة مختصرة يستعدون بها للاختبارات.
صدق
أو لا تصدق : معلمون ينفقون 90 مليون ريال على شراء دفاتر التحضير، وقد تشكلت لجنة تربوية من الوزارة لدراسة ذلك وتصحيحه، حيث استنكر نائب الوزير للبنين د.سعيد المليص ذلك واعتبرها عملية تجارية لا تمت للحركة التربوية بصلة. فطبقا لآخر إحصائيات الوزارة فإن 385197 معلما ومعلمة يدفعون 90 مليونا سنويا لشراء دفاتر تحضير الدروس للمواد التي يدرسونها مما أغرى شركات ومواقع الكترونية وأفرادا باستغلال الوضع بطرق تجارية حيث يصل سعر المادة الواحدة إلى 3** ريال إضافة إلى ما تحمله دفاتر التحضير من أفكار غير تربوية.
نفهم أن الكتب الخارجية في مختلف المواد هي كتب مساعدة لشرح المقررات الدراسية، وبالقطع تصدر بتصريح رسمي حسب ما يتصدر صفحاتها، ويمكن قبول ذلك من باب إثراء المعلومات للطلاب والطالبات وتنويع سبل الفهم والاستيعاب، والقدرة على الحل خاصة المواد العلمية وتمارينها طالما هي في سياق المقرر ونظرياته وتتناول أسئلة من اختبارات أعوام سابقة.. كما أن الخروج من التلقين يتطلب تحفيز الطالب على البحث والتنقيب عن أي معلومة تساعده وتنمي ملكاته.
لكن الذي لا نفهمه ولا نهضمه، كيف يكون تحضير الدروس جاهزا ويشتريه معلم أومعلمة؟ يعني في الوقت الذي نبحث فيه عن سبل تطوير أسلوب التعليم، نجد معالجة أخطاء التلقين للطلاب بأخطاء الأفكار (المعلبة) من المعلم والمعلمة، وكأن حياتنا ينقصها الفكر والتقنية الجاهزة دون حراك للعقل، مثلما حرمتنا المعلبات والأطعمة الجاهزة من بركة الحركة، بينما المطلوب من المعلم والمعلمة امتلاك روح البحث العلمي.. ورحم الله زمن الغيرة على العلم، فكان المجتمع يطبق قول الشاعر :
قم للمعلم وفه التبجيلا ... كاد المعلم أن يكون رسولا
أكثر من مرة أثيرت قضية البحوث الجاهزة، وأكثر من مرة أثيرت حقائق عن شهادات عليا مباعة أو مزورة، والسوق واسع في العالم، وهذا ما تدركه لجان الابتعاث وحددت آليات وقنوات دقيقة ولا تعتمد إلا الجامعات المعروفة المرموقة في العالم، ولكن هناك من يحتاج إلى شهادة دكتوراه بسعي غير مشكور إلى حرف «الدال» ليس أكثر من باب الوجاهة الاجتماعية أو ربما وظيفة محترمة في القطاع الخاص، بينما طالب العلم الجاد لا يكل ولا يمل من البحث والاطلاع.
إن المشكلة ليست في مبلغ التسعين مليون ريال، لأن المعلم الذي يدفع فلوسه في دفتر جاهز، يصبح المبلغ بسيطا مقابل توفير ساعة تحضير من أجل (راحته أو جلسة سمر) والمبلغ خرج من جيوب المعلمين إلى أرباح التجار وصولا إلا منتجي تلك الدفاتر الذين يشحذون فكرهم في ترسيخ الخمول لتنشط (تجارة الكسل) ويكرسون ثقافتها حتى لدى من يفترض فيهم إشعال همم الطلاب والطالبات على البحث والتعلم .
ثقافة (الجاهز) باتت مسألة خطيرة في حياتنا، وأخطرها الاعتقاد بأن المال يصنع كل شيء، وهذه حقيقة إذا كان مالا منتجا، وهذا ما تتميز به الدول المتقدمة، أما على طريقتنا العربية فهو مدمر للقدرات ومستنزف للجيوب.. فارتفاع مستوى الدخل مع أنه نعمة ولله الحمد ، لكنه سرق طواعية أشياء كثيرة جميلة تعطي للإنسان قيمته إذا اقترنت بالفكر المبدع والتعب من أجل العلم والعمل والإنتاج.
إن تحضير الدروس مسألة مهمة جدا للمعلم، وينبغي أن تعطى له أهمية كبيرة، وبذل الجهد كي يؤتي ثماره لطالبي العلم، كما أن كتاب الوزارة مهم وأساسي للطلاب والطالبات، لكن للأسف بات أكثرهم يعتمدون على (كبسولات) من ملازم وملخصات جاهزة مختصرة يستعدون بها للاختبارات.. فماذا سيتبقى بعد كل هذا من ثقافة الطالب ومعلوماته، وكيف نربي فيه روح العلم وأخلاقه وأمانته والاعتماد على النفس؟!
http://www.almadinapress.com/index.a...ticleid=219040
المفضلات