من أجل مكانة المعلم
--------------------------------------------------------------------------------
تابعنا الخبر الذي نشر في الجزيرة في عددها 12565 ومفاده صدور الحكم على ثلاثة أشقاء اعتدوا على مدير مدرسة، وتضمن الحكم سجن كل من المعتدين سنة واحدة، وجلد كل منهم ثلاثمئة وستين جلدة؛ منها مئة وثمانون جلدة (داخل المدرسة)، والباقي في الأمكنة والساحات العامة.لقد أسعدنا جميعاً هذا الخبر، ونحن نرى أن هناك موقفاً حازماً تجاه من يعتدون على مربي الأجيال، وهم بأمس الحاجة إلى من يحمي كرامتهم وشخصيتهم ممن يحاول النيل منها.هذا الحكم جاء مثلجاً لصدور كثير من التربويين في وقت زادت فيه حالات الاعتداء ضد المعلمين ومديري المدارس.وكنت قد كتبت هنا، ومن خلال منبر (عزيزتي الجزيرة) مقالة بعنوان: (قضية تربوية مهمة بحاجة إلى حلول) وذلك في عدد الجزيرة 12511 وقد تناولت من خلالها قضية الاعتداء على المعلمين والتطاول عليهم من قبل طلابهم وضرورة التحرك السريع لوضع حد لذلك التطاول الذي يسيء للتربية والتعليم في بلادنا.فماذا سيقدم لنا معلمو المدارس ومديروها؟ وقد أضحوا وهم في معاناة مستمرة مع الاستهانة بشخصيتهم، والتطاول عليهم بالسب والشتم من قبل الطلاب وأولياء أمورهم.لقد كان لهذا الحكم الأثر الكبير والإيجابي في نفوس المعلمين، وهم يعلمون أن هناك من سينصفهم، ويحفظ شخصيتهم ويعيد إليهم كرامتهم أمام من يريد النيل منها.قضية المعلمين هنا لا تتوقف عند هذا النوع من الطلاب الذين يتطاولون على معلميهم أو يعتدون عليهم، بل إن قضية المعلمين تمتد لتصل إلى المجتمع ووسائل الإعلام التي تستهين بالمعلم وتظهره أمام الجميع بصورة مهزوزة، في وقت نأمل فيه أن نتعاون جميعاً من أجل غرس حب المعلم واحترامه في نفوس الناشئة والمجتمع عموماً..ليعلم الجميع أنه كما أننا نطلب من المعلم أن يعد لنا أجيالاً صالحة متسلحة بالعلم والقيم النبيلة، فإن هذا المعلم يرجو من المجتمع بكل مؤسساته إنصافه ومساعدته للقيام بتلك المهام. لا أحد يعلم مدى خطورة ما يقوم به بعض الطلاب من تطاول واعتداء على المعلمين إلا من كانت له صلة وثيقة بالميدان التربوي.نحن نريد أن تنشأ أجيالنا محبة للعلم وتقدر المعلم، وتتفهم معنى الانضباط والنظام، وهذا لن يتأتى طالما أننا نتساهل مع ما يقوم به بعض الطلاب ضد معلميهم من تطاول واعتداء.على وزارة التربية والتعليم الإسراع في سن (أنظمة صارمة) لوضع حد لهذه المشكلة الخطيرة التي لطالما أرقت المعلمين والطلاب على حد سواء، وأثرت سلباً على سير العملية التربوية والتعليمية إذا ما أخذنا بالاعتبار أن المعلم والطالب من أهم أركانها، إضافة إلى المنهج الذي أصبح ضائعاً بسبب ما يجري بين المعلمين وطلابهم لنجد أن الحصة تضيع في وسط انشغال المعلم بمحاولة ضبط النظام في الفصل، في ظل معرفة الطلاب بنظام (الضرب ممنوع) الذي قيد المعلم عن أي محاولة صارمة لضبط النظام في الفصل!فالطلاب الآن لا يتقبلون من المعلم أي نوع من العقاب، حتى ولو كان عقاباً خفيفاً من خلال عبارات يحق للمربي إطلاقها على طلابه المقصرين أو الذين يتجاوزون حدود الأخلاق والقيم الصحيحة؛ وذلك من أجل توجيههم ومساعدتهم لتلافي أخطائهم!! والمشكلة أن كثيراً من المعلمين استوعبوا ذلك جيداً، فأصبحت غالبية المعلمين ينهجون نهج الحذر والبعد عن استخدام أي شكل من أشكال العقاب المتاحة!!وزارة التربية والتعليم تشرع الآن في خطوة مهمة لتطوير التعليم، وأنا أقول: يا حبذا لو تم التنبه لكيفية (صيانة شخصية المعلم)؛ لأن ذلك يعد من أهم محاور تطوير التعليم. يتوجب على وزارة التربية والتعليم سن أنظمة من شأنها الحد من مشكلة تطاول الطلاب على معلميهم.وأنا أرى أنه من الأفضل لو يتم وضع (غرامات مالية) على الطلاب الذين يقومون بالتطاول أو الاعتداء على معلميهم، ويكون لكل حالة تطاول أو اعتداء غرامة مالية معينة كنوع من العقاب، وتكون بمثابة رادع لكل طالب يفكر بالاعتداء على معلمه أو مدير مدرسته أو انتهاك حرمة المدرسة وقوانينها.وأنا على ثقة بأن ولي الأمر إذا علم بوجود مخالفة مادية سيتكبدها، وسيجبر على دفعها إذا ما أساء ابنه إلى معلمه. فعندها سيهتم هذا الأب بمتابعة ابنه ومناصحته حول أهمية احترام المعلم والمدرسة بشكل عام.. وقد يكون ذلك عاملاً مساعداً يدفع الآباء للتواصل مع المدرسة في وقت نجد فيه عزوفاً كبيراً من قبل كثير من الآباء عن زيارة المدرسة.أيضاً أقترح عمل محاضرات ولقاءات داخل المدرسة يتم من خلالها استقطاب متخصصين في علم النفس والاجتماع يلتقون من خلالها بالطلبة بحضور إدارة المدرسة ومعلميها، ويكون ذلك بواقع مرتين - على الأقل - في كل فصل دراسي من أجل توعية الطلاب ورفع مستوى ثقافتهم في كيفية التعامل مع الآخرين، وكيفية الانخراط الإيجابي في المجتمع.وهنا أكرر أن التساهل مع هذه المشكلة سيهدد العملية التربوية والتعليمية في بلادنا، وستكون عائقاً يمنع المعلم والمدرسة عموماً من أداء الأدوار التربوية والتعليمية التي يتطلع إليها المجتمع.
فايز بن ظاهر الشراري - طبرجل
http://www.al-jazirah.com/621319/rv9d.htm
|
|
المفضلات