في ظل تعثر تجربة الدمج وتأخر الإعلان عن الاحتياج الوظيفي لمعلمات التربية الخاصة لما قبل الدراسة

جدة: علي مطير
في الوقت الذي لم يعلن فيه الاحتياج الوظيفي لمعلمات التربية الخاصة لهذا العام، سوى قبل يومين من الدراسة، التي بدأت أمس السبت، فإن حالة من الترقب داخل الأوساط التعليمية حول مصير مشروع الدمج، وهل سيواصل مسلسل التعثر من بدايته قبل عدة أعوام، خاصة أن تغطية الاحتياج الوظيفي من المعلمات هو نواة قيام المشروع في ظل عدم تأهيل معلمات التخصصات الأخرى للقيام بهذه المهمة مما يعني بداية سيئة هذا العام لمشروع الدمج التعليمي للطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وكانت تصريحات مسؤولين في وزارتي التربية والتعليم، والخدمة المدنية، لـ «الشرق الأوسط» خلال الأسبوع الماضي، تضاربت حول الاعلان عن الاحتياج الوظيفي لمعلمات التربية الخاصة في المدارس الحكومية في السعودية، بين تأكيدات على رفع الاحتياج الوظيفي لديوان الخدمة من جهة، ونفي من الديوان عن ورود اية قوائم من قِبل وزارة التربية والتعليم من جهة اخرى، قبل أن يحسم الامر بالاعلان عن أكثر من 4** وظيفة نهاية الاسبوع المنصرم.

وبينما ظلت جدران المدارس الحكومية لا تزال تحمل العبارة الشهيرة «العقل السليم في الجسم السليم» ، وهي عبارة صادمة لمشاعر آلاف الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة وهم يرون في طريقهم لفصول الدمج في المدارس الحكومية، أن العبارة تحتاج لتعديل لتصبح «الجسم السليم في العقل السليم» ، فإن التحركات الرسمية لا تزال هي الأخرى تواجه نوعا من الإعاقة في تغيير النظرة السلبية تجاه طلاب ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين يقعون على هامش الاهتمامات قياسا بتأخر الاعلان عن الاحتياج الوظيفي لما قبل الدراسة بيومين، وضعف التجهيزات داخل المراكز المعدّة لتطبيق المشروع في المدارس السعودية. وفي حين أكد الدكتور عثمان عبد الجبار، وكيل الشؤون المدرسية للبنات بوزارة التربية والتعليم، حول مشروع دمج المعاقين في الفصول الدراسية بالمدارس الحكومية والاحتياج الوظيفي أن «المشروع مستمر»، تساءلت خريجات في مجال التربية الخاصة عن سبب تأخر الاعلان عن الوظائف الشاغرة لهن وانعكاسات الأمر على انطلاقة طلاب الدمج في الدراسة مع أقرانهم.

وتقول مها القحطاني، وهي متخصصة في الاعاقة الذهنية «لعامين متواصلين لم أحصل على وظيفة رغم أن زميلاتي يؤكدن وجود احتياج في المدارس التي تطبق المشروع»، وتضيف «يبدو أن النظرة الدونية لطلاب الدمج، ستشمل المعلمات كذلك!».

وفيما تعلق وزارة التربية والتعليم من آمال على مشروع الدمج بين تلاميذ الاحتياجات الخاصة مع أقرانهم العاديين في مدارس التعليم العام باعتبار فاعليته التربوية والنفسية والاجتماعية، والسعي لإحداث نقلة كمية ونوعية في مجال تربية وتعليم الاحتياجات الخاصة، عن طريق توفير أنماط جديدة ومتقدمة كمعاهد التربية الخاصة الداخلية والنهارية وفصول خاصة ملحقة بالتعليم العام وبرامج غرف مصادر وبرامج المعلم المتجول والمعلم المستشار، الا أن تلك الآمال التي أعلنت عنها الوزارة ما زالت برأي الخبراء والمشتغلين على تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة، تصطدم بصخرة «البيروقراطية والقوانين المتغيرة وغياب الرؤية الواضحة في كل عام».

وترى نورة الشهري، وهي متخصصة في مجال التربية الخاصة، أن زياراتها الميدانية لفصول الدمج لدى الطالبات شكلت لديها قناعة أن المسألة تمت من دون النظر لتجارب الدول الأخرى التي بدأت في عملية الدمج منذ السبعينات الميلادية، وأشارت الى ان توفير المساواة والتعليم الجيد والتدريب العلمي للمدرسين هي عوامل أساسية في تشكيل فلسفة نظام الدمج.

وتوافق أروى الذبياني، وهي معلمة في أحد مراكز الدمج بمدينة جدة، على رؤية زميلتها الشهري وتتقاطع معها في أن البيئة المكانية لفصول الدمج، خاصة أن نسبة عالية من المدارس هي مجرد «بيوت مستأجرة»، أي أنها لا تلبي الحاجات المختلفة لأنواع الاعاقات الموجودة لدى الطلاب.

ويعزز تلك الرؤية في جانب فصول الدمج في مدارس البنين المعلم يزيد العوكلي، حيث يشير لضعف الاستعداد في مراكز دمج ذوي الاحتياجات من البنين، عطفا على عدم تأهيل غالبية المدرسين في تلك الفصول بما يمكنهم من تدريس المناهج والتعامل مع كل المتطلبات، خاصة لدى ذوي الاحتياجات الخاصة باختلاف اعاقاتهم ونوع الأجهزة التي يستخدمها بعضهم، كالأجهزة المساعدة على السمع وغيرها.

ويستهدف الدمج فئتين، فئة موجودة في المدارس العادية تستفيد فعلا من برامجها التربوية، لكنها في حاجة إلى برامج التربية الخاصة كالموهوبين والمتفوقين، وفئة ذوي صعوبات التعلم والمعوقين جسديا وحركيا، وفئة ضعاف البصر والمضطربين سلوكيا وتواصليا. أما الفئة الثانية، فهي التي تتعلم تقليديا في تلك المعاهد الخاصة، وهي في حاجة إلى الاندماج التام مع أقرانها كفئة ضعاف السمع والمكفوفين.