اللون الاخضر اللون الازرق اللون الاحمر اللون البرتقالى
تغذية المنتدى صفحتنا على تويتر صفحتنا على الفيس بوك

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 5 من 14

الموضوع: أجـــزاء من رواية بــنــــات الــريـــاض لرجـــــــاء الصانع..

  1. Top | #1

    تاريخ التسجيل
    13 - 11 - 2005
    اللقب
    تربوي مبدع ومميز
    معدل المشاركات
    0.18
    الدولة
    نجد
    المشاركات
    1,216
    معدل تقييم المستوى
    20

    توضيح أجـــزاء من رواية بــنــــات الــريـــاض لرجـــــــاء الصانع..

    مقدمة

    ضجة تعمّ الأوساط المحلية، تقف وراءها فتاة مجهولة ترسل نهار كل جمعة (إيميلاً) إلى معظم مستخدمي الإنترنت في السعودية، يحمل في طياته أسرار صديقاتها اللواتي ينتمين إلى الطبقة المخملية، التي لا يعرف أخبارها عادة سوى من ينتمي إليها.
    تطل الكاتبة كل أسبوع بتطورات وأحداث شيّقة جعلت الجميع ينتظر يوم الجمعة بشغف كبير للحصول آخر التطورات.. وتنقلب الدوائر الحكومية *****تشفيات والجامعات والمدارس صباح كل سبت إلى ساحاتٍ لمناقشة أحداث (الإيميل) الأخير، والكلُّ يدلي بدلوه
    أياً تكن النتيجة، فمما لا شك فيه أن هذه الرسائل الغريبة قد قامت بخلق ثورة داخل مجتمعنا الذي لم يعتد مثل هذه الأمور، وعليه، فإنها ستظل مادة خصبة للمداولة والحوار مدة طويلة حتى بعد توقف (الإيميلات) عن الصدور...).
    الرواية عمل جريء ومختلف يفجر قضايا ومحاور في صلب ثقافتنا الاجتماعية بوعي وبمسؤولية واضحة.. كما أن الروائية تُعد طاقة شابة واعدة ستكون علامة مهمة في مشهدنا الثقافي متى ما حافظت على أسلوب وطريقة طرحها القادم.

    * ملامح عن رواية جديدة لروائية ناشئة قال عنها الدكتور غازي القصيبي:
    في عملها الروائي الأول، تُقدِم رجاء الصانع على مغامرة كبرى: تُزيح الستار العميق الذي يختفي خلفه عالم الفتيات المثير في الرياض.
    وعندما يزاح الستار ينجلي أمامنا المشهد بكل ما فيه من أشياء كثيرة، مضحكة ومبكية، بكل التفاصيل التي لا يعرفها مخلوق خارج هذا العالم الساحر المسحور.
    هذا عمل يستحق أن يُقرأ.. وهذه روائية أنتظر منها الكثير.

    هذه الرواية التي كما تطلق عليها كاتبتها الرواية الحلم, هذه الروايه التي نفذت من منافذ التوزيع بالعالم العربي ومنعت من التوزيع في المملكة لجراءتها, حتى عندما هُرّبت إلى المملكة ووزعت في إحدى المكتبات نفذت بسرعة لشدة الطلب عليها..
    هذه الرواية التي كتبت عنها كل الصحف السعودية والتي أجرت لقاءات مع كاتبتها.
    هذه الرواية التي استضاف كاتبتها برنامج الحدث في قناة lbc . وأيضا استضافتها في برنامج إيضاءات لتركي الدخيل على قناة العربية .

    هنا في منتديات شقــراء سيتي , سوف يتم نشر أجزاء من هذه الرواية بتفاصيلها المثيرة والشيقة..

    (فقط تابعونا)
    __________________


    * الجزء الأول *

    إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .
    سورة الرعد : 11
    سيداتي آنساتي سادتي .... أنتم على موعد مع أكبر الفضائح المحلية , وأصخب السهرات الشبابية .محدثتكم ؛ موا ؛ تنقلكم إلى عالم هو أقرب لكم منكم مما يصوره له الخيال . هو واقع نعيشه ولا نعيش فيه , نؤمن بما نستسيغ الإيمان به منه ونكفر بالباقي .

    لكل من هم فوق الثامنة عشرة , وفي بعض البلدان الحادية والعشرين , أما عندنا فبعد السادسة ( لا أعني السادسة عشرة ) للرجال وسن اليأس للفتيات . لكل من يجد في نفسه الجرأة الكافية لقراءة الحقيقة عارية على صفحات الانترنت , والمثابرة المطلوبة للحصول على تلك الحقيقة , مع الصبر اللازم لمسايرتي في هذه التجربة المجنونة . إلى كل من مل من قصص الحب الطرزاني , ولم يعد يرى أن الخير لونه أبيض والشر يرتدي الأسود . إلى من يعتقد بان 1 +1 قد لا يساوي اثنين , والى من فقد إيمانه بأن الكابتن ماجد سيسجل هدفي التعادل والفوز في آخر ثانيه من الحلقة إلى كل الساخطين والناقمين , الثائرين والغاضبين , ولكل من يرى أن الناس خيبتها السبت والحد , وإحنا خيبتنا ماوردتش على حد , إليكم رسائلي على تقدح الزناد , فينطلق التغيير ...

    هذه ليلتي , وقصة الأمس بطلاتها " منكم وفيكم " , فنحن من وإلى الصحراء نعود , وكما تنبت نجدنا الطالح والصالح , فمن بطلات قصتي من هي صالحه ومن هي طالحة – وهناك الاثنان في وقت واحد – و " استروا على ماوجهتم " ولأني قد بدأت في كتابة رسائلي تجرؤا دون مشاورة أي منهن , ولأن كل منهن تعيش تعيش حاليا تحت ظل " راجل " أو " حيطة " أو " راجل حيطة " أو وراء الشمس , فقد آثرت تحريف القليل من الأحداث مع تغيير الكثير من الأسماء , حفاظا على العيش والملح , بما لايتعارض مع صدق الرواية ولا يخفف من لذوعة الحقيقة . صحيح أنني مستبيعه و " لاانتظر شيئا , لاأخشى شيئا . لاآمل في شئ " على رأي نيكوس كازانتزاكيس , إلا أن حياة صمدت على الرغم من ماستقرؤن , لا أظن أن هدمها ببضعة رسائل بريدية " بالشئ المحرز "

    سأكتب عن صديقاتي
    فقصة كل واحدة

    أرى فيها , أرى ذاتي

    ومأساة كمأساتي

    سأكتب عن صديقاتي

    عن السجن الذي يمتص أعمار السجينات

    عن الزمن الذي أكلته أعمدة المجلات

    عن الأبواب لاتفتح

    عن الرغبات وهي بمهدها تذبح

    عن الزنزانة الكبرى

    وعن جدرانها السود

    وعن آلاف , آلاف الشهيدات
    دفن بغير أسماء

    بمقبرة التقاليد

    صديقاتي

    دمئ ملفوفة بالقطن, داخل متحف مغلق

    نقود صكها التاريخ , لاتهدى ولا تنفق

    مجاميع من الأسماك , في أحواضها تخنق

    وأوعية من البلور , مات فراشها الأزرق

    بلا خوف

    سأكتب عن صديقاتي

    عن الأغلال دامية بأقدام الجميلات

    عن الهذيان , والغثيان .... عن ليل الضراعات

    عن الأشواق تدفن في المخدات

    عن الدوران في اللاشئ

    عن موت الهنيهات

    صديقاتي

    رهائن تشترى وتباع في سوق الخرافات

    سبايا في حريم الشرق

    موتى غير أموات

    يعشن , يمتن , مثل الفطر في جوف الزجاجات

    صديقاتي طيور في مغائرها

    تموت , بغير أصوات


    صح لسانك يانزار ياقباني . رحمك الله ومي يور ريست إن بيس . صدق من لقبك بشاعر المرأة " ومن لايعجبه ذلك فليشرب من البحر " , ففي الحب لابعدك ولاقبلك كما تقول الأغنية المعروفة , ولو ان الفضل في تعاطفك لم يكن سببه طفرة جينية في كروموسوماتك الرجالية , وإنما انتحار أختك المسكينة بسبب الحب , " ويضرب الحب شو بيذل " فـ" يابخت " المرحومة بلقيس , ويا " قدر حظنا من بعدك ؛ أي بالتعاسة الحظ , وأظن التعبير النجدي مشتق من حيوان القدر لكثرة تنطيطه , والذي يشبه الحظ في عملية وقوفه وانبطاحه المستمرين , او هو من حشرة القراده كما يقول البعض . للأسف , يبدو أن المرأة لن تجد نزاراها إلا بعد أن " تخلص " على إحدى أخواته لتتحول بعدها قصة الحب الجميل من فيلم أبيض واسود إلى حب في الزنزانة , ويا قلبي لاتحزن
    نكشت شعري ولطخت شفتي بالحمر الصارخ وإلى جانبي صحن من رقائق البطاطس المرشوشة بالليمون والشطة كل شئ جاهز للفضيحة الأولى .

    * * *
    اتصلت مدام سوسن بسديم المختبئة مع قمره خلف الستار , لتخبرها ان شريط الزفة مازال عالقا , والمحاولات جاريه لإصلاحه :
    - ودخيلك قولي لقموره تهدي حالها ... ماصار شئ لساتون الناس مأربزين هون ماحدا فل , وبعدين كليات العرايس الكووول بيتاخروا شوي تيعملوا سسبنس

    قمره على وشك الانهيار , وصوت والدتها وأختها حصة اللتين تصرخان في وجه منظمة الحفل يأتي من آخر القاعة منبئا بفضيحة وليلة سوداء , وسديم مازالت إلى جانب صديقتها العروس ؛ تمسح عن جبينها قطرات العرق قبل أن تلتقي بالدموع التي تحبسها أطنان من الكحل داخل جفنيها .

    يملأ صوت محمد عبده المنبعث من جهاز التسجيل القاعة الضخمة , وتصل إشارة البدء من مدام سوسن إلى سديم , التي تلكز قمره بكوعها :

    - سرينا ..

    تنهي قمرها المسح بيديها على سائر جسدها بحركة سريعة بعد أن قرأت المعوذتين والإخلاص ثلاثا مخافة الحسد , وترفع طرف الفستان العلوي الذي ينحسر باستمرار عن نهديها الصغير ثم تبدأ بهبوط الدرجات الرخامية بأ بطا مما تدربت عليه مع زميلاتها بالبروفة مضيفة ثانيه سادسة على الثواني الخمس التي تفصل كل خطوه عن التي تليها . تذكر الله قبل كل خطوه وتدعوا ان لاتدوس سديم على ذيل الفستان فيسقط عنها , أو أن تدوس هي على الطرف الأمامي الطويل فتقع على وجهها كما يحدث في الأفلام الكوميدية . يختلف الأمر كثيرا عن البروفة , فحينها لم يكن هناك ألف مدعوة تحدقن في خطواتها وتحصين لفتاتها وابتساماتها , ولم تكن هناك مصوره تعمي عينيها بفلاشاتها , ومع تلك الإضاءة المزعجة والأعين المثبتة عليها , يصبح ال**** العائلي الضيق الذي طالما نفرت من فكرته , أروع حلم , في ليلة من كابوس طويل

    تسير سديم محنية الظهر خلف صديقتها خوفا من أن تظهر في الصور . تتابع العملية بتركيز شديد . تصلح وضع الطرحة المثبتة فوق رأس قمرة وتسحب لها ذيل الفستان بعد كل خطوة , ورادا رها يلتقط حورات على الموائد القريبة :

    - من تكون ؟
    - ما شاء لله ملح وقبله ؟
    - أخت العروس ؟
    - يقولون صديقتها من زمان .
    - يبدو لي أنها سنعه ودبره . من بداية العرس وهي تدور وتباشر .
    شايله العرس على راسها .
    - أحلى من العروس بكثير تصدقين أنا سمعت إن الرسول دعى للشينة ؟
    - عليه الصلاة والسلام . إيه والله , الشيون هم اللي سوقهم ماشي هالأيام . مهوب حنا , مالت على حظنا
    - فيها عرق ؟ بياضها بياض شوام مهوب بياضنا المشوهب
    - جدتها لأبوها سوريه .
    - سديم الحر ملي . خوالها مأخذين مننا . إذا ولدكم معزم جبت لكم الأخبار كلها .

    بلغها أن ثلاث قد سألن عنها منذ بداية العرس , وهاهي ذا تسمع الرابعة والخامسة بإذنها . كلما جاءت إحدى أخوات قمره لتخبرها بأن فلانة سألت عنها كانت ترد بحياء : " سألت عنها العافية " .. يبدو أن الفرج قد حان وان **** قمره سيفرط السبحة كما قالت لهم الخالة أم نوير , إن هي قد نفذت الخطة بدقه كما تفعل حتى الآن .
    سياسة ال " يالله يالله " بمد الياءين مد حركتين , أي الـ" بالكاد" هي أضمن الطرق في مجتمعنا المحافظ إلى خطبه سريعة حسب تعليمات ام نوير , " وبعدها استخفي مثل ماتبين ". في الأعراس والنزالات والزوارات وحفلات الاستقبال , حيث تلتقي النساء والعجائز منهن تحديدا – رأس المال وأمهات العيال ما تحلو للفتيات تسميتهن يجب أتباع هذه السياسة بحذافيرها : " يالله يالله تمشين , يالله يالله تتحركين , يالله يالله تبتسمين , يالله يالله ترقصين . الله الله بالعقل والثقل , لاتصيرين خفيفة الكلمة بحساب واللفته بحساب ... " ولانهاية للتعليمات .

    تتخذ العروس مكانها على المنصة الفخمة " الكوشة " , وتصعد إليها والدتها ووالدة عريسها لتباركا ال**** السعيد وتلتقطا بعض الصور التذكارية إلى جانبها قبل دخول الرجال .

    تبدو اللهجة الحجازية مميزه في مثل هذا العرس النجدي القح :

    - أجدادنا الفراعنة

    يطغى تأثير الجدة المصرية على لسان لميس وشخصيتها ... تهمس في أذن صديقتها ميشل وهما تتأملان المساحيق الكثيفة أللتي تغطي وجه صديقتهما قمره , وخاصة عينيها اللتين بدا بياضهما بلون الدم من كثرة الكحل أللذي تسرب داخلهما .
    ترد ميشيل بالانجليزية :

    - وير ذا هيل دد شئ قت ذس دريس فروم ؟
    - مكسينه ياقموره , ياريتها راحت للمشغل اللي خيطت عندو سدومه بدال هالعك اللي عاملتوا بنفسها ... شوفي فستان سديم اللي يشوفوا يفكر انو لإيلي صعب
    - اللي يسمعك اليوم يقول في واحدة من هالمعازيم عارفه انو فستاني لباجلي مشكا ماحدن درى عنك ماي دير نو بودي كان تل ذا دفرنس إلا القليل , وهذول بالذات ماتلاقينهم في عرس قروي زي هذا , وبعدين انتي شايفه كيف الميك اب حقها مره تو متش ؟ اذا هي سمراء ليش يحطون لها فاونديشن أبيض زي الطحين مخلينها طالعه زرقاء وفيه فرق واضح بين وجهها ورقبتها . يععع ... سو فالقر
    - الساعة حد عشر الساعة حد عشر
    - الساعة وحده ونص ياهبلة .
    - لا ياتنحه قصدي التفتي يسارك زي عقارب الساعه لما تكون على الحد عشر ... عمركوا ماتتعلموا أصول الحش المهم البنت هادي .... أما عليها " مواهب "
    - أي واحده فيهم ؟ الدفع الأمامي والآ الخلفي ؟
    - الخلفي ياحولة
    - تو منتش ... هاذي المروض يأخذون منها ويعطون قمره حقن من قدام ومن وراء زي الكولاجين
    - أحلى مواهب فينا حقه سديم . أحسوا إنو جسمها مره أنثوي ياليت عندي مواهب زيها من وراء .
    - صح شيز سو كير في بس يبغى لها تنحف شوي وتلعب رياضه مثلك ... أنا اللي الحمدلله مهما أكلت ما أسمن فمرتاحة .
    - والله يابختك ........ انا عايشه في مجاعة دائمة علشان جسمي يظل كدا .


    تلمح العروس صديقتيها على طاوله قريبه وهما تبتسمان وتلوحان لها وفي عيني كل منهما سؤال تحاول إخفاءه : " لم لست مكانها ؟؟" فتنتشي في تلك اللحظات الثمينة من حياتها وهي ترى أنها – وهي أقلهن تميزا كما كانت تعتقد دائما – أول من تزوجت بينهن .

    بدأت المدعوات بالصعود إلى المنصة أفواجا لتهنئة العروس بعد أن توقف التصوير , فصعدت كل من سديم وميشيل ولميس , وهمست كل منهن في أذن قمره وهي تحضنها وتقبلها :

    - قمر والله مشاء الله . تبارك الله . طول الزفة وأنا أذكر الله عليك ؟
    - مبروك حياتي .... مرة حلو شكلك . الفستان طالع عليك شئ خيالي
    - يالله تجنني يابت أيش الحلاوة هادي ؟ أحلى عروسه شفتها في حياتي



  2. Top | #2

    تاريخ التسجيل
    13 - 11 - 2005
    اللقب
    تربوي مبدع ومميز
    معدل المشاركات
    0.18
    الدولة
    نجد
    المشاركات
    1,216
    معدل تقييم المستوى
    20

    افتراضي

    --------------------------------------------------------------------------------

    تتسع ابتسامة قمرة وهي تستمع لمديح صديقاتها وترى الغيرة المخبأة في أعينهن . تقف الثلاث لالتقاط بعض الصور مع العروس السعيدة , وتجتهد سديم ولميس بالرقص حولها بينما تتفحصهما وميشيل أعين الخاطبات بتمعن . تتباهى لميس بطولها الفارع وجسمها الرشيق وهي ترقص بعيدا عن سديم التي حذرتها مسبقا من الرقص بجانبها حتى لايلاحظ الجميع قصر قامتها وعودها الريان الذي تتمنى لو تستطيع شفط بعض الدهون من أماكن معينه حتى تصل إلى مستوى رشاقة لميس أو ميشيل .

    يندفع الرجال فجأة كالسهام يتوسطهم العريس راشد التنبل , باتجاه منصة العروس , فتتزاحم النساء مبتعدات وكل واحدة تبحث معها أو مع من حولها عما تغطي به شعرها ووجها المكشوف من جسدها عن أنظار الرجال القادمين .

    عندما أصبح العريس ومن معه على بعد خطوات بسيطة منهن , رفعت لميس غطاء المفرش الذي يغطي الطاولة لتغطي به العاري من صدرها , وغطت توأمها تماظر ظهرها وشعرها بشال من لون الفستان , بينما ارتدت سديم عباءتها السوداء المزركشة الأطراف وطرحتها الحريرية التي اخفت بها النص السفلي من وجهها , أما ميشيل فقد ظلت على حالها وراحت تتفحص أوجه الرجال واحدا تلو الآخر غير عابثه بهمهمات النساء ونظراتهن الحارقة إليها .

    صعد راشد مع أبي العروس وخالها وإخوانها الأربعة إلى المنصة , وكل منهم يحاول لمح أكبر قدر ممكن من أوجه النساء اللواتي تركزت أنظارهن على الخال الأربعيني , الذي يشبه الأمير الشاعر خالد الفيصل إلى حد كبير .

    عندما وصل راشد إلى عروسه القمرة , مد يديه ليرفع الطرحة عن وجهها كما أشارت له والدته , ثم اتخذ مكانه إلى جانبها مفسحا المجال لبقية الرجال حتى يباركوا لهما زفافهما الميمون .
    تعالت أصوات صديقات العروس : ألف الصلاة والسلام عليك ياحبيب الله محمد ..

    وتوالت الغظاريف .
    انصرف الرجال بعد دقائق قليله , توجه بعدها العروسان نحو قاعة الطعام لقطع قالب الحلوى , تتبعهما المقربات من الحاضرات .
    هناك هتفت صديقات العروس بحماس " عاو زين بوسه عاو زين بوسة " فابتسمت ام راشد واحمر وجه ام قمرة , أما راشد فجحدهن بنظرة أسكتتهن في لحظه . لعنتهن قمرة في سرها لإحراجها أمامه بهذا الأسلوب , ولعنته أكثر لإحراجه إياها أمام صديقاتها بعدم تقبليها

    دمعت عينا سديم وهي ترى قمرتها وصديقة طفولتها تغادر قصر الاحتفالات مع زوجها إلى الفندق الذي سيقضيان فيه ليلتهما , ليسافرا في الغد لقضاء شهر العسل في أماكن مختلفة من إيطاليا , ينتقلان بعدها إلى الولايات المتحدة ليبدأ راشد في التحضير للدكتوراه .
    كانت قمرة القصمنجي أقرب إلى سديم من باقي فتيات الشلة الرباعية , بحكم دراستهما معا في مدرسة واحدة وفصل واحد منذ الصف الثاني الابتدائي , بينما لم تنظم إليهما مشاعل العبدالرحمن أو ميشيل كما يناديها الجميع إلا في السنة الثانية من المرحلة المتوسطة , بعد ان عادت مع أبويها ومشعل الصغير – ميشو – من أمريكا . انتقلت بعدها بسنه إلى مدرسه تعتمد على اللغة الإنجليزية في مناهجها كلغة أولى , لعدم إتقانها اللغة العربية التي تعد أساسيه في مدرسة قمرة وسديم . في مدرستها تعرفت على لميس جداوي ؛ الفتاة الحجازية التي تربت منذ طفولتها في الرياض , وأصبحت صديقتها المقربة , وصارت الفتيات الأربعة على اتصال دائم وعلاقة متينة , استمرت حتى بعد انتقالهن للجامعة .

    درست سديم إدارة الأعمال , واتجهت لميس نحو دراسة الطب , بينما اختارت ميشيل علوم الحاسب , اما قمرة المتخرجة من القسم الأدبي بينهن , فقد احتاجت لكثير من الواسطات حتى تم قبولها لدراسة قسم التاريخ , إلا أنها خطبت بعد بداية الدراسة بأسابيع قليلة , فقررت الانسحاب من الجامعة لتتفرغ لتجهيزات ال**** , خاصة وأنها ستنتقل بعد ال**** إلى أمريكا حيث يكمل زوجها دراساته العليا


    * * *

    قمرة على طرف السرير , في غرفتها بفندق جورجونيه في فينيسيا . تمسح فخذيها وقدميها بمزيج من الجليسرين والليمون أعدته لها والدتها , وقاعدتها الذهبية تملأ ذهنها : " لاتصيري سهلة ..." التمتع هو السر لإثارة شهوة الرجل . لم تسلم أختها الكبرى نفله نفسها لزوجها إلا في الليلة الرابعة , ومثلها أختها حصة , وهاهي ذي قمرة تحطم الرقم القياسي ببلوغها الليلة السابعة بعد ****ها دون أن يسمها راشد حتى الآن , مع أنها كانت على استعداد للتخلي عن نظريات والدتها بعد أول ليلة معه , عندما نزعت ثوب زفافها وارتدت قميص نومها السكري الذي ارتدته مرارا قبل ال**** في أيام الملكة أمام المرآة في غرفتها , مثيرة أعجاب والدتها التي تذكر الله خشية الحسد وهي تغمز بطرفها لقمرة التي يملؤها مديح والدتها بالثقة والغرور .حتى وإن علمت أنها تبالغ فيه .

    خرجت من الحمام في تلك الليلة لتجده نائما ومع أنها تكاد تجزم بأنة تظاهر بالنوم بعد أن التقت عيناهما للحظة خاطفة , إلا أنها صرفت عنها وساوس إبليس كما سمعتها أمها في أخر محادثه هاتفيه لهما , وكرست طاقاتها لجذبة إليها بعد أن أعلنت والدتها أن سياسة التمنع قد " جابت العيد"

    أصبحت والدتها أجراء في الحديث معها عن شؤون المرأة والرجل منذ عقد قرانها على راشد , بل إنها لم تكن تتكلم معها في أي من هذه المواضيع من قبل , تلقت قمرة دروسا مكثفة في العلاقات الزوجية من نفس المرأة التي كانت تقطع صفحات الروايات العاطفية التي كانت تستعيرها ابنتها من زميلاتها أيام الدراسة , وتمنعها من زيارة صديقاتها , فيما عدا سديم التي تعرف خالتها بدرية معرفة وثيقة من خلال " دائرات " نساء الحي قبل انتقال الخالة إلى المنطقة الشرقية .

    تؤمن أم قمرة بنظرية المرأة الزبدة والرجل الشمس , ولكن ذلك قد تغير فجأة بمجرد خطبة البنت . أصبحت قمرة تستمع إلى أحاديث والدتها عن " عملية ال**** " بلذة شاب يقدم له أباة سيجارة ليدخنها أمامه لأول مرة .

    --------------------------------------------------------------------------------

    من هي نوير ؟

    المرأة التي تعطي الغير حياتها , امرأة لم تجد رجلا تمنحه هذه الحياة

    توفيق الحكيم


    لمن تركو كل شئ ليسألوا عن ماركة أحمري الصارخ : الماركة جديدة وتدعى " دع اللقافة جانبا وتمتع بالقراءة".

    * * *

    بعد حفل زفاف قمرة بأسبوعين , تلقت خالة سديم الكبرى – الخالة بدرية – عددا من الاتصالات من امهات خاطبات يسألن عن ابنة الاخت الجميلة . استقصت الخالة عن المتقدمين بطرقها الخاصة واستبعدت من هو غير مناسب منهم حسب رأيها وقررت تخبر أبو سديم عن أهم الخاطبين فقط , وأن لم يتم النصيب فالباقون منتظرون,
    ولكن لاداعي لإخبار ابو سديم وسديم عن الكل مرة واحدة حتى لا " يكبر رأسهما "عليها وعلى أبنها وبناتها .

    وليد الشاري ؛ بكالوريوس هندسة الاتصالات , موظف في الدرجة السابعة , والدة عبد الله الشاري من كبار تجار العقار , خالة عبد الإله الشاري عقيد متقاعد وخالتة منيرة مديرة إحدى كبريات مدارس البنات الأهلية بالرياض .
    هذا ماذكرتة سديم لأم نوير وميشيل ولميس عند اجتماعها بهن في منزل جارتهن ام نوير .
    أم نوير سيدة كويتية تعمل مفتشة لمادة الرياضيات في الرئاسة العامة لتعليم البنات , وتعيش في المنزل الملاصق لمنزل أبي سديم . أنفصلت أم نوير عن زوجها السعودي , الذي تزوج من أخرى بعد مرور خمس عشر سنة من ****هما الذي تم عندما كانت زميلة له في جامعة الكويت , حيث انه كان من المقيمين في الكويت آنذاك لعمل والده في السفارة السعودية هناك .
    ليس لأم نوير من الأبناء سوى ولد واحد اسمه نوري , إلا أن لنوري ذا هذا حكاية غريبة , فمنذ أن بلغ الحادية عشرة أو الثانية عشرة وهو مفتون بثياب الفتيات وأحذية الفتيات ومساحيق التجميل والشعر الطويل .
    ذعرت والدتة كثيرا مع تطور الأمر وانسياقة نحو الظهور بمظهر الولد الناعم , حاولت ردعه بشتى الوسائل. أستخدمت معه اللين وانهالت عليه بالضرب مرات عديدة , إلا أن أبوة كان أكثر صرامة معه .
    لم يكن نوري يظهر نعومتة أمام والدة الذي يهابة كثيرا , إلا أن الأب الذي سمع من الجيران كلاما عن ابنة اشتاط له غضبافدخل على ابنه في حجرتة وانهال بالضرب بيدية ورجلية حتى اصيب الولد بكسور في القفص الصدري والأنف وإحدى الذراعين . ترك الأب المنزل بعد هذة الحادثة ليعيش مع زوجتة الثانية بشكل دائم مبتعدا عن هذ المنزل وهذا الولد "" الخـ ........... ) .
    بعد هذة الحادثة ,أوكلت أم نوري أمرها للة وقررت أن هذا ابتلاء من ربها لابد من الصبر علية . تحاشت هي ونوري إثارة الموضوع من جديد , وهكذا ظل نوري على حالة , واصبح الجميع ينعتونها بأم نوير , حتى بعد أنتقالها للسكن في المنزل المجاور لمنزل سديم قبل أربع سنوات من تاريخ تقدم وليد لخطبة سديم , بعد أن رفض نوير أقتراحها بالانتقال للعيش في الكويت .
    في بداية الأمر كان تأثر ام نوير شديدا بسبب نظرة المجتمع السطحية لمأساتها , لكنها مع مرور الوقت اعتادت الوضع وتقبلت ضروفها الصعبة بصبر ورضى , حتى انها أصبحت تدعو نفسها امام الناس بام نوير عمدا وهي تحاول إبات قوتها واستهتارها بنظرة المجتمع الظالمة لها .
    كانت ام نوري او نوير انذاك في التاسعة والثلاثين , وكانت سديم كثير ماتذهب لزيارتها أو تجتمع بصديقاتها في منزلها , فأم نوير عبارة عن منبع دائم للنكت والتعليقات اللاذعة , وهي من اطيب النساء اللواتي عرفتهن سديم في حياتها .

    علاوة على ذلك , فإن وفاة والدة سديم وهي لازالت في الثالثة من العمر مع كونها الابنة الوحيدة , كل ذلك جعلها تتقرب من ام نوير وتعتبرها أكثر من جارة وصديقة أكبر منها بسنوات . كانت سديم تعتبر ام نوير بمثابة ام لها .

    لطالما كانت ام نوير كاتمة اسرارهن . تشاركهن التفكير وتجود عليهن بالحلول إذا ماتعرضت إحداهن لمشكلة . كانت تتسلى كثيرا بوجودهن وكان منزلها دوما المكان الأنسب لممارسة الحرية التي يعجزن عن ممارستها في منزل أي منهن .

    مثلا في تلك الليلة هاتفت ميشيل صديقها فيصل وعرضت علية أن يمر لا صطحابها لتناول القهوه او الآيس كريم في أي مكان . كانت هي المرة الأولى التي تلتقي فيها ميشيل فيصل بعد أن قام ب "" ترقيمها "" في السوق . لم ترد ميشيل أن تخبرة بخطتها مسبقا حتى لايتمكن من الاستعداد للموعد وحتى تتمكن من رؤيتة بطبيعته . عندما خرجت لتركب معه في سيارته صدمت بأنة أوسم بكثير بالبنطال الجينز والتي شيرت واللحية غير المهذبة مما بدا عليه في السوق وهو يرتدي الثوب الأنيق والشماغ الفالنتينو . لاحظت أن لباسة هذا يبرز عضلات صدرة وساعدية بشكل جذاب جدا .
    اشترى فيصل كوبين من القهوه المثلجة له ولها وجال بها في سيارتة الفخمة في شوارع الرياض . أخذها إلى مكتب أبية وراح يشرح لها بعض مايكلف من أعمال , ثم ذهب بها إلى جامعته التي يلتقي فيها دروسة في الأدب الأنجليزي ودار بها في مواقف السيارات لبضع دقائق قبل أن يقوم شرطي بمنعة من التجول بسيارتة فوق أرض الجامعة في مثل هذه الساعة من الليل . بعد ساعتين أو أكثر بقليل أعاد فيصل ميشيل إلى منزل أم نوير بعد أن ادار لها راسها أكثر مما توقعت بكثير .



  3. Top | #3

    تاريخ التسجيل
    13 - 11 - 2005
    اللقب
    تربوي مبدع ومميز
    معدل المشاركات
    0.18
    الدولة
    نجد
    المشاركات
    1,216
    معدل تقييم المستوى
    20

    افتراضي

    --------------------------------------------------------------------------------

    ماذا فعل التنبل بقمرة في تلك الليلة ؟

    " ثقافتنا فقاقيع من الصابون والوحل.. فما زالت بداخلنا رواسب من أبي جهل .. وما زلنا نعيش بمنطق المفتاح والقفل .. نلف نساءنا بالقطن .. ندفنهن في الرمل.. ونملكهن كالسجاد .. كالأبقار في الحقل .. ونرجع آخر الليل نمارس حقنا الزوجي كالثيران والخيل .. نمارسه خلال دقائق خمسة بلا شوق ، ولا ذوق ولا ميل .. نمارسه كالآت تؤدي الفعل للفعل ونرقد بعدها موتى .. ونتركهن وسط النار .. وسط الطين والوحل .. قتيلات بلا قتل.. بنصف الدرب نتركهن .. يا لفظاظة الخيل "
    نزار قباني

    أكاد أسمع سباب الرجال من القراء ولعنهم إياي بعد هذه القصيدة . أرجو أن تفهموها كما أريدكم أن تفهموها ، وكما أظن نزاراً قد أراد لكم أن تفهموها .

    ** بعد انقضاء شهر العسل ، توجهت قمرة مع عريسها إلى شيكاغو ، التي اختارها ليبدأ فيها تحضيره للدكتوراة في التجارة الإلكترونية ، بعد أن حصل على درجة البكالوريوس في لوس آنجلس ، والماجستير في إنديانابوليس.
    تبدأ قمرة حياتها الجديدة بكثير من الخوف والتوجس . كانت تموت رعباً كلما ركبت المصعد لتصل إلى الشقة التي يسكنانها في الطابق الأربعين من البريزيدينشال تاورز . تشعر بالضغط يمزق رأسها ويسد أذنيها كلما ارتفع المصعد طابقاً من طوابق ناطحة السحاب الشاهقة ، وكانت تصاب بدوار في كل مرة تحاول أن تطل فيها من إحدى نوافذ شقتها . كل شيء يبدو ضئيلاً في الأٍفل البعيد جداً .
    كانت تنظر إلى شوارع المدينة فتبدو لها كشوارع ألعاب الليغو التي كانت تلعب بها أيام طفولتها ، بسياراتها الصغيرة التي لا يتجاوز حجمها حجم علبة الكبريت ، بل أن صفوق السيارات من ذلك العلو تبدو كصفوف النلم في صغرها وتراصها .
    كانت تخاف من المتسولين السكارى الذين يملؤون الشوارع ويهزون علبهم المعدنية في وجهها طلباً للنقود ، وتخشى قصص السرقة والقتل التي تسمع عنها في تلك الولاية الخرطة ، وتخاف من حارس العمارة الأسود الضخم الذي يتجاهلها كلما حاولت لفت انتباهه بانجليزيتها الركيكة لحاجتها إلى سيارة أجرة .

    كان راشد منشغلاً منذ وصوله بالجامعة والبحث . كان يخرج من الشقة في السابعة صباحاً ليعود في الثامنة أو التاسعة وأحياناً في العاشرة مساء ، وفي عطل نهاية الأسبوع كان يحاول إشغال نفسه عنها بأي شيء ، كالجلوس لساعات على الإنترنت أو مشاهدة التلفاز كان كثيراً ما ينام على الأريكة أثناء متابعته لمباراة بيسبول مملة أو لأخبار السي إن إن ، وأما إذا ذهب للنوم في سريرهما ، فإنه يذهب بسرواله الداخلي الأبيض الطويل وفنيلته القطنية الذي لا يرتدي سواهما أثناء تواجده معها في الشقة ، ليلقي بنفسه على السرير كعجوز خائر القوى لا كعريس جديد .

    كانت قمرة تحلم بالكثير ، كثير من الملاطفة وكثير من الحب وكثير من الحنان والعواطف كالتي تدغدغ قلبها عند قراءة الروايات العاطفية أن مشاهدة الأفلام الرومانسية وها هي تجد نفسها أمام زوج لا يشعر بانجذاب نحوها ، بل أنه لم يلمسها منذ تلك الليلة المشؤومة في روما .
    بعد أن تناولا العشاء في مطعم الفندق الراقي ، قررت قمرة بحزم أن تلك الليلة ستكون ليلة دخلتها التي طال انتظارها . ما دام زوجها خجولاً فلا بأس من أن تساعده وتمهد له الطريق كما نصحتها أمها . صعدا إلى غرفتهما وبدأت تلاطفه على استحياء ، بعد دقائق من المداعبة البريئة صار هو المتحكم بزمام الأمور ، استسلمت هي رغم ارتباكها وتوترها الشديدين وأغمضت عينيها بانتظار ما تتوقع حدوثه ، وإذا به يفاجئها بفعل لم يخطر لها على بال

    كانت ردة فعلها المفاجئة له ولها في حينها أن صفعته بقوة التقت العيون في لحظة رهيبة كانت عيناها مليئتين بالخوف والذهول ، وكانت عيناه مليئتين بغضب لم تر مثله من قبل . ا
    بتعد عنها بسرعة وارتدى ثيابه على عجل وغادر الغرفة وسط دموعها واعتذاراتها ، ولم تره إلا في مساء اليوم التالي عندما قدم على مضض لاصطحابها للمطار ليستقلا الطائرة المتوجهة لواشنطن ، ثم أخرى باتجاه شيكاغو .

    --------------------------------------------------------------------------------

    الجزء الخامس


    وليد وسديم : قصة من الأدب السعودي المعاصر يعتقد الرجل أنه بلغ غايته إذا استسلمت المرأة له ، بينما تعتقد المرأة أنها لا تبلغ غايتها إلا إذا شعرت أن الرجل قد قدّر ما قدمته له . أنوريه دي بلزاك كتبوا لي قائلين : لست مخولة للحديث بلسان فتيات نجد . إنك مجرد حاقدة تحاول تشويه صورة المرأة في المجتمع السعودي . ما زلنا في البداية يا أحباب . إذا بدأتم الحرب علي في الإيميل الخامس ، فماذا ستقولون عني بعد قراءة الإيميلات القادمة ؟ جايكم خير

    دخلت سديم مع أبيها على وليد الشاري في غرفة الضيوف ، وقدماها بالكاد تحملانها من شدة ارتباكها . لم تصافحه اقتداء بقمرة التي أخبرتها عند خطبتها أن أمها نبهتها ألا تمد يدها لراشد إذا ما دخلت عليه في وقت الشوفة (الرؤية الشرعية) . وقف لها وليد احتراماً واتخذ مقعده بعد جلوسها هي وأبيها ، الذي راح يسأله عن أمور متنوعة لم تستطع التركيز فيها . بعد مرور بضعة دقائق خرج والدها من الغرفة مفسحاً المجال لهما للحديث والتعارف بحرية . لاحظت سديم إعجاب وليد بجمالها من خلال نظراته لها عند دخولها عليه . رغم أنها لم ترفع رأسها طويلاً لكنها لمحته وهو يتفحص قوامها حتى كادت تتعثر في مشيتها . شيئاً فشيئاً استطاعت سديم أن تسطير على ارتباكها وتتغلب على خجلها بمساعدته . سألها عن دراستها وتخصصها في الجامعة وعن خططها المستقبلية وهواياتها وصولاً إلى منطقة السؤال المحرمة ، المطبخ سألها : وأنتِ ما تبغين تقولين لي شيء ؟ تسأليني عن شيء ؟ أجابت بعد تفكير : أبغي أقول لك إني ألبس نظارات . ضحك من اعترافها وضحكت معه . بعد قليل قال لها وهو يحاول استفزازها : - على فكرة سديم ، ترى وظيفتي فيها سفرات كثيرة للخارج .. - ردت عليه سديم بسرعة وهي ترفع أحد حاجبيها بغنج : - ما هي مشكلة . أنا أحب السفر أعجب بفطنتها وردودها الشقية ، وطأطأت هي رأسها وقد احمر وجهها بشدة . أحست بأنها بحاجة لفرملة لسانها بعد ذلك وإلا فإن العريس سوف يهرب من طول لسانها أنقذها دخول والدها بعد دقائق قليلة فاستأذنت منصرفة بسرعة بعد أن منحته ابتسامة عريضة ومنحها ابتسامة أعرض فخرجت من الصالة وفي قلبها عصافير تزقزق. بدا لها وليد وسيماً ، مع أنه ليس من النوع المفضل لديها من الرجال ، فهي تحب اللون المائل للسمرة وهو أبيض مشرب بحمرة . شاربه الخفيف مع السكسوكة وتلك النظارة ذات الإطار الفضي الصغير كانت تضيف إلى وجهه الكثير من الجاذبية . طلب وليد من أبيها بعد انصرافها أن يسمح له بمهاتفتها للتعرف عليها أكثر قبل إعلان الملكة ، فوافق الأب وأعطاه رقم هاتفها الجوال . اتصل بها وليد في وقت متأخر من تلك الليلة . ردت عليه بعد تردد . عبر لها عن مدى إعجابه بها . كان يتحدث قليلاً ثم يصمت وكأنه ينتظر منها تعليقاً على ما يقول . قالت له أنها سعدت بالتعرف إليه ولم تزد بأخبرها أنه قد فتن بها وأنه لن يطيق الانتظار حتى عيد الفطر ليعقدا قرانهما . توالت اتصالات وليد بها بعد ذلك . كان يهاتفها عشرات المرات كل يوم، أولهن عند استيقاظه من النوم في الصباح وقبل توجهه لعمله ، وآخرهن مكالمة مطولة قبل النوم تمتد حتى بزوغ الشمس أحياناً . كان يوقظها من نومها ليسمعها أغنية أهداها إياها عبر الإذاعة ، وكان يطلب منها كل يوم أن تختار له نظارة أو ساعة أو عطراً من محال مختلفة ليقوم بشرائها فيما بعد حتى يكون كل ما يرتديه على ذوقها . أصبح حب وليد لسديم مثار حسد بقية الفتيات ، خاصة قمرة التي كانت تتحسر على نفسها عندما تصف لها سديم في مكالماتها مدى تعلقها بوليد وتعلق وليد بها ، فتبدأ قمرة باختلاق الأكاذيب عن حياتها السعيدة مع راشد ، وعما يفعله راشد وما ي***ه لها راشد حتى لا تشعر بالنقص أمام صديقاتها . تم عقد القران ، وبكت خالة سديم كثيراً وهي تتذكر أختها أم سديم رحمها الله التي ماتت وهي في عز شبابها ولم تفرح بابنتها الجميلة ، وبكت ولدها البكر طارق الذي كانت تتمنى أن تكون سديم من نصيبه . أجبرت سديم على أن تبصم في الدفتر الضخم ، بعدما جوبه احتجاجها على عدم السماح لها بالتوقيع بالإهمال . قالت لها خالتها : ( يا بنيتي ابصمي وبس . ال*** يقول تبصم ما توقع . الرجال بس هم اللي يوقعون ). بعد عقد القران أقام والدها مأدبة عشاء دعي إليها أقاربه وأقارب العريس ، وفي مساء اليوم التالي جاء وليد ليرى عروسه التي لم يرها منذ الرؤية الشرعية . قدم لها في تلك الزيارة الهدية المتعارف عليها في فترة الملكة : هاتف جوال من أحدث الموديلات في السوق . في الأسابيع التالية كثرت زيارات وليد لسديم ، معظمها كان يتم بعلم والدها وقليل منها دون علمه . كان عادة ما يأتي لزيارتها بعد صلاة العشاء ولا ينصرف قبل الساعة الثانية صباحاً ، أما في عطلة نهاية الأسبوع فقد كانت الزيارة تمتد حتى ساعات الصباح الأولى . كان يدعوها مرة كل أسبوعين على العشاء في مطعم فخم ، أما في باقي الأماسي فقد كان ي*** معه طعاماً أو حلويات تحبها . كانا يقضيان الوقت في الحديث والضحك أو في مشاهدة فيلم استعاره من أصدقائه أو استعارته هي من صديقاتها ، ثم بدأت الأمور تتطور حتى ذاقت طعم القبلة الأولى . كان معتاداً على تقبيل وجنتيها كلما قدم لزيارتها أو أراد توديعها ، إلا أن وداعه لها تلك الليلة كان أشد سخونة من ذي قبل . ربما كان للفيلم الذي شاهداه معاً دوراً في خلق الجو المناسب حتى يطبع على شفتيها العذراوين قبلة طويلة . بدأت سديم استعداداتها للزفاف ، وكانت تطوف المحلات مع أم نوير أن ميشيل أو لميس . كان وليد يرافقها في بعض الأحيان ، خاصة إن كانت تنوي شراء ثياب للنوم . تحدد موعد الزفاف بعد انتهاء امتحانات آخر السنة ، وذلك بناء على رغبة سديم التي خشيت أن تتزوج في عطلة الحج فلا تتمكن من الاستعداد بشكل جيد للامتحانات النهائية ، وهي الحريصة دوماً على التفوق في دراستها . أثار قرارها استياء وليد الذي كان متلهفاً على ال**** بأسرع وقت ، فقررت أن تراضيه . ارتدت في تلك الليلة قميص النوم الأسود الشفاف الذي اشتراه لها ورفضت أن ترتديه أمامه يومها ، ودعته للسهر في بيتها دون علم والدها الذي كان يقضي الليلة مخيماً في البر مع أصدقائه . الورد الأحمر الذي نثرته على الأريكة ، والشموع المنتشرة هنا وهناك ، والموسيقى الخافتة التي تنبعث من جهاز التسجيل المخفي ، كلها أمور لم تثر انتباه وليد كما أثاره القميص الأسود الذي يكشف من جسمها أكثر مما يخفي ، وبما أن سديم كانت قد نذرت نفسها تلك الليلة لاسترضاء حبيبها وليد فقد سمحت له بالتمادي معها حتى تزيل ما قلبه من ضيق تجاه تأجيلها لزفافهما . لم تحاول صده كما اعتادت أن تفعل من قبل إذا ما حول تجاوز الخطوط الحمراء التي كانت قد حددتها لنفسها وله في بداية أيامهما بعد عقد القران كانت قد وضعت في ذهنها أنها لن تنال رضاه الكامل حتى تعرض عليه المزيد من (أنوثنته) ، ولا مانع من ذلك في سبيل إرضاء وليد ****** . من أجل عين تكرم مدينة. انصرف وليد بعد أذان الفجر كعادته ، إلا أنه بدا مشتتاً وحائراً على غير العادة. اعتقدت أنه يشعر بالتوتر مثلها بعدما حصل . انتظرت سديم اتصاله المعتاد بعد وصوله إلى منزله ، خاصة وأنها بحاجة ماسة لرقته وحديثه بعد ليلة كهذه ، لكنه لم يتصل . لم تسمح سديم لنفسها بالاتصال به وانتظرت حتى الغد ولكنه لم يتصل أيضاً . قررت على مضض أن تمهله بضعة ألأيام حتى يهدأ ثم تتصل هي لتستفسر عما به . مرت ثلاثة أيام وسديم (ما جاها خبر ) . تخلت عن ثباتها واتصلت به لتجد هاتفه النقال مقفلاً ثابرت على الاتصال به على مدار الأسبوع وفي أوقات مختلفة علها تنجح في الوصول إليه ولكن هاتفه النقال ظل مقفلاً وخط غرفته الثابت مشغول باستمرار ما الذي يجري ؟ هل أصابه مكروه ؟ هل ما زال غاضباً منها إلى هذا الحد حتى بعد كل محاولاتها لاسترضائه ؟ ماذا عن كل ما منحته إياه في تلك الليلة ؟ هل أخطأت بأن سلمته نفسها قبل ال**** ؟ ويلاه جُن وليد ؟؟ أيعقل أن يكون هذا ما دفعه للتهرب منها منذ ذلك اليوم ؟ ولكن لماذا ؟ أليس زوجها شرعاً منذ عقد القران ؟ أم أن ال**** هو القاعة الضخمة والمدعوات والمطربة والعشاء ؟؟ ما هو ال**** ؟ وهل ما فعلته يستحق أن يعاقبها عليه ؟ ألم يكن هو البادئ بالفعل ؟ ألم يكن هو الطرف الأقوى ؟ لِمَ أجبرها على ارتكاب الخطأ ثم تخلى عنها بعده ؟ من منهما المخطئ ؟ وهل ما حدث خطأ في الأصل ؟؟ هل كان يمتحنها ؟ وإذا كانت قد فشلت في الامتحان ، فهل يعني ذلك أنها لا تستحقه ؟ لا بد وأنه ظن أنها فتاة سهلة ولكن ما هذا الغباء ؟ أليست زوجه وحلاله ؟ ألم تبصم ذلك اليوم في الدفتر الضخم إلى جانب توقيعه ؟ ألم يكن هناك قبول وإيجاب وشهود وإشهار ؟ أم أن كل ذلك لا يعني أنها أصبحت زوجه شرعاً دون حفل الزفاف ؟. لم يخبرها أحد عن ذلك من قبل . هل سيحاسبها وليد على ما تجهل ؟ لو أن والدتها كانت على قيد الحياة لتحذرها وتوجهها كما كانت تفعل خالتها أم قمرة مع ابنتها لما حدث ما حدث ، ثم أنها سمعت قصصاً كثيرة عن فتيات قمن بمثل ما قامت به مع وليد وأكثر في فترة المِلكة وقبل الزفاف حتى أنها سمعت عن كثيرات ينجبن أطفالاً مكتملي النمو بعد العرس بسبعة أشهر فلا يكترث سوى قلة ممن يلاحظون مثل هذه الأمور **0 فأين الخطأ؟. من يرسم لها الخط الدقيق الفاصل بين ما يصح فعله وما لا يصح ؟ وهل الخط الفاصل في الدين هو نفس الخط المرسوم في عقل الشاب النجدي ؟ كان وليد يلومها كلما حاولت صده بقوله أنها زوجته على سنة الله ورسوله ، وكانت خالتها وأم نوير يحذرانها من مجاراته لأنها ما تزال خطيبته فقط فم تصدق ؟ من يشرح لها سيكولوجية الشاب السعودي حتى تتمكن من الفهم هل اعتقد وليد أنها فتاة (مجربة) ؟؟ هل كان يفضل أن تصده ؟؟ هي لم تفعل أكثر من التجاوب معه بالطريقة التي تراها على شاشة التلفاز أو تسمعها من صديقاتها المتزوجات أو المجربات ، وقام هو بالبقية فما ذنبها إن هي قبلت بمجاراته وعرفت كيف تتصرف معه في موقف كهذا ؟ لم تكن المسألة بحاجة إلى كيمياء وفيزياء فما هذا الغباء الزفتي الذي يسفلت عقل وليد ؟؟؟ اتصلت بأمه فأخبروها أنها نائمة . تركت اسمها للخادمة وطلبت منها أن تخبر سيدتها أنها اتصلت بها ، وانتظرت اتصالاً من أم وليد فلم تحصل عليه ** هل تخبر أهلها ؟ هل تخبر والدها عما تم في تلك الليلة السوداء ؟ كيف ستخبره ؟ وماذا تخبره ؟ وإن سكتت ، هل ستسكت حتى موعد العرس ؟ وماذا سيقول الناس يومها ؟ العريس طفش ؟ لا لا يمكن أن يكون وليد على القدر من اللؤم لا بد وأنه في غيبوبة في أحدى المستشفيات . أن يرقد في المستشفى أهون عليها ألف مرة من أن يتهرب منها بهذا الشكل ظلت سديم في حيرة من أخرها ، نتنظر زيارة من وليد أو اتصالاً . تحلم بأن يأتيها راكعاً طالباً الصفح . لكنه لا يأتي ولا يتصل سألها أبوها فلم تجب ، وإنما أتته الإجابة من وليد : ورقة طلاق حاول الأب أن يفهم من ابنته سر هذه المفاجأة التعيسة فانهارت باكية بين يديه ولم تفصح له عن شيء . ذهب غاضباً لوالد وليد الذي نفى علمه بأي شيء وأخبره بأنه متفاجئ مثله بما حدث كل ما قاله وليد لأبيه أنه اكتشف عدم راحته لعروسه ففضل فسخ العقد الآن قبل أن يتم العرس ويدخل بها . كتمت سديم سرها عن الجميع ، وظلت تلعق جراحها بصمت حتى جاءت الصدمة الثانية : رسوبها في أكثر من نصف المواد في عامها الجامعي الأول
    --------------------------------------------------------------------------------



  4. Top | #4

    تاريخ التسجيل
    13 - 11 - 2005
    اللقب
    تربوي مبدع ومميز
    معدل المشاركات
    0.18
    الدولة
    نجد
    المشاركات
    1,216
    معدل تقييم المستوى
    20

    افتراضي

    --------------------------------------------------------------------------------

    ماذا فعل التنبل بقمرة في تلك الليلة ؟

    " ثقافتنا فقاقيع من الصابون والوحل.. فما زالت بداخلنا رواسب من أبي جهل .. وما زلنا نعيش بمنطق المفتاح والقفل .. نلف نساءنا بالقطن .. ندفنهن في الرمل.. ونملكهن كالسجاد .. كالأبقار في الحقل .. ونرجع آخر الليل نمارس حقنا الزوجي كالثيران والخيل .. نمارسه خلال دقائق خمسة بلا شوق ، ولا ذوق ولا ميل .. نمارسه كالآت تؤدي الفعل للفعل ونرقد بعدها موتى .. ونتركهن وسط النار .. وسط الطين والوحل .. قتيلات بلا قتل.. بنصف الدرب نتركهن .. يا لفظاظة الخيل "
    نزار قباني

    أكاد أسمع سباب الرجال من القراء ولعنهم إياي بعد هذه القصيدة . أرجو أن تفهموها كما أريدكم أن تفهموها ، وكما أظن نزاراً قد أراد لكم أن تفهموها .

    ** بعد انقضاء شهر العسل ، توجهت قمرة مع عريسها إلى شيكاغو ، التي اختارها ليبدأ فيها تحضيره للدكتوراة في التجارة الإلكترونية ، بعد أن حصل على درجة البكالوريوس في لوس آنجلس ، والماجستير في إنديانابوليس.
    تبدأ قمرة حياتها الجديدة بكثير من الخوف والتوجس . كانت تموت رعباً كلما ركبت المصعد لتصل إلى الشقة التي يسكنانها في الطابق الأربعين من البريزيدينشال تاورز . تشعر بالضغط يمزق رأسها ويسد أذنيها كلما ارتفع المصعد طابقاً من طوابق ناطحة السحاب الشاهقة ، وكانت تصاب بدوار في كل مرة تحاول أن تطل فيها من إحدى نوافذ شقتها . كل شيء يبدو ضئيلاً في الأٍفل البعيد جداً .
    كانت تنظر إلى شوارع المدينة فتبدو لها كشوارع ألعاب الليغو التي كانت تلعب بها أيام طفولتها ، بسياراتها الصغيرة التي لا يتجاوز حجمها حجم علبة الكبريت ، بل أن صفوق السيارات من ذلك العلو تبدو كصفوف النلم في صغرها وتراصها .
    كانت تخاف من المتسولين السكارى الذين يملؤون الشوارع ويهزون علبهم المعدنية في وجهها طلباً للنقود ، وتخشى قصص السرقة والقتل التي تسمع عنها في تلك الولاية الخرطة ، وتخاف من حارس العمارة الأسود الضخم الذي يتجاهلها كلما حاولت لفت انتباهه بانجليزيتها الركيكة لحاجتها إلى سيارة أجرة .

    كان راشد منشغلاً منذ وصوله بالجامعة والبحث . كان يخرج من الشقة في السابعة صباحاً ليعود في الثامنة أو التاسعة وأحياناً في العاشرة مساء ، وفي عطل نهاية الأسبوع كان يحاول إشغال نفسه عنها بأي شيء ، كالجلوس لساعات على الإنترنت أو مشاهدة التلفاز كان كثيراً ما ينام على الأريكة أثناء متابعته لمباراة بيسبول مملة أو لأخبار السي إن إن ، وأما إذا ذهب للنوم في سريرهما ، فإنه يذهب بسرواله الداخلي الأبيض الطويل وفنيلته القطنية الذي لا يرتدي سواهما أثناء تواجده معها في الشقة ، ليلقي بنفسه على السرير كعجوز خائر القوى لا كعريس جديد .

    كانت قمرة تحلم بالكثير ، كثير من الملاطفة وكثير من الحب وكثير من الحنان والعواطف كالتي تدغدغ قلبها عند قراءة الروايات العاطفية أن مشاهدة الأفلام الرومانسية وها هي تجد نفسها أمام زوج لا يشعر بانجذاب نحوها ، بل أنه لم يلمسها منذ تلك الليلة المشؤومة في روما .
    بعد أن تناولا العشاء في مطعم الفندق الراقي ، قررت قمرة بحزم أن تلك الليلة ستكون ليلة دخلتها التي طال انتظارها . ما دام زوجها خجولاً فلا بأس من أن تساعده وتمهد له الطريق كما نصحتها أمها . صعدا إلى غرفتهما وبدأت تلاطفه على استحياء ، بعد دقائق من المداعبة البريئة صار هو المتحكم بزمام الأمور ، استسلمت هي رغم ارتباكها وتوترها الشديدين وأغمضت عينيها بانتظار ما تتوقع حدوثه ، وإذا به يفاجئها بفعل لم يخطر لها على بال

    كانت ردة فعلها المفاجئة له ولها في حينها أن صفعته بقوة التقت العيون في لحظة رهيبة كانت عيناها مليئتين بالخوف والذهول ، وكانت عيناه مليئتين بغضب لم تر مثله من قبل . ا
    بتعد عنها بسرعة وارتدى ثيابه على عجل وغادر الغرفة وسط دموعها واعتذاراتها ، ولم تره إلا في مساء اليوم التالي عندما قدم على مضض لاصطحابها للمطار ليستقلا الطائرة المتوجهة لواشنطن ، ثم أخرى باتجاه شيكاغو .

    --------------------------------------------------------------------------------

    الجزء الخامس


    وليد وسديم : قصة من الأدب السعودي المعاصر يعتقد الرجل أنه بلغ غايته إذا استسلمت المرأة له ، بينما تعتقد المرأة أنها لا تبلغ غايتها إلا إذا شعرت أن الرجل قد قدّر ما قدمته له . أنوريه دي بلزاك كتبوا لي قائلين : لست مخولة للحديث بلسان فتيات نجد . إنك مجرد حاقدة تحاول تشويه صورة المرأة في المجتمع السعودي . ما زلنا في البداية يا أحباب . إذا بدأتم الحرب علي في الإيميل الخامس ، فماذا ستقولون عني بعد قراءة الإيميلات القادمة ؟ جايكم خير

    دخلت سديم مع أبيها على وليد الشاري في غرفة الضيوف ، وقدماها بالكاد تحملانها من شدة ارتباكها . لم تصافحه اقتداء بقمرة التي أخبرتها عند خطبتها أن أمها نبهتها ألا تمد يدها لراشد إذا ما دخلت عليه في وقت الشوفة (الرؤية الشرعية) . وقف لها وليد احتراماً واتخذ مقعده بعد جلوسها هي وأبيها ، الذي راح يسأله عن أمور متنوعة لم تستطع التركيز فيها . بعد مرور بضعة دقائق خرج والدها من الغرفة مفسحاً المجال لهما للحديث والتعارف بحرية . لاحظت سديم إعجاب وليد بجمالها من خلال نظراته لها عند دخولها عليه . رغم أنها لم ترفع رأسها طويلاً لكنها لمحته وهو يتفحص قوامها حتى كادت تتعثر في مشيتها . شيئاً فشيئاً استطاعت سديم أن تسطير على ارتباكها وتتغلب على خجلها بمساعدته . سألها عن دراستها وتخصصها في الجامعة وعن خططها المستقبلية وهواياتها وصولاً إلى منطقة السؤال المحرمة ، المطبخ سألها : وأنتِ ما تبغين تقولين لي شيء ؟ تسأليني عن شيء ؟ أجابت بعد تفكير : أبغي أقول لك إني ألبس نظارات . ضحك من اعترافها وضحكت معه . بعد قليل قال لها وهو يحاول استفزازها : - على فكرة سديم ، ترى وظيفتي فيها سفرات كثيرة للخارج .. - ردت عليه سديم بسرعة وهي ترفع أحد حاجبيها بغنج : - ما هي مشكلة . أنا أحب السفر أعجب بفطنتها وردودها الشقية ، وطأطأت هي رأسها وقد احمر وجهها بشدة . أحست بأنها بحاجة لفرملة لسانها بعد ذلك وإلا فإن العريس سوف يهرب من طول لسانها أنقذها دخول والدها بعد دقائق قليلة فاستأذنت منصرفة بسرعة بعد أن منحته ابتسامة عريضة ومنحها ابتسامة أعرض فخرجت من الصالة وفي قلبها عصافير تزقزق. بدا لها وليد وسيماً ، مع أنه ليس من النوع المفضل لديها من الرجال ، فهي تحب اللون المائل للسمرة وهو أبيض مشرب بحمرة . شاربه الخفيف مع السكسوكة وتلك النظارة ذات الإطار الفضي الصغير كانت تضيف إلى وجهه الكثير من الجاذبية . طلب وليد من أبيها بعد انصرافها أن يسمح له بمهاتفتها للتعرف عليها أكثر قبل إعلان الملكة ، فوافق الأب وأعطاه رقم هاتفها الجوال . اتصل بها وليد في وقت متأخر من تلك الليلة . ردت عليه بعد تردد . عبر لها عن مدى إعجابه بها . كان يتحدث قليلاً ثم يصمت وكأنه ينتظر منها تعليقاً على ما يقول . قالت له أنها سعدت بالتعرف إليه ولم تزد بأخبرها أنه قد فتن بها وأنه لن يطيق الانتظار حتى عيد الفطر ليعقدا قرانهما . توالت اتصالات وليد بها بعد ذلك . كان يهاتفها عشرات المرات كل يوم، أولهن عند استيقاظه من النوم في الصباح وقبل توجهه لعمله ، وآخرهن مكالمة مطولة قبل النوم تمتد حتى بزوغ الشمس أحياناً . كان يوقظها من نومها ليسمعها أغنية أهداها إياها عبر الإذاعة ، وكان يطلب منها كل يوم أن تختار له نظارة أو ساعة أو عطراً من محال مختلفة ليقوم بشرائها فيما بعد حتى يكون كل ما يرتديه على ذوقها . أصبح حب وليد لسديم مثار حسد بقية الفتيات ، خاصة قمرة التي كانت تتحسر على نفسها عندما تصف لها سديم في مكالماتها مدى تعلقها بوليد وتعلق وليد بها ، فتبدأ قمرة باختلاق الأكاذيب عن حياتها السعيدة مع راشد ، وعما يفعله راشد وما ي***ه لها راشد حتى لا تشعر بالنقص أمام صديقاتها . تم عقد القران ، وبكت خالة سديم كثيراً وهي تتذكر أختها أم سديم رحمها الله التي ماتت وهي في عز شبابها ولم تفرح بابنتها الجميلة ، وبكت ولدها البكر طارق الذي كانت تتمنى أن تكون سديم من نصيبه . أجبرت سديم على أن تبصم في الدفتر الضخم ، بعدما جوبه احتجاجها على عدم السماح لها بالتوقيع بالإهمال . قالت لها خالتها : ( يا بنيتي ابصمي وبس . ال*** يقول تبصم ما توقع . الرجال بس هم اللي يوقعون ). بعد عقد القران أقام والدها مأدبة عشاء دعي إليها أقاربه وأقارب العريس ، وفي مساء اليوم التالي جاء وليد ليرى عروسه التي لم يرها منذ الرؤية الشرعية . قدم لها في تلك الزيارة الهدية المتعارف عليها في فترة الملكة : هاتف جوال من أحدث الموديلات في السوق . في الأسابيع التالية كثرت زيارات وليد لسديم ، معظمها كان يتم بعلم والدها وقليل منها دون علمه . كان عادة ما يأتي لزيارتها بعد صلاة العشاء ولا ينصرف قبل الساعة الثانية صباحاً ، أما في عطلة نهاية الأسبوع فقد كانت الزيارة تمتد حتى ساعات الصباح الأولى . كان يدعوها مرة كل أسبوعين على العشاء في مطعم فخم ، أما في باقي الأماسي فقد كان ي*** معه طعاماً أو حلويات تحبها . كانا يقضيان الوقت في الحديث والضحك أو في مشاهدة فيلم استعاره من أصدقائه أو استعارته هي من صديقاتها ، ثم بدأت الأمور تتطور حتى ذاقت طعم القبلة الأولى . كان معتاداً على تقبيل وجنتيها كلما قدم لزيارتها أو أراد توديعها ، إلا أن وداعه لها تلك الليلة كان أشد سخونة من ذي قبل . ربما كان للفيلم الذي شاهداه معاً دوراً في خلق الجو المناسب حتى يطبع على شفتيها العذراوين قبلة طويلة . بدأت سديم استعداداتها للزفاف ، وكانت تطوف المحلات مع أم نوير أن ميشيل أو لميس . كان وليد يرافقها في بعض الأحيان ، خاصة إن كانت تنوي شراء ثياب للنوم . تحدد موعد الزفاف بعد انتهاء امتحانات آخر السنة ، وذلك بناء على رغبة سديم التي خشيت أن تتزوج في عطلة الحج فلا تتمكن من الاستعداد بشكل جيد للامتحانات النهائية ، وهي الحريصة دوماً على التفوق في دراستها . أثار قرارها استياء وليد الذي كان متلهفاً على ال**** بأسرع وقت ، فقررت أن تراضيه . ارتدت في تلك الليلة قميص النوم الأسود الشفاف الذي اشتراه لها ورفضت أن ترتديه أمامه يومها ، ودعته للسهر في بيتها دون علم والدها الذي كان يقضي الليلة مخيماً في البر مع أصدقائه . الورد الأحمر الذي نثرته على الأريكة ، والشموع المنتشرة هنا وهناك ، والموسيقى الخافتة التي تنبعث من جهاز التسجيل المخفي ، كلها أمور لم تثر انتباه وليد كما أثاره القميص الأسود الذي يكشف من جسمها أكثر مما يخفي ، وبما أن سديم كانت قد نذرت نفسها تلك الليلة لاسترضاء حبيبها وليد فقد سمحت له بالتمادي معها حتى تزيل ما قلبه من ضيق تجاه تأجيلها لزفافهما . لم تحاول صده كما اعتادت أن تفعل من قبل إذا ما حول تجاوز الخطوط الحمراء التي كانت قد حددتها لنفسها وله في بداية أيامهما بعد عقد القران كانت قد وضعت في ذهنها أنها لن تنال رضاه الكامل حتى تعرض عليه المزيد من (أنوثنته) ، ولا مانع من ذلك في سبيل إرضاء وليد ****** . من أجل عين تكرم مدينة. انصرف وليد بعد أذان الفجر كعادته ، إلا أنه بدا مشتتاً وحائراً على غير العادة. اعتقدت أنه يشعر بالتوتر مثلها بعدما حصل . انتظرت سديم اتصاله المعتاد بعد وصوله إلى منزله ، خاصة وأنها بحاجة ماسة لرقته وحديثه بعد ليلة كهذه ، لكنه لم يتصل . لم تسمح سديم لنفسها بالاتصال به وانتظرت حتى الغد ولكنه لم يتصل أيضاً . قررت على مضض أن تمهله بضعة ألأيام حتى يهدأ ثم تتصل هي لتستفسر عما به . مرت ثلاثة أيام وسديم (ما جاها خبر ) . تخلت عن ثباتها واتصلت به لتجد هاتفه النقال مقفلاً ثابرت على الاتصال به على مدار الأسبوع وفي أوقات مختلفة علها تنجح في الوصول إليه ولكن هاتفه النقال ظل مقفلاً وخط غرفته الثابت مشغول باستمرار ما الذي يجري ؟ هل أصابه مكروه ؟ هل ما زال غاضباً منها إلى هذا الحد حتى بعد كل محاولاتها لاسترضائه ؟ ماذا عن كل ما منحته إياه في تلك الليلة ؟ هل أخطأت بأن سلمته نفسها قبل ال**** ؟ ويلاه جُن وليد ؟؟ أيعقل أن يكون هذا ما دفعه للتهرب منها منذ ذلك اليوم ؟ ولكن لماذا ؟ أليس زوجها شرعاً منذ عقد القران ؟ أم أن ال**** هو القاعة الضخمة والمدعوات والمطربة والعشاء ؟؟ ما هو ال**** ؟ وهل ما فعلته يستحق أن يعاقبها عليه ؟ ألم يكن هو البادئ بالفعل ؟ ألم يكن هو الطرف الأقوى ؟ لِمَ أجبرها على ارتكاب الخطأ ثم تخلى عنها بعده ؟ من منهما المخطئ ؟ وهل ما حدث خطأ في الأصل ؟؟ هل كان يمتحنها ؟ وإذا كانت قد فشلت في الامتحان ، فهل يعني ذلك أنها لا تستحقه ؟ لا بد وأنه ظن أنها فتاة سهلة ولكن ما هذا الغباء ؟ أليست زوجه وحلاله ؟ ألم تبصم ذلك اليوم في الدفتر الضخم إلى جانب توقيعه ؟ ألم يكن هناك قبول وإيجاب وشهود وإشهار ؟ أم أن كل ذلك لا يعني أنها أصبحت زوجه شرعاً دون حفل الزفاف ؟. لم يخبرها أحد عن ذلك من قبل . هل سيحاسبها وليد على ما تجهل ؟ لو أن والدتها كانت على قيد الحياة لتحذرها وتوجهها كما كانت تفعل خالتها أم قمرة مع ابنتها لما حدث ما حدث ، ثم أنها سمعت قصصاً كثيرة عن فتيات قمن بمثل ما قامت به مع وليد وأكثر في فترة المِلكة وقبل الزفاف حتى أنها سمعت عن كثيرات ينجبن أطفالاً مكتملي النمو بعد العرس بسبعة أشهر فلا يكترث سوى قلة ممن يلاحظون مثل هذه الأمور **0 فأين الخطأ؟. من يرسم لها الخط الدقيق الفاصل بين ما يصح فعله وما لا يصح ؟ وهل الخط الفاصل في الدين هو نفس الخط المرسوم في عقل الشاب النجدي ؟ كان وليد يلومها كلما حاولت صده بقوله أنها زوجته على سنة الله ورسوله ، وكانت خالتها وأم نوير يحذرانها من مجاراته لأنها ما تزال خطيبته فقط فم تصدق ؟ من يشرح لها سيكولوجية الشاب السعودي حتى تتمكن من الفهم هل اعتقد وليد أنها فتاة (مجربة) ؟؟ هل كان يفضل أن تصده ؟؟ هي لم تفعل أكثر من التجاوب معه بالطريقة التي تراها على شاشة التلفاز أو تسمعها من صديقاتها المتزوجات أو المجربات ، وقام هو بالبقية فما ذنبها إن هي قبلت بمجاراته وعرفت كيف تتصرف معه في موقف كهذا ؟ لم تكن المسألة بحاجة إلى كيمياء وفيزياء فما هذا الغباء الزفتي الذي يسفلت عقل وليد ؟؟؟ اتصلت بأمه فأخبروها أنها نائمة . تركت اسمها للخادمة وطلبت منها أن تخبر سيدتها أنها اتصلت بها ، وانتظرت اتصالاً من أم وليد فلم تحصل عليه ** هل تخبر أهلها ؟ هل تخبر والدها عما تم في تلك الليلة السوداء ؟ كيف ستخبره ؟ وماذا تخبره ؟ وإن سكتت ، هل ستسكت حتى موعد العرس ؟ وماذا سيقول الناس يومها ؟ العريس طفش ؟ لا لا يمكن أن يكون وليد على القدر من اللؤم لا بد وأنه في غيبوبة في أحدى المستشفيات . أن يرقد في المستشفى أهون عليها ألف مرة من أن يتهرب منها بهذا الشكل ظلت سديم في حيرة من أخرها ، نتنظر زيارة من وليد أو اتصالاً . تحلم بأن يأتيها راكعاً طالباً الصفح . لكنه لا يأتي ولا يتصل سألها أبوها فلم تجب ، وإنما أتته الإجابة من وليد : ورقة طلاق حاول الأب أن يفهم من ابنته سر هذه المفاجأة التعيسة فانهارت باكية بين يديه ولم تفصح له عن شيء . ذهب غاضباً لوالد وليد الذي نفى علمه بأي شيء وأخبره بأنه متفاجئ مثله بما حدث كل ما قاله وليد لأبيه أنه اكتشف عدم راحته لعروسه ففضل فسخ العقد الآن قبل أن يتم العرس ويدخل بها . كتمت سديم سرها عن الجميع ، وظلت تلعق جراحها بصمت حتى جاءت الصدمة الثانية : رسوبها في أكثر من نصف المواد في عامها الجامعي الأول
    --------------------------------------------------------------------------------



  5. Top | #5

    تاريخ التسجيل
    13 - 11 - 2005
    اللقب
    تربوي مبدع ومميز
    معدل المشاركات
    0.18
    الدولة
    نجد
    المشاركات
    1,216
    معدل تقييم المستوى
    20

    افتراضي

    --------------------------------------------------------------------------------

    ماذا فعل التنبل بقمرة في تلك الليلة ؟

    " ثقافتنا فقاقيع من الصابون والوحل.. فما زالت بداخلنا رواسب من أبي جهل .. وما زلنا نعيش بمنطق المفتاح والقفل .. نلف نساءنا بالقطن .. ندفنهن في الرمل.. ونملكهن كالسجاد .. كالأبقار في الحقل .. ونرجع آخر الليل نمارس حقنا الزوجي كالثيران والخيل .. نمارسه خلال دقائق خمسة بلا شوق ، ولا ذوق ولا ميل .. نمارسه كالآت تؤدي الفعل للفعل ونرقد بعدها موتى .. ونتركهن وسط النار .. وسط الطين والوحل .. قتيلات بلا قتل.. بنصف الدرب نتركهن .. يا لفظاظة الخيل "
    نزار قباني

    أكاد أسمع سباب الرجال من القراء ولعنهم إياي بعد هذه القصيدة . أرجو أن تفهموها كما أريدكم أن تفهموها ، وكما أظن نزاراً قد أراد لكم أن تفهموها .

    ** بعد انقضاء شهر العسل ، توجهت قمرة مع عريسها إلى شيكاغو ، التي اختارها ليبدأ فيها تحضيره للدكتوراة في التجارة الإلكترونية ، بعد أن حصل على درجة البكالوريوس في لوس آنجلس ، والماجستير في إنديانابوليس.
    تبدأ قمرة حياتها الجديدة بكثير من الخوف والتوجس . كانت تموت رعباً كلما ركبت المصعد لتصل إلى الشقة التي يسكنانها في الطابق الأربعين من البريزيدينشال تاورز . تشعر بالضغط يمزق رأسها ويسد أذنيها كلما ارتفع المصعد طابقاً من طوابق ناطحة السحاب الشاهقة ، وكانت تصاب بدوار في كل مرة تحاول أن تطل فيها من إحدى نوافذ شقتها . كل شيء يبدو ضئيلاً في الأٍفل البعيد جداً .
    كانت تنظر إلى شوارع المدينة فتبدو لها كشوارع ألعاب الليغو التي كانت تلعب بها أيام طفولتها ، بسياراتها الصغيرة التي لا يتجاوز حجمها حجم علبة الكبريت ، بل أن صفوق السيارات من ذلك العلو تبدو كصفوف النلم في صغرها وتراصها .
    كانت تخاف من المتسولين السكارى الذين يملؤون الشوارع ويهزون علبهم المعدنية في وجهها طلباً للنقود ، وتخشى قصص السرقة والقتل التي تسمع عنها في تلك الولاية الخرطة ، وتخاف من حارس العمارة الأسود الضخم الذي يتجاهلها كلما حاولت لفت انتباهه بانجليزيتها الركيكة لحاجتها إلى سيارة أجرة .

    كان راشد منشغلاً منذ وصوله بالجامعة والبحث . كان يخرج من الشقة في السابعة صباحاً ليعود في الثامنة أو التاسعة وأحياناً في العاشرة مساء ، وفي عطل نهاية الأسبوع كان يحاول إشغال نفسه عنها بأي شيء ، كالجلوس لساعات على الإنترنت أو مشاهدة التلفاز كان كثيراً ما ينام على الأريكة أثناء متابعته لمباراة بيسبول مملة أو لأخبار السي إن إن ، وأما إذا ذهب للنوم في سريرهما ، فإنه يذهب بسرواله الداخلي الأبيض الطويل وفنيلته القطنية الذي لا يرتدي سواهما أثناء تواجده معها في الشقة ، ليلقي بنفسه على السرير كعجوز خائر القوى لا كعريس جديد .

    كانت قمرة تحلم بالكثير ، كثير من الملاطفة وكثير من الحب وكثير من الحنان والعواطف كالتي تدغدغ قلبها عند قراءة الروايات العاطفية أن مشاهدة الأفلام الرومانسية وها هي تجد نفسها أمام زوج لا يشعر بانجذاب نحوها ، بل أنه لم يلمسها منذ تلك الليلة المشؤومة في روما .
    بعد أن تناولا العشاء في مطعم الفندق الراقي ، قررت قمرة بحزم أن تلك الليلة ستكون ليلة دخلتها التي طال انتظارها . ما دام زوجها خجولاً فلا بأس من أن تساعده وتمهد له الطريق كما نصحتها أمها . صعدا إلى غرفتهما وبدأت تلاطفه على استحياء ، بعد دقائق من المداعبة البريئة صار هو المتحكم بزمام الأمور ، استسلمت هي رغم ارتباكها وتوترها الشديدين وأغمضت عينيها بانتظار ما تتوقع حدوثه ، وإذا به يفاجئها بفعل لم يخطر لها على بال

    كانت ردة فعلها المفاجئة له ولها في حينها أن صفعته بقوة التقت العيون في لحظة رهيبة كانت عيناها مليئتين بالخوف والذهول ، وكانت عيناه مليئتين بغضب لم تر مثله من قبل . ا
    بتعد عنها بسرعة وارتدى ثيابه على عجل وغادر الغرفة وسط دموعها واعتذاراتها ، ولم تره إلا في مساء اليوم التالي عندما قدم على مضض لاصطحابها للمطار ليستقلا الطائرة المتوجهة لواشنطن ، ثم أخرى باتجاه شيكاغو .

    --------------------------------------------------------------------------------



صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

      
twitter facebook rss
yahoo

المشاركات المكتوبة تمثل رأي كاتبيها و ليس بالضرورة تمثل رأي و منهج إدارة الموقع.

الساعة الآن 10:44 PM