هل لاحظت أن النساء نادراً ما يصبن بالسكتة القلبية مقارنة بالرجال (اللهم لا حسد) وقليلاً ما يعانين من مشاكل في الدورة الدموية وأمراض الدم!؟

إن كنت لاحظت ذلك؛ فملاحظتك في محلها(!!)..

والتفسير الوحيد المقبول هو أن دماء النساء تتجدد باستمرار بفضل الدورة الشهرية "أكرمكم الله"
في حين تتراكم الجلطات - وتتعفن الصفائح - في عروق الرجال. وقد ثبت مؤخراً أن كمية الدماء
التي تفقدها المرأة كل شهر أفضل وسيلة لمقاومة ضرر الكولسترول (المسؤول عن إغلاق
الشرايين) وعامل مهم في تجديد خلايا الدم الحمراء والبيضاء (والأخيرة مسؤولة عن حماية الجسم
من الجراثيم المسببة للأمراض). وما يساند هذا الرأي أن المرأة حين تصل لسن اليأس وتنقطع عنها
الدورة الشهرية تتساوى في نسبة الإصابة بالأزمات القلبية مع الرجال - ولا يعود هناك فرق
احصائي واضح بين الجنسين!!


هذه الظاهرة العجيبة يمكن ملاحظتها حتى لدى الرجال أنفسهم حين يتبرعون بدمائهم بشكل
مستمر.. فالمتبرعون بدمائهم بشكل منتظم تقل عندهم نسبة الإصابة بأمراض القلب بمعدل النصف
تقريباً (أي بما يتساوى مع النساء في سن الإنجاب).. وللتأكد من هذه الحقيقة عمد الدكتور ديفيد ميرز (من المركز الطبي في جامعة كانساس) إلى متابعة 3855رجلاً وامرأة فوق سن الأربعين (حيث يتساوى الجنسان في معدل الإصابة) فوجد أن الذين تبرعوا بدمائهم خلال آخر ثلاث سنوات قلّت لديهم نسبة الاصابة بأمراض القلب بنسبة 30%!!


ومن فنلندا نبهت دراسة طبية إلى وجود علاقة إيجابية بين الإصابة بالأنيميا (أو فقر الدم) وقلة
الإصابة بالنوبات القلبية.. فالإصابة بالانيميا تعني نقص نسبة الحديد (العامل المؤكسد للكولسترول)
وبالتالي الإقلال من مخاطر انسداد الشرايين. كما أن الإصابة بفقر الدم (الشائع لدى الفتيات
المراهقات) يفسر ندرة الإصابة بأمراض القلب لدى الإناث تحت سن العشرين!!


*هذه العلاقة الواضحة بين أمراض القلب والإدماء (بشكل طبيعي أو مقصود) تذكرنا بمحاسن
الحجامة والتبرع بالدم.. كما تذكرنا بأحاديث نبوية كثيرة تحث على الحجامة وفصد الدم مثل قول
المصطفى صلى الله عليه وسلم: (الشفاء في ثلاثة: شربة عسل، وشرطة محجم، وكية نار، وأنهى
أمتي عن الكي) كما قال: (نعم العبد الحجام يذهب الدم ويجفف الصلب ويجلو البصر) وجاء عن ابن
العباس أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كان كلما مرّ على ملأ من الملائكة - حين عُرج به -


قالوا له: (عليك بالحجامة).

و"الحجامة" في الحقيقة علاج عالمي معروف منذ عهد الفراعنة واستعمله الصينيون قبل أربعة آلاف
عام.. وهي تمارس حتى اليوم في دول كثيرة كالصين والهند وفنلندا واليونان ومعظم البلاد العربية
والإسلامية. وهي مفيدة في التخفيف من الروماتيزم؛ وارتشاح الرئتين؛ وهبوط القلب، وإعادة النشاط للشيوخ، وحث جهاز المناعة بوجه عام.


وبعد فترة طويلة من التجاهل - وربما السخرية - يعترف الطب الغربي اليوم بالحجامة الطبية (وتدعى
على المستوى الشعبي كابينج Cupping) ويستعملها لعلاج آلام الظهر، والدمامل، والتهاب الشعب
الهوائية، والصداع، والمفاصل...


من أجل كل هذه المحاسن لا أجد ما أختم به المقال أفضل من المثل الفنلندي:
[glint]"تبرع بدمك وانج بقلبك"[/glint]

**دمتم بصحة وعافية **