محافظة القريات.. محافظة كبرى.. فإلى جانب تلك الكثافة السكانية.. التي توجد في القريات.. هناك عشرات القرى المكتظة بالسكان.. حولها ومن منا لا يعرف القريات.. حتى أصغر طفل في جنوب أو شرق أو غرب.. أو.. وسط المملكة يعرف القريات جيداً.
** نحن نعرف هذه المدينة ونحن أطفال.. ونعرف كل شيء.. بل إن الكثير من أسر نجد والمدن النجدية سافروا للقريات.. بل عاشوا في القريات.. ولذلك.. هناك الكثير من الأسر لها أخ أو أخت أو قريب في القريات.
** القريات.. تلك المدينة الضخمة.. تلك المدينة التاريخية العريقة.. شهدت في الفترة الأخيرة تساقط أو غياب بعض الدوائر الحكومية مؤخراً بقرار إداري فردي مزاجي «تصنيفي».
** غير أن بعض الوزراء.. واستشعاراً منهم بالمسئولية.. وتقديراً لأهمية واحتياج هذه المدينة وما حولها.. رفضوا القرار وأبقوا دوائرهم في القريات.
** لقد رفض معالي وزير التربية والتعليم القرار.. وأبقى إدارة تعليم البنين والبنات في محافظة القريات.
** ورفض معالي وزير الزراعة القرار.. وأبقى مديرية الزراعة هنا.
** لكن يقول أهالي القريات.. إن موافقة وزارة الصحة كانت أسرع من صدور القرار «كِنْهْا مَبشَّرَة» فأغلقت المديرية الصحية هناك تماماً.. وصارت محافظة القريات بلا مديرية.. بعد سنوات من وجودها.. ليكون البديل «مكتب الاشراف الصحي بالقريات؟!!».
** المسألة.. ليست إلغاء بقالة أو صيدلية أو محل بنشر.. أو إلغاء مؤسسة أو شركة صغيرة لبيع المواد الصحية.. بل مديرية صحية لها أهميتها الكبرى.. تُغيَّب هكذا فجأة.!!
** عشرات القرى والهجر.. وعشرات المستوصفات والمراكز الصحية تتبع لمحافظة القريات.. لم يعد مرجعها القريات.. بل مرجعها مدينة أخرى تبتعد حوالي «4**كم» من القريات.. ولو أراد ممرض أو صيدلي أو موظف صغير أو فراش.. أو بوَّاب المستشفى أو عامل في أي مركز صحي.. أن يأخذ إجازة اضطرارية.. أو.. لو أرادت ممرضة إجازة وضع.. فعليها قطع كل هذه المسافة ذهاباً وعودة.. لمراجعة.. مديرية الشئون الصحية في الجوف.
** في القريات.. بقي مكتب إشرافي صحي.. ولا ندري حدود إمكاناته.. ولا حدود صلاحياته.. ولا حدود عمله.. وما يمكن أن يقدَّمه لأهالي القريات.. حتى محتويات مديرية القريات «سابقاً» من سيارات ومعدات وأثاث نُقل هناك.
** يقول أهالي القريات.. إن مديريتهم الصحية التي حوَّلوها إلى مكتب إشراف.. أُنشئت بقرار من اللجنة العليا للإصلاح الإداري عام 1406ه برئاسة سمو النائب الثاني حفظه الله لكنها أُلغيت بقرار شبه فردي بعد عشرين سنة عامرة بالعطاء والإنجاز والحضور وخدمة الناس.
** ما نعرفه.. أن الدوائر تتوسع.. وأن المديريات تنتشر لخدمة الناس.. لكن أن تُغيَّب هكذا.. فهذا ما لم نعهده.
** لن أتحدَّث لكم عن أهمية القريات ومكانتها وحجمها وعدد سكانها.. وأهمية أن يكون فيها مديرية صحية.. فأنتم كلكم تعرفون ذلك أكثر مني.. وحتى صاحب قرار الإلغاء يعرف أهمية القريات وأهمية وجود مديرية صحية فيها.. ولكن؟! «خلوها مستورة».
** مدينة القريات و«عسى ما تصير مركز» تضم في أحشائها «19» مركزاً صحياً.. ومستشفيات وكثافة سكانية.. وهي مدينة حدودية مهمة.. ومع هذا.. تُلغى الدوائر فيها هكذا.
** إننا نستغرب كما يستغرب كل المتابعين لعملية الانتقال كيف يتم تجاهل قرار اللجنة العليا للإصلاح الإداري بهذه البساطة.. ويتم إلغاء هذه الإدارة الحيوية المهمة.. رغم حاجة القرَّيات الماسَّة لها.
** إنه سؤال مهم نطرحه أمام الوزير الشاب الطموح المخلص.. الدكتور حمد المانع وزير الصحة وهو ابن المنطقة والعارف باحتياجاتها عن قرب.. ونحن ندرك حرص واهتمام معاليه وقربه دوماً من الميدان واحتياجاته.. هو مجرد سؤال.. نجزم أن معالي الوزير سيكون له رأي آخر.. والله سبحانه وتعالى الهادي إلى سواء السبيل.



كاتب في جريدة الجزيرة عبدالرحمن بن سعد السماري