كلمة سعادة مدير عام النشاط الطلابي بمناسبة اليوم الوطني
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله نبينا محمد بن عبدالله
تُطل علينا مناسبة اليوم الوطني في الأول من الميزان من كل عام وها نحن نستقبلها في يوم الثلاثاء 23/9/1429هـ الموافق 23 سبتمبر 2**8 م متزامنةً مع الذكرى الثامنة والسبعون لتوحيد المملكة العربية السعودية ، وبهذه المناسبة وفي كل عام فإن وزارة التربية والتعليم تقوم بدورها في الاحتفاء باليوم الوطني من خلال الأنشطة الطلابية المختلفة وبمظاهر متعددة ..... ، وقد يعتقد البعض أن الاحتفاء بهذه المناسبة هو لمجرد الاحتفاء ، والواقع يختلف تماما عن ذلك ، فهناك أبعاد كثيرة ذات قيم عظمى لمناسبة الاحتفاء باليوم الوطني وذكرى توحيد المملكة العربية السعودية.
إن ما ينعم به هذا البلد الآمن العظيم من خير وتقدم وأمن وأمان على المستوى المحلي ، وما يتبوأه من مكانة مرموقة على المستوى الدولي هو مبني على التأسيس المتين الذي أسسه وشيّده الملك الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله قبل عقود من الزمن ، حيث أعلن رحمه الله قيام دولته التي تستظل براية التوحيد وتستمد نهجها في كل شؤونها من نبع الشريعة الإسلامية الغراء الذي لا ينضب والمرتكِز على كتاب الله وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وواصل أبناؤوه البررة البناء والتشييد من بعده فجعلوا تحكيم الشريعة أساسًا في كل شؤون الحياة وكرّموا العلماء وأجلُّوهم وجعلوا تعليم الدين أساسًا في السياسة التعليمية للبلاد إلى جانب الاهتمام بالعلوم الأخرى واللحاق بركب الأمم المتقدمة.
ولا يخفى الجميع كيف كان الحال في بلاد الحرمين قبل مرحلة التوحيد التي نحتفي بذكراها الثامنة والسبعون في هذا الشهر ، كانت القبائل متناحرة متحاربة ، وكان الطابع العام لحياة الناس الخوف والجوع والترحال دون استقرار ، وكانت الأمراض متفشية دون وجود مصحات أو مستشفيات ، وكانت إمكانية التعليم محدودة جدًا والجهل متفشيًّا بين الناس ، وفي ظل المساحة الشاسعة للدولة كانت وسائل المواصلات والاتصالات بدائية ومتأخرة لأقصى درجة ، وكانت الحياة صعبة للغاية.
حاولوا أيها الأخوة أن تتخيلوا هذه الأوضاع الصعبة وتتصوروها وتُصوِّروها لأبنائكم وتقارنوا بين ما كان عليه الناس وما أصبحنا عليه اليوم .....
لذلك فإن من أبعاد الاحتفاء بهذه المناسبة تذكير الناس بما هم فيه من خير وحثهم على شكر الله تعالى على ما هم عليه من خير عظيم ومستوى معيشي رفيع ، ونهضة تعليمية وصحيّة رفيعة المستوى ، وشبكة مواصلات جوية وبرية وبحرية متميزة ، ودخول عميق في عالم التقنية والاتصالات ، ومشروعات هائلة ومدارس وجامعات ومستشفيات .... ، إلى جانب ما تحظى به المملكة العربية السعودية من مكانة مرموقة هي محل التقدير والاحترام بين الدول وعند كل الشعوب المسلمة.
إن وطننا الذي نحتفي بذكراه الثامنة والسبعون اليوم هو الوطن الوحيد الذي يقصده المسلمون من جميع أنحاء المعمورة لأغراض دينية ، وهو الوطن الوحيد الذي يحكِّم شرع الله تبارك وتعالى في جميع مناهج الحياة ، لذلك حُقّ لنا أن نشكر الله تعالى ، ونفاخر ونعتز بوطننا ، وأن نحتفي بالمناسبة التي جعلتنا أمة واحدة تنعم برغد العيش ، وتنعم بالكرامة ، وتتبوأ مكانة رفيعة عند سائر الأمم ؛ وهذا الاحتفاء يأتي إبرازًا لما قام به موحد هذا الكيان الشامخ الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – رحمه الله – في تأسيس المملكة وإرساء قواعدها المتينة على أساس التوحيد ، وتقديرًا لما بذله ، رحمه الله ، من جهود عظيمة في سبيل لمّ الشمل وتوحيد الكلمة والقضاء على الفتن ، وتأييدًا لما يقوم به أبناؤه البررة من بعده في سبيل مواصلة البناء والرفع من شأن المواطن السعودي وحمايته وتحصينه من الأفكار الضالة ، وإعداد الجيل القادم على أسس تربوية متينة وقوية من منظومة القيم والأخلاق الفاضلة.
ثم يأتي بعد الشكر حث الناس على المحافظة على هذه المكتسبات من خلال تعزيز ودعم اللحمة الوطنية وتعزيز الولاء للدين والوطن والمليك في قلوب الناس.
وحيث أنّ من متطلبات الدور التربوي المنوط بالوزارة ترسيخ مبدأ الانتماء الوطني لدى الطلاب والطالبات وتذكيرهم بمكتسبات وطنهم ومدخراته التي تحققت بفضل الله تعالى منذ أن تم توحيد المملكة وحتى الآن في جميع المجالات لتقديرها ، من أجل ذلك فإن مما تحرص عليه الوزارة هو تطبيق مجموعة من البرامج والأنشطة المخطط لها بحيث تحقق جملة من الأهداف تصب في ترسيخ مبدأ الانتماء الوطني لدى الناشئة ، وتحثهم على شكر الله والثناء عليه لما وهبهم من أمن وأمان ، وتنمي لديهم الحرص على تنمية منجزات الوطن والمحافظة على مكتسباته ؛ لتحقيق المزيد من المكتسبات الوطنية التنموية ، إلى جانب تنمية ولائهم لدينهم ووطنهم وولاة أمرهم والبراء من أصحاب الأفكار الضالة والمبادئ الهدامة ، وتوعيتهم بما يُحاك لهم ولوطنهم من مكائد وتدابير تستهدف أمنهم ووطنهم.
لذلك فإن ما تقدمه الوزارة تأتي مراعية لأمرين مهمين وهما :
1) التركيز على تنمية المفهوم السليم والشامل للوطنية كمبدأ راسخ.
2) تكثيف الأنشطة التي ترسخ الاتجاهات التطبيقية والعملية للمواطنة الصالحة لدى الناشئة ، وترجمتها إلى سلوك وطني في الممارسات العملية.
فكان مما قدمته الوزارة في العام الماضي يوم أن كان اليوم الوطني ضمن أيام العام الدراسي ما يأتي:
أولا : رفع شعار برنامج الاحتفاء تحت مسمى " أنت الوطن " .
ثانيًا : التمهيد بفعاليات إثرائية تتكون من أنشطة وبرامج متنوعة تنطوي تحت برنامج عام بمسمى "أنت الوطن" وتنفذ خلال الأيام الدراسية التي تسبق موعد المناسبة بهدف إثراء خبرات الطلاب لتنمية المفهوم الشامل والسليم للمواطنة وممارستها عملياً وفق سبعة محاور تشكل أولوية الواجبات المطلوبة من كل مواطن في مختلف جوانب حياته ، وذلك حسب المحاور الآتية :
1) أنت الوطن قبلة المسلمين ومهبط الوحي ، ويهدف إلى إبراز مكانة الوطن الدينية ومحبته في قلوب المسلمين وتشريف أهله بخدمة ضيوف الرحمن ، ويتمثل هذا المحور في الاستقامة وخدمة ضيوف الرحمن والقدوة الحسنة.
2) أنت وطن العزة : ويهدف إلى إبراز أن وطننا وطن القوة ، وطن السيادة ، وطن الحرية ...... ، ويتمثل هذا المحور في الفخر بالوطن .. والاعتزاز به.. والتضحية والبذل من أجله.
3) أنت وطن العطاء : ويهدف إلى إبراز ما قدمه الوطن للمواطن في مجالات التعليم ، الصحة ، المواصلات ، الكهرباء ، المياه ، الضمان ، الرعاية ، التكافل ، المنح ، ..... ، ويدعو هذا المحور إلى ضرورة التقدير ، المحافظة ، الترشيد.
4) أنت وطن الأمن : ويهدف إلى إبراز مجالات الأمن الرئيسة التي قدمها الوطن للمواطن ومنها: الأمن الفكري، الأمن العسكري، الأمن الصحي، الأمن البيئي، الأمن الغذائي، الأمن الاجتماعي.... وهذا المحور يدعو كل طالب إلى الشعور بمسئوليته نحو الأمن والقيام بما يجب عليه تجاه أمن وطنه.
5) أنت وطن النماء : ويهدف إلى إبراز مجالات التنمية التجارية ، التنمية الزراعية ، التنمية الصناعية ، التنمية السياحية ، التنمية الصحية ، التنمية العلمية ، التنمية الحرفية ، التنمية المهنية ، التنمية التقنية ....... ، ويهدف هذا المحور إلى تعريف الطالب بمجالات التنمية في وطنه ومنتج واحد على الأقل في كل مجال.
6) أنت وطن الحضارة : ويهدف إلى إبراز صفة المواطن السعودي وأنه ينتمي إلى مجتمع مثقف ، مجتمع نظيف ، مجتمع منظم ، مجتمع منضبط ، مجتمع راقي ،.... ، وهذا مما يجعل الطالب فخور بنفسه ؛ الأمر الذي يدعوه إلى ممارسة السلوك الحضاري في كل تصرفاته.
7) أنت وطن السلام : ويهدف إلى غرس جملة من القيم الحياتية اللازمة للتعايش مع الآخرين ومنها الحوار مع الآخرين ، واحترامهم ، وتقديرهم ، وتقبل الآخرين ، وقبول التعايش معهم ... ، وهذا المحور يهيئ الطالب ليقوم بدوره في نشر السلام في محيطه والإسهام في نشره في أنحاء العالم.
وفي جميع تلك المحاور اشتملت مجالات الأنشطة على فعاليات إثرائية متنوعة (شرعية .. ثقافية وأدبية ..... اجتماعية ..... علمية ..... فنية ...... رياضية ..... كشفية .... ) ، كما أن نماذج الأنشطة كانت متنوعة فشملت ندوات ، زيارات ، لقاءات ،استضافات ، أنشطة حوارية ، مهرجانات ، حفلات ،مسابقات متنوعة ، محاضرات ، عرض أفلام ، أشغال ورسوم فنية، وقد استثمرت جميع بيئات التنفيذ والممارسة الممكنة ومنها فترة الاصطفاف الصباحي ، حصص المواد الدراسية ، الفسح اليومية ، حصص النشاط ، الحي المجاور للمدرسة ، الفترات المنزلية (الذاتية ، الأسرية) ....
كما أن الوزارة نفذت فعالية كبرى على مستوى الوطن بعنوان "بطاقة مواطنة" حيث نُفذت هذه الفعالية بتوقيت موحد في جميع المدارس على مستوى المملكة بمباشرةٍ من كل طالب وبمشاركة المعنيين في إدارات التربية والتعليم ومختلف الجهات الحكومية والأهلية بالمنطقة أو المحافظة ، حيث وُفرت بطاقة لكل طالب في المملكة ، وحُددت ساعة محددة قام فيها كل طالب بتعبئة بطاقته بنفسه ولمدة عشر دقائق بحيث يعبر كل طالب عن الدور الذي يمكنه أن يقوم به تجاه وطنه مقابل كل محور من المحاور السابقة والتي أوردت في البطاقة.
هذا بعض ما تقوم به وزارة التربية والتعليم من أدوار وطنية إسهامًا في بناء مجتمع مخلص لدينه ووطنه وقيادته ، مجتمع متماسك مترابط متقدم.
والله نسأل أن يُديم علينا وعلى وطننا فضله ونعمته ، وأن يحفظ ولاة أمرنا ويهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مدير عام النشاط الطلابي
د. ناصر بن صالح القرني
