ابولمى
16 - 1 - 2005, 05:59 AM
أتاحت قناة المجد الفضائية للدكتور عبدالعزيز الفوزان فرصة الحديث عن المآخذ التي رصدتها عليه الصحافة المحلية إثر تعرضه في حلقة سابقة لزلزال وطوفان شرقي آسيا وتخريجه لأسباب ذلك وهو أمر لم يختلف أحد حول القدرة الربانية، لكن الاختلاف أتى على بعض الادعاءات التي دللت على جهل فاضح ببعض الحقائق الجغرافية والسكانية والسلوكية على مستوى الكرة الأرضية التي تحدث عنها المذكور كتبريره أنها قد تمت بفعل الشذوذ والخمور وأعياد الميلاد، بل إنه في حلقة عصر يوم الجمعة الماضي وقد حاصرته الحقائق أراد الهروب منها بالتهويش والتعريض بالآخرين دون مقارعة الحجة بالحجة، ومن ذلك وصفه لغيره من الإعلاميين بأنهم جهلة.. وهنا فالجهل إذا عنى به عدم القناعة بمداركه ومعلوماته فهو يعني الشمول بما ليس يعلم به هو..
نرجو من القارئ أن يتمعن بدءاً من السطر الأول حتى السطر الواحد والثمانين فيما كتبه الفوزان مما يصرخ بالنرجسية والادعاء والمغالطة اعتقاداً منه أنه وحده المؤهل في توظيف الأحاديث والآيات في مواقع دلالاتها وهو اجتهاد خاطئ يكرس التساؤل عن مدى تأهيله لتدريس مادة الفقه..
نحن لا نريد الانتقاص من أحد مثلما فعل ولن نعلق على ما قال لكن نريد الإيضاح بأننا طلبنا منذ ظهر يوم الخميس وبواسطة الإيميل الذي وردنا بواسطته رده، أن يزودنا بالنص موقعاً من قبله عن طريق الفاكس وزودناه برقم الفاكس ولكنه لم يفعل، ورغم أنه بمقدورنا عدم نشر رده لأنه لم يعالج ما اختلفنا عليه ولكنه ذهب إلى التدليل أن الناس وقد افتروا على الأنبياء فلماذا لا يفترون عليه وهذه رؤية مضحكة نضيف إليه بسببها موقف ال*** الدكتور محمد طنطاوي *** الأزهر في عدد الرياض ليوم أمس الذي لم يربط الزلازل والطوفان بمسببات الفوزان التي حاول أن يتنصل منها في الحلقة التلفزيونية الأخيرة لعصر الجمعة فهل الدكتور الطنطاوي جاهل أيضاً؟..
نحن غير ملزمين بالنشر للسبب الآنف الذكر، لكن نعيد نشر مقالة الزميل رئيس التحرير ومقالة الأستاذ جمال خاشقجي في جريدتي «الوطن» و«الاتحاد» الإماراتية مع رد الفوزان طالبين من القراء وليس من الفوزان مقارنة التباعد بين الآراء وكيف اعتمد الفوزان على توظيف عدد من الأحاديث النبوية لفرض وجهة نظره، وهو أمر لن يكون موضع إجماع في الرأي معه، ونلفت انتباهه إلى أن عدد السياح المتضررين لم يتجاوز سبعة آلاف من بين ما يزيد على المائة وستين ألف شخص وأن عدد المائة وستين ألف شخص، معظمهم أي ما يزيد على 57٪ من المسلمين الذين لا علاقة لهم بأعياد الميلاد ولا بظاهرة الشذوذ الجنسي أو شرب الخمور.. ولتصحيح معلوماته جغرافياً نؤكد له أن المكان الأرقى معمارياً وفندقياً وخدمات سياحية هو جزيرة بالي في أندونيسيا التي كانت عامرة بروادها ليلة الحادث ولم يصبها وزن كيلوماء واحد لبعدها المساحي عن مواقع الضرر..
وفي نفس الوقت فإن أعياد الميلاد ورأس السنة تقام منذ مئات السنين في مدن أوروبية وأمريكية لا صلة لها بما حدث.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى وهي التي أشار لها الأستاذ جمال خاشقجي في موقف علاقاتنا مع الآخرين على المستويين السياسي والاقتصادي. كيف يجوز استفزاز واستعداء آخرين لا علاقة لهم بما حدث ولنا مصالح معهم لولا الجهل بحقائق الأمور.
وفيما يلي نص رد الدكتور عبدالعزيز الفوزان ..
كل من يتصدى للدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويسعى لإصلاح الناس، ويعارض أهواءهم المنحرفة، وإراداتهم الفاسدة، ويمنعهم من خرق سفينة المجتمع، وتهديم أمنه، وتعريضه لغضب الله ومقته، وأخذه وسطوته، فلابد أن يوطن نفسه على ما يصيبه من أذى هؤلاء الخلق وظلمهم، وطيشهم وجهلهم، فإن فيهم الجاهل الذي يظن الحق باطلاً، والباطل حقاً، ويفهم الكلام على غير وجهه، ويصدق عليه قول الشاعر:
وكم من عائب قولاً سليماً
وآفته من الفهم السقيمِ
وفيهم الظالم الذي اتبع هواه، واستعبدته شهواته، وأخلد إلى الأرض، وآثر الدنيا على الآخرة، فحمله ذلك على بغض كل من يناصحه ويحذره من مغبة فعله السيئ، بل ويعتبره عدواً له، ومتدخلاً في خصوصياته، وهو في الحقيقة محب ناصح، ومشفق صادق.
ولهذا لما أمر الله تعالى بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمر بالصبر على ما يصيب العبد بسببها من الظلم والأذى. فقال سبحانه: {والعصر إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر} فأقسم سبحانه بأن الناس كلهم في خسار وبوار إلا من اتصف بهذه الصفات الأربع، ومنها التواصي بالحق، والتواصي بالصبر على الأذى فيه. وفي وصية لقمان لابنه يقول سبحانه وتعالى: {يابني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور} أي: أن الصبر على ما يصيب الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر من الأمور التي عزمها الله وأوجبها على عباده، والتي لا يقوى عليها ويوفق لها إلا أولو العزائم القوية، والهمم العلية.
وإذا كان رب العزة سبحانه لم يسلم من أذى الخلق وجهلهم، فهو وإياهم في نبأ عظيم، يخلق ويعبد غيره، ويرزق ويشكر سواه، خيره إليهم نازل، وشرهم إليه صاعد، يتحبب إليهم بالنعم، ويتبغضون إليه بالمعاصي. بل قال عنه أقوام: إن الله فقير ونحن أغنياء. وقالوا: يد الله مغلولة. وزعموا أنهم أبناء الله وأحباؤه. وشبهه آخرون بخلقه، وكذبوا عليه فجعلوا له زوجة وولداً. وزعم بعضهم أن الملائكة بنات الله. وكذلك الحال مع أصفيائه وأوليائه، بل أفضل خلقه من رسله وأنبيائه، فقد أوذوا في الله ما لم يؤذ أحد، واتهموا بالجهل والكذب، والجنون والسفاهة، وتعاطي ***** والكهانة. كما قال تعالى: {كذلك ما أرسلنا من قبلك من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون. أتواصوا به بل هم قوم طاغون}..
فإذا كان هذا ما يحصل لرب العزة سبحانه، الذي له الخلق والأمر، وهو الحكيم الخبير، وهو بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وهو كذلك ما حصل لرسله وأصفيائه، أكمل الناس خلقاً، وأصدقهم نصحاً، وأتقاهم لله تعالى سراً وجهراً، فكيف بمن سواهم من ورثتهم في حمل هذا الدين وتبليغه للعالمين؟! فلا جرم أن يجدوا الظلم والأذى من الإنسان الذي خُلق ظلوماً جهولاً، وكيف يُطلب الإنصاف ممن الأصل فيه الظلم والجهل؟ وكيف يُنصف الخلق من لم ينصف الخالق؟!! ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم) رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة.
وقد تقاعس أقوام كثيرون عن القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي هو من أخص أوصاف المؤمنين، وسبب خيرية هذه الأمة، وسبيل فلاحها ونجاتها في الدنيا والآخرة، تركوا ذلك خوفاً من أذى الخلق، وإيثاراً للسلامة، ونسوا أن قعودهم عن القيام بهذه الشعيرة العظيمة هو عين الهلكة والندامة، وأن الساكت عن الحق شيطان أخرس، وأن العذاب إذا نزل عم الصالح والطالح، والكبير والصغير، كما قال ربنا سبحانه: (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب)، ولما سألت زينب رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كثر الخبث» متفق عليه.
هذه حقيقة أحببت التذكير بها حين رأيت عجباً من بعض الصحفيين وكتاب الساحات في الشبكة الدولية، الذين استنكروا ما ذكرته في برنامج «الجواب الكافي» في قناة «المجد الفضائية» من أن المصائب العامة، ومنها الزلازل والفيضانات المدمرة التي وقعت في شرق آسيا وجنوبها عقوبة إلهية، ونذارة ربانية لمن يبارزون الله بالمعاصي، ويحادونه بأنواع المنكرات والقبائح من الربا والزنا والشذوذ الجنسي، والانفلات الخلقي، وغيرها، وأن هذه الكبائر تكثر عادة في المنتجعات السياحية، التي يؤمها السياح من أنحاء العالم، في الإجازات العامة، كعيد الميلاد وعيد رأس السنة الميلادية وغيرها. بل ذكر بعض الباحثين أن «السياحة الجنسية» التي تكثر في تلك المناطق التي ضربها الزلزال تأتي في الترتيب الثالث عالمياً بعد تجارة السلاح والمخدرات.
وكان من آخر ما اطلعت عليه من هذه المقالات ما نشرته صحيفة «الرياض» في عددها (13349) بتاريخ: 29/11/1425هـ بقلم رئيس تحريرها، بعنوان «الجواب غير الكافي»!! وتساءل ما هو ذنب شعوب فقيرة للغاية في شرق آسيا لكي يحل بها هذا الدمار الشامل؟ ثم قال: إن الله أكثر رأفة ورحمة بعباده من أن يضعهم تحت هذه القسوة. ثم ذكر في نهاية مقاله أن هذا أمر لا يقبله العقل!! وتساءل بلغة تحريضية كنت أربأ به عنها: كيف هي أفكار هذا المتحدث مع تلامذته إذا كان هذا هو ما يقوله في هذه الواقعة؟
كما ذكر في ثنايا مقاله أن جريدة «الحياة» في عددها (15257) ذكرت أن شبكة «إن بي سي» الأمريكية أوردت هذه الفتوى، وبثت مشاهد من هذا اللقاء، الذي أثار - بزعمه - استياء كبيراً في الأوساط الأمريكية.
نرجو من القارئ أن يتمعن بدءاً من السطر الأول حتى السطر الواحد والثمانين فيما كتبه الفوزان مما يصرخ بالنرجسية والادعاء والمغالطة اعتقاداً منه أنه وحده المؤهل في توظيف الأحاديث والآيات في مواقع دلالاتها وهو اجتهاد خاطئ يكرس التساؤل عن مدى تأهيله لتدريس مادة الفقه..
نحن لا نريد الانتقاص من أحد مثلما فعل ولن نعلق على ما قال لكن نريد الإيضاح بأننا طلبنا منذ ظهر يوم الخميس وبواسطة الإيميل الذي وردنا بواسطته رده، أن يزودنا بالنص موقعاً من قبله عن طريق الفاكس وزودناه برقم الفاكس ولكنه لم يفعل، ورغم أنه بمقدورنا عدم نشر رده لأنه لم يعالج ما اختلفنا عليه ولكنه ذهب إلى التدليل أن الناس وقد افتروا على الأنبياء فلماذا لا يفترون عليه وهذه رؤية مضحكة نضيف إليه بسببها موقف ال*** الدكتور محمد طنطاوي *** الأزهر في عدد الرياض ليوم أمس الذي لم يربط الزلازل والطوفان بمسببات الفوزان التي حاول أن يتنصل منها في الحلقة التلفزيونية الأخيرة لعصر الجمعة فهل الدكتور الطنطاوي جاهل أيضاً؟..
نحن غير ملزمين بالنشر للسبب الآنف الذكر، لكن نعيد نشر مقالة الزميل رئيس التحرير ومقالة الأستاذ جمال خاشقجي في جريدتي «الوطن» و«الاتحاد» الإماراتية مع رد الفوزان طالبين من القراء وليس من الفوزان مقارنة التباعد بين الآراء وكيف اعتمد الفوزان على توظيف عدد من الأحاديث النبوية لفرض وجهة نظره، وهو أمر لن يكون موضع إجماع في الرأي معه، ونلفت انتباهه إلى أن عدد السياح المتضررين لم يتجاوز سبعة آلاف من بين ما يزيد على المائة وستين ألف شخص وأن عدد المائة وستين ألف شخص، معظمهم أي ما يزيد على 57٪ من المسلمين الذين لا علاقة لهم بأعياد الميلاد ولا بظاهرة الشذوذ الجنسي أو شرب الخمور.. ولتصحيح معلوماته جغرافياً نؤكد له أن المكان الأرقى معمارياً وفندقياً وخدمات سياحية هو جزيرة بالي في أندونيسيا التي كانت عامرة بروادها ليلة الحادث ولم يصبها وزن كيلوماء واحد لبعدها المساحي عن مواقع الضرر..
وفي نفس الوقت فإن أعياد الميلاد ورأس السنة تقام منذ مئات السنين في مدن أوروبية وأمريكية لا صلة لها بما حدث.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى وهي التي أشار لها الأستاذ جمال خاشقجي في موقف علاقاتنا مع الآخرين على المستويين السياسي والاقتصادي. كيف يجوز استفزاز واستعداء آخرين لا علاقة لهم بما حدث ولنا مصالح معهم لولا الجهل بحقائق الأمور.
وفيما يلي نص رد الدكتور عبدالعزيز الفوزان ..
كل من يتصدى للدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويسعى لإصلاح الناس، ويعارض أهواءهم المنحرفة، وإراداتهم الفاسدة، ويمنعهم من خرق سفينة المجتمع، وتهديم أمنه، وتعريضه لغضب الله ومقته، وأخذه وسطوته، فلابد أن يوطن نفسه على ما يصيبه من أذى هؤلاء الخلق وظلمهم، وطيشهم وجهلهم، فإن فيهم الجاهل الذي يظن الحق باطلاً، والباطل حقاً، ويفهم الكلام على غير وجهه، ويصدق عليه قول الشاعر:
وكم من عائب قولاً سليماً
وآفته من الفهم السقيمِ
وفيهم الظالم الذي اتبع هواه، واستعبدته شهواته، وأخلد إلى الأرض، وآثر الدنيا على الآخرة، فحمله ذلك على بغض كل من يناصحه ويحذره من مغبة فعله السيئ، بل ويعتبره عدواً له، ومتدخلاً في خصوصياته، وهو في الحقيقة محب ناصح، ومشفق صادق.
ولهذا لما أمر الله تعالى بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمر بالصبر على ما يصيب العبد بسببها من الظلم والأذى. فقال سبحانه: {والعصر إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر} فأقسم سبحانه بأن الناس كلهم في خسار وبوار إلا من اتصف بهذه الصفات الأربع، ومنها التواصي بالحق، والتواصي بالصبر على الأذى فيه. وفي وصية لقمان لابنه يقول سبحانه وتعالى: {يابني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور} أي: أن الصبر على ما يصيب الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر من الأمور التي عزمها الله وأوجبها على عباده، والتي لا يقوى عليها ويوفق لها إلا أولو العزائم القوية، والهمم العلية.
وإذا كان رب العزة سبحانه لم يسلم من أذى الخلق وجهلهم، فهو وإياهم في نبأ عظيم، يخلق ويعبد غيره، ويرزق ويشكر سواه، خيره إليهم نازل، وشرهم إليه صاعد، يتحبب إليهم بالنعم، ويتبغضون إليه بالمعاصي. بل قال عنه أقوام: إن الله فقير ونحن أغنياء. وقالوا: يد الله مغلولة. وزعموا أنهم أبناء الله وأحباؤه. وشبهه آخرون بخلقه، وكذبوا عليه فجعلوا له زوجة وولداً. وزعم بعضهم أن الملائكة بنات الله. وكذلك الحال مع أصفيائه وأوليائه، بل أفضل خلقه من رسله وأنبيائه، فقد أوذوا في الله ما لم يؤذ أحد، واتهموا بالجهل والكذب، والجنون والسفاهة، وتعاطي ***** والكهانة. كما قال تعالى: {كذلك ما أرسلنا من قبلك من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون. أتواصوا به بل هم قوم طاغون}..
فإذا كان هذا ما يحصل لرب العزة سبحانه، الذي له الخلق والأمر، وهو الحكيم الخبير، وهو بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وهو كذلك ما حصل لرسله وأصفيائه، أكمل الناس خلقاً، وأصدقهم نصحاً، وأتقاهم لله تعالى سراً وجهراً، فكيف بمن سواهم من ورثتهم في حمل هذا الدين وتبليغه للعالمين؟! فلا جرم أن يجدوا الظلم والأذى من الإنسان الذي خُلق ظلوماً جهولاً، وكيف يُطلب الإنصاف ممن الأصل فيه الظلم والجهل؟ وكيف يُنصف الخلق من لم ينصف الخالق؟!! ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم) رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة.
وقد تقاعس أقوام كثيرون عن القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي هو من أخص أوصاف المؤمنين، وسبب خيرية هذه الأمة، وسبيل فلاحها ونجاتها في الدنيا والآخرة، تركوا ذلك خوفاً من أذى الخلق، وإيثاراً للسلامة، ونسوا أن قعودهم عن القيام بهذه الشعيرة العظيمة هو عين الهلكة والندامة، وأن الساكت عن الحق شيطان أخرس، وأن العذاب إذا نزل عم الصالح والطالح، والكبير والصغير، كما قال ربنا سبحانه: (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب)، ولما سألت زينب رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كثر الخبث» متفق عليه.
هذه حقيقة أحببت التذكير بها حين رأيت عجباً من بعض الصحفيين وكتاب الساحات في الشبكة الدولية، الذين استنكروا ما ذكرته في برنامج «الجواب الكافي» في قناة «المجد الفضائية» من أن المصائب العامة، ومنها الزلازل والفيضانات المدمرة التي وقعت في شرق آسيا وجنوبها عقوبة إلهية، ونذارة ربانية لمن يبارزون الله بالمعاصي، ويحادونه بأنواع المنكرات والقبائح من الربا والزنا والشذوذ الجنسي، والانفلات الخلقي، وغيرها، وأن هذه الكبائر تكثر عادة في المنتجعات السياحية، التي يؤمها السياح من أنحاء العالم، في الإجازات العامة، كعيد الميلاد وعيد رأس السنة الميلادية وغيرها. بل ذكر بعض الباحثين أن «السياحة الجنسية» التي تكثر في تلك المناطق التي ضربها الزلزال تأتي في الترتيب الثالث عالمياً بعد تجارة السلاح والمخدرات.
وكان من آخر ما اطلعت عليه من هذه المقالات ما نشرته صحيفة «الرياض» في عددها (13349) بتاريخ: 29/11/1425هـ بقلم رئيس تحريرها، بعنوان «الجواب غير الكافي»!! وتساءل ما هو ذنب شعوب فقيرة للغاية في شرق آسيا لكي يحل بها هذا الدمار الشامل؟ ثم قال: إن الله أكثر رأفة ورحمة بعباده من أن يضعهم تحت هذه القسوة. ثم ذكر في نهاية مقاله أن هذا أمر لا يقبله العقل!! وتساءل بلغة تحريضية كنت أربأ به عنها: كيف هي أفكار هذا المتحدث مع تلامذته إذا كان هذا هو ما يقوله في هذه الواقعة؟
كما ذكر في ثنايا مقاله أن جريدة «الحياة» في عددها (15257) ذكرت أن شبكة «إن بي سي» الأمريكية أوردت هذه الفتوى، وبثت مشاهد من هذا اللقاء، الذي أثار - بزعمه - استياء كبيراً في الأوساط الأمريكية.