المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قاعدة “الرضا بأدنى الضررين


 


وفي مرزوقي عمار
18 - 5 - 2015, 10:26 AM
قاعدة “الرضا بأدنى الضررين لا يكون رضا بأعلاهما”

د ياسر محمد عبد الرحمن

الأستاذ المساعد في الفقه والأصول بكلية العلوم الإسلامية.

من صيغها:

“الرِّضَا بِالشَّيْءِ يَكُونُ رِضًا بِمَا هُوَ مِثْلُهُ أَوْ دُونَهُ عَادَةً لا بِمَا هُوَ أَضَرُّ مِنْهُ”([1]) .

“لا يَسْتَفِيدُ أَعْظَمَ الضَّرَرَيْنِ عِنْدَ التَّصْرِيحِ بِأَدْنَاهُمَا”([2]).

شرح القاعدة:

توضح هذه القاعدة أن رضا المكلف بأخف الأضرار ليس معناه الرضا بالأضرار الأخرى الأعلى منها،ولا بد عندئذ من التصريح بالرضا؛لأن “إذن الشرع أقوى من إذن المالك”([3]) .

وهذه القاعدة مهمة؛ لأنها تقيد تصرفات الناس مع الآخرين بعدم الإضرار بهم، ولذا إن رضى الآخرون بنوع من الضرر فليس معناه رضاهم بما هو أعلى منه إلا بتصريح صريح منهم بالرضا، ولا تقبل الكناية في هذه المواقف إلا بنية.

من أدلة القاعدة:

عن سمرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ” إذا أتى أحدكم على ماشية فإن كان فيها صاحبها فليستأذنه، فإن أذن له وإلا فليحلب ويشرب، وإن لم يكن فيها فليصوت ثلاثًا، فإن أجاب فليستأذنه، فإن أذن له وإلا فليحلب ويشرب ولا يحمل”([4]) .

وعن أبي سعيد – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ” إذا أتيت على راع فناده ثلاث مرات, فإن أجابك وإلا فاشرب من غير أن تفسد, وإذا أتيت على حائط بستان فناده ثلاث مرات, فإن أجابك وإلا فكل من غير أن تفسد “([5])

من العلماء ” من جمع بين الحديثين بوجوه من الجمع، منها: حمل الإذن على ما إذا علم طيب نفس صاحبه ،والنهي على ما إذا لم يعلم، ومنها: تخصيص الإذن بابن السبيل دون غيره أو بالمضطر أو بحال المجاعة مطلقا وهي متقاربة”([6]).

وما جاء ضمن حديث جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – مرفوعًا ” ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مُبَرِّح “([7]) .

في الحديث أجاز الإسلام الضرب اليسير وليس معناه عند رضا الزوجة بالضرر اليسير أن يقوم الزوج بالإضرار بها أكثر.

تطبيقات القاعدة:

من صنع شيئا في بيته ورضي جاره بالضرر اليسير فليس معناه الزيادة في الإضرار به ؛لأن الرضا بأدنى الضررين لا يكون رضا بأعلاهما.
لو حدث عيب بأحد الزوجين فرضي الطرف الآخر فليس معناه الرضا بالعيوب الأخرى.
من أذن لصديقه في استعمال سيارته وإن كان فيه ضرر يسير كاستهلاك البنزين أو الوقود في مسافة قصيرة ، فليس معناه أن صاحب السيارة يرضى بذهاب سيارته لمكان بعيد واستهلاك كل الوقود.
لو أذن الأب في ضرب المعلم لابنه وإن كان فيه ضرر يسير فليس معناه الرضا بالضرب الشديد لابنه مما يؤدي لإصابته بالعاهات والأمراض المزمنة.
لو أذن الصديق لصديقه بتناول جزء من الطعام وإن كان فيه ضرر عليه ، فليس معناه الرضا بأكل كل طعامه.
من استأجر مكانا لحرفة ما ووافق الجيران على عمله فليس معناهم رضاهم بارتكابه لأضرار أعلى كاستهلاك المياه منهم، والوقود،وإزعاجهم بالأصوات العالية؛ لأن الرضا بأدنى الضررين لا يكون رضا بأعلاهما.
من استأجر دابة فحمل عليها حملا ثقيلا فهلكت يضمنها([8]) وكذا من استأجرها ليحمل شئيا يسيرا مأذونا فيه فله أن يحمل مثله أو أقل منه وليس ما هو أكثر منه؛لأن الرضا بالشيء يكون رضا بما هو مثله أو دونه عادة لا بما هو أضر منه([9]) .
· لو استأجر مكانا فليس له القيام بمهنة تضر بالآخرين دون رضاهم([10]) .

المراجع:

القرآن الكريم:

البحر الرائق زين الدين ابن نجيم الحنفي-دار الكتاب الإسلامي-الطبعة الثانية
بدائع الصنائع -علاء الدين الكاساني-دار الكتب العلمية-الطبعة الثانية-1406هـ-1986م
الجامع الصحيح سنن الترمذي-محمد بن عيسى أبو عيسى الترمذي السلمي-دار إحياء التراث العربي – بيروت-تحقيق : أحمد محمد شاكر وآخرونرواه أحمد
سنن ابن ماجه-محمد بن يزيد أبو عبدالله القزويني-دار الفكر – بيروت-تحقيق : محمد فؤاد عبد الباقي.
سنن أبي داود- أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني-دار الكتاب العربي ـ بيروت
عون المعبود وحاشية ابن القيم -محمد شمس الحق العظيم آبادي أبو الطيب- دار الكتب العلمية – بيروت-الطبعة الثانية ، 1415
المبسوط- شمس الدين أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي-دار المعرفة-بيروت- -1414هـ-1993م
مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه-أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل الكناني-سنة الولادة 762/ سنة الوفاة 840-تحقيق محمد المنتقى الكشناوي-دار العربية-سنة النشر 1403- بيروت



المصدر:


http://world.mediu.edu.my/?p=28374