المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اشارات من الاسراء


 


مصطفى الشاذلي
6 - 5 - 2015, 01:37 PM
أن العلم ليس له حدٌّ، ولا عـدٌّ، والله عزَّ وجلَّ فضله لا يحدُّ، وطلب النظرة يكون ممن؟ هل من الإخوان؟وهل الإخوان لهم نظرة؟،وما قيمتها؟
قَالَ النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم:) نَظَرُ الرَّجُلِ إِلَى أَخِيهِ عَلَى شَوْقٍ؛ خَيْرٌ مِنَ اعْتِكَافِ سَنَةٍ فِي مَسْجِدِي هذَا ((1)وهذا للنظرة الواحدة
وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: ( الْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ لاِنْتظَارِ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ عِبَادَةٌ، وَالنَّظَرُ فِي وَجْهِ الْعَالِمِ عِبَادَةٌ، وَنَفَسُهُ تَسْبِيحٌ )(2)
وإذا كانت النظرة إلى الكعبة عبادة، يستحق بها الإنسان الحصول على عشرين رحمة من الرحمات التي تتنزل على البيت،(3) فما بالكم بالنظرة في وجوه الصالحين؟ وماذا تساوي؟ وقد قال صلَّى الله عليه وسلَّم:( أَحِبُّوا الْفُقَرَاءَ وَجَالِسُوهُم )(4)
وفى رواية: (جَالِسُوا الْفُقَرَاءَ، فَإِنَّ رَحْمَةَ اللهِ لا تَبْعُدُ عَنْهُمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ )
والعارف الفرد محبوبٌ لخالقه فات المقامات تحقيقاً وتيقيناً
في كل نَفَسٍ له نورٌ يواجهه من حضرة الحق ترويحاً وتيقيناً
أمطار التفضلات، وكنوز العطاء والهبات؛ مفتوحة للصالحين في كل الأنفاس والأوقات، وقد قال الله عزَّ وجلَّ لهم:
( هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (39 سورة ص)
فجميعنا يحتاج إلى هذه النظرة، وجئنا هنا من أجل هذه النظرةويكفي أن تعلموا أن سيدنا موسى عليه السلام لما طلب من الله النظرة: ( رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ) (143سورة الأعراف)
والمقام عال، والربُّ أي مقام التربية: ( قَالَ لَن تَرَانِي )، أي: لم يحن الوقت بعدوأجلسه على طريق ****** ليتمتَّع بنظر ****** في هذه الرحلة الميمونة المباركة، وقال له:
إذا سمعت مؤذن ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى ) (1سورة الإسراء)

فقف للحبيب صّلى الله عليه وسلم على طريق المسرى، فهناك تنال مناك، وتحظى برؤياك، وتفوز بلقياك، فأخذ يردِّده (5)وذلك لكي يحظى بكثير من النظرات:
وإنما السرُّ في موسى يردِّده ليحظى بحسن مولاه حين يشهده
لكي يرى حسن الله في حقيقة سيدنا ومولانا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.فالحمد لله؛ من يريد الجنَّة يحتاج إلى فضل الله ،أما من يريد الله
فإنه يحتاج إلى نظرات من سيدنا ومولانا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فإذا كانت النظرة حتى من الحاسد تؤثر لأن قلبه مملوء بالضغينة والحقد فما بالك بالنظرة من قلب مملوء بالنور والرحمة، والشفقة والهداية؟
وسيدنا أبو بكر، لما مرض سيدنا رسول الله ذهب إليه لزيارته؛ ولشدة تعانق روحه بروحه صّلى الله عليه وسلم، مرض لمرضه وقال رَضِيَ الله عنه:
مرض ****** فعدته فمرضت من نظري إليه
وذلك لأنه يريد أن يفديه بنفسه، ويقول: فداك نفسي وأبي وأمي يا رسول الله فلمَّا مرض - لأنه تمنى أن يكون المرض به ويفدي رسول الله من هذا الداء؛ ذهب إليه صلَّى الله عليه وسلَّم عائداً فقال:
مرض ****** فعدته فمرضت من نظري إليه
شفي ****** فعادني فشفيت من نظري إليه
عندما عاده رسول الله شفي في الحال
وقد كان كلُّ أملهم في نظرة برضا وشفقة وحنان من سيدنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
والأمر يا إخواني كما هو ظاهر الشريعة هل يدخل أحد الجنَّة إلا برضا (حَبيبه)؟ كذلك لا ينال أحدٌ مِنَّةً إلا برضا مُربِّيه، فكما لا ينال أحدٌ الجنَّة إلا برضا أبيه، فلن ينال عبدٌ صادقٌ مِنَّةً إلا برضا مُرَبِّيه.
والنظرة هي قصدنا ومرادنا من هذه اللقاءات ومجالس الصالحين
والأمر الثاني - حتى لا أطيل عليكم: أننا إذا تحدثنا معاً عن قبس من الإسراء أو المعراج؛ فهو باب واسع، فيه أدب لأهل الأدب، وفيه معاني لأهل المعاني، وفيه تأويلات لأهل التفسير والتأويل.
لكنَّا دائماً معكم نختصر الوقت، ونتحدث عما لنا في هذه الرحلة، وهو السير والسلوك إلى الله عزَّ وجلَّ؛ لأنها رحلة إلى الله عزَّ وجلَّ.
وقد فصَّلها لنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ ليوضح لنا فيها كيفية السير والسلوك إلى رضوان الله، أو إلى كرم الله، أو إلى نيل عطاء الله، أو إلى لـطف الله، أو إلى أي مقام يطلبه سالك من مولاه عزَّ وجلَّ ولذلك فإن فيها كل أصناف السير والسلوك الموصلة إلى ملك الملوك عّز وجلَّ.
وأي سير إلى الله بدايته مقام التوبة إلى الله عزَّ وجلَّ، وشرط التوبة التي بها الأوبة، وبها تُفتَّح الأبواب، ويحبُّك الكريم الوهاب ،أن تخلع ما فات، وأن تملأ قلبك بما يحبُّه مولاك، وتشغل وقتك كله في العمل بما يحبُّه ويرضاه .
فالسير والسلوك وإن كان في الدنيا ؛ إلا أنه في عالم الآخرة :فأي طاعة يعملها المرء!؛ فأثناء عمل هذه الطاعة يكون في الدنيا بجسمه،لكنه في الآخرة بقلبه وعقله ولبِّه، وجميع أحاسيسه ومشاعره؛ إن كانت هذه الطاعة مجلس علم، أو حلقة ذكر، أو مجلس تلاوة قرآن، أو صلاة بين يدي الرحمن، أو أي عمل صـالح. وقد قال فيها حضرة الله عزَّ وجلَّ:
( وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ ) (153سورة أل عمران)
حال الدعوة عندما كان يذكُّرُهم، أين يكونون في هذا الوقت؟، أفي الدنيا أم في الآخرة؟
حسم الله هذه القضية؛ وقال:( وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ )مع أنهم في الدنيا، لكن الدنيا عند الله غير ما في أفكارنا وعقولنا

(1)الْحكيم عن ابن عمروٍ رَضِيَ الله عنه.
)2)جامع الأحاديث والمراسيل، الفتح الكبير، عن أُسامة بن زيد رَضِيَ الله عنه.
(3)إشارة الى الحديث الشريف )) إِنَّ لِلَّهَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عِشْرِينَ وَمِائَةَ رَحْمَةٍ ، تَنْزِلُ عَلَى هَذَا الْبَيْتِ ، سِتُّونَ لِلطَّائِفِينَ ، وَأَرْبَعُونَ لِلْمُصَلِّينَ ، وَعِشْرُونَ لِلنَّاظِرِينَ ))، عن عبدالله بن عباس رضِيَ الله عنهما :رواه ابن حجر العسقلاني فى لسان الميزان ، والسخاوي فى الأجوبة المرضية .
(4)جامع الأحاديث والمراسيل، الفتح الكبير ، وفى الترغيب و الترهيب عن أَنَسٍ رضِيَ الله عنه.
)5)إشارة إلى الواقعة التى تخص عدد الصلوات المفروضات فى اليوم والليلة ، وترداد النبى صلَّى الله عليه وسلَّم بين موسى عليه السلام والله عزَّ وجلَّ والمذكورة في الحديث الذى أوره ابن كثير فى تفسيره وغيره، عن أبى العالية الريحانى وفيه: (قال: وفرض عليه خمسين صلاة. فلما رجع إلى موسى قال: بم أمرت يا محمد؟، قال: بخمسين صلاة. قال: ارجع إلى ربِّك فاسأله التخفيف، فإن أمتك أضعف الأمم، فقـد لقيت من بني إسرائيل شدة. قال: فرجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه عزَّ وجلَّ فسأله التخفيف، فوضع عنه عشراً. ثم رجع إلى موسى فقال: بكم أمرت؟، قال: بأربعين، قال: ارجع إلى ربِّك فاسأله التخفيف، فإن أمتك أضعف الأمم، وقد لقيت من بني إسرائيل شدة قال : فرجع النبي صلَّى الله عليه وسلم إلى ربِّه فسأله التخفيف، فوضع عنه عشرا – حتى قال الراوي - فرجع على حياء إلى ربِّه، فسأله التخفيف، فوضع عنه خمساً. فرجع إلى موسى فقال: بكم أمرت؟، قال: بخمس. فقال: ارجع إلى ربِّك فاسأله التخفيف فإن أمتك أضعف الأمم، وقد لقيت من بني إسرائيل شدة، قال: قد رجعت إلى ربِّي حتى استحييت، فما أنا راجعُ إليه)، ... والحديث طويل .
إشراقات الإسراء- ج2 (http://www.fawzyabuzeid.com/table_books.php?name=%C5%D4%D1%C7%DE%C7%CA%20%C7%E 1%C5%D3%D1%C7%C1-%20%CC2&id=18&cat=4)
منقول من كتاب {إشراقات الإسراء الجزء الثاني}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً (http://www.fawzyabuzeid.com/downbook.php?ft=pdf&fn=Book_eshrakat_alesraa_V2.pdf&id=18)
https://www.youtube.com/watch?v=tNcUVB8Tx7g
http://www.fawzyabuzeid.com/data/Book_eshrakat_alesraa_V2.jpg

مصطفى الشاذلي
14 - 5 - 2015, 12:38 PM
الدنيا عند الله.عزَّ وجلَّ هي العمل الذي يكون فيه المرء في واحدة من هذه الخصال
( اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ ) (20سورة الحديد)
عندما يكون المرء في عمل من هذه الأعمال يكون في الدنيا :
فإذا كان في لهو يشاهد التلفاز، أو يجلس يأتنس مع قوم، في غير علم نافع، أو عمل رافع، فهو في لهو، حتى ولو كان يذكر الله، لأن ذكر الله هنا، معه مشاغل تمنع من القبول،
فقد قال صّلى الله عليه وسلم:( ادْعُوا اللهَ وَأَنْتُمْ مُوقَنُونَ بَالإِجَابَةِ ، فَإِنَّ اللهَ لا يَسْتَجِيبُ دُعَاءَ مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لاَهٍ)(1)

وكذلك اللعب إن كان نرداً ( طاولة )، أو ورقاً ( كوتشينة )، أو دومينو، أو ما شابه ذلك، فهو لهو ولعب
وقال صّلى الله عليه وسلم: ( مَنْ لَعِبَ بِالنَرْدِ شير فَكَأنَّما غَمَسَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرِ وَدَمَهِ )(2)

والدنيا إن كان مشغولاً ، بها شغوفاً بأهلها ، وكل وقته تطلعات في الفترينات، وينظر في الموديلات ، وكل نظره يركِّز على ما يلبسه من حوله ، ويسألهم في ذلك وعن ذلك ؟ ، أو كان همه الفخر في نيل المناصب ، أو في العلو ،أو في الجاه ، أو مشغولاً بولاه فوق المسئولية التي كلَّفه نحوه بها الله عزَّ وجلَّ وهذا أمر يطول شرحه ، وهذه هي الدنيا، وما سوى ذلك فأنت فيه في الآخرة
هل الصلاة ضمن هؤلاء الخمس ؟لا، إذن أنت فيها في الآخرة ، وكذا تلاوة القرآن وكذا مجلس العلم وكذا عيادة المريض وكذا تشييع الجنازة وكذا أي عمل خير أو صالح تقصد به وجه الله فأنت بعمله في الآخرة ولست في الدنيا كما أنبأ الله عزَّ وجلَّ .

فرحلة الإسراء والمعراج رحلة في الآخرة إذن كي يبدأ الإنسان رحلة السير والسلوك إلى الله عليه أن يتوب توبة نصوحا شرطها الأول أن ينقي قلبه من مشاغل الدنيا وهمومها وحظوظها وأهوائها ويجعل شغله بالله والدار الآخرة وما أعده الله. عزَّ وجلَّ فيها لعباده الصالحين.
وليس معنى ذلك أن يترك الدنيا ويترك السعي، ولكني أقول ينقي قلبه فيسعى بجسمه وقلبه مشغول بربه عزَّ وجلَّ، كما قال إمامنا أبو العزائم رضي الله عنه وأرضاه فيكم وفي الفتية الذين آمنوا بربهم وزادهم الله هدىً:
نهار الفتى المحبوب في السعي والبر
وليل الفتى المطلوب في الذكر والفكر
وفي الليل رهبان بذكر إلههـــــــــــــــم
سكارى حيــــــــــارى في شهود وفي ذكر
نهارهممُ يســــــعون يرضون ربهـــــــــم
كما أمر الرحمـــــــــن في محكــــــــــــم الذكر

يطلبوها كما أمر الرحمن عزَّ وجلَّ: ( فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ) (15سورة الملك)

1))- أخرجه الترمذي ، والحاكم. فعن أبي هريرة رَضِيَ الله عنه.
)2 )فى مسند الإمام أحمد ، عن سليمان بن بريدة عن أبيه .

http://www.fawzyabuzeid.com/table_books.php?name=%C5%D4%D1%C7%DE%C7%CA%20%C7%E 1%C5%D3%D1%C7%C1-%20%CC2&id=18&cat=4

منقول من كتاب {إشراقات الإسراء الجزء الثاني}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً (http://www.fawzyabuzeid.com/downbook.php?ft=pdf&fn=Book_eshrakat_alesraa_V2.pdf&id=18)

https://www.youtube.com/watch?v=lYhIqYs_ItI

http://www.fawzyabuzeid.com/data/Book_eshrakat_alesraa_V2.jpg

محمد إمام
12 - 6 - 2015, 01:34 PM
جزاكما الله أنت ومؤلف الكتاب خيراً.