المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفنانون العرب يشاركون في معرض لدعم الإبداع لدى الشباب


 


الجعيد
23 - 6 - 2004, 02:02 AM
يحتل الفن التشكيلي في بيروت هذه الأيام مساحة واسعة جداً من الحيز المعطى للثقافة على وجه العموم. حيث ان جمع دور العرض مشغولة وهي كذلك طيلة العام، إلا أنها هذه الفترة تعد الاكثر انشغالاً من حيث كمية العروض من ناحية ونوعيتها من ناحية اخرى، فلا تجد دار عرض خالية من معرض او عروض، حتى المراكز الثقافية تحولت الى ساحات لعروض فنية من انواع ومدارس مختلفة ومتعددة تفرض على المهتمين برنامجاً مكثفاً لا يتمكنون من متابعته بكامله، وفي حين ان دور العرض الخاصة تعمل وفق برامج عرض مبرمجة لطيلة العام فإن المراكز الثقافية فردت مساحاتها لعروض جماعية شابة، هكذا نجد في المركز الثقافي الالماني (غوته) وفي البهو الداخلي لمسرح بيروت وفي المركز الثقافي الفرنسي وفي المعهد الثقافي الاسباني (ثربانتس) وفي درج الفن الذي هو عبارة عن معرض لوحات على درج الجميزة القديم قدم بيروت والذي لا تزال ذكريات الحرب عالقة على جدران المنازل المحيطة به وايضاً على درجاته التي كانت قبل عقد ونيف استراحة لنوم المحاربين وتحولت اليوم الى استراحة للوحات فنية قادمة من كل انحاء العالم، حتى الساحات العامة ايضاً تحولت الى معارض تشكيلية، وتقدَّم الفن التشكيلي على غيره من
الانشطة الثقافية مثل الأمسيات الشعرية والندوات الفكرية والفلسفية والسياسية التي كانت المدينة في الشتاء المنصرم تعج بها. وربما يكون هذا التقدم ناجماً عن المتعة البصرية التي يمنحها الفن لرواده، متعة ممتزجة بكم هائل من الأشكال والالوان التي تغني العين وتعطي صاحبها حرية الانتقال والتنقل من لوحة الى اخرى ومن معرض الى آخر ومن تجربة فنان الى تجربة فنان آخر، هذا كله بالرغم من الشكوى التي يصدرها بين الحين والآخر الفنانون ودور العرض والمتعلقة بقلة الاقبال على الاعمال الفنية وندرة الرواد الذين كانوا في ما مضى يقبلون على التهام كل ما يعرض.
النادي الثقافي العربي، الذي يعتبر من اقدم النوادي الثقافية في بيروت (تأسس 1944) كان العرض هذه المرة استمراراً لتقليد داوم النادي على اتباعه منذ ثلاث سنوات، ويتمثل بعرض الاعمال الفنية للشباب الذين لا يزالون في بداية تجاربهم الفنية واللونية حيث يعيش الاكثرية الساحقة منهم في مختبر التجريب اللوني والشكلي لصناعة اللوحة. شباب من تجارب ومدارس فنية تتراوح بين الواقعي الرومنطيقي والتجريدي والبورتريه وهم بغالبية ساحقة من اللبنانيين ما عدا شابة فلسطينية وحيدة اتاحت لها تجربتها القصيرة الأمد الدخول في هذه التجربة بعد ان وافقت اللجنة الفنية المعنية بفحص اللوحات المشاركة على اعمالها.
"فنانون مبدعون 3" هو المعرض الجماعي للشباب الذي رعته هذا العام السيدة نازك رفيق الحريري وافتتحته منذ يومين في مقر النادي في شارع الملك عبدالعزيز المتفرع من شارع الحمرا في قلب بيروت. والمعرض يتفاوت في مستوياته بين كل الاعمال المعروضة حيث شارك كل فنان من هؤلاء الشبان بعمل او عملين كحد اقصى، والتفاوت في المستوى بين الجيد والمتوسط، وبدون إطلاق احكام حول كل لوحة وموضوعها، فالمهم في هذا المعرض الذي يعتبر خطوة جريئة هو التنوع الذي يضفي عليه طابع الورشة الفنية، وايضاً التفاوت في أعمار الفنانين الذي يتراوح بين سن العشرين والاربعين، وكل جيل من هؤلاء لديه تجربته الفردية الخاصة ورؤيته الى الحياة من خلال اللوحة واللون والشكل. ففي حين يقول جورج جدع اكبر العارضين سناً انه بدأ الفن متأخراً وفقط منذ خمس سنوات واشتغل على تطوير تجربته من خلال الثقافة الشخصية فإن سمر نصار الفتاة الفلسطينية والاصغر سناً بين الجميع درست "الغرانيك" في الجامعة اللبنانية الأمريكية وتشارك لأول مرة في معرض خارج بيتها وتركز في رسمها على المستويات اللونية في اللوحة وتحاول خلق الانسجام بين الشكل والمضمون من جهة وبين الاثنين مع اللون من جهة اخرى وهي بدأت ا
لرسم كما قالت "منذ كنت صغيرة جداً حيث كان أهلي يعطوني اوراقاً واقلاماً لكي أتلهى بها حتى لا أزعج أحداً "هذا التفاوت بين تجربة جورج جدع الذي عرض ثلاث مرات في المانيا وحده وبين تجربة سمر نصار التي تعرض لأول مرة في حياتها خلق نوعاً من التضامن ليس بين الفنان المتمرس والآخر المبتدئ فقط، ولكن بين التجارب بحيث لا يمكن للناظر أن يعرف مدى الفرق بين كل من لوحة جورج وسمر لانه يقف امام اعمال ناجزة ومكتملة البناء. وهو الامر الذي يكشف حالة نادرة سمتها الاساسية هي الاندماج بين كل الاعمال المعروضة، فأحد الفنانين وهو رجا البنا قال "لست خريج الجامعة انا فقط خريج الحياة في طفولتي كان الرسم في المدرسة ممنوعاً وكنت ارسم على كتبي ولم يكن يخلو من رسوماتي أي كتاب" ورجا الذي ترك المدرسة في وقت مبكر نتيجة ظروفه الخاصة استمر في الرسم دون أن يكون عنده لغاية اليوم مكان يرسم به، فهو يرسم على الطريق وفي فترات الاستراحة القليلة التي يأخذها من عمله اما مرسمه فهو معه في الحقيبة التي يحملها عدة قليلة دفتر واقلام والوان وهذا هو كل شيء يقول رجا .. ورغم ذلك فإن لوحاته تلاقي اقبالاً واندهاشاً عند كل رواد المعرض. الخروج من تجربة الحياة لا يقتصر على
رجا وحده فزميله في المعرض ربيع صافي يشاركه تقريباً نفس التجربة، ولكنه يمتاز بحس التمرد على كافة المدارس في الرسم، ولا يتورع ان يقول بدأت العام 1995وكانت تجربتي يومذاك فاشلة جداً ولكنه بعد ذلك بدأ على تطوير حساسيته الفنية وشارك في عدة معارض جماعية مع آخرين واقام ثلاثة معارض فردية، واليوم يقول ربيع "لا انظر الى تجربتي على انها مكتملة بل يلزمني الكثير من العمل والتجريب وقد فشلت في البداية لاني لم اكن ناجحاً لونياً" وهو يتعاكس مع تجربة مايا الرافعي التي بدأت الرسم "منذ كنت صغيرة وتعلمت في عدة معاهد قبل ان انتقل الى الاكاديمية واتخرج في العام 1998" وتجربتها غنية بالالوان ودقيقة التفاصيل وهي تعمل وفق القوانين الاكاديمية الصارمة لأنها تنتمي الى المدرسة الانطباعية الواقعية ورغم انها لم تقم لغاية اليوم أي معرض فردي لأعمالها، فإنها ستقيم معرضاً في القريب ولكن بحسب وجهة نظرها ليس ضرورياً اقامة المعارض بقدر ما هو مهم العمل الجدي على الاسلوب لأجل تطويره الرؤية التي وافقتها عليها لودي صبرا التي تخرجت من كلية الفنون العام 2**1وتهوى الانطباعية وتحب مونيه، وتشاركها زميلتها ريما عاصي التي تنحاز الى الاسلوب الواقعي وتتجه الى
ابراز الظل والنور في اعمالها. ولكن هذه التجربة لا تلقى ترحيباً من قبل لين الحسيني التي تعمل على التركيب "الكولاج" بمواد مختلفة وهي وان كانت تنحاز الى تجربتها إلا انها تجد ان أهمية الفن انه يعطينا نماذج مختلفة عن بعضها وهذا الامر، يغني تجربة كل مشارك منا والفن هو الحرية في النهاية وهي وجهة نظر تتقاطع مع نظرة رانيا طبارة وهي من المؤسسين لهذا المعرض وشاركت للمرة الثانية بعملين وتتجه نحو التجريد الذي يمثل بحسب قولها "رؤية غير واقعية" وهذا لا يتعارض مع الذوق العام اذ تلاحظ ان الناس غير المعنيين او المحترفين يجذبهم اللون والانسجام داخل اللوحة وبهذا يكون كل واحد له قراءة خاصة وهو يترجم اللوحة وفق مفهومه الشخصي لها وتقول رانيا تعليقاً على المدرسة الواقعية انها لا تحب اللوحة المقروءة فالكاميرا قادرة على تصوير الواقع افضل مني. اما عايدة حسنة التي تعمل محامية وقد اشتركت بلوحة واحدة فإنها تقول عن تجربتها من خلال لوحتها التي لا تعمل على محاكاة الواقع بقدر ما هي محاكاة لفكرة تتجسد داخلها فهي تعبر عن تجربة شخص مع مرض القلب "وددت ان أجسد خيانة الجسد لأرواحنا الفتية، وهذه هي في النهاية تحولات الحياة". اما لوحة البورتريه الوحي
دة في المعرض وهي لوحة قاسية عنونها صاحبها هراتش عينتا بليان ب (نظرة ضبابية) فهي من اكثر الاعمال المعروضة تأثيراً اذ تصور الانسانية في رجل يعيش اكثر لحظات حياته مأساوية.
ورغم ذلك فإن المعرض فيه اعمال واعدة كثيرة لن تلبث في السنوات اللاحقة ان تفاجئنا برؤى تكسر شيئاً من الفن النمطي السائد وتعطي الامل الذي يربيه هؤلاء الشباب كل واحد منهم بقدراته الفردية ولكن بنظرته غير اليائسة للحياة او بحسب قول الشاعر حمود درويش "نحن نربي الأمل".

سيف الاسلام
30 - 6 - 2004, 02:21 PM
مشكوووووووووور اخوي الجعيد على جهودك العظيمة في هذا المنتدى
وعلى موضوعك الرائع
تقبل تحياتي واحترامي

الجعيد
30 - 6 - 2004, 11:18 PM
هلا بيك سيف

وسلمت ها اليدين