ابولمى
7 - 6 - 2004, 04:03 AM
الأمن... مقرر دراسي لم يزل البحث عنه جاريا
خالد صالح السيف*
"1"
أطفال... ثمة من يكبرهم قليلا... هاهنا من ناهز الحلم... تكدست بهم: (قاعة المحكمة)، العلامة الفارقة التي تنتظمهم: احديداب في الظهر،... شيء أسود يتأبطونه لم أتبينه بعد..، إبان أي تحرك يصدر عنهم تأوهات ألم..، ما كدت أجد فارقًا كبيرًا بين قاماتهم، ذلك أن انحناءتهم كما الركوع، جعلتهم عندي سواء.
القاضي يقلب بين يديه إضبارة منتفخة ويحوقل... ويتوجه إليهم بقوله: ارفعوا رؤوسكم، ألم يعلموكم في المدرسة أن هذا الفعل لا يصح إلا لله تعالى؟.
بلى يا ***... وقد فقهنا ذلك في درس التوحيد - قالها أصغرهم -
مسد ال*** (القاضي) طرف لحيته بقبضة يده، ثم أردف: أي فقه هذا الذي لا يثمر عملا...؟
لم يشأ من ناهز فيهم الحلم، أن يفوت معاناته فصاح: يا ***... من أجل ما طننته ركوعاً من لدنا، جئناك - بسبب منه - نعرض شكاتنا.
وقبل أن ينبس ال*** ببنت شفة، استل الجميع من تحت آباطهم ذلك الشيء الأسود الذي لم أتبينه بادئ الأمر، وإذ بها (أشعة)، أشهروها بوجه القاضي (...) صدر الحكم القضائي بإدانة. حقائب الطلاب المدرسية وتم تجريمها بما جنته من فعل تقويس الظهر وانزلاقات غضروفية مزمنة، طالت أبرز مخرجات تعليمنا وهو الطالب ليُعرف فيما بعد بأحدب وزارة التربية والتعليم ليضارع بذلك شهرة أحدب نوتردام. وإذن بقدر من عبقريتك النافذة تكون عظمة حدبتك... لكم أتمنى عليكم أن تقرأوا رواية أحدب نوتردام لعلكم أن تغفروا لي هاته المقارنة.
"2"
الحقيبة المدرسية باتت تشكو سمنة وترهلاً، مما أفقدها اللياقة المعرفية، وبالتالي تكونت لديها القابلية تلقائيا لأيما مرض منهجي، ينخر في بنيتنا التعليمية، وبحسب هذا الانتفاخ في حقائب تلامذتنا أن يسفر عن العقل التلقيني ـ الحشوي الذي يمد خزانة الحقائب بمناهج الثقلين.
"3"
ناولني حقيبة أي تلميذ في - العالم بأسره - دعني أقلبها بين يدي، سأخبرك حينها عن المستقبل الذي سيؤول إليه تلامذة ذلك البلد.
"4"
انتزعت حقائب أبناء إخوتي - في مراحل دراسية مختلفة - ورحت أستخرج ما اكتنزته من كتب مدرسية... هالني عددها الكمي الوافر... وطفقت أخرج كتابا فكتابا... حتى غشاني نوم لم أكن قد عرفته من ذي قبل... أفقت وأنا لم أنته - بعد - من استعراضها.
"5"
ثمة متواليات من أفعال إجرامية نكدة طالت هذا البلد وأهله ومن شاركهم العيش فيه، كان بدء استئنافها في العليا ولعل أن يكون آخرها - بإذن الله تعالى - ما كان في الخبر... ولم تزل حقائب تلامذتنا تتضخم... بذات الكم من الكتب... غير أني افتقدت كتابا ظننتني - في ظل هذه الأحداث المتعاقبة - أن ألقاه في مقدمتها... غير أني لم أظفر به وللتو، على الرغم من مسيس الحاجة الملحة إليه باتفاق الجميع ولا مشاحة في ذلك فيما أظن.
"6"
لربما أن يكون النقص إنما جاءني من حقائب أبناء إخوتي... رجوتكم أن تبحثوا في حقائب أبنائكم... كرروا البحث ثانية وثالثة... آه... يؤلمني أن تكونوا - مثلي - لم تظفروا بالكتاب ذاته الذي أبحث عنه.
"7"
لم أكن أعني سوى كتاب "الأمن" على اعتباره مقررا يؤسس لمنهجية أمنية فاعلة، ينفعل فيها الطالب وعيا بمدركات الأمن، بحسبان هذا - المقرر الكتاب - يعني بكل ما من شأنه إثراء الأبعاد الأمنية في ذهنية طالب إن لم نمارس - نحن - تفعيل ذلك بوعيه وإلا فلا ريب - أن ستتنازعه منا - إن نحن توانينا - تباينات مناهج وافدة وأيديولوجيات مستوردة ستتوسل التقانة الجديدة في سبيل أن تحقق مآربها، ذلك أن العالم لم تعد تفصل بينه الجدران أو أن تنقفل دون حجرات العالم الأبواب.
"8"
أتفاءل كثيرا... كما أنتم معي كذلك، ونحن في انتظار مقرر دراسي جديد في الأمن... يأتي وفق دراسة شاملة واعية تتخذ من سياسة هذا البلد الشرعية لها منطلقا وتأسيسا لكافة الأبعاد الأمنية في سبيل تحقيق تنمية بشرية وذلك في حفظ إنسانه بضرورياته الخمس... وبحفظ أرضه وموارده... وبحفظ سلطته السياسية وهيبتها.
*أكاديمي سعودي في جامعة الإمام
http://www.alwatan.com.sa/daily/2**4-06-07/writers/writers09.htm
خالد صالح السيف*
"1"
أطفال... ثمة من يكبرهم قليلا... هاهنا من ناهز الحلم... تكدست بهم: (قاعة المحكمة)، العلامة الفارقة التي تنتظمهم: احديداب في الظهر،... شيء أسود يتأبطونه لم أتبينه بعد..، إبان أي تحرك يصدر عنهم تأوهات ألم..، ما كدت أجد فارقًا كبيرًا بين قاماتهم، ذلك أن انحناءتهم كما الركوع، جعلتهم عندي سواء.
القاضي يقلب بين يديه إضبارة منتفخة ويحوقل... ويتوجه إليهم بقوله: ارفعوا رؤوسكم، ألم يعلموكم في المدرسة أن هذا الفعل لا يصح إلا لله تعالى؟.
بلى يا ***... وقد فقهنا ذلك في درس التوحيد - قالها أصغرهم -
مسد ال*** (القاضي) طرف لحيته بقبضة يده، ثم أردف: أي فقه هذا الذي لا يثمر عملا...؟
لم يشأ من ناهز فيهم الحلم، أن يفوت معاناته فصاح: يا ***... من أجل ما طننته ركوعاً من لدنا، جئناك - بسبب منه - نعرض شكاتنا.
وقبل أن ينبس ال*** ببنت شفة، استل الجميع من تحت آباطهم ذلك الشيء الأسود الذي لم أتبينه بادئ الأمر، وإذ بها (أشعة)، أشهروها بوجه القاضي (...) صدر الحكم القضائي بإدانة. حقائب الطلاب المدرسية وتم تجريمها بما جنته من فعل تقويس الظهر وانزلاقات غضروفية مزمنة، طالت أبرز مخرجات تعليمنا وهو الطالب ليُعرف فيما بعد بأحدب وزارة التربية والتعليم ليضارع بذلك شهرة أحدب نوتردام. وإذن بقدر من عبقريتك النافذة تكون عظمة حدبتك... لكم أتمنى عليكم أن تقرأوا رواية أحدب نوتردام لعلكم أن تغفروا لي هاته المقارنة.
"2"
الحقيبة المدرسية باتت تشكو سمنة وترهلاً، مما أفقدها اللياقة المعرفية، وبالتالي تكونت لديها القابلية تلقائيا لأيما مرض منهجي، ينخر في بنيتنا التعليمية، وبحسب هذا الانتفاخ في حقائب تلامذتنا أن يسفر عن العقل التلقيني ـ الحشوي الذي يمد خزانة الحقائب بمناهج الثقلين.
"3"
ناولني حقيبة أي تلميذ في - العالم بأسره - دعني أقلبها بين يدي، سأخبرك حينها عن المستقبل الذي سيؤول إليه تلامذة ذلك البلد.
"4"
انتزعت حقائب أبناء إخوتي - في مراحل دراسية مختلفة - ورحت أستخرج ما اكتنزته من كتب مدرسية... هالني عددها الكمي الوافر... وطفقت أخرج كتابا فكتابا... حتى غشاني نوم لم أكن قد عرفته من ذي قبل... أفقت وأنا لم أنته - بعد - من استعراضها.
"5"
ثمة متواليات من أفعال إجرامية نكدة طالت هذا البلد وأهله ومن شاركهم العيش فيه، كان بدء استئنافها في العليا ولعل أن يكون آخرها - بإذن الله تعالى - ما كان في الخبر... ولم تزل حقائب تلامذتنا تتضخم... بذات الكم من الكتب... غير أني افتقدت كتابا ظننتني - في ظل هذه الأحداث المتعاقبة - أن ألقاه في مقدمتها... غير أني لم أظفر به وللتو، على الرغم من مسيس الحاجة الملحة إليه باتفاق الجميع ولا مشاحة في ذلك فيما أظن.
"6"
لربما أن يكون النقص إنما جاءني من حقائب أبناء إخوتي... رجوتكم أن تبحثوا في حقائب أبنائكم... كرروا البحث ثانية وثالثة... آه... يؤلمني أن تكونوا - مثلي - لم تظفروا بالكتاب ذاته الذي أبحث عنه.
"7"
لم أكن أعني سوى كتاب "الأمن" على اعتباره مقررا يؤسس لمنهجية أمنية فاعلة، ينفعل فيها الطالب وعيا بمدركات الأمن، بحسبان هذا - المقرر الكتاب - يعني بكل ما من شأنه إثراء الأبعاد الأمنية في ذهنية طالب إن لم نمارس - نحن - تفعيل ذلك بوعيه وإلا فلا ريب - أن ستتنازعه منا - إن نحن توانينا - تباينات مناهج وافدة وأيديولوجيات مستوردة ستتوسل التقانة الجديدة في سبيل أن تحقق مآربها، ذلك أن العالم لم تعد تفصل بينه الجدران أو أن تنقفل دون حجرات العالم الأبواب.
"8"
أتفاءل كثيرا... كما أنتم معي كذلك، ونحن في انتظار مقرر دراسي جديد في الأمن... يأتي وفق دراسة شاملة واعية تتخذ من سياسة هذا البلد الشرعية لها منطلقا وتأسيسا لكافة الأبعاد الأمنية في سبيل تحقيق تنمية بشرية وذلك في حفظ إنسانه بضرورياته الخمس... وبحفظ أرضه وموارده... وبحفظ سلطته السياسية وهيبتها.
*أكاديمي سعودي في جامعة الإمام
http://www.alwatan.com.sa/daily/2**4-06-07/writers/writers09.htm