المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جولة قرآنية في الكون والنفس


 


فاقده غالي
14 - 5 - 2011, 04:10 PM
جولة قرآنية في الكون والنفس
* سيد قطب

(أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ * أَمَّنْ جَعَلَ الأرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (النمل/ 60-61).

السماوات والأرض والأرض حقيقة لا يمكن إنكار وجودها، ولا يملك أن يدعي أحد أنّه خلقها، والبداهة تصرخ بوجه هذا الإدعاء.

فهذا الكون الفسيح بما فيه من مجرات تسير وفق نظام لا يختل شعيرة، ولا يغادر صغيرة يدل على أنّ لهذا الكون خالقاً ومدبراً واحداً أحداً.

والماء النازل من السماء حقيقة كذلك مشهودة يستحيل إنكارها.

لقد فطر الله السماوات والأرض وفق النامس الذي يسمح بنزول المطر بهذا القدر الذي توجد به الحياة على النحو الذي وجدت به، فما يمكن أن يقع هذا مصادفة،

هذا التخصيص الذي يعبر عنه القرآن الكريم بقوله: (وأنزَلَ لَكُم..)، والقرآن يوجه القلوب والأبصار إلى الآثار العجيبة المحيية لهذا الماء المنزل من السماء للناس وفق حاجة حياتهم.

ناظراً فيه إلى وجودهم وحاجاتهم وضروراتهم.
فأنبتنا به حدائق ذات بهجة حية جميلة مفرحة.

ومنظر الحدائق يبعث في القلب البهجة والحيوية والنشاط، وتأمل تلك البهجة كفيل بأحياء القلوب، وتدبر آثار الإبداع في الحدائق بتمجيد الصانع الذي أبدع هذا المجال العجيب،

وان تلوين زهرة واحد وتنسيقها ليعجز عنه أعظم رجال الفنون من البشر، وان إختلاف الألوان وتناسقها في الزهرة والفراشة يعجز عنه أعظم الفنانيين.

هذه الآيات ما من بشر يستطيع أن يصنعها ولا يأتي بمعشار منها، وهذه الأسرار الغامضة في خلقة النبات والحيوان وكل ما خلق الله أمور تدعو إلى التأمل في مَن صنعها ووهبها كل هذا الجمال بهذه الطريقة،

وهذا الإتقان.. هل بإمكان أحد أن يصنع مثلها؟.
هل هناك إله شارك الله في هذا الإبداع المتقن؟

ولكن هؤلاء المشركين يحيدون عن الحق الواضح البيّن حيث يجعلون مع الله آلهة أُخرى ويعبدون غيره، وهو وحده المستحق للعبادة والتأمل.

لقد جعل الله الأرض قراراً للحياة، مستقراً للإنسان وأوجد فيها ما يلزم لحياة المخلوقات في نظام شمسها وقمرها، وحركتها وسرعة دورانها حول نفسها ودورة القمر حولها،

وسرعتها في دورانها حول الشمس، كل هذه أمور لا يمكن أن تتم صدفة ولقد تناسقت تناسقاً عجيباً مذهلاً، ولو تغيّر شيء منها لتغير كل شيء،

قال تعالى: (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ) (الملك/ 3-4).


ثمّ يأت ليتحدث عن الحياة، ولولا المياه لما كانت هناك حياة،

(وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) (الأنبياء/ 30)، وصمم نظام تكوّن السحاب وأنزل المطر، وأجرى الأنهار والبحار، ولا يمكن لأحد أن يدعي أن هناك مَن خلق كل هذا الإبداع، فهل غير الله مَن دبّر كل هذا؟!

ثمّ جعل الجبار وهي ثابتة لا تتحرك وهي بمثابة منابع للأنهار حيث تجري منها المياه إلى الوديان وتشق مجراها بسبب تدفقها من قمم الجبال العالية بقوة عجيبة.

والرواسي الثابتة هذه تقابل في الصنع الأنهار الجارية، فتلك بوقتها وصلابتها، وهذه بسهولتها وليونتها.
ثمّ يأتي يحدثنا عن آية أخرى من آيات إبداعه فيتحدث عن معجزة الماء العذب والماء المالح، وقد سماهما بحرين على سبيل التغليب من حيث مادتهما المشتركة وهي الماء،

والحاجز في الغالب هو الحاجز الطبيعي الذي يجعل البحر لا يفيض على النهر فيفسده إذ أن مستوى سطح النهر أعلى من مستوى سطح البحر وهذا ما يحجز بينهما مع أنّ الأنهار تصب في البحار ولكن مجرى النهر يبقى مستقلاً لا يطغى عليه البحر،

وحتى حين ينخفض سطح النهر عن سطح البحر لسبب من الأسباب فإنّ هذه البحار ومياه الأنهار لا يختلطان, إذ يخف ماء النهر، ويثقل ماء البحر فيبقى كل منهما مميّزاً لا يمتزجان،

ولا يبغي أحدهما على الآخر وهذا من سنن الله في الكون وتصميمه على هذا النحو الدقيق، فمن فعل هذا كله أله مع الله وهذه الحقيقة الكونية تحتاج إلى العليم لذلك،

قال تعالى: (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (الأنبياء/ 24

جابر جابر
16 - 5 - 2011, 11:46 AM
شكرا