المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فــرص سـانحــــة ..


 


ابو يزيد العنزي
28 - 5 - 2004, 01:43 PM
فــرص سـانحــــة ..



إذا أحسست يوما أن لا معنى لحياتك ،


أو أن لا قيمة لك ، أو أنك ضائع محتار ،


فعليك أن تثق تماما أن شرخا كبيرا قد حدث في أعماق قلبك ،


وعليك أن توقن أنك لن تجد نفسك حقا


مهما تقلبت في أفانين هذه الحياة وشهواته ،


لا تجد نفسك إلا في رحاب الإيمان ..


إن نعم الله عز وجل تتوالى في كل لحظة ، بل في كل ثانية ،


بل في كل نفس يتردد في رئتك ،


تغمرك كما تغمر السماء الأرض من أقصاها إلى أقصاها ،


فكان حري بك – لو كنت عاقلا – أن تعترف للمنعم بنعمته ،


ليس اعتراف لسان فحسب ، فهذا أمر يجيده كل طفل في العالم !!


ولكن اعتراف حب والتزام وشوق ،


اعتراف يجعلك دوما رهن اشارته ،


فإذا أصبحت كذلك كنت رائعا في الأرض ، عظيما في السماء ..


حقيقة أكدتها النصوص ، وشهد بها التاريخ :


أنه ما من إنسان يقدح الإيمان قلبه قدحا صحيحا


إلا وتراه من أحرص الناس على طاعة الله والتزام تعاليمه :


صغيرها وكبيرها ، في داخل ذاته ، وفي محيط أسرته ،


وفي دائرة المحيطين به ، في العمل ومع الجوار وفي الحي ..


وعلى العكس :


ما من إنسان تراه يأخذ من الإسلام ما يهوى ، ويدع ما سواه ،


أو يتفلت من تعاليم الله تحت طائلة المعاذير ،


إلا وتستطيع أن تجزم أن أنوار الإيمان لم تنسكب بقوة


في القلب هذا المخلوق ، ولم تعلم عملها معه ، وذلك لأنه يتهيأ بشكل صحيح لرحمات الله حتى تغمره ..ومن ثم فعليك أيها المسلم


أن تتحسس قلبك في كل وقت كلما رأيت زوغانا أو تفلتا


عن جزئيه من تعاليم الله سبحانه ،


ثم سارع لتمد هذا القلب بما يحتاجه من غذاء الإيمان وشراب اليقين ..


إن هذا الدين إنما جاء ليصنع للإنسان إنسانيته ، ويطهره ،


ويزكيه ويسمو به فوق ترهات الأرض ،


مهما كان عنف ضغطها على نفسه ،


إن البذور التي يلقيها الإسلام هذا الإنسان كفيلة


أن تنبت في أعماقه شجرة سامقة ضاربة الجذور ،


وفروعها في السماء ، تؤتي أكلها كل حين ، ولكن بشرط واحد


هو أن يتهيأ هذا الإنسان جيدا لاستقبال أنوار الهداية ،


وااشعاعاتها القوية ، ذلك بأن يعزم عزما اكيدا على


أن يصطلح مع الله سبحانه ، ويقبل عليه بصدق وعزيمة وإصرار ..


الإسلام في جوهرة عبارة عن عملية تغيير شاملة ،


تبدأ بأن تستنير هذا القلب أولا ، فتستقيم الجوارح جميعها بعد ذلك ،


فما أن يتغلغل الإيمان في شعاب القلب حتى يحيله نورا مملوءا شفافية


فاذا هو شديد الحساسية والمحاسبة لنفسه ،


هذا اللسان مثلا ها هو قد أصبح منضبطا في مسار ،


لا يكاد يخرج من دائرة الذكر والتذكير ، والنصح والإرشاد ،


والتوجيه ، والمزاح بالحق الخالص ، ينتقى أطايب الكلام ،


ينتقي العقلاء أطايب الثمر .. فإن رأيت لسانك يحوم في كل الوديان ،


ويغرف من كل مستنقع ، لا يشعر برقيب عليه ، ومحاسب له ،


فخذ من ذلك إشارة جادة ، أن خللا ما يوجد الآن في قلبك ،


وعليك أن تبادر في إصلاحه ،


وإصلاح قلبك لن يكون إلا بالإنصهار في تعاليم ربك عز وجل


(( ألا بذكر الله تطمئن القلوب )) وكثير من العبادات إنما هي :


ذكر خالص واضح لله عز وجل ..


وفي الحديث يخبر رسولك ****** محمد (صلى الله عليه وسلم ):


أن لله في أيامك هذه لنفحات رائعات ..


فاجتهد على أن تتعرض لها ، فإن نفحة من نفحات الرحمة الخاصة ،


إذا هبت على قلبك ،وامطرت عليه سحائبها :


أحالت هذا القلب حيا بعد موات ، وخصبا بعد جدب ..


المهم أن تخطو بصدق ، فتضع قدمك على الطريق الصحيح في إصرار ،


ولا عليك من كثرة الهلكى ، فإذا خطوت في إخلاص وحرارة وعزم


نبت لك الطريق كله روح وريحان ، لأنه قد أزهر تحت رجليك ..!




وها أنا أسوق إليك حديثا لو فقهته جيدا ،


فإنه يحملك حملا على دخول معركة لا هوادة فيها مع أهوائك وشياطينك


من أجل الله سبحانه ، ومن أجل تحصيل سعادة الدنيا ، ومجد الآخرة ،


فاقرأ وتدبر ، وتذوق وتفكر ، وحاسب نفسك على ضوء هذه الإشراقات :




عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :


قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) :


أن الله تعالى قال : من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ..


وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ،


وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ،


فإذا أحببته : ( كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ،


ويده التي يبطش بها ، وإن سألني أعطيه ، ولئن استعاذني لأعيذه )


البخاري ..


ألا ما أحوج أمتنا إلى هذا النموذج الممتاز من الناس ،


وكل مسلم مطالب أن يجاهد نفسه ليصل إلى هذا الذرا الرفيعة ..


وبداية الطريق خطوة ، هذه الخطوة هي :


أن تقرر أن تتخلع من حياة بعيدة عن الله ،


لتستأنف حياة كلها مع الله ولله ، وبالله ..


ولمثل هذه النفوس قد أعد الله جنته ، وزخرفها وزينها بيده سبحانه ، وسيكرمها في الدنيا بالإطمئنان والسكينة والعز والتكمين ..




قوم همومهم بـالله قـد عـلقـت *** فما لهم همم تسمو إلى أحـد


فمطلـب القوم مولاهـم وسيدهـم *** يا حسن مطلبهم للواحد الأحد


منقول