المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من اين يبدأالوطن يا سيدي


 


م.ع.ل.م.ة
15 - 10 - 2009, 04:36 PM
السلام عليكم
(الموضوع متعوب عليه)

تصحرتْ شفاهُ الجائعين ، ومئذنةُ سيدنا تنادي أنْ اغرسوا فيها كلمةَ وطن

وكلما غمسناها في فمٍ جائعٍ قال : لا أجدُ فيها طعمَ خبز !


اثنان ياسيدي لا يمكن أن نقنعهما بمعنى الوطن .. :

مترفٌ ، مترعٌ ، بَشِمٌ ، لايعرفُ رائحةَ الوطن إلا في تجَشُّئه .

وجائعٌ ، عارٍ ، معدومٌ ، لا يعرفُ الوطنَ إلا في جُشاءِ المتخمين !


حين تطلبُ منّا أن نخيطَ في قلوبهم ملحمةَ ( سارعي للمجد .. )

فهلاّ أخبرتنا ؟


من أين ياسيدي يبدأ الوطن ؟

من أين ..


.. من ليلةٍ أرسلتْ السماءُ فيها أربعين رجلاً / مَلَكاً

يخبئون الفجرَ في حوافر خيلهم , يحملون وثيقةَ القدر !

أم يبدأ من حُجرةٍ قصيّةٍ يغمضُ عليها المصمك جفنيه !


.. أم من أول دفقةٍ لدم الشيطان الأسود عندما اتخذ الوطنُ نكهةً بتروليةً بامتيازٍ سعودي

أم أنه يبدأ فقط في أول كل صباح ، حين نصطفُ للنشيد الوطني ؟ !

أم في نهاية كل شهر حين نحلبُ ضرعَه عبر آلاف الحلْماتِ المبثوثةِ في كل الشوارع ؟ !


من أين يبدأ الوطنُ يا سيدي ؟

....

تنامُ أمي في غرفةٍ للموت المؤجل تنتظرُ موعداً لزراعة الكبد ..

موعدٌ يخوضُ سباقاً مع الموت ، تتفتّتُ كبدُها شيئاً فشيئاً

وكلُ ما تفعلهُ أنها تبصقها دماً ، وكلُ ما أفعلُه أنني أتلقى فتيتَ كبدها بيدي

أمسحُ أطهرَ فمٍ سمعتُ منه مرةً كلمةَ وطن ..

نخفي عنها أخبارَ من استسلموا حين أرهقتهم عذاباتُ الانتظار

فمواعيدُ الموت أصدقُ وأرحم ولا تحتاج أن نريقَ ماء وجوهنا في استجداء حُجّابك

فقط تحتاجُ منّا أن نريقَ أرواحنا ياوطن !


في غرفةِ الموت المؤجل هذه ، تلفازٌ معلقٌ لا يختلفُ كثيراً عن المغذيات المعلقة إلى يد أمي

كلاهما لمخادعة الأوجاع فقط .. فقط يا سيدي !


خرج مذيعكم الوسيم يزفُّ لنا خبرَ أمركم السامي بفصل توأمين سياميين

جيئ بهما من أقصى بلاد الشرق ..

كنتُ أستمع ، وأمي كانت تستمع .. سألتُ نفسي عندها

من أين تبدأ ياوطن ؟

في ضجيج هذا السؤال تحركت أمي ونظرت إليّ تريدُ أن تقول شيئاً

كنتُ أضعُ منديلاً على فمها ، أزاحت يدي فغرغرت عيناي بالدموع

عرفتُ أنّ الألم الذي اعتراني بسبب هذا الخبر قد اعتراها هي كذلك

لم أكن أريدها انْ تشعر بأي ألمٍ فوق ما تعاني ، فكيف حين يكون ألمَ وطن !


أمي ياسيدي سعلت قليلاً ثم بصقت من كبدها قليلاً ثم قالت :
( الله يديمهم ، يا كثر خيرهم ) !

لم تحملني قدماي ياسيدي فجثوتُ بجانب سريرها وخبأتُ رأسي في حضنها

وصرتُ أجهشُ بالبكاء ويدها تمسحُ رأسي وكأنني أنا من يبصقُ كبده وليس هي !

أردتُ أنْ أمسحَ دمعي لأنه سيؤلمها ، وكان المنديل قد سقط وتخضبت يدي بدمها

فشممتُ ياسيدي رائحةَ كبدها ، كانت رائحةَ وطن ..

فمن أين يبدأ الوطنُ ياسيدي

هنا شعبان
19 - 10 - 2009, 08:04 PM
القصيدة جدا رائعة بورك من كتبها وإني أرى أن الوطن يبدأ من عنده ومن أمثاله الغيورين على الأمة

ولد الهلال
22 - 10 - 2009, 07:14 PM
مشكوره اختي معلمة
على هذي القصيد الرائعه..
دمتي بخير ..
تحياتي ..
ولد الهلال..

م.ع.ل.م.ة
25 - 10 - 2009, 07:16 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لكم جميعا
(هنا اشعبان - ابن ثقل9