المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإعجاز العلمي


 


فتي طويرق
10 - 1 - 2009, 03:24 AM
:)
و رحمة الله و بركاته
المقال نفيس و جد مشوق فالرجاء قراءته بتمعن
تمهيــــد

لوحظ انتشار ما يسمى بالإعجاز العلمي في القرآن والسنة، حتى أصبح وكأنه "موضة" يجب متابعة كل جديد في هذا المجال والبحث عن أحدث ما يصدر ويخرج الى "الأسواق"، وكنت قد كتبت بعض الردود في أكثر من موضوع أحاول من خلالها مناقشة هذه الإشكالية، وخطر لي أن أحاول تنظيمها فيموضوع مستقل لمزيد من الحوار والنقاش..

يبدو أن الوضع العقلي والفكري المتردي الذي يسود في عالم العرب *****لمين يطبع كل ما ينتجونه من إنتاج فكري وثقافي، في الوقت الحالي، ومنذ عدة قرون تقريباً، يطبعه بالتبعية والشعور بالنقص،نظراً لوضعهم الحضاري الذي يرثى له، فالسمة الغالبة هي السطحية والخلو من العمق والجدية، وعدم وجود منهجية محددة يمكن من خلالها فهم وتفسير ما تقع عليه العين..
وفي الغالب فإن ما يسمى بالإعجاز العلمي لم يخرج عن هذا السياق، وهذه هي وجهة النظر التي سأحاول توضيحها هنا، وأعرضها للحوار الجاد بعيداً عن العواطف والإنفعالات.

الإيمان.. بالعقل أم بالقلب؟؟
بداية؛ يبدو أن كلمة "الإيمان" يكتنفها غموض لدى الكثيرين وليست بالوضوح الكافي لديهم، فيترتب على هذا الكثير من خلط الأمور ببعضها وربما الإنزلاق إلى زلاتٍ وعثرات هم في غنى عنها.. وكل هذا يكون بحسن نية ومن دون تعمد أو إرادة واعية..
إن الإيمان لا يكون في الأصل إلا بالقلب، أي بالباطن، وليس بالعقل،فالعقل للفهم والتفسير والإقتناع، فالإيمان بأمر ما يكون عبارة عن اليقين الثابتفي(قلب) المؤمن بهذا الأمر، حتى لو لم يقبل العقل هذا الأمر، فالعقل محدود بالواقع الذي يكون حاضراً أمامه وقدرته على التفسير والفهم تقف عند حدٍ معين لا يمكنهتجاوزه، وهنا أي عند هذا الحد، يأتي دور الإيمان. وخلاصة القول أن الإيمان غالباً يكون بأمر غيبي غير مشهود، ولكنه يستقر في القلب ويكون يقيناً ثابتاً لا يتزعزع،ولو حدث أن تعارض أمر إيماني أوحى به الله تعالى مع فهم العقل وتفسيره فليس هذالخطأ في الأمر الديني ولكنه لقصورٍ في العقل واستدلالاته..
ونستدل على أن الإيمان لا يكون إلا بالقلب أولا من كقول الله تعالى في سورة الحجرات(قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُواأَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) الحجرات 14،فالإيمان محله القلب وليس العقل، وكذلك ما ورد في حديث رسول الله صلى الله عليهوسلم الذي رواه مسلم في صحيحه عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال: بينما نحن عندالرسول صلى الله عليه وسلم ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سوادالشعر، لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه أحد منا، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليهوسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع يديه على فخذيه. وقال: يا محمد أخبرني عنالإسلام؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأنمحمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعتإليه سبيلاً. قال: صدقت. قال: فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال: فأخبرني عن الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر،وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان؟ قال: أن تعبدالله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. قال: فأخبرني عن الساعة.قال: ماالمسؤول عنها بأعلم من السائل. قال: أخبرني عن أمارتها؟ قال: أن تلد الأمة ربتها،وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان. قال: ثم انطلق فلبثتملياً، ثم قال لي: يا عمر: أتدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: فإنهجبريل أتاكم يعلمكم دينكم.

فواضح وظاهر أنالإيمان يكون بالقلب وهو إيمان بأمور غيبية ، ومن ثم فهو إيمان، فنحن لا نرى اللهولا الملائكة ولم نرَ الوحي وهو ينزل وليس لدينا دليل عقلي واقعي على اليوم الآخر،ولكنا (نؤمن) بها، حتى وإن كان العقل لا يملك ما يدلل به على كل هذا، فالإيمان إذنلا يكون بالعقل.. إنما هو بالقلب أولاً ثم يأتي العقل في مرحلة لاحقة1..
** يتبع **
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- كلامه مبهم عن الإيمان فلم يدخل فيه القول باللسان وعمل الجوارح كما هو مذهب أهل السنة...إلا أن يقصد به هنا أحد معانيه وهو التصديق ...لأن سياق الكلام يدل عليه ...فهو يتحدث عن المغيبات وبمالا لاتدركه العقول....فهذه لا دخل لعمل الجوارح فيها ولا القول باللسان..والله أعلم.

فتي طويرق
10 - 1 - 2009, 03:26 AM
كيف كانت الصورة قبل الكشوف العلمية؟



ما علاقة هذا إذن بموضوعنا عن الإعجاز العلمي في القرآن والسنة؟؟


قبل ظهور هذه الكشوفات العلمية والفيزيائية كيف كان موقف السابقين عبر كل تلك القرون الماضية؟؟


ألم يكونوا (مؤمنين) بأن القرآن من عند الله وليس من عند رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم؟! كلا!.. فلم يكن أحد منهم - بداية من الصحابة رضوان الله عليهم حتى ما قبل الكشف العلمي الحديث - بحاجة الى دليل علمي أو إثبات فيزيائي لفكرة علمية في الفلك أو الطب أو الذرة أو غيرها من الأمور التي شاعت في زمننا هذا، لأنهم آمنوا أولاً ومن ثم وقر هذا الإيمان في القلب، فعملوا بما آمنوا به ولم ينتظروا ليتحدثوا عن علوم فيزيائية أو طبية أو هندسية في كتاب الله تعالى..




الإله&#16**;&#16**;ي.. والبش&#16**;&#16**;&#16**;ري..





ننتقل إلى نقطة أخرى وهي أنني لا أدري كيف يمكن إخضاع ما هو وحي وإلهي وثابت لما هو بشري ونسبي ومتغير.. فالعلم مرتبط بظروف عصره ومكانه، وما يأتي لاحقاً قد يغير أو يلغي ما كان سابقاً وما كان يُعتقد أنه علم ثابت... فأينشتين جاء ليغير المشهد العلمي الذي كان سائداً منذ نيوتن، والثورات العلمية تلغي بعضها بعضا، فليس من العقل الحكم على القرآن أو الحديث النبوي الشريف بمنجزات علمية عصرية، قد يأتي من يغير من صورتها.. ثم إن الإيمان لا يشترط أن يثبت لنا العلم ما هو في النص،


فهل كان على الصحابة الكريم أن يواصلوا شرب الخمر حتى يأتي العلم ليثبت لهم أن الخمر تسبب أمراض كذا وكذا ، وكذلك لحم الخنزير.. هل كان عليهم ان ينتظروا اثبات العلم لكذا أو كذا..؟؟ كلا !



إذا كان كل شئ واقعاً ومعقولاً فكيف يكون الإيمان؟؟


وهنا أحب أن أوضح أن محاولة رد كل شئ الى العقل والعلم والواقع تؤدي في نهاية المطاف الى أن تبهت شعلة الإيمان شيئاً فشيئاً وهنا يبزغ الشك وتطل الحيرة برأسها ويدخل المرء في متاهات وفوضى لا نهاية لها، وهذا الأمر واضح وظاهر في الغرب، حيث إن المرء هناك لا يؤمن إلا بما يراه وتثبته التجربة والعلم، فالإنسان هناك استبدل بالله إلهاً آخر وهو العلم، وكل حديث عن أمور غيبية أو (ميتافيزيقية) هو من قبيل الخرافات والشعوذات.. وقد تطور هذا الأمر في سياق مختلف عن سياقنا الإسلامي الوجداني، وفي واقع وظروف مختلفة عن ظروفنا وواقعنا،


فهل نقلده أيضاً تقليداً أعمى في هذه النقطة ونحاول أن نُخضع كتاب الله (القرآن!) للنظريات العلمية والعقل القاصر وننحي الإيمان بالقلب جانباً؟؟؟


العلم متغي&#16**;&#16**;ر ونسبي..





عند هذا الحد لا يفوتني أن أقول ما ذكره الأخ الحبيب أحمد ريفولوشن في موضوع سابق، وملخصه أنه ماذا لو جاء كشف علمي آخر في زمن قادم وأثبت خطأ النظرية العلمية التي نتحدث عنها، وهذا حدث كثيراً، فالعلم كما قلت نسبي ومتغير ومرتبط بظروف الزمان والمكان، ماذا لو حدث هذا؟؟ هنا يكون المتحدثون عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم أمام حل من اثنين، إما أن يتزعزع إيمانهم ويعتقدون أن النص الديني به خطأ!! أو يبحثوا عن نظرية أخرى تخطئ النظريةَ الجديدةَ وتثبت لهم ما يريدون إثباته بالعلم والعقل.. ويتحول الأمر الى جدال عقيم ويضيع النص القرآني وتتلاشى الغاية الأولى من القرآن الكريم، وهي أنه كتاب هداية ومنهاج حياة وليس فيزياء او كيمياء..




** يتبع بإذن الله **

فتي طويرق
10 - 1 - 2009, 03:27 AM
لماذا تخلفنا إذن؟؟!



أيضاً هناك نقطة أخرى مهمة تطرح نفسها، إذا كان القرآن الكريم، كما يدعي هؤلاء، كتاباً علمياً وقد قدم لنا كل العلوم الفيزيائية والطبية والكيميائية والهندسية والفلكية وغيرها مما قد يخطر لك على بال، فلماذا لم نستخرج هذه العلوم ولم نتقدم على الغرب، وهنا يكون علينا أن نسبق العالم كله في مراقي التقدم والحضارة وعلينا أن نخرج لساننا للغرب لأن لدينا كل شئ جاهز وحاضر.. ولكننا فقط نترك للآخرين الفتات والبقايا..

(( وهذا إلزام قوي ...وهوما كنت أنبه عنه مرارا انه كلما حدث اكتشاف أو...إلا وسارع بعض مساكيننا للقرآن علهم يجدون ما يوافق هذا الإكتشاف المزعوم ..ثم يخرجوا عليينا : الإعجاز العلمي ي قوله تعالى ........؟؟))


القرآن؛ كتاب هداية ومنهاج حياة أم كتاب عل&#16**;&#16**;وم؟؟!


وهنا يجب التنويه بل والتأكيد على بأن النص الديني، أعني القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، ليس للبحث عن انجاز علمي أو معلومات طبية أو هندسية أو أو.. فالنص بالدرجة الأولى منهج حياة، وهدفه وغايته أوسع وأكبر بكثير من كشف علمي طبي او هندسي أو فلكي أو غير ذلك.. فهنا يتم إهمال أو تجاهل الغاية الأولى من النص وهي كونه منهجاً للحياة وهداية للإنسان، ويتم الوقوف عند أشياء سطحية مؤقتة متغيرة..


الخلط بين المناه&#16**;&#16**;ج..



وأيضاً مما يجدر ذكره أنه داخل ما يسمي بالإعجاز العلمي يتم خلط غريب للأشياء، فيتم الخلط بين المنهج العلمي والمنهج الديني، فالعلم له حدوده ومناهجه التجريبية العقلية، والدين له منهجه الإلهي عن طريق الوحي، والخلط بين هذين المنهجين يشوه صورة كلٍ منهما، فلا يصبح ما هو ديني دينياً، ولا ما هو علمي يبقى علميا، ويختلط الحابل بالنابل..


في الختام أحب أن أوضح أنني لست ضد العلم، فقد درست في فترة سابقة من حياتي دراسة علمية متخصصة، وعلى علم بأكثر هذه النظري&#16**;ات، ومن ثم فإنني لست رافضاً للكشوف العلمية وما حققته النظريات العلمية من انتصاراتٍ خدمت الإنسانية في جانب وأضرت بها في جانب آخر، ولست ممن يودون العودة الى الوراء قروناً وقروناً، ولكني أحب رد الأمور الى حدودها الطبيعية ووضعها في سياقها الصحيح.. حتى لا تتوه منا الحقيقة أو نتوه عنها، أو يتفرق دمها ويضيع.. بين القبائل! أه&#16**; المقال



** يتبع بإذن الله**

فتي طويرق
10 - 1 - 2009, 03:29 AM
كلام أئمة العلم ومنارات الهدى في الإعجاز العلمي



سئل الشيخ الوالد الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني &#16**; رحمه الله وأسكنه فسيح جناته &#16**; :

بالنسبة لكتاب الله عز وجل هل يجوز تفسيره في كل عصر بما يختلف عن العصر السابق؟

فكان الجواب حاسما:
(( أبدا.. هذا هو الضلال المبين ، لا يجوز التلاعب بتفسير القرآن. القرآن كما قال تعالى في القرآن: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} إذًا الرسول قام ببيان القرآن ...)) أ ه&#16**; ( ).




([1])من الشريط: (241) من سلسلة الهدى والنور، [08:34].





*=*=*==*


سؤال طرح على اللجنة الدائمة للإفتاء :

السؤال : ما حكم الشرع في التفاسير التي تسمى بالتفاسير العلمية؟ وما مدى مشروعية ربط آيات القرآن ببعض الأمور العلمية التجريبية فقد كثر الجدل حول هذه المسائل ؟

الجواب : إذا كانت من جنس التفاسير التي تفسر قوله تعالى (أو لم يرى الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي ) بأن الأرض كانت متصلة بالشمس وجزءً منها ومن شدة دوران الشمس انفصلت عنها الأرض ثم برد سطحها وبقي جوفها حاراً وصارت من الكواكب التي تدور حول الشمس - إذا كانت التفاسير من هذا النوع فلا ينبغي التعويل ولا الاعتماد عليها . وكذلك التفاسير التي يستدل مؤلفوها بقوله تعالى ( وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب ) على دوران الأرض وذلك أن هذه التفاسير تحرف الكلم عن مواضعه وتخضع القران الكريم لما يسمونه نظريات علمية وإنما هي ظنيات أو وهميات وخيالات . وهكذا جميع التفاسير التي تعتمد على آراء جديدة ليس لها أصل في الكتاب والسنة ولا في كلام سلف الأمة لما فيها من القول على الله بلا علم .
و بالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه وسلم .


فتاوى اللجنة الدائمة : ( 4/ 145).

*=*=*=*



أقوال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - في الإعجاز العلمي

سئل فضيلته : هل يجوز تفسير القرآن الكريم بالنظريات العلمية الحديثة ؟

فأجاب بقوله: تفسير القرآن بالنظريات العلمية له خطورته ، وذلك إننا إذا فسرنا القرآن بتلك النظريات ثم جاءت نظريات أخرى بخلافها فمقتضى ذلك أن القرآن صار غير صحيح في نظر أعداء الإسلام؛ أما في نظر المسلمين فإنهم يقولون إن الخطأ من تصور هذا الذي فسر القرآن بذلك، لكن أعداء الإسلام يتربصون به الدوائر، ولهذا أنا أحذر غاية التحذير من التسرع في تفسير القرآن بهذه الأمور العلمية ولندع هذا الأمر للواقع، إذا ثبت في الواقع فلا حاجة إلى أن نقول القرآن قد أثبته، فالقرآن نزل للعبادة والأخلاق، والتدبر، يقول الله &#16**; عز وجل (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) (صّ:29) وليس لمثل هذه الأمور التي تدرك بالتجارب ويدركها الناس بعلومهم، ثم إنه قد يكون خطراً عظيماً فادحاً في تنزيل القرآن عليها، أضرب لهذا مثلاً قوله تعالى يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ) (الرحمن:33) لما حصل صعود الناس إلى القمر ذهب بعض الناس ليفسر هذه الآية ونزلها على ما حدث وقال: إن المراد بالسلطان العلم، وأنهم بعلمهم نفذوا من أقطار الأرض وتعدوا الجاذبية وهذا خطأ ولا يجوز أن يفسر القرآن به وذلك لأنك إذا فسرت القرآن بمعنى فمقتضى ذلك أنك شهدت بأ، الله أراده وهذه شهادة عظيمة ستسأل عنها.

ومن تدبر الآية وجد أن هذا التفسير باطل لأن الآية سيقت في بيان أحوال الناس وما يؤول إليه أمرهم، اقرأ سورة الرحمن تجد أن هذه الآية ذُكرت بعد قوله تعالى: : ()كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ) (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)( الرحمن الآيات 26 - 28 )

فلنسأل هل هؤلاء القوم نفذوا من أقطار السموات؟

الجواب: لا، والله يقول: (إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض) .

ثانياً: هل أرسل عليهم شواظ من نار ونحاس؟

والجواب: لا. إذن فالآية لا يصح أن تفسر بما فسر به هؤلاء، ونقول: إن وصول هؤلاء إلى ما وصولوا إليه هو من العلوم التجريبية التي أدركوها بتجاربهم، أما أن نُحرِّف القرآن لنخضعه للدلالة على هذا فهذا ليس بصحيح ولا يجوز.




من كتاب العلم للعلامة ابن عثيمين – رحمه الله - ص&#16**; ( 141 – 143 ) دار الإيمان .





وقال الشيخ ابن عثيمين &#16**; رحمه الله &#16**; في خطبة مميزة في (خلق السماوات والأرض)، ذكر فيها وجوب تصديق ما أخبر به الله، وأخبر به رسوله &#16**; صلى الله عليه وسلم &#16**; واعتقاده، ورفض كل ما خالف الكتاب والسنة من أقوال باطلة، ونظريات حديثة .
وقال من ضمن ما قال في خطبته المباركة &#16**; رحمه الله &#16**;:

(( لقد خلق الله هذه السموات وهذه الأرضين وقدّر فيهن ما قدّر من عجائب مخلوقاتِه وأسرار مُبدعاته، وفصّل لنا ما فصّل منها في سورة (فصِّلتْ) حيث قال: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ . وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ .* ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ . فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}، وحجب عن عباده كثيراً من ذلك فلا يَحِلّ لأحد أن يثبت شيئاً من أسرار الكون إلا بدليل منقول أو محسوس أما مجرد النظريات التي قد تتغير وتتبدل فلا يمكن الاعتماد عليها وأشد من ذلك وأدهى أن يحرف من أجلها كتاب الله وسنة رسوله فينزل على الآراء والنظريات القابلة للنقض والإفساد ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار. وفقني الله وإياكم لفهم كتابه والعمل به وجنبنا الزيغ والزلل في القول والعمل أقول قولي هذا . . .)) ( ) .



والخطبة المذكورة أعلاه في كتاب: "الضياء اللامع من الخطب الجوامع" للشيخ محمد بن عثيمين &#16**; رحمه الله &#16**;.




وقال أيضاً - رحمه الله تعالى - :


باب قول ما شاء الله وشئت .الثانية :
فهم الإنسان إذا كان له هوى . أي : إذا كان له هوى فهم شيئاً ، وإن كان هو يرتكب مثله أو أشد منه ، فاليهود مثلاً أنكروا على المسلمين قولهم : " ما شاء الله وشئت " وهم يقولون أعظم من هذا ، يقولون : عزير ابن الله ، ويصفون الله تعالى بالنقائض والعيوب .
ومن ذلك بعض المقلدين يفهم النصوص على ما يوافق هواء ، فتجده يحمل النصوص من الدلالات ما لا تحتمل .
كذلك أيضاً بعض العصريين يحملون النصوص ما لا تحمله حتى توافق ما اكتشفه العلم الحديث في الطب والفلك وغير ذلك .
كل هذا من الأمور التي لا يحمد الإنسان عليها ، فالإنسان يجب أن يفهم النصوص على ما هي عليه ، ثم يكون فهمه تابعاً لها ، لا أن يخضع النصوص لفهمه أو لما يعتقده ، ولهذا يقولون : استدل ثم اعتقد ، ولا تعتقد ثم تستدل ، لأنك إذا اعتقدت ثم أستدللت ربما يحملك اعتقادك على أن تحرف النصوص إلى ما تعتقده كما هو ظاهر في جميع الملل والمذاهب المخالفة لما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام ، تجدهم يحرفون هذه النصوص لتوافق ما هم عليه ، والحاصل أن الإنسان إذا كان له هوى ، فإنه يحمل النصوص ما لا تحتمله من أجل أن توافق هواه .





المسائل في كتاب التوحيد (باب قول ما شاء الله وشئت ) .





** يتبع إن شاء الله **