المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حتى العلاج أصبح عندنا بـ(الواسطة) يا وزير الصحة؟؟


 


قريات الملح
20 - 3 - 2004, 01:09 PM
كتبت منذ عدة أيام مقالاً عرضت فيه حالة شاب سعودي كان يحصل في كل مراحله الدراسية على شهادة تفوق من لجنة التفوق الدراسي في منطقته وتخرج من كلية صناعية أنشئت بغرض إعداد العمالة الوطنية الماهرة متخصصاً في الإدارة المالية وتقنية المحاسبة وكان ترتيبه الأول وسلمه أمير منطقته شهادة تقدير لتفوقه وكان المفروض أن تتهافت عليه عروض العمل قبل أن يبحث عنها لكن الحاصل أنه ظل أكثر من عام يبحث عن عمل ولم يوفق في مسعاه فكتب لي مستغيثاً قائلاً إن كثيراً من زملائه أصحاب التقديرات المنخفضة حصلوا على العمل بالواسطة منذ أكثر من تسعة أشهر أما هو فلأنه بلا واسطة فلم يتمكن من العثور على عمل على الرغم من تفوقه ولم تشفع له شهادات التقدير التي حصل عليها.
إنني أعرف قبل أن تردني رسالة ذلك الشاب ويعرف غيري أن مرض الواسطة مستفحل عندنا في مجالات فرص العمل والتحاق الطلبة بالكليات بل وفي أجهزتنا الحكومية وفي مجالات عديدة... وأحاديث المجالس تتحدث عن هذا المرض الخطير منذ سنوات عديدة ووسائل الإعلام تتحدث أيضاً وتحذر من العواقب ولكني أبداً لم أكن أتصور أن هذا المرض قد انتشر أيضاً حتى في الأجهزة الصحية الحكومية التي توفر العلاج للمرضى المحتاجين ليصل الأمر إلى حد أن من لديه واسطة فيمكن أن يحصل على فرصة العلاج في المستشفيات الحكومية أما من ليس لديه تلك الواسطة فلا يستطيع الحصول على العلاج المجاني حتى لو كانت حالته المادية لا تسمح له بالذهاب للمستشفيات الخاصة.
أقول إن هذا هو اعتقادي، أي أني كنت أظن أن مجال العلاج الذي مازالت الحكومة تعتبره حقاً مكفولاً للمواطنين وخاصة المحتاجين مازال مكفولاً ومتيسراً وأن كل مريض محتاج يستطيع أن يحصل على فرصة العلاج بدون واسطة ولذلك فقد شعرت بالفجيعة عندما اطلعت على ذلك التصريح الصحفي لسمو الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز مساعد وزير الدفاع والطيران للشؤون العسكرية ونائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية ورئيس مجلس إدارة الصندوق الخيري لمعالجة المرضى، الذي نقلته صحيفة الرياض يوم الاثنين الماضي والذي قال فيه عقب ترؤسه الاجتماع الثاني لأعمال الصندوق الخيري إن هدف الصندوق السعي لمن ليس لديه واسطة ويستحق العلاج، وقد أكد هذا سموه مرة ثانية في تصريحه فقال نحن نرغب من هذه اللجنة (يقصد ربما لجنة معالجة المرضى في الصندوق) دائماً إن شاء الله أن تسعى إلى من ليس لديه (واسطة) وليس له دخل.
وأنا أشكر سموه على هذه الصراحة التي تحمل نقداً شديداً لمرض الواسطة بشكل عام ولوجودها في القطاعات الصحية بشكل خاص وأثني على ذلك الهدف والغاية النبيلة للصندوق الخيري لكني في الوقت نفسه لا أخفي أنني شعرت بصدمة شديدة وألم بالغ حيث لم أكن أتصور أن مرض الواسطة قد انتشر في مستشفياتنا الحكومية إلى تلك الدرجة التي لا يستطيع معها الضعفاء المحتاجون الحصول على فرصة العلاج إذا لم يكن لهم واسطة.
إن مرض الواسطة في أبسط تعاريفه في رأيي أن يستأثر الأقوياء في المجتمع بالمزايا لدرجة الاستحواذ على حقوق الضعفاء وأيضاً بحيث لا يستطيع الضعيف الحصول على حقه أو بعض حقه إلا إذا توسط له أحد الأقوياء وهذا يحدث في الغالب عند ما تكون الفرص المتوفرة أقل من الحاجة, وكنت أحسب قبل اطلاعي على تصريح سمو الأمير خالد أن المرض عندنا لم يصل لحد أن الضعيف لا يستطيع الحصول على حقه في العلاج المجاني إلا إذا توسط له أحد الأقوياء أو أحد العاملين في القطاعات الصحية، ولذلك فإني أشكر سموه على صراحته ونقده لواحد من أخطر أمراضنا وأشيد بذلك الصندوق الخيري المهتم بعلاج المرضى الذين لا يستطيعون دفع أجور العلاج للمستشفيات الخاصة وفي الوقت نفسه لا يستطيعون الذهاب للمستشفيات الحكومية لعدم استطاعتهم العثور على واسطة وأجد في ذلك الصندوق حلاً لمشكلتهم. لكنه - في رأيي - حل مؤقت إذ ينبغي علينا جميعاً مواجهة مرض الواسطة بقوة وحزم حتى لا يستأثر الأقوياء بالمزايا في المجتمع على حساب الضعفاء وحتى تكون حقوق الجميع مكفولة بمن فيهم الضعفاء الذين ليس لديهم واسطة.


المصدر هنا : عبد الله ناصر الفوزان ـ كاتب سعودي (http://www.alwatan.com.sa/daily/2**4-03-20/writers/writers04.htm)