المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وزارة التربية والتعليم لم تأخذ بمبدأ اعتبار جميع العوامل !!


 


mans963
25 - 5 - 2008, 03:42 PM
في أواخر شهر محرم لهذا العام 1429هـ ، وباعتباره سنه هجرية جديدة أكرمت وزارة التربية والتعليم معلمي ومعلمات المرحلة الابتدائية بمفاجأة فريدة من نوعها في العالم حيث صدر قرار وزيري مضمونه تقديم اختبارات الدور الثاني لطلاب المرحلة الابتدائية ، وتمديد فترة الدراسة لمدة أسبوعين للمراحل الدراسية من الصف الأول وحتى الصف الخامس ، وختم على القرار قبل أن يعمَّد للجهات الأخرى، وباعتباره سلطه عليا !" أنه قرار نافذ لا يمكن الحياد عنه مهما كانت المبررات " !!
يعني وبعبارة أخرى " دَبــِّر عمرك مع الأجهزة التي تحت يدك ، مستخدما كافة السبل لتفعيله "
وعُمِّدَ القرار وأصدر برقم وتاريخ ووقع الأصل وتمت عملية أرشفة هذا القرار مع الختم ! وصل القرار لكافة إدارات التعليم ، ومنهم للمدارس ، طبعاً وبحكم اختلاف المناطق التعليمية والإدارات ، فقد اختلفت وجهات النظر في تعميم هذا الخبر على المعلمين على الفور وترك هذا الأمر بحسب مزاجية مدير التعليم فبعضهم أرسله للمدارس على الفور مخليا مسئوليته عما ورد فيه ، ولم يطلب رأيه لذلك للمشاركة في اتخاذ القرار ، فهو منفذ للتعليمات التي ترد من القيادات العليا ليس أكثر ! وبعضهم ارتأى أن يقيس ذلك بمدى ما سوف يترتب عليه هذا الأمر من ردود الفعل التحسسية التي ستنعكس على هذا القرار على الجو المدرسي ، ولكنه كي يبعد المسئولية عنه ، وجه التعميم لمدراء المدارس ، واضعاً عبارته وبصمته الإدارية العميقة ، بعبارة كتبها أسفل الخطاب " ونتيجة للغموض الذي يكتنفه هذا التعميم ، ولأن ما ورد فيه التعميم قد يضر بالمصلحة التعليمية ، فإننا نرى تأجيل إخطار المعلمين بما يتضمنه هذا التوجيه حتى إشعار آخر " ، يعني بعبارة أخرى : ( ارمي حجرا فإن سمعت له صدى فتوقف ) ! .
هذه الممارسات هي أسلوب إداري جيد ، لا نختلف عليه ، فهو يعكس خلفية استخدام هذه الإستراتيجية ، والتي ستجعلهم يطمأنوا إلى أن قراراتهم تمشي بالاتجاه السليم .
أما المعلم ، فلا يأتي بالحسبان ، فهو مجرد من المشاركة حتى في صناعة القرار ، وليس له أي وجهة نظر لا من بعيد ، ولا من قريب ، ثم من هو حتى يعترض ! شغلته أن يقال له : اعمل بما تؤمر! والحذر الحذر من اللعب مع الكبار ! واضعاً في اعتباره أن لديه أسره يتحمل مسئوليتها ، وليس له سوى هذا الباب كمصدر للرزق ! فلا سبيل أمامه إلا أن يذعن ، ويستجيب للتوجيهات ، متنازلاً عن هذه الإنسانية التي كفل لها الله حفظ حقوقها ، وكأن لسان حاله يقول : (( أنا حُكِمَ علي بأن أكون " كالإبرة تكسو الناس وهي عريانة" !! ، فلو تكلمت بحقوقي المهدرة فمن أين أبدأ ؟! و ( إيش أقول ، وإيش أخلي؟! ) ولا أنسى بأني سأتَّهم بأنني أسأت لسمعة إدارة ما !، وستوجه إليَّ بنادق لفت النظر والإنذارات وغيرها ،( فقد أخليت بعمود من أعمدة الولاء والانتماء لهذا الصرح الشامخ ) وأنا في غنى عن هذا وذاك ، ثم تأتي شخصيته الموجودة في عقله الباطن وتقول له : ريِّح بالك فيه من سيتكلم عني ، لماذا تكون أنت بالذات في وجه المدفعية وبالتالي تكون كبش الفداء وتقع عليك الواقعة ! وتحصل الكارثة ! فتلتفت يمينا وشمالاً ! فتجد محيطك الذي تعيش فيه يرمقونك بنظراتهم !ويبتعدوا عنك ، لا لشيء إلا لأنك قلت كلمة الحق ! ، وقربهم منك سيبعدهم عن الوصول لأهدافهم ، فالرقابة ستكون مشددة عليك ، أضف إلى ذلك بأنك لن تجد من سينصرك بعد الله إلا إذا طولت بالك ، وصبرت ، ودافعت عن موقفك بكل جرأة ، حتى تأخذ حقك !، وسيكون ذلك على حسابك وحساب أسرتك ، فهل ستشتري راحة بالك وتسكت ، وبعد ذلك يقتنع بكل هذه الاحتمالات ، ويسكت احتراماً لكرامته ! )) .
هذا الكلام الذي سيهذي به وشخصيته الضعيفة ، فهو معلم مرحلة تأسيسي وشيء طبيعي أن يتأثر عقله ، فهو بحكم ارتباطه بالأطفال الصغار وتعامله معهم ، ومع مشاكلهم النفسية والسلوكية والأسرية والتعليمية ، ناهيك عن أنه حتى يوصل المعلومة لعقل الطفل لا بد وأن ينزل في مستوى عقله لهذا الطفل حتى يتمكن من إيصال المعلومة حتى تستقر في ذاكرته ،، كل هذه الأوصاف التي لابد وأن تؤثر فيه ، لا سيما وأن النظريات الحديثة في التربية تؤكد على أن الإنسان يؤثر ويتأثر بحسب الوسط الذي يعيش فيه ، حتى أنه وصل الأمر به أن يقال عنه بأنه في أحد المجتمعات الأوربية لا تقبل شهادته ! ، بل وأنه جاء ذكره في كتاب البيان والتبيين للجاحظ حتى أن بعضهم وصف معلم الصبية " بالحمق " ، نعم لا تستغربوا أن يمتد ذلك المفهوم السائد عن المعلم عبر هذه الحقب ، وأن ينعت بهذه الصفة ، والتي انتقضها الجاحظ لو أن أحداً مرَّ على تعليقه ، لكن وبحسب المعهود عنّا كعرب منينا بأخذ الجوانب السلبية في التعامل مع هذه الأفراد .
لقد شطحت بفكري فاشتغلت بأمر المعلم ، وتركت صلب الموضوع ، لا تؤاخذوني فأنا معلم صفوف أوليه !
بعد أن وقّع المعلمون على التعميم الوارد إليهم على مضض من أمرهم وحسرة ، وراحوا يطرقون أبواب السلطة الرابعة ، فقد وجدوا أنها وسيلة فعَّالة ، ومجربة أثبتت فعاليتها في الكثير من المواقف وقد جاءت بنتائج إيجابية مع بعض الثقافات التي تنظر للمعلم بهذه النظرة الدونية للأسف .
لم تقصر السلطة الرابعة عن أداء مهمتها الإنسانية ، وعملت على نشر أوجاع المعلمين ، ومعاناتهم ، بأن عملت استطلاعات رأي لهذه الفئات التي وقع عليها الضرر ، ولأن من تضرر لا يمثل سوى الربع من مجموع الشريحة التي تشكل ثاني أكبر شريحة في مجتمعنا ، فهذا سيدعم موقف الوزارة ، وبالتالي سيكون هناك عملية تضارب في الآراء ، وعلى الأخص في عموم هذا الوسط .
قرأ المعلمون ما طُبع عبر الجرائد المحلية ، وظلوا يتابعون الحدث عن طريق الانترنت ، متأملين ومتفائلين بأن يتم العدول عن هذا القرار ، على افتراض أنه ربما يكون قد سقط سهواً !! ، وتجدد هذا الأمل عند اجتماع اللجنة المشكلة من وزارة التربية والتعليم ممثلة في معالي وزير التربية والتعليم ، والرئيس التنفيذي لشركة الكهرباء السعودية ، لمناقشة تقليص الدراسة لأسبوعين العام المقبل وذلك بحسب ما ورد في صحيفة عكاظ في يوم السبت 12-4-1429هـ ، بهدف تخفيف استهلاك الطاقة بنسبة 5% أي خفض ما يعادل 6 مليار ريال ، حيث ذكر المهندس علي البرَّاك أنه يستبعد تقديم فترة الاختبارات هذا العام ! وأنه سيعمل بها اعتبارا من العام القادم ، هذا خيط أمل كان يتمسك به المعلمون والمعلمات ، ولكن خيط الأمل هذا انقطع ، فقد جاء مقال الأستاذ : عبده خال في صحيفة عكاظ يوم الأربعاء 9-5-1429هـ ، بعنوان ( تعديل يعني تعديل !!) ليشير به إلى احتمالات أوردها في الصحيفة بشأن موقف وزارة التربية والتعليم حيث أرجأ احتمالاته إلى أنه إما أن يكون السبب في تعارض القرارات لكون وزارة التربية أنها ( متعوده داااااايماً ) أن تسن قرارات ، وتتبعها بأخرى تتعارض معها ، أو أنها بسبب الازدواجية في اتخاذ القرار، أو أن كل جهة تسن قرارات من تلقاء نفسها ، دون الرجوع لأرشيفها في الصادر ،وأعتقد بأن الكاتب فلتر الاحتمالات بحيث يمكن لأي قارئ أن يحكم بوجود عدد من علامات الاستفهام حول سن القرارات ، وبقيت الوزارة لازمة جانب الصمت ، فلم تحاول تبرير موقفها ، ولم تضع حلولا لمشكلات هي من تسبب بها فلم تأخذ بالاعتبار إيثار المصالح المشتركة وتلطيف الجو الضبابي بذكر مبررات تدعم قرارها حتى لا يصاب المعلم أو المعلمة " بالإحباط " الأمر الذي قد يعرقل الأهداف العامة للعملية التربوية التعليمية ، ويفرز بإفرازاته السلبية على مستوى المتعلمين وأخص بالذكر ( طلاب وطالبات الصف الأول ) فعملية جعل المتعلم في وضع صحي جيد مطلب مهم ، والأمر كذلك بالنسبة للمعلم أو المعلمة فتلبية احتياجات المعلم مطلب مهم في إنتاجيته ، وأي إنتاجيه هذه ( عقووووول أمَّة ) ( ناهيك عن أن أداء حصة واحدة في تعليم الصف الأول تتراوح أعدادهم مابين 28-32 أقسم بالله العظيم أنها تعدل دوام يوم كامل لموظف الحكومي العادي ولكم أن تجربوا ذلك بحضور حصة صفية عند أي معلم !ولكم الحكم بعدها ) .
هذه المدة الطويلة والتي امتدت بعد حوالي شهر ونصف من بداية الفصل الدراسي الثاني حتى يومنا هذا ، أعتقد بأنها كانت مدة كافية لإعطاء وزارة التربية والتعليم الوقت لوضع مبرراتها وكشف خبايا ما بداخل ( الصندوق الأسود ) ! من معلومات ومبررات .
ولا نريد كم أن تتراجعوا عن هذا القرار المختوم !
فقط ما نريده أن ندرك أننا نعيش لأننا نعتقد أننا ندرك بأننا نفكر ونفهم ، أو على الأقل ، ومن باب أننا نحمل على عاتقنا أننا مسئولون عن صقل شخصية هؤلاء الأطفال فنتحدث معهم ونحاورهم ونفتح لهم المجال لكي يعبروا عن همومهم ومشاكلهم ، أن يمارس معنا أسلوب الشفافية واحترام حرية الآخرين في التعبير والتنفيس عما في نفوسهم حتى لا يتعرضوا لضغوط العمل فلا يستطيعوا تحقيق ما عليهم من مسئوليات ومهمات تجاه النشء .
يقول علماء الاجتماع اليابانيون :
" ليس مطلوبا أن نزرع في النفوس مبدأ احترام القانون ، ولكن من المهم أن نزرع مبدأ احترام الحق "
فللتعاقد عندهم مفهوم جميل حين يتعاقدون مع أطراف أخرى بحيث يهدف هذا العقد إلى إنشاء " علاقة إنسانية " فعند إبرام عقودهم يوجد شرط في العقد اسمه ( شرط الإخلاص ) ينص على أنه " في حالة وجود خلاف بين المتعاقدين فإن الأطراف ستعيد مناقشة موضوع الخلاف بكل إخلاص " مفهوم جميل جدا ! ولكن ليس عندنا ، بل عند اليابانيين !!
لأننا لم نتعود أن ندافع عن حقوقنا يجب أن يحصل هذا لنا ، والقادم أحلى وسيكون بنكهات أخرى !!
ولكن يجب أن نتوقع الأفضل فعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ، وما يدرينا لعل التخبط في مثل هذه القرارات والتي تسعى من خلالها الوزارة إلى قتل وتثبيط روح العطاء في نفس من ينتمي لهذه الوزارة من معلمين ومعلمات ، ينبئ بردود فعل عكسية ايجابية ،
تساؤلات كثيرة أضعها بين يدي وزارتنا ، هل أخذت باعتباراتها أنه يوجد أسر لا تستطيع تأمين مصاريف وجبة ( الفسحة ) في المدرسة ؟! وهل وضعت ضمن اعتباراتها أن بعض المعلمين لديهم ظروفهم الأسرية وقد رتبوا أمورهم بناء على تقويم العشر سنوات ؟! وهل وضعت آلية يتم تدريس الطلبة خلال هذين الأسبوعين ؟ وهل وضعت في اعتباراتها أن مدارس الثانوية تحتاج لمزيد من المراقبين ؟ ! وهل وضعت في الاعتبار المعلمات اللواتي يعملن خارج مدنهن فيقطعن مئات الكيلومترات ،وأن هذان الأسبوعان يكلفهن مزيدا من تحمل أجرة النقل ؟! .
أضف إلى ذلك ، ماذا سيفعل طلاب الصف السادس ؟ ليس غريبا أن يصدر قرارا يلزم الطلاب بالدراسة بعد انهاء الاختبار !
وشكراً وزارة التربية والتعليم على هذه المكرمات ....!!!!.