المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : طبيعة المحبة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم


 


بلابل السلام
14 - 12 - 2007, 02:24 AM
إن الهدف من هذا المبحث هو الاجابة على التساؤلات الآتية:
ماحقيقة الحب في حياته صلى الله عليه وسلم ؟ وما هي طبيعته؟ هل كان فطرة متاصلة في نفسه الشريفة ام كان كما يدعي بعض المدعين شهوة ؟ وما مدى تاثير هذا الحب على سلوكه واخلاقه صلى الله عليه وسلم ؟ وما العلاقة بين الحب والبغض على ضوء السلوك النبوي ؟

ا- الحب والواجب
ان من يقرا سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم سيكتشف انه كان محبا , وودودا, فقد أطاع الله كثيرا لانه احبه كثيرا ..وبر الناس كثيرا لانه احبهم كثيرا ..واقبل على الفضائل ووالواجبات جذلان مبتهجالانه احبها واحب معها كل عظائم الأمور, ومارسها في شغف عظيم ممارسة محب مفطور لا ممارسة مكلف مأمور فوراء كل سلوكه ومواقفه وحياته صلى الله عليه وسلم نجد الحب ..إذا سجد وأطال السجود أو سمع وجيب قلبه ونشيج تضرعه وبكائه ..فذاك لانه في غمرة شوق جارف ومحبة آخذة ولهذا كان عليه الصلاةوالسلام ينتظرالصلاة بشوق ولهفة فاذا جاء ميعادما قال لمؤذنه بلال – رضي الله عنه – "أرحنا بها يابلال " نعم "ارحنا بها " وليس "ارحنا منها ".
وهذا يظهر لنا الفرق بين من ينتظر الصلاة بكل شوق وحب ليلقى ربه عزوجل ويقف بين يديه ويرتاح اليه ..وبين من يقوم الى الصلاة ويعتبرها واجبا عليه اداؤه دون ان يحس بأدنى شوق أو لهفة للقاء المولى عزوجل .
وبهذا أيضا يظهر لنا الفرق بين الحب والواجب .فالواجب قد يؤدى على كره ومضض , أما الحب فيأخذ طريقه إلى اشق الأمور وأصعبها في ابتهاج وغبطة , لذا كانت الطاعة عن حب اولى من الطاعة عن خوف وفهر .



ب- المحبة والفطرة

المحبة عند الرسول صلى الله عليه وسلم ليست شهوة, إنما هي فطرة جبل عليها منذ كان طفلا ففتى فكهلا..لم تقع عليه عين الا أحبته وأسلمت قلب صاحبها لهيام شديد حتى ولو كان من اشد المبغضين له . فكم من اعرابي فدم لا ادب له ولا فهم ولاغقل ولاعلم ولا كرم ولاحلم قابل جنابه الشريف بما غضب له المكان والزمان وخاطبه بما عبس له السيف واحتد له اللسان فكان جوابه الإغضاء , والعفو عمن أساء ...فتبدل بغضه بالحب وبعده بالقرب ..واستحال إنسانا بعد أن كان ثعبانا وصار حبيبا بعد أن كان ذيبا .
فمن ذلك ما روي عن فضالة بن عمير بن الملوح انه حدث نفسه بقتل النبي صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالبيت عام الفتح , فلما دنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يافضالة .فقال فضالة نعم يارسول الله .قال ماذا كنت تحدث به نفسك, قال لاشئ كنت اذكر الله, فضحك النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال : استغفر الله .ثم وضع يده الشريفة على صدره فسكن قلبه .فكان فضالة – رضي الله عنه – يقول والله مارفع يده عن صدري حتى ما خلق الله شيئا أحب إلي منه .
ومثله ما روي عن شيبة الحجبي الذي كان ينوي قتل النبي صلى الله عليه وسلم ليثار لأبيه وعمه اللذين قتلا يوم احد لكنه عجز عن ذلك حيث قال " لما هممت به حال بيني وبينه خندق من نار وسور من حديد فناداني صلى الله عليه وسلم ياشيبة ادن مني فدنوت منه فالتفت إلي وابتسم وعرف الذي أريد منه فمسح صدري ثم قال : اللهم أعذه من الشيطان .قال شيبة فوالله لهو كان الساعة إذن أحب إلي من سمعي وبصري ونفسي واذهب الله ماكان في .ثم قال رسول الله : ادن فقاتل فتقدمت أمامه اضرب بسيفي الله اعلم أني أحب أن أقيه بنفسي كل شئ .ولو كان أبي حيا ولقيته تلك الساعة لأوقعت به السيف .

فهذه الوقائع تدل على أن قلب الرسول صلى الله عليه وسلم مفتوح دائما لكل الناس, ملئ بالحب , فياض بالرحمة, وهذا ما ألان عود كل جبار وجعله يخر صريعا أمام هذا الحب الوديع .فما هو إلا أن تعانقه نظرات عينيه الحانيتين حتى تهدا ثورته وتطيب نفسه .

ج- الحب وتحمل الأذى

لما كان الحب عند ****** المصطفى صلى الله عليه وسلم طبيعة وفطرة لاغرضا وشهوة فقد كان يبدله في سخاوة نفس نادرة النظير وكان يتحمل لأجله جفاء وغلظة بعض الأعراب وأذى وقساوة بعض سفهاء قريش وأرذالها كابي لهب وأبي جهل وعقبة بن أبي معيط .
ومن صور هذا الأذى مارواه الإمام البخاري عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – "أن النبي كان يصلي عند البيت وأبو جهل وأصحاب له جلوس إذ قال بعضهم لبعض أيكم يجئ بسلا جزور بني فلان فيضعه على ظهر محمد إذا سجد فانبعث أشقى القوم – وهو عقبة بن أبي معيط –فجاء به فنظر حتى إذا سجد النبي وضعه على ظهره بين كتفيه وأنا انظر لااغني عنه شيئا لو كانت لي منعة .قال فجعلوا يضحكون ويميل بعضهم على بعض ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد لايرفع رأسه حتى جاءته فاطمة فطرحته عن ظهره "
وروي كذلك أن عقبة جلس مرة إلى النبي وسمع منه فلما بلغ ذلك أبيا أنبه وعاقبه وطلب منه أن يتفل في وجه رسول ففعل عدو الله ذلك ) صحيح البخاري )
إلى غير ذلك من أساليب السخرية والتحقير والاستهزاء والتكذيب وإثارة الشبهات والدعايات الكاذبة حول تعاليم الدين الجديد وحول ذاته وشخصه صلى الله عليه وسلم .

ورغم هذا الأذى وهذه المحن ظل الرسول الكريم دائما ذاك المعين الفياض بالرحمة والمودة والحب .وهذا ما يبرزه رده لجبريل عليه السلام حين طلب منه أن ينتقم له منهم ويطبق عليهم جبلا مكة حيث قال " بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله عز وجل لايشرك به شيئا"( صحيح البخاري ) .وصدق الله العظيم حيث قال ﴿ ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ﴾

د- الحب والبغض

الحب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يمثل القاعدة الراسخة لسلوكه وحين تفرض عليه الظروف القاهرة أن يبغض بعض الناس فان هذا البغض لا ينفصل عن قاعدة الحب ذاتها بمعنى انه عليه السلام يبغض حين يكون البغض تعبيرا عن الحب ودفاعا عنه فهو مثلا يحب الحق وهذا الحب يقتضيه أن يبغض الباطل. ويحب العدل وهذا يتطلب منه أن يكره الظلم .ويحب الجمال وهذا يقتضي منه أن يكره كل أمر قبيح وهكذا .
وهذا أمر طبيعي( فكل بغض فهو لمنافاة البغيظ للمحبوب ولولا وجود المحبوب لم يكن البغض بخلاف الحب للشئ فانه يكون لنفسه لا لأجل منافاته للبغيض ) على أن "بغضاءه " صلى الله عليه وسلم إذا كان موضوعها أناسا يستحقونها لم تكن ذات أصالة في طبيعته ولا في سلوكه بل مجرد سحابة رقيقة عابرة سرعان ما تنجلي .فها هو ذا يلقى من خصوم الإسلام في قريش اشد الأذى وأفدح المؤامرات ..ولكنه ما يكاد يدخل مكة ظافرا مؤيدا بفضل الله وقدرته حتى يقول للذين أخرجوه منها وكادوا له أعظم الكيد ما قاله يوسف عليه السلام لإخوته ( "لاتثريب عليكم اليوم" .اذهبوا فانتم الطلقاء ).
هكذا إذن كان الحب في حياته صلى الله عليه وسلم فطرة وطبعا متأصلا وقاعدة راسخة ومنبعا فياضا ارتوت به الأمة الإسلامية والإنسانية جمعاء.

tanya
14 - 12 - 2007, 11:54 AM
جزيت ك&#16**;&#16**;&#16**;&#16**;&#16**;&#16**;&#16**;&#16**;&#16**;&#16**;&#16**;&#16**;&#16**;&#16**;&#16**;&#16**;&#16**;&#16**;&#16**;&#16**;&#16**;&#16**;&#16**;ل الخير

ابو أمجاد
14 - 12 - 2007, 02:00 PM
بارك الله فيك

بلابل السلام
15 - 12 - 2007, 06:04 PM
شكرا جزيلا على مروركما الكريم ..وبارك الله فيكما