المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من هـــو القــــــــادر .. ؟


 


nawaf
21 - 11 - 2003, 04:19 AM
غالبا ما يأخذ موضوع المسميات و الكلمات المستخدمة في الإشارة إلى الأشخاص المعاقين أو ذوي الاحتياجات الخاصة حيزا كبيرا في كثير من المنتديات واللقاءات العلمية والتثقيفية التي تتعلق بموضوع الإعاقة. ويطالب الكثير من الحضور بتغيير المسميات المستخدمة واستبدالها بأخرى، –هي في رأيهم- أقل وقعا أو أكثر إيجابية. وقد يستغرق النقاش في هذا الأمر جل الوقت المخصص لمناقشة أمور قد تكون أكثر أهمية و إلحاحا.

ومن تلك البدائل التي نسمعها تتردد في بعض المحافل ووسائل الإعلام مسميات مثل " القادر" ،"المتحدي" أو "متحدي الإعاقة"، " ذوو القدرات الخاصة" و غيرها من المسميات غير الواقعية والتي لا تمت إلى الحقيقة بصلة، بل إن دلت على شيء فإنما تدل على بعض جوانب الشفقة التي تدفع إلى التعويض عن نقص يراه من أطلق هذا المسمى مما يدفعه إلى استخدام مسميات خارقة كالقادر مثلا! والسؤال : قادر على ماذا؟ أليست القدرة المطلقة لله وحده جل شأنه! وجميعنا كبشر لنا بعض جوانب القوة وبعض جوانب الضعف.

و"متحدو الإعاقة" التي اتخذتها إحدى الجمعيات العربية اسما لها! أليست هذه الإعاقة تقدير الرحمن؟ ولماذا نتحداها فهي جزء منا إذا كنا معاقين، وما علينا إلا التعايش معها فتسير أمور حياتنا طبيعية كباقي البشر صعبة مضنية في كثير من الأحيان وسلسة سعيدة في بعضها…… أليست هذه هي الحياة؟؟

عند البحث في بعض المصادر الأجنبية وجدت بعض التعليمات حول أفضل الطرق عند التحدث مع الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة وبعض المسميات المقبولة والأخرى المرفوضة. فكثير من المختصين والمعاقين يدعون –هم أنفسهم_ إلى وضع الشخص قبل الإعاقة عند الحديث أو التعريف به، كأن يقال فلان أو شخص ذو إعاقة ذهنية أو نمائية بدلا من استخدام كلمات مثل: " متخلف عقليا" أو "أبله" أو " أهبل" أو "غبي" لما تسببه هذه المسميات من إهانة وتقليل شأن.
وكذلك بالنسبة للمعاقين حركيا، يرفَض استخدام عبارات مثل " حبيس المقعد المتحرك" أو "رهن عكازتيه" أو "سجين الإعاقة". فالمعاق حركيا لا يعتبر الكرسي المتحرك أو أي معين آخر سجنا بل أداة و وسيلة تمنحه الحرية والقدرة على الحركة والانطلاق، فهي بمعنى آخر تفك قيده.
كذلك عند الحديث عن غير المعاقين، تستخدم كلمات مثل " الأصحاء " أو " الأسوياء" و"الطبيعيين".. وكلنا يعلم أن ضد كلمة "صحيح" " عليل" أو " مريض" و ضد "سوي" "غير سوي" أو " ناقص" وضد كلمة "طبيعي" "غير طبيعي".. وكل هذه الأضداد التي تعبر هنا عن المعاقين تخالف الواقع، حيث أن أغلب المعاقين يتمتعون بصحة جيدة ولا أعتقد أن هناك من يرضى بتسميته "ناقصا" و"غير طبيعي" و "غير سوي" فالاختلافات الفردية بين البشر لا تعطي أحدا الحق في استخدام مثل هذه المسميات.

ويفضل عند الحديث عن غير المعاق القول: "شخص قادر على السير " أو "مبصر"، أو "سامع" عند الحديث عنه تحديدا كضد لإعاقة معينة، وبشكل عام يفضل قول: " غير المعاقين" .

كذلك فإن قولنا إن فلانا "مصاب" بالإعاقة أو "يعاني" منها قول مرفوض يفضل استبداله بالقول: إن لديه " إعاقة كذا " ويفضل تحديد نوعها كأن نقول: إنه من "ذوي الإعاقة الحركية" أو "لديه كف بصر" أو إنه "شخص أصم" ، هذا لأن ذوي الإعاقات لا يعتبرون أنفسهم "مصابين" أو "مرضى" بالإعاقة فهم يعيشونها ويتعايشون معها بشكل دائم يمتد في أغلب الأحيان طوال حياتهم.

و عند تعريف الشخص، يُحَذّرُ من تعريفه بإعاقته، فلا يقال: إنه "مشلول دماغيا" أو "كفيف"، بل يفضل البدء بتعريف الشخص كإنسان أولا مثل: "هذا فلان ولديه شلل دماغي"، أو "فلان لديه إصابة في العمود الفقري" . ولا تستخدم أبدا كلمة "ضحية" في تعريفه كأن يقال فلان "ضحية للإعاقة" فالمعاقون لا يرغبون في أن ينظر إليهم كضحايا طوال حياتهم.
هذا جزء من "اتيكيت" التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة كما وضعه البعض، ولكن و من خلال الاحتكاك والتجربة مع بعض الزملاء من المعاقين العرب والمواطنين، أسجل رأيا لبعضهم حيث يعبرون عن رأيهم في موضوع المسميات هذا بالقول: "إننا لا نخجل من كوننا معاقين، وبدلا من إيجاد مسميات بعيدة عن الواقع نفضل أن يتقبلنا المجتمع كما نحن، وإذا كان لدينا نقص في أحد الجوانب فهناك ما يعوضه في جوانب أخرى…فقط لا تنظروا إلينا بعين الشفقة ولا تشعرونا بالنقص والدونية و اتركوا عنكم البحث عن مسميات خارقة لا تمت إلينا بصلة".

كما و أنني قد قرأت رأيا مشابها من الغرب لشخص كفيف اطلع على مناقشات وآراء لعدد من المختصين والمعاقين حول الموضوع نفسه، يقول هذا الشخص- وهو يؤكد أن هذا رأيه الشخصي- :إنه لا يضيره أن يقال إنه أعمى فهذا واقع، وهو لا يستطيع الرؤية فهو أعمى". ويقول: إن عبارة " شخص لديه كف البصر" كما يدعو الآخرين هي عبارة طويلة، وفي رأيه أن كلمة أعمى أو كفيف أفضل في الاستخدام حتى من ناحية اللغة والقواعد من تلك الجملة الطويلة.
ويتابع قوله" إنني أفهم ما يقصدون عندما يدعون إلى الحديث عن الشخص أولا ثم عن إعاقته، ولكني كشخص كفيف لا أعتقد أن القول بأنني أعمى أو كفيف ينقص من قدري كشخص وإنسان. فبالنسبة لي عندما يقال " شخص لديه كف بصر" تعني أن كف البصر هو من اختياري، أي راجع لي أن آخذه أو أتركه! وهذا غير صحيح، فأنا أعمى وهكذا كنت منذ فترة من الزمن وسأكون لفترة طويلة تمتد إلى آخر عمري. و أنا لا أخجل من كوني أعمى بل أنا فخور بذلك".

وكي أعبر عن رأيي الخاص في هذا الأمر أرجع إلى الدستور الحكيم الذي شرعه لنا رب عظيم؛ القرآن الكريم (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) (البقرة-2). أو لم يذكر الله جل وعلا في محكم آياته " الأصم" و "الأعرج" و"الأعمى" ؟ إذن لماذا نستنكف عن استخدام هذه الكلمات التي استخدمها رب العالمين ليدلل بها على بعض من خلقه كرمهم بأن ذكرهم و رفع الحرج عن بعضهم بقوله تعالى: (ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج و لا على المريض حرج) (الفتح-17).

وبالطبع، فإن المسميات المباشرة المعنى يجب ألا تستخدم للتقليل من شأن الشخص أو إظهار ضعفه في نواح معينة . فقد قال رب العزة في كتابه العظيم ( ولا تنابزوا بالألقاب ) (الحجرات-11)

وللقارئ الكريم أن يحكم عقله ومشاعره و أن يستخدم ما يراه ملائما من مسميات حسب مجرى الحديث و موضوعه وحسب ما يرضي الشخص الذي يتحدث معه، فشفافية المشاعر والنوايا الحسنه أفضل رسول للتعبير عن خبايا عقولنا وأفكارنا.



بقلم ال***ة جميلة بنت محمد القاسمي
مديرة عام مدينة الشارقة للخدمات الانسانية

ابودانا
26 - 11 - 2003, 12:42 PM
شكرا اخوي نواف
على هذا الموضوع
وأقول لك
































أزدنا