المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : همسات للفتيات


 


aboresh
4 - 11 - 2003, 07:25 PM
همسات للفتيات
د . عبد الحي يوسف

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

فيا فتاةَ الإسلام! أيتها العابدة القانتة! هذه كلمات سبع أهمس بهنَّ في أُذُنك رجاءَ أن ينفعك الله بهنَّ، وأن تعملي بطاعة ربِّك بامتثالهنَّ، فاحرصي – وفقكِ الله وهداكِ – أن تدخلي في دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (نضّر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها فأدّاها كما سمعها). وأُعيذكِ بالله أن تكوني ممن لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي بعث به أنبياءه ورسله. فالبدارَ البدارَ إلى خير العمل وإياكِ و"سوف" فإنها مطيَّة المفلسين، وتذكّري – رعاكِ الله – أنَّ العُمُرَ قصيرٌ، وأنَّ الأنفاسَ معدودةٌ، وأنَّكِ أيامٌ، كلّما ذَهَبَ يومٌ ذَهَبَ بعضُكِ، وعمّا قريبٍ ينزل بك مَلَكٌ شديدٌ غليظٌ، ينقلك من سَعة بيتكِ إلى ضيق قبركِ، حيث لا تجدين إلا عملَكِ، ولا ينفعكِ إلا دينُكِ، ولا يُنْجيكِ إلا إخلاصُكِ، واليوم عملٌ ولا حساب، وغداً حسابٌ ولا عمل (وينجّي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسّهم السوءُ ولا هم يحزنون).

أختاه! أصْغي إليَّ بأُذُنيْكِ، وافتحي ليَ قلبكِ؛ فأنا لكِ ناصحٌ أمينٌ. اقرئي هذه الكلمات، وأَقرئيها أخواتِكِ، وأبشري ببشارةِ الله لكِ: (فبشّر عبادِ الذين يستمعون القولَ فيتّبعون أحسَنَه أولئك الذين هداهم اللهُ وأولئك هم أولوا الألباب).

الكلمة الأولى: كوني أَمَةَ اللهِ حقاًّ:

علاقة المؤمنة بربِّها واضحةٌ لا غموض فيها، بيِّنة لا يحيط بها لَبسٌ، هي أَمَةٌ واللهُ سيِّدُها، عابدةٌ واللهُ معبودُها، تابِعةٌ والنبي - صلى الله عليه وسلم - قائدُها، فهي لا تقدِّم بين يديِ الله ورسوله، وليس لها مع أمر الشرع ونهيه قولٌ ولا رأيٌ (وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى اللهُ ورسولُه أمْراً أن يكون لَهُمُ الخِيَرَةُ من أمرِهِم). تعتقد - يقيناً – أنَّ الله لا يريد بها إلاّ خيراً، وأنَّ محمداً - صلى الله عليه وسلم - أولى بها من أبيها وأمِّها، بل من نفسها التي بين جنبيها.

المؤمنة الطيبة تُجهد نفسها في عبادة ربها، تتملّق سيِّدها ومولاها؛ تارةً مصلّيةً وأخرى ذاكرةً وثالثة تالِيةً، تنتقل من عبادةٍ إلى عبادة، ومن خيرٍ إلى خيرٍ، لأنَّ الله تعالى غايةُ رغبتِها، عزُّ كل ذليلٍ، وقوةُ كل ضعيفٍ، وغوْثُ كلِّ ملْهوفٍ، قد علِمَتْ يقيناً أنَّ سعادة الدنيا والآخرة في طاعة الإله القويِّ القادر، وأنَّ الشقاء - كلّ الشقاء - في العصيان والتمرُّد على شرعه ودينه (فمن اتّبع هُدايَ فلا يَضلُّ ولا يشقى. ومن أعرض عن ذكري فإنَّ له معيشةً ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى).

يا أَمَةَ الله! لا تَدَعي ساعاتِ العُمُر تتفلّت من بين يديك واغتنمي الوقت في إرضاء الربّ - جلّ جلاله -، واعلمي أنَّ الحال لا يدوم: (بادروا بالأعمال فتناً كقِطَع الليل المظلم؛ يصبح الرجلُ مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرضٍ من الدنيا قليل).

أيتها الشابة المسلمة! ذهنك حاضرٌ، وبدنك ناضرٌ، وحظك وافر؛ فاغتنمي الشباب قبل المشيب؛ لتكوني من السبعة الكرام الذين يظلُّهم الرحمن تحت ظلِّ عرشه يوم لا ظلَّ إلاّ ظلُّه. ويا أيتها العجوز اعلمي أنَّ وقت الحصاد قد دنا والأجل قد اقترب، والمنقلب إلى الله. تُرى هل تكونين كالغائب يَقْدُمُ على أهله؟ أم كالعبد الآبق يَقْدُمُ على مولاه: (بادروا بالأعمال سبعاً: هل تنتظرون إلاّ فقراً مُنسياً، أو غنىً مُطغياً، أو مرضاً مُفسداً، أو هرماً مُفنداً، أو موتاً مُجهزاً، أو الدَّجَّال فشرُّ غائبٍ يُنتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر).

أختاه! أيُّ عبودية تبقى لمن وجبتْ عليها الصلاة فلم تؤدِّها في وقتها؟! وأيُّ صلةٍ مع الرب إذا كنتِ ممن يُضَيِّعون الصلاة ويتبعون الشهوات؟! وأيُّ علاقة إذا كانت الأيام تمضي بل الشهور وكتابُ الله في بيتكِ مهجور وذكره تعالى منسيّ؟!.. وأي محبة تلك التي تُدّعى وشرع الله – عندكِ – مهملٌ، لا تعنين بتعلمه ولا العمل به؟!.. يا خسارةَ من أعرضَتْ! ويا شقاءَ من صدّتْ عن سبيل الله بـ"قيلَ وقال"!

أختاه! هل أحصيتِ الوقتَ الذي يمضي في غِيبةٍ ونميمةٍ وكذبٍ وبهتان؟ هل حاسبتِ النفس على جلَسَات لاغيةٍ وكلماتٍ لاهية؟ أم ظننتِ أنَّ الرقيبَ يغفل؟ أو أنَّ العتيد يغيب؟ هَيْهات هَيْهات!! (وكلَّ إنسانٍ ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً. اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً).

الكلمة الثانية: (من يشرك بالله فقد حرّم الله عليه الجنة ومأواه النار):

الشرك بالله حرامٌ في الشرع، قبيح في العقل، (الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء) سؤالٌ يتطلب من كلِّ مشرك جواباً إن كان يعقل!! (هل من خالقٍ غير الله يرزقكم من السماء والأرض..) سؤالٌ ثانٍ!! (أفمن يخلُق كمن لا يخلُق) سؤال ثالث!!

لا يتَأتّى الشرك إلاّ من إنسانٍ ضلّ سعْيُه، وخاب فَأْلُه، وألغى عقلَه. سلي نفسَكِ – أيَّتُها المؤمنة! – هل في الكون من يستحقُّ أن يُطَاعَ ويُعبَد سوى الله؟! هل خالقٌ غيره هل رازقٌ سواه؟! الجواب مستقرٌّ في وجداننا، عميقٌ في أذهاننا.. لكن عند التطبيق يخفق كثيرون، وتفشل كثيرات!

أما سمعتِ بتلك التي إذا نزل بها ضُرٌّ هتفت: يا سيِّدي فلان؟! وما عَلِمَتِ المسكينة أنَّها دخلتْ في الشِّرك من بابٍ واسع، ولْتسمعْ قولَ ربِّها: (إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبِّئُك مثل خبير).

أما رأيتِ تلك الغافلةَ التي إذا غاضبها زوجها، أو نافرها أحماؤها؛ هرعت إلى الساحر الضالّ تبثُّ شكواها وحزنها!! وتلوذ بحماه!! وقد سمعتْ قولَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من أتى ساحراً أو كاهناً أو عرّافاً فصدّقه فقد كفر بما أُنزل على محمد).. لو تأملتِ في حال الزميلات والصديقات في الدراسة والعمل كم منهنّ من تصلي الصلاة في وقتها؟! وكم المضيعات اللاهيات؟! وقد قال صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة)، انظري إلى امرأةٍ تصلي وقد كشفت ما أمر الله بسَتره، فما حصّلت شروط صحة الصلاة، ولا استحقت أجراً ولا قبولاً، وقد أرهقت نفسها في غير طائل!!

اعلمي – أَمَةَ الله! – أنَّ البراءة من الشرك سبيل النجاة: (يا ابن آدم لو أتيتني بقُراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشركُ بي شيئاً غفرتُ لك على ما كان منك ولا أُبالي). والوقوع في الشرك قاطعٌ للأمل: (إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضلّ ضلالاً بعيداً).

إيّاكِ إيّاكِ - أمةَ الله! - والشركَ، احذريه ولا تقربيه. اعرفي مظاهره فاجتنبيها: لا تأتي ساحراً ولا كاهناً، لا تسألي عرّافاً ولا مشعوذاً، لا تُضيّعي آخرتكِ بالجلوس إلى ضاربي الودع وقارئي الكف والفنجان، لا ترضيْ بغير الله حَكَماً، ولا تقنعي بغير شرعه ديناً ومرجعاً، ولا تفرِّطي في أداء الصلاة في وقتها، لا تسْخري من حكمٍ شرعيٍّ، ولا تستهزئي بأمرٍ نبويٍّ. واعلمي – أختاه! – أنَّ الإنسان يدخل الإسلام بكلمةٍ ويخرج منه – كذلك – بكلمة، وإيّاكِ والرياءَ فإنه محبِطٌ للعمل، وسلي اللهَ حُسن الختام والوفاة على الإسلام.

الكلمة الثالثة: (اقنُتي لربِّك واسجدي واركعي):

أبواب الخير كثيرةٌ لا تحصر، والسُّبُل الموصلة إلى رضوان الله لا تُحصى، وقد أرشد إليها نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم -، فهل تُشمّرين لتكوني من الفائزات؟ وهاأنا أدلُّكِ على بعض الأبواب لتديمي طرْقها فيكتبُ الله لكِ سعادة يومَ اللقاء.

[1] أداءُ الصلاة المفروضة في وقتها: (ما تقرّب إلي عبدي بشيء أحبّ إليّ مما افترضتُ عليه)، ولمّا سُئل - صلى الله عليه وسلم - عن أحبِّ الأعمال إلى الله قال: (الصلاة على وقتها).

[2] المواظبةُ على السُّنَنَ الرَّواتب: (من صلّى لله في كل يومٍ وليلةٍ اثنتي عشرة ركعة سوى الفريضة بنى الله له بيتاً في الجنة).

[3] التزوُّد من نوافل الصلاة والصيام والصدقة والحج والعمرة: (وما يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أُحِبَّه؛ فإذا أحبَبْتُه كنتُ سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يُبصر به، ويده التي يبطش بها، ورِجْله التي يمشي عليها، ولئن سألني لأُعْطِينّه، ولئن استعاذني لأُعيذنّه).

[4] التّسبيح: (من قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة؛ غُفرت ذنوبُه وإن كانت مثل زبد البحر). (من قال سبحان الله مائة مرة كُتبتْ له ألفُ حسنةٍ، أو مُحيَتْ عنه ألفُ خطيئةٍ).

[5] التّحميد: (لو كانتِ الدنيا بحذافيرها بيد عبدٍ من عباد الله ثم قال: الحمد لله؛ لكانت أفضلَ من ذلك كلِّه). قال القرطبي – رحمه الله -: "لأنَّ الدنيا فانية، و(الحمد لله) باقية، (والباقيات الصالحات خيرٌ عند ربك ثواباً وخيرٌ أملاً)".

[6] التكبير: (أربع كلماتٍ لا يضرّك بأيِّهنّ بدأت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر). (لأنْ أقول سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر؛ أحبُّ إليّ مما طلعت عليه الشمس وغربت).

[7] الحوْقلة: (لا حول ولا قوة إلا بالله كنزٌ من كنوز الجنّة).

[8] ذِكْرُ الله ذكراً كثيراً: (ألا أدلّكم على خير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعِها في درجاتكم، وخيرٌ لكم من إنفاق الذهب والورِق، وخيرٌ لكم من أن تلقوْا عدوَّكم، فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: ذكر الله).

[9] قراءة القرآن: (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها).

[10] إفشاء السلام: (لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابَّوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم).

[11] طلاقة الوجه: (تبسُّمُك في وجه أخيك صدقة)، وكذلك تبسُّمُكِ في وجه أختكِ.

[12] حفظ الفرج وطاعة الزوج: (إذا صلّتِ المرأة خَمْسَها، وصامتْ شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها؛ قيل لها يوم القيامة: ادخلي من أيِّ أبواب الجنة شئتِ).

[13] حسن التبعُّل للزوج والقيام على شأنه: (حسن تبعُّل المرأة لزوجها يعدِل الجهاد في سبيل الله).

[14] الاستغفار: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل همٍّ فرجاً، ومن كلِّ ضيقٍ مخرجاً، ورَزَقه من حيث لا يحتسب).

[15] عيادة المريض: (من عاد مريضاً صلّى عليه سبعون ألف ملك إن كان ممسياً حتى يصبح، أو كان مصبحاً حتى يمسي، يناديه منادٍ من السماء: طبتَ وطاب ممشاك، وتبوّأتَ من الجنة منزلاً).

[16] عزاء من أُصيب في حبيبٍ أو قريبٍ (من عزّى أخاً له في مصيبةٍ؛ كساه الله تعالى من حُلَلِ الكرامة).

[17] برُّ الوالدين في حياتهما وبعد مماتهما (إنَّ من أبرِّ البرِّ صلةُ الرجلِ أهلَ ودِّ أبيه بعد موته).

[18] صلة الأرحام (مَن سرّه أن يُبسطَ له في رزقه، ويُنسأ له في أَثَرِه، فلْيَصِلْ رَحِمَه).

aboresh
4 - 11 - 2003, 07:26 PM
الكلمة الرابعة: (وليس الذَّكَرُ كالأنثى):

قانون إلهي وسنة كونية, للذَّكَر طبيعته ومواهبه، وكذلك للأنثى (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله)، وقد نهانا ربنا أن يتمنَّى أحدُ الجنسين حظَّ الآخر (ولا تتمنوْا ما فضَّل الله به بعضكم على بعض)، ونهت السنة عن تشبُّه أحد الجنسين بالآخر (لعن الله المتشبهين من الرِّجال بالنساء، والمتشبِّهات من النساء بالرجال).. هل أرادتِ الشريعة من وراء ذلك إلاّ أن تحفظ لكلٍّ من الجنسين مميزاته التي ترغِّب الآخرَ فيه؟ ما قيمة أن تسترجِل المرأة أو أن يتخنَّث الرجل؟ فلا هو عاد رجلاً سوياً، ولا هي بقيت أنثى جاذبة, بل اختلط الحابل بالنابل.
وما عجب أن النساء ترجَّلت ولكن تأنيث الرجال عجاب

خلق الله الرجال للسعي للكسب، والضرب في الأرض، ومواجهة الأخطار، وجعل فيهم النبوة والرسالة، وأوجب عليهم الجمعة والجماعة، والغزو والجهاد، والآذان والإقامة، وجعل لهم القوامة بما فرض عليهم من النفقة ومتعهم به من القوة.. وخلق النساء حانياتٍ وادعاتٍ, شغوفاتٍ رحيماتٍ، يأوينَ إلى البيوت, يرعَيْنَ الزوج والعيال, يُربِينَ الأجيال, ويُنشِّئنَ الرجال, وطبَعَهنَّ خالقهنَّ على الحياء والخَفَر، ورقَّة الصوت والبنية (أوَ من يُنَشَّأُ في الحِلْية وهو في الخصام غير مبين).. تُرى - أمَة الله! - أتُعاندين فطرتك وتشاقِّين ربَّك؛ فتسمعين شياطين الخليقة الذين يريدون مساواة الذَّكر بالأنثى في كلِّ شيء فيُكذِّبون الفطرة والواقع والدِّين؟! هم يُريدون لكِ أن تُصبحي مسخاً مشوَّهاً! فلا أنتِ امرأةٌ - كما أراد الله لكِ -، ولا أصبحتِ رَجُلاً، بل (مُذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء)، لم يجعل الله في النساء نَبِيَّةً, لكنَّ فيهنَّ خديجة – رضي الله عنها -، قال ابن إسحاق – رحمه الله -: "وكانت وزيرَ صدقٍ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وفيهنَّ مريم بنت عمران - عليها السلام – (التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدَّقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين). وفيهم عائشة الصديقة بنت الصديق – رضي الله عنها وعن أبيها - (وفضل عائشة على النِّساء كفضل الثَّريد على سائر الطعام). قال العلماء: لم يكن في النساء نَبِيَّة؛ لأنَّ منصِب النُّبُوَّة يقتضي مواجهةَ المعاندين, ومحاجَّة المخاصمين, ولقاء الناس سراً وعلانية, ومكاتبة الملوك, وقيادة الجيوش، ومقابلة الوفود, وهذا كله مما يَصْلُح له الرجل دون المرأة (ولا يظلم ربك أحداً)؛ فهو سبحانه خالق الرجال والنساء.

أختاه! لِمَ تتنكَّبين الطريق فتُحاكين نساءً لسنَ نساء!! صوتهن شديد، وكلامهن وعيد, غليظات الأكباد، عديمات الأولاد, رقيقات الدين، قليلات اليقين, يتزعَّمْنَ المؤتمرات، ويتصدَّرْنَ الاحتفالات. يُلَوِّحْنَ بأيديهنّ، ويرفعن أصواتهنّ. أهؤلاء قدوةٌ لكِ؟ إنّا لله!! كم مِن قِيمةٍ ضيَّعْنَها، وحسنةٍ دفنَّها!! ألا تجعلين من خديجة قدوةً لكِ، وهي التي بُشّرَتْ ببيتٍ في الجنة من قصب، لا صخبَ فيه ولا نصب؟ قال العلماء: لأنَّها لم ترفع صوتها قطُّ على زوجها - صلى الله عليه وسلم -. ألا تكفيكِ - يا راغبة الزوج! - أمُّ سليمٍ التي كان مهرها الإسلام؟ أما تُغْنيك - يا طالبة العلم! - عائشةُ التي كان الأكابر من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - يسألونها عن الفرائض والأحكام؟

فلو كــان النســـاءُ كمــن ذكـرنــا لفُضِّلَتِ النساء على الرجالِ

فما التأنيثُ لاسم الشمس عيبٌ وما التذكيــــر فخـــرٌ للهـلالِ

الكلمة الخامسة: (ولباس التقوى ذلك خير):

جمالكِ حجابكِ، وزينتكِ تقواكِ، وعزُّكِ شرفكِ، وكمالكِ عفافكِ. ما أجمل تلك الفتاةَ الوقورة الرزان التي تستر جسدها وتغطِّي رأسها!! ما أسعد أباها وأمَّها!! وأكرِم بها بنتاً وأختاً وأمّاً، يشرُف بها مَن انتسب إليها أو انتمت إليه!! قد أطاعت ربها، وأحرزت شرفها، وصانت عرضها، واستحقت ثناء المؤمنين، ورضا رب العالمين؛ بعد ما استجابت لندائه، والتحقت بالركب الميمون (قل لأ****ك وبناتك ونساء المؤمنين يُدنينَ عليهنّ من جلابيبهنَّ..) "يرحم الله نساء الأنصار؛ لما نزلت آية الحجاب شقَقْنَ مُروطهنَّ فاعتجرن بها"، ولم يمنعهنَّ الحجاب من تحصيل فضيلةٍ، أو أداء فريضةٍ، أو المسابقة في برٍّ ومعروف، حتى فُقْنَ الرجال أحياناً. ودونكِ – أختاه! – أخبارَ صفية ونسيبة وأمِّ سليطٍ وزِنِّيرة وجارية بني المؤمل - رضوان الله عليهنَّ ورحمته وبركاته -. يا فتاة الإسلام! سلي نفسك: أيُّ خيٍر يحول الحجاب دون تحصيله؟ وأيُّ فضلٍ كان الحجاب مانعاً منه؟ وهل الحجاب إلا ذلك الحارس الأمين من نظرات اللصوص وأطماع المفسدين؟!

إنَّ الرجـال الناظـرين إلى النِّسـا مثل الكلاب تطوف باللُّحمانِ

إن لم تصنْ تلك اللحومَ أُسودُها أُكِلتْ بلا عِـوَضٍ ولا أثمــــانِ

وبضدها تتبيّنُ الأشياء.. ما أقبحها تلك التي عرضتْ مفاتنها، وأظهرت محاسنها، وسارت في الطريق مع أترابها، كقطيع بقرٍ لا يستره من أعين الناظرين شيء, كشفت عن رأسها، وحسرت عن ذراعيها، وأظهرت ساقيها!! وما أشدَّ القبح حين تكون عجوزاً شمطاء, قد أخنى عليها الدهر بكلكله! جحدتِ المسكينة نعمةَ ربها: (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم وريشاً)، وتلبَّستْ بالمعصية مُذْ خرجت إلى أن رجعتْ. كل مَن نظر إليها، أو شمَّ ريحها، أو فُتن بها؛ تَحْمِلُ مثل وزره؛ لأنها داعيةُ الضلال، وكاشفة الستر (ليحملوا أوزارهم كاملةً يوم القيامة ومن أوزار الذين يُضلّونهم بغير علم).

تذكري - أيتها المتبرِّجة المتكشِّفة المتعطِّرة المتزينة! – اسأل الله لي ولك توبةً نصوحاً – حين ينزل بك الناس في قبرك عما قريب: هل بقي الجمال أم دامت نضرة الشباب؟ هيهات هيهات! لقد غيّر الموت كل شيء، فالعينان سائلتان، والمنخران مرتفعان، والجبين شاحب، والأعضاء يابسة، والدماء متجمِّدة، والحال غير الحال، (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) لِمَ بدّلتِ نعمة الله كفراً؟ ولِمَ عصيتِ مَن خلقكِ فسواكِ فعدلكِ؟ ولو شاء لصوركِ على غير هذه الصورة، شوهاءَ جذماءَ خرقاءَ. أتقابلين – أمة الله! – نعمةَ ربِّكِ بالكفران والجحود (إن الإنسان لظلوم كفّار).

أماه! يا مَن تحرِّضين ابنتك على التكشُّف بدعوى *** الأ****، وترغيب الشباب، اعلمي أنه لن تموت نفسٌ حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتَّقي الله وأجْمِلي في الطلب، ولا يحملنّكِ طلب الرزق على أن تطلبيه بمعصية الله.

أختاه! لا تطيعي أمَّك في معصية الله وتذكّري (يوم يفرُّ المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئٍ منهم يومئذٍ شأنٌ يُغنيه).

الكلمة السادسة: (وقل للمؤمنات يغْضُضْن من أبصارهنّ):

نداءٌ من الرحمن - جل جلاله – للمؤمنات الصالحات, الالتزام بمضمونه يحقِّق لهُنَّ حلاوة الإيمان، ويُوصِلهن إلى واسع الجنان.. (النظرة سهم مسمومٌ من سهام إبليس, من تركها من مخافتي أبدلته إيماناً يجد حلاوته في قلبه). أختاه!

كم نظرةٍ فعلتْ في قلب صاحبها فعلَ السِّهام بلا قوسٍ ولا وترِ

ومن كثرت نظراته دامت حسراته. أراد ربُّكِ لك الخير، حين أمرك بأن تَغُضّي بصرك؛ ليطمئن قلبك، وتسكُن نفسك. إن كنتِ ذات زوجٍ رضيتِ بما قسمه الله لك،. وإن لم تكوني متزوجة صبرتِ حتى يغنيك الله مِن فضله.

لو أنَّ الإنسان أطلق لبصره العنان عصى ربه وأتعب نفسه، رأى الذي لا كلَّه هو قادرٌ عليه، ولا عن بعضه هو صابر.. وفتح باباً للشرِّ والمعصية؛ لأنَّ النظر ذريعةٌ إلى ما بعده؛ وسببٌ لِمَا وراءه

كلُّ الحوادث مبدأها من النظر ومعظم النارِ من مستصغرِ الشَّــــررِ

والمـرء ما دام ذا عين يقلبـها في أعين الغيد موقوف على الخطرِ

يسـرُّ مُقلتَه ما ضـرَّ مُهجــــته لا مرحباً بســـــرورٍ عـــــاد بالضَّـــررِ

أختاه! هل ترضيْن لنفسكِ أن تكوني للشيطان عابدةً, ولطرقه سالكةً, ولخطواته متبعةً, أُعيذك بالله من الضَّلال والخبال (يا أيها الذين آمنوا لا تتَّبعوا خُطُوات الشيطان ومن يتَّبع خطواتِ الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر) ما يريد الشيطان لكِ خيراً, يُغريك بالنظر إلى ما حرّم الله؛ ليسوقكِ سوقاً إلى الكبيرة المُرْدِية، والفاحشة المُهْلِكة, ثم إذا وقعتِ الواقعة تخلّى، عنكِ وأَسْلمكِ لألسنةٍ حداد (كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريءٌ منك إني أخاف الله رب العالمين فكان عاقبتهما أنهما في النَّار خالديْن فيها وذلك جزاء الظالمين) إنَّ في الدنيا رجالاً منافقون، ونساء منافقات، يزيّنون الشر والفساد للناس، عن طريق مجلة خليعة، وصورة متبرجة، ومسلسل فاسد، وفلم ماجن، وأغنية ساقطة، وهم يحبُّون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا. فبالله عليكِ لا تتركي لهم سبيلاً, بل ضيِّقي عليهم الخناق، وأوصدي في وجوههم الأبواب, بطاعتك لربك وغضك لبصرك.

واعلمي – أختاه! - أنّ من غضّ بصره نوّر الله بصيرته, وسيقذف الله في قلبك نوراً ترَيْن به الحقَّ حقاً، والباطل باطلاً, تميّزين به الخبيث من الطيب. وتذكَّري - رعاك الله – أنَّ غضَّ البصر عزيمة ربانية، وأمر قرآني، لا يسعك التهاون به، ولا التقليل من خطر مخالفته, لا تنظري إلى الرجال نظر شهوة، لا في صورة ولا شاشة، ولا في غيرها، بل كوني من المحصنات الغافلات المؤمنات؛ لتصبحي مع عائشة وخديجة في واسع الجنات. ولا تغُرّنّك تلك الجرئية التي تُحِدُّ البصر وتدقِّق النظر, وتلتهم الغادين والرائحين بعينين جائعتين!! فوالله ما هي بصالحةٍ ولا طيبة، ولا حَصَانٍ ولا رزان. مدح الله نساء الجنة – جعلك الله منهنّ – بقوله (فيهنّ قاصرات الطرف لم يطمثهنّ إنس قبلهم ولا جانّ)، قاصرات الطرف أي: حابساتٌ أعينَهنّ، لا ينظرن بها إلى غير أ****هنّ، لا يسْرَحن بأبصارهنَّ ذات اليمين وذات الشمال .. وقد سأل علي رضي الله عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نظر الفجأة فقال: (اصرف بصرك فإنما لك الأولى وعليك الثانية).

ما أجمل تلك المؤمنة التي تكون غاضّة مُطرقة! قد تدثَّرت بثوبِ الحياة! وما أسبغه من ثوب وما أعظمه من خلق! وفي الختام (عينان لا تمسّهما النار: عينٌ غضّت عن محارم الله، وعينٌ خرج منها مثل رأس الذباب من خشية الله).

الكلمة السابعة: (فجاءته إحداهما تمشي على استحياء):

يُثني ربنا - سبحانه - على هذه الفتاة بأنها كانت حييةً في مشيتها, سيماها الوقار والأدب, ما كانت تمشي على الأرض مرحاً, ولا كانت خرّاجةً ولاّجة, ولا هي ممّن يزاحمنَ الرجال, بل خرجت في طاعة أمر أبيها، الذي بعث بها إلى الكليم موسى - عليه السلام – فجاءت تبلّغه الرسالة: (إنّ أبي يدعوك ليجزيكَ أجر ما سقيتَ لنا) ... (الحياء لا يأتي إلاّ بخير), (وإنّ لكلَّ ديناً خُلُقاً, وخُلُقُ الإسلام الحياء). قال العلماء في الحياء: انقباض النفس عن مواقعة القبيح. وهو خلقٌ كريم مطلوب في الرجل والمرأة جميعاً؛ لأنّ نبينا - صلى الله عليه وسلم - كان أشدّ حياءً من العذراء في خدرها, وكان لا يواجه أحداً بشيء يكرهه, وكان إذا كره شيئاً عُرف في وجهه - صلى الله عليه وسلم -. ولئن كان الحياء خُلُقَ كلِّ مؤمنٍ, إلا أنَّه في حقِّ المرأة أكرمُ وألزمُ وأوجب, ليزيدها ربها على الجمال جمالاً... فكوني - يا أمة الله! - حيية سِتِّيرة في مظهرك ومخبرك, ومدخلك ومخرجك, وقولك وفعلك, وسلامك وكلامك.

كوني حييةً إذا خرجت من بيتك, تخرجين في ثوب الحياء, لا زينةَ ولا تبرُّج, ولا سفورَ ولا عطر, تقصدين قضاء حاجة، أو تحقيق مصلحة، فإذا ما فرغتِ رجعتِ بمثل ما خرجتِ مأجورةً غير مأزورةٍ.

كوني حييةً إذا ما تكلمتِ, فلا ترفعي صوتاً، ولا تُحدِثي ضجيجاً, واقتدي بنبيك الكريم - صلى الله عليه وسلم - الذي ما كان فظّاً ولا غليظاً، ولا سخَّاباً بالأسواق, ولا تُقَلِّدي تلك الخرقاء التي صوتها شديد، وكلامها وعيد.

كوني حييةً إذا سلمتِ على رجلٍ أو سلَّم عليكِ, ولْتكُنْ تحيَّتُكِ تحيةَ الإسلام, ولا تصافحيه؛ فإن نبيَّكِ - صلى الله عليه وسلم - ما مسّت يدُه يدَ امرأةٍ قطُّ إلا امرأة يملكها, فاقتدي به؛ ترشدي وتفلحي.

كوني حييةً إذا ما هاتفتِ أحداً أو هاتفكِ, فلا تكثري من الكلام في غير ما فائدة، واقتصري على النافع المفيد, وإيّاكِ ومضاحكةَ الرجال والثرثرة معهم؛ فإنها لا تقود لخير أبداً.

كوني حييةً في مشيتك ولا تضربي الأرض برجليك, ولتكن مشيتك مشية الحياء والخفر, الزمي جانب الطريق وحافَّته, ولا تُكثري من الالتفات, ولا تُوزِّعي الابتسامات؛ فيطمع الذي في قلبه مرض.

كوني حييةً من فعل ما لا يليق, فلا تأكلي في الطريق, ولا تلبسي ما لا ينبغي لك لبسه, ولا تأذني في بيتك لمن كان زوجك له كارهاً, ولا تخاطي الرجال في حفل ولا عرس، كفعل من لا خلاق لهم.

كوني حييةً في لفظك ومنطقك, فلا تلْعني ولا تطْعني, ولا تسُبِّي ولا تفْحُشي, كوني عَفَّة اللسان، كثيرة الإحسان، (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن)، لا تلعني أولادك ولا تدعي عليهم, وإيّاكِ والغيبة والنميمة والبهتان والكذب وإفشاء الأسرار.

كوني حيية من أن تتسمَّعي على الجيران أو تتجسَّسي عليهم فإنّ (من تسمّع حديث قوم وهم له كارهون صُبَّ في أذنيه الآنك يوم القيامة) واشتغلي – رحمك الله – بعيبك عن عيوب الناس.

أختاه! اعلمي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أوصانا جميعاً فقال: (استحوا من الله حق الحياء. قالوا يا رسول الله وما ذاك؟ قال: أن تحفظ الرأس وما وعى, والبطن وما حوى, وأن تذكر الموت والبِلى. فمن فعل ذلك فقد استحيى من الله حق الحياء). يا أمة الله! تذكَّري أنه ما ينبغي أن يراك ربك حيث نهاك, فإيّاك والمعصية فإن المعاصي تزيل النعم, وحق علينا أن نستحي من ربِّنا أن نضيّع أوامره أو أن نفرِّط في فرائضه. وما أحسن ما قيل:

هبِ البعـــثَ لم تأتنا رُسْـــله وجاحمةُ النَّار لم تُضْرمِ

أليسَ من الواجبِ المستحقِّ حياءُ العبادِ من المُنْعمِ

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

قريات الملح
4 - 11 - 2003, 07:31 PM
همسات رائعة اخي ابو رش
وفقك الله ووفق الجميع لما يحب ويرضى

سيف الاسلام
7 - 11 - 2003, 01:46 PM
كلمات رائعة من كاتب رائع
بارك الله فيك اخي العزيز على هذة المواضيع المفيدة
تقبل خالص تحياتي