المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تكفون


 


التلال505
22 - 4 - 2007, 01:52 PM
تكفووووووووووووووووووووووووووون ابي بحث في التوحيد اول متوسط اليوم

ميسلووون
22 - 4 - 2007, 02:55 PM
هذا بحث
ماعليك سوى نسخه ووضعه في الورد
وبالتوفيق
+++++++++++++++++++++
باب من تبرك بشجر أو حجر ونحوهما
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين قال المصنف -رحمه الله تعالى-: باب من تبرك بشجر أو حجر ونحوهما وقول الله -تعالى- أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى وعن أبي واقد الليثي -رضي الله عنه- قال: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها: ذات أنواط فمررنا بسدرة فقلنا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: الله أكبر إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ لتركبن سنن من كان قبلكم رواه الترمذي وصححه.


--------------------------------------------------------------------------------


قال بعد ذلك -رحمه الله-: باب من تبرك بشجر وحجر ونحوهما وقول الله -تعالى- أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى الآيات باب من تبرك بشجر أو حجر ونحوهما يعني ما حكمه؟ باب من تبرك بشجر أو حجر ونحوهما ما حكمه؟، الجواب هو شرك يعني باب من تبرك بشجر أو حجر ونحوهما فهو مشرك، وقوله: من تبرك التبرك تفعل من البركة وهو طلب البركة، والبركة مأخوذة من حيث الاشتقاق من مادة بروك أو من كلمة بركة، أما البروك فبروك البعير يدل على ملازمته وثبوته في ذلك المكان، والبركة وهي مجتمع الماء تدل على كثرة الماء في هذا الموضع وعلى لزومه له وعلى ثباته في هذا الموضع، فيكون إذن معنى البركة كثرة الشيء الذي فيه الخير وثباته ولزومه، فالتبرك هو طلب الخير الكثير وطلب ثباته وطلب لزومه تبرك يعني طلب البركة.

والنصوص في القرآن والسنة دلت على أن البركة من الله -جل وعلا- وأن الله -جل وعلا- هو الذي يبارك، وأن الخلق لا أحد يبارك أحدا وإنما هو -جل وعلا- الذي يبارك قال سبحانه: تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ يعني عظم خير من نزل الفرقان على عبده وكثر ودام وثبت تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وقال سبحانه: وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وقال: وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا .

فالذي يبارك هو الله -جل وعلا- لا يجوز للمخلوق أن يقول باركت على الشيء أو أبارك فعلكم ؛ لأن لفظ البركة ومعنى البركة إنما هي من الله ؛ لأن الخير كثرته ولزومه وثباته إنما هو من الذي بيده الأمر، والنصوص في الكتاب والسنة دلت على أن البركة التي أعطاها الله -جل وعلا- للأشياء إما أن تكون الأشياء هذه أمكنة أو أزمنة، وإما أن تكون تلك الأشياء من بني آدم يعني مخلوقات آدمية، أما الأمكنة والأزمنة فظاهر أن الله -جل وعلا- حين بارك بعض الأماكن كبيت الله الحرام، وكما بارك حول بيت المقدس الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ والأرض المباركة، ونحو ذلك أن معنى أنها مباركة أن يكون فيها الخير الكثير اللازم الدائم لها ليكون ذلك أشجع بأن يلازمها أهلها الذين دعوا إليها، وهذا لا يعني أن يتمسح بأرضها أو أن يتمسح بحيطانها، فهذه بركة لازمة لا تنتقل في الذات.

فبركة الأماكن أو بركة الأرض ونحو ذلك هي بركة لا تنتقل بالذات يعني إذا لامست الأرض أو دفنت فيها أو تبركت بها فإن البركة لا تنتقل بالذات، وإنما الأرض المباركة من جهة المعنى كذلك بيت الله الحرام هو مبارك لا من جهة ذاته يعني أن يتمسح به فتنتقل البركة وإنما هو مبارك من جهة ذاته من جهة المعنى، يعني اجتمعت فيه البركة التي جعلها الله في هذه البنية من جهة تعلق القلوب بها وكثرة الخير الذي يكون لمن أرادها وأتاها وطاف بها وتعبد عندها حتى الحجر الأسود هو حجر مبارك، ولكن بركته لأجل العبادة يعني أنه من استلمه تعبدا مطيعا للنبي -صلى الله عليه وسلم- في استلامه له وفي تقبيله فإنه يناله به بركة الاتباع، وقد قال عمر -رضي الله عنه- لما قبل الحجر: إني لأعلم أنك حجر لا تنفع ولا تضر .

ميسلووون
22 - 4 - 2007, 02:56 PM
قوله: لا تنفع ولا تضر يعني لا ينقل لأحد شيئا من النفع ولا يدفع عن أحد شيئا من الضر، ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك هذا من جهة الأمكنة وأما الأزمنة فمعنى كون الزمان مباركا مثل شهر رمضان أو بعض أيام الله الفاضلة، يعني أن من تعبد فيها ورام الخير فيها فإنه يناله من كثرة الثواب ما لا يناله في غير ذلك الزمان.

والقسم الثاني: البركة المنوطة ببني آدم والبركة التي جعلها الله -جل وعلا- في الناس إنما هي بركة فيمن آمن ؛ لأن البركة من الله -جل وعلا- وجعل بركته للمؤمنين به وسادة المؤمنين هم الأنبياء والرسل، والأنبياء والرسل بركتهم بركة ذاتية يعني أن أجسامهم مباركة فالله -جل وعلا- جعل جسد آدم مباركا وجعل جسد إبراهيم -عليه السلام- مباركا، وجعل جسد نوح مباركا، وهكذا جسد عيسى وموسى -عليهم جميعا الصلاة والسلام- جعل أجسادهم مباركة بمعنى أنه لو تبرك أحد من أقوامهم بأجسادهم، إما بالتمسح بها أو بأخذ عرقها أو بالتبرك ببعض الشعر فهذا جائز ؛ لأن الله جعل أجسادهم مباركة.

وهكذا النبي -صلى الله عليه وسلم- محمد بن عبد الله جسده أيضا جسد مبارك، ولهذا جاء في الأدلة في السنة أن الصحابة كانوا يتبركون بعرقه، يتبركون بشعره، وإذا توضأ اقتتلوا على وضوءه وهكذا في أشياء شتى ذلك ؛ لأن أجساد الأنبياء فيها بركة ذاتية يمكن معها نقل أثر هذه البركة أو نقل البركة والفضل والخير من أجسادهم إلى غيرهم، وهذا مخصوص بالأنبياء والرسل، أما غيرهم فلم يرد دليل على أن ثم من أصحاب الأنبياء من بركتهم بركة ذاتية حتى أفضل هذه الأمة أبو بكر وعمر فقد جاء بالتواتر القطعي أن الصحابة والتابعين والمخضرمين لم يكونوا يتبركون بأبي بكر وعمر وعثمان وعلي بجنس تبركهم بالنبي -صلى الله عليه وسلم- بالتبرك بالشعر أو بالوضوء أو بالنخامة أو بالعرق أو بالملابس ونحو ذلك.

فعلمنا بهذا التواتر القطعي أن بركة أبي بكر وعمر إنما هي بركة عمل ليست بركة ذات تنتقل كما هي بركة النبي -صلى الله عليه وسلم- ولهذا جاء في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن من الشجر لما بركته كبركة المسلم فدل هذا على أن في كل مسلم بركة وأيضا فيه يعني في البخاري قال: ما هذه بأول بركتكم يا آل أبي بكر هذه البركة التي أضيفت لكل مسلم وأضيفت لآل أبي بكر بركة عمل، هذه البركة راجعة إلى الإيمان وإلى العلم والدعوة والعمل.

فنقول: كل مسلم فيه بركة هذه البركة ليست بركة ذات وإنما هي بركة عمل بركة ما معه من الإسلام والإيمان وما في قلبه من الإيقان والتعظيم لله -جل وعلا- والإجلال له والاتباع لرسوله -صلى الله عليه وسلم- هذه البركة بركة العلم أو بركة العمل بركة الصلاح لا تنتقل، وبالتالي يكون التبرك بأهل الصلاح هو الاقتداء بهم في صلاحهم التبرك بأهل العلم هو الأخذ من علمهم والاستفادة من علومهم، وهكذا ولا يجوز أن يتبرك بهم بمعنى يتمسح بهم أو يتبرك بريحهم ؛ لأن أفضل الخلق من هذه الأمة لم يفعلوا ذلك مع خير هذه الأمة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وهذا أمر مقطوع به.

تبرك المشركين أنهم كانوا يرجون كثرة الخير ودوام الخير ولزوم الخير وثبات الخير بالتوجه إلى الآلهة، وهذه الآلهة يكون منها الصنم الذي من الحجارة، ويكون منها القبر من التراب ويكون منها الوثن، ويكون منها الشجر، ويكون منها البقاع المختلفة غار أوعين ماء أو نحو ذلك هذه تبركات مختلفة جميعها تبركات شركية، ولهذا الشيخ -رحمه الله- قال: باب من تبرك بشجر أو حجر ونحوهما الشجر جمع شجرة والشجر معروف والحجر معروف ذلك أن المشركين كانوا يتبركون بالأشجار والأحجار حتى في أول الدعوة في هذه البلاد كانت الأشجار كثيرة التي يتبرك بها والأحجار كثيرة.

قال: ونحوهما نحوهما يعني نحو الحجر والشجر مثل البقاع المختلفة أو غار معين أو قبر أو عين ماء أو نحو ذلك من الأشياء التي يعتقد فيها أهل الجهالة ما حكمه؟ الجواب أنه مشرك كما صرح به الشيخ عبد الرحمن بن حسن في شرحه فتح المجيد باب من تبرك بشجر أو حجر ونحوهما فهو مشرك، الشراح في هذا الموضع لم يفصحوا هل شرك المتبرك بالشجر والحجر شرك أكبر أو شرك أصغر؟ وإنما أدار المعنى الشيخ سليمان -رحمه الله- تيسير بعد أن ساق تفسير آية النجم أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى قال في آخره: مناسبة الآية للترجمة أنه إن كان ذلك في الشرك، إن كان التبرك شركا أكبر فظاهر، وإن كان شركا أصغر، فالسلف يستدلون بالآيات التي نزلت في الأكبر على الأصغر.

وتحقيق هذا المقام أن التبرك بالشجر أو بالحجر أو بالقبر أو ببقاع مختلفة قد يكون شركا أكبر، وقد يكون شركا أصغر يكون شركا أكبر إذا طلب بركتها معتقدا أن هذا الشجر أو الحجر أو القبر إذا تمسح به أو تمرغ عليه أو التصق به يتوسط له عند الله، فإذا اعتقد فيه أنه وسيلة إلى الله فهذا اتخاذ إله مع الله -جل وعلا- وشرك أكبر، وهذا هو الذي كان يزعمه أهل الجاهلية بالأشجار والأحجار التي يعبدونها وبالقبور التي يتبركون بها يعتقدون أنهم إذا عكفوا عندها وتمسحوا بها أو نثروا التراب عليها.

فإن هذه البقعة أو صاحب هذه البقعة أو الروحانية الروح التي تخدم هذه البقعة أنه يتوسط له عند الله -جل وعلا- فهذا راجع إلى اتخاذ أنداد مع الله -جل وعلا- قد قال سبحانه: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ويكون التبرك شركا أصغر إذا كان هذا التبرك بنثر التراب عليه أو إلصاق الجسم بذلك أو التبرك بعين ونحوها، إذا كان من جهة أنه جعله سببا لحصول البركة بدون اعتقاد أنه يوصل إلى الله يعني جعله سببا مثل ما يجعل لابس التميمة أو لابس الحلقة أو لابس الخيط جعل تلك الأشياء سببا.

فإذا أخذ تراب القبر ونثره عليه لاعتقاده أن هذا التراب مبارك وإذا لامس جسمه فإن جسمه يتبارك من جهة السببية فهذا شرك أصغر ؛ لأنه ما صرف عبادة لغير الله جل علا ولكن اعتقد ما ليس سببا مأذونا به شرعا سببا، وأما إذا تمسح بها كما هي الحال الأولى تمسح بها وتمرغ والتصق بها لتوصله إلى الله -جل وعلا- فهذا شرك أكبر مخرج من الملة.

ولهذا قال الشيخ سليمان كما ذكرت لك: إن كان التبرك شركا أكبر فظاهر في الاستدلال بالآية وإن كان التبرك شركا أصغر فالسلف يستدلون بما نزل في الأكبر على ما يريدون من الاستدلال في مسائل الشرك الأصغر قال: وقول الله -تعالى-: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى هذه الثلاث ذكرت لكم من قبل أن الهمزة - همزة الاستفهام - إذا أتى بعدها فاء فإنه يكون بينها وبين الفاء جملة دل عليها السياق فمن أول سورة النجم إلى هذا الموضع يدل على المحذوف قال: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى اللات هذه صخرة بيضاء عند أهل الطائف، وما هدمت إلا بعد أن أسلمت ثقيف أرسل لها النبي -صلى الله عليه وسلم- المغيرة بن شعبة فهدمها وكسرها وكان عليها ولها سدنة ولها قدم، المقصود أن اللات صخرة وصفت بأنها بيضاء.

وفي قراءة ابن عباس وغيره من السلف قرءوها "اللاتّ" أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ واللاتّ هذا رجل كان يلت السويق وكان يعطيهم السويق في رواية على صخرة فعظموا تلك الصخرة، وفي رواية أخرى يعني عن السلف أنه كان يلتّ لهم السويق فلما مات عكفوا على قبره، فتحصل من هذا أن اللاتَ صخرة، وإذا قرئت اللاتّ فيكون قبرا أو صخرة كان يتعبد عندها ويتصدق ذاك الذي كان يلتّ السويق.

والعزى شجرة كانت بين مكة والطائف، وكانت في الأصل شجرة ثم بنى بناء على ثلاث سمرات، وكانت هناك له سدنة وكانت امرأة كاهنة هي التي تخدم ذلك الشرك، ولما فتح النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة أرسل إليها خالد بن الوليد فقطع الأشجار الثلاث السمرات الثلاث، وقتل من قتل فلما رجع وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: ارجع فإنك لم تصنع شيئا فرجع فرآه السدنة ففروا إلى الجبل ثم رأى امرأة ناشرة شعرها عريانة هي الكاهنة التي كانت تخدم ذلك الشرك وتحضر الجن لإضلال الناس في ذلك الموضع فرآها فعلاها بالسيف حتى قتلها فرجع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: تلك العزى .

المقصود أن العزى اسم لشجرة كانت في ذلك الموضع، وفي الحقيقة تعلق الناس كان بتلك الشجرة وبالمرأة التي كانت تخدم ذلك الشرك فلو قطعت الأشجار وبقيت المرأة فإن المرأة ستغري الناس مرة أخرى بما تذكره لهم أو ما تحكيه لهم أو ما تجيب به مطالبهم عن طريق الجن فيكون الشرك ما انقطع، ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: تلك العزى يعني في الحقيقة هي المرأة التي تغري الناس بذلك وإلا فهي شجرة كذلك مناة قال: وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى الأخرى يعني الوضيعة الحقيرة، مناة هذه أيضا هي صخرة سميت مناة لكثرة ما يمنى عليها من الدماء تعظيما لها وجه مناسبة الآية للترجمة أن اللات صخرة ومناة صخرة والعزى شجرة، وما كان يفعله المشركون عند هذه الثلاث هو عين ما يفعله المشركون في الأزمنة المتأخرة عند الأشجار والأحجار والثيران والقبور، ومن قرأ شيئا مما يصنعه المشركون علم غربة الإسلام في هذه البلاد قبل هذه الدعوة وأن الناس كانوا على شرك عظيم.

وإذا تأملت أحوال ما حولك من البلاد التي ينتشر فيها الشرك وجدت من اتخاذ الأشجار والأحجار آلهة ويتبرك بها الشيء الكثير أعظم من ذلك اتخاذ القبور آلهة يتوجه إليها ويتعبد عندها ثم ساق حديث أبي واقد الليثي قال عن أبي واقد الليثي قال: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها: ذات أنواط فمررنا بسدرة فقلنا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: الله أكبر إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ لتركبن سنن من كان قبلكم رواه الترمذي وصححه هذا الحديث حديث صحيح عظيم.

والمشركون كانت لهم سدرة شجرة لهم معها اعتقاد أو لهم فيها اعتقاد، واعتقادهم فيها يشمل ثلاثة أشياء:

الأول: أنهم كانوا يعظمونها.

الثاني: أنهم كانوا يعكفون عندها.

الثالث: أنهم كانوا ينوطون بها الأسلحة رجاء نقل البركة من الشجرة إلى السلاح حتى يكون أمضى وحتى يكون خيره لحامله أكثر.

وفعلهم هذا شرك أكبر ؛ لأنهم عظموها وعكفوا عندها والعكوف عبادة وهو ملازمة الشيء على وجه التعظيم والقربة، والثالث أنهم طلبوا منها البركة فصار شركهم الأكبر؛ لأجل هذه الثلاث مجتمعة الصحابة -رضوان الله عليهم- قالوا: يعني من كانوا حديثي عهد بكفر قالوا: اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ظنوا أن هذا لا يدخل في الشرك وأن كلمة التوحيد لا تهدم بهذا الفعل.

ثم ساق حديث أبي واقد الليثي قال: عن أبي واقد الليثي قال: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى حنين، ونحن حدثاء عهد بكفر، و للمشركين سدرة يعكفون عندها، وينوطون بها أسلحتهم يقال لها: ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا يا رسول الله: اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: الله أكبر! إنها السنن، قلتم -والذي نفسي بيده- كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ لتركبن سنن من كان قبلكم رواه الترمذي وصحَّحه، هذا الحديث حديث صحيح عظيم.

ميسلووون
22 - 4 - 2007, 02:57 PM
والمشركون كانت لهم سدرة شجرة لهم معها اعتقاد، أو لهم فيها اعتقاد، اعتقادهم فيها يشمل ثلاثة أشياء:

الأول: أنهم كانوا يعظمونها.

الثاني: أنهم كانوا يعكفون عندها.

الثالث: أنهم كانوا ينوطون بها الأسلحة رجاء نقل البركة من الشجرة إلى السلاح حتى يكون أمضى، وحتى يكون خيره لحامله أكثر.

وفعلهم هذا شرك أكبر؛ لأنهم عظموها وعكفوا عندها، والعكوف عبادة، وهو ملازمة الشيء على وجه التعظيم والقربة، والثالث: أنهم طلبوا منها البركة، فصار شركهم الأكبر لأجل هذه الثلاث مجتمعة.

الصحابة -رضوان الله عليهم- قالوا يعني: من كانوا حديثي عهد بكفر، قالوا: اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ظنوا أن هذا لا يدخل في الشرك، وأن كلمة التوحيد لا تهدم هذا الفعل؛ لهذا قال العلماء: قد يغيب عن بعض الفضلاء بعض مسائل الشرك؛ لأن الصحابة، وهم أعرف الناس باللغة، هؤلاء الذين كان إسلامهم بعد الفتح خفيت عليهم بعض أفراد توحيد العبادة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: الله أكبر! إنها السنن، قلتم - والذي نفسي بيده- كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ .

ميسلووون
22 - 4 - 2007, 02:59 PM
شبه -عليه الصلاة والسلام-، وانتبه لهذا، شبَّه المقالة بالمقالة، معلوم أن أولئك عبدوا غير الله، عبدوا ذات الأنواط، وأما أولئك فإنما طلبوا بالقول، والنبي -عليه الصلاة والسلام- شبه القول بقول قوم موسى: اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ولم يفعلوا ما طلبوا، ولما نهاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- انتهوا، ولو فعلوا ما طلبوا لكان شركا أكبر، لكن لما قالوا وطلبوا دون فعل صار قولهم شركا أصغر؛ لأنه كان فيه نوع تعلق بغير الله -جل وعلا-؛ لهذا نقول: إن أولئك الصحابة الذين طلبوا هذا الطلب لما نهاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- انتهوا، فهم لا يعلمون أن هذا الذي طلبوه غير جائز، وإلا فلا يظن بهم أنهم يخالفون أمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويرغبون في معصيته، فإذن صار الشرك في مقالهم، وأما الفعل فلم يفعلوا شيئا من الشرك.

وهذا الذي قالوه قال العلماء: هو شرك أصغر، وليس بشرك أكبر؛ ولهذا لم يأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بتجديد إسلامهم دل على ذلك قوله: قلتم -والذي نفسي بيده- كما قالت بنو إسرائيل لموسى فشبَّه المقالة بالمقالة، وقد قال الشيخ -رحمه الله- في المسائل إنهم لم يكفروا، وأن الشرك منه أكبر، ومنه أصغر؛ لأنه لم يأمرهم -عليه الصلاة والسلام- بتجديد الإسلام.

ميسلووون
22 - 4 - 2007, 02:59 PM
ظاهر من هذا أن الشرك الأكبر الذي كان فيه المشركون لم يكن راجعا إلى التبرك بذات الأنواط فقط، وإنما كان بالتعظيم، والعكوف، والتبرك بالتعليق، وقد قلت لك: إن التبرك بالشجر والحجر، ونحو ذلك إذا كان فيه اعتقاد أن هذا الشيء يقرب إلى الله، وأنه يرفع الحاجة إلى الله، أو أن تكون حاجاتهم أرجى إجابة، وأمورهم أحسن إذا تبركوا بهذا الموضع، فهذا شرك أكبر، وهذا الذي كان يصنعه أهل الجاهلية؛ لهذا قلت لك: إن فعلهم يشمل ثلاثة أشياء:

التعظيم، والتعظيم عبادة، وهذا لا يجوز إلا لله، تعظيم أن هذا يتوسل ويتوسط لهم عند الله -جل وعلا-، وهذا لا يجوز، وهو من أنواع العبادة، واعتقاد شركي.

ميسلووون
22 - 4 - 2007, 03:01 PM
والثاني: أنهم عكفوا عندها ولازموا، والعكوف والملازمة نوع عبادة فإذا عكف ولازم تقربا، ورجاء، ورغبة، ورهبة، ومحبة، فهذا نوع من العبادة.

والثالث: التبرك، فإذن يكون الشرك الأكبر ما ضم هذه الثلاث، وإذا تأملت ما يصنعه عباد القبور، والخرافيون في الأزمنة المتأخرة، وفي زماننا هذا، وجدت أنهم يصنعون كما كان المشركون الأولون يصنعون عند اللات، وعند العزى، وعند مناة، وعند ذات أنواط، فإنهم يعتقدون في القبر، بل يعتقدون في الحديد الذي يسيج به القبر، فالمَشَاهد المختلفة في البلاد التي يفشو فيها الشرك، أو يظهر فيها الشرك تجد أن الناس يعتقدون في الحائط الذي على القبر، أو في الشباك الحديدي الذي يحيط بالقبر، فإذا تمسَّحوا به كأنهم تمسحوا بالمقبور، واتصلت روحهم بأنه سيتوسط لهم؛ لأنهم عظموه هذا شرك أكبر بالله -جل وعلا-؛ لأنه رجع إلى تعلق القلب بجلب النفع، وفي دفع الضر بغير الله -جل وعلا-، وجعله وسيلة إلى الله -جل وعلا-، كفعل الأولين الذين قال الله فيهم: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى .

ميسلووون
22 - 4 - 2007, 03:01 PM
وأما الحالة الأخرى التي نبهتك في أول المقام عليها من أنه يجعل بعض التمسحات أسبابا، مثل ما ترى بعض الناس الجهلة يأتي في الحرم، ويتمسح بأبواب الحرم الخارجية، أو ببعض الجدران، أو ببعض الأعمدة، فهذا إن ظن أن ثَمَّ روحا في هذا العمود، أو هناك أحد مدفون بالقرب منه، أو ثم من يسكن هذا العمود من الأرواح الطيبة -كما يقولون- فتمسح لأجل أن يصل إلى الله -جل وعلا- فهذا شرك أكبر.

وأما إذا تمسح باعتقاد أن هذا المكان مبارك، وأن هذا سبب قد يشفيه … - دائما يكثر يا إخوان، النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: لا ضرر، ولا ضرار والأذية لا تجوز حرام، يأتي يطلب علما مستحبا أو واجبا، وثم مفسدة على غيره من المسلمين، ربما يكون ثم مريض أراد أن ينقل إلى المستشفى، أو حاجة ضرورية تفوت، فهو يفوت على إخوانه المصلحة لأجل مصلحته هو، هذا لا شك أنه لا يجوز، فحاذروا من ذلك، لو أوقفتم السيارات بعيدا، وجئتم تمشون، فهذا أبرأ لذممكم، وأبعد من التأثم-.

إذا كان يتمسح بجعله سببا هذا يكون شركا شرك أصغر، وإذا كان تعلق قلبا بهذا المتمسح به، أو المتبرك به، وعظمه ولازمه، واعتقد أن ثمة روحا هنا، أو أنه يتوسل به إلى الله، فإن هذا شركا أكبر.

قال بعد ذلك: باب: ما جاء في الذبح لغير الله -يعني: من الوعيد- وأنه شرك، باب: ما جاء في الذبح لغير الله من الوعيد، وأنه شرك بالله -جل وعلا-، وقول الشيخ -رحمه الله-: باب: ما جاء في الذبح لغير الله، الذبح معروف، وهو إراقة الدم، ولغير الله: اللام هذه يعني: متقربا به إلى غير الله، ذبح لأجل غير الله، والذبح فيه شيئان مهمان، وهما نكتة هذا الباب وعقدته، الأول: الذبح بسم الله، أو الذبح بالإهلال باسم ما، والثاني: أن يذبح متقربا لما يريد أن يتقرب إليه؛ فإذن ثَمَّ تسمية، وثم القصد.

أما التسمية فظاهر أن ما ذكر عيه اسم الله فإنه جائز فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ وأما ما لم يذكر اسم الله عليه فهذا الذي أُهِلَّ لغير الله، يعني: ذكر غير اسم الله عليه، هذا أهل لغير الله به، وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ التسمية على الذبيحة من جهة المعنى استعانة، فإذا سمَّى الله فإنه استعان في هذا الذبح بالله -جل وعلا-؛ لأن الباء في قولك: بسم الله يعني: أذبح متبركا ومستعينا بكل اسم لله -جل وعلا-، أو بالله -جل وعلا- الذي له الأسماء الحسنى.

ميسلووون
22 - 4 - 2007, 03:02 PM
فإذن جهة التسمية جهة استعانة، وأما القصد فهذه جهة عبودية، ومقام فذبح باسم الله لله كانت الاستعانة بالله، والقصد من الذبح أنه لوجه الله، تقرب لله -جل وعلا- فصارت الأحوال عندنا أربعة:

الأولى: أن يذبح باسم الله، لله، وهذا هو التوحيد.

والثانية: أن يذبح باسم الله لغير الله، وهذا شرك في العبادة.

والثالثة: أن يذبح باسم غير الله لغير الله، وهذا شرك في الاستعانة، وشرك في العبادة -أيضا-.

والرابع: أن يذبح بغير اسم الله، ويجعل الذبيحة لله، وهذا شرك في الربوبية.

فإذن الأحوال عندنا أربعة، إما أن يكون تسمية مع القصد لله -جل وعلا- وحده، وهذا هو التوحيد، وهو العبادة، فالواجب أن يذبح لله قصدا تقربا، وأن يسمي الله -جل وعلا- على الذبيحة، فإن لم يسم الله -جل وعلا-، وترك التسمية عمدا، فإن الذبيحة لا تحل، وإن لم يقصد بالذبيحة التقرب إلى الله -جل وعلا-، ولا التقرب لغيره، وإنما ذبحها لأجل أضياف عنه، أو لأجل أن يأكلها، يعني: ذبحها لقصد اللحم، لم يقصد بها التقرب، فهذا جائز، وهو من المأذون فيه؛ لأن الذبح لا يشترط فيه أن ينوي الذابح التقرب بالذبيحة إلى الله -جل وعلا-.

فإذا صار عندك المسألة الأولى، أو الحالة الأولى مهمة أن تعلم أن ذكر اسم الله على الذبيحة واجب، وأن يكون قصدك بالتقرب بهذه الذبيحة -إن نويت بها تقربا- أن يكون لله لا لغيره، وهذا مثل ما يذبح من الأضاحي، أو يذبح من الهدي، أو نحو ذلك مما يذبحه المرء تعظيما لله -جل وعلا-، عقيقة، ونحو ذلك مما أمر به شرعا، فهذا تذبحه لله، يعني: تقصد التقرب لله بهذه الذبيحة، فهذا من العبادات العظيمة التي يحبها الله -جل وعلا-، وهي عبادة النحر والذبح.

قد يذبح باسم الله، ولكن يقول: أريدها للأضياف، أريدها للحم، آكل لحما، ولم أتقرب بها لغير الله، أيضا لم أتقرب بها لله، فنقول: هذه الحالة جائزة؛ لأنه سمى باسم الله، ولم يذبح لغير الله، فليس داخلا في الوعيد، ولا في النهي، بل ذلك من المأذون فيه.

الحالة الثانية: أن يذبح باسم الله، ويقصد بالتقرب أن هذه الذبيحة لغير الله، فيقول -مثلا-: باسم الله، وينحر الدم، وهو ينوي بإزهاق النفس، وبإراقة الدم ينوي التقرب لهذا العظيم المذكور، لهذا النبي، أو لهذا الصالح فهو ولو ذبح باسم الله، فإن الشرك حاصل من جهة أنه أراق الدم تعظيما للمذكور، تعظيما لغير الله، كذلك يدخل فيه أن يذكر اسم الله على الذبيحة، أو على المنحور، ويكون قصده بالذبح أن يتقرب به للسلطان، أو للملوك، أو لأمير ما، وهذا يحدث عند بعض البادية.

وكذلك بعض الحضر إذا أرادوا أن يعظموا ملكا قادما، أو أميرا قادما، أو أن يعظموا سلطانا، أو شيخ قبيلة، فإنهم يستقبلونه بالجمال، يستقبلونه بالبقر، يستقبلونه بالشياه يعني: بالضأن والخرفان، ويذبحونها في وجهه؛ فيسيل الدم عند إقباله هذا ذبح، ولو سمى الله عليه، ولكن تكون الذبيحة قصد بها غير الله -جل وعلا-، وهذه أفتى العلماء بتحريمها؛ لأن فيها إراقة دم لغير الله -جل وعلا- فلا يجوز أكلها، ومن باب أولى قبل ذلك لا يجوز تعظيم أولئك بمثل هذا التعظيم ؛ لأن إراقة الدم إنما يعظم به الله -جل وعلا- وحده؛ لأنه هو الذي -سبحانه- يستحق العبادة، التعظيم بهذه الأشياء، وهو الذي أجرى الدماء في العروق -سبحانه وتعالى-.

الحالة الثالثة: أن يذكر غير اسم الله، وأن يقصد بالذبيحة غير الله -جل وعلا- فيقول -مثلا-: باسم المسيح، ويحرك يده، ويقصد بها التقرب للمسيح، فهذا الشرك جمع شركا في الاستعانة، وشركا في العبادة، أو أن يذبح باسم البدوي، أو باسم الحسين، أو باسم السيدة زينب، أو باسم العيدروس، أو باسم الميرغناني، أو نحو ذلك من الناس الذين توجه إليهم بعض الخلق بالعبادة، فيذبح باسمها، ويقصد بها هذا المخلوق، يعني: ينوي حين ذبح أن يريق الدم تقربا لهذا المخلوق، فهذا الشرك جاء من جهتين:

الجهة الأولى: جهة الاستعانة.

والجهة الثانية: جهة العبودية والتعظيم وإراقة الدم لغير الله -جل وعلا-.

والرابع: أن يذبح باسم غير الله، ويجعل ذلك لله -جل وعلا-، وهذا نادر، وربما حصل من أنه يذبح للمعظم يذبح للبدوي، أو يذبح للعيدروس، أو يذبح للشيخ عبد القادر أو مثل ذلك، ثم ينوي بهذا أن يتقرب إلى الله -جل وعلا-، وهذا في الحقيقة راجع إلى الشرك في الاستعانة، والشرك في العبادة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في معرض كلام له في هذه المسائل قال: "ومعلوم أن الشرك في العبودية أعظم من الاستعانة بغير الله، فهذه المراتب أعظمها كلها شرك بالله -جل وعلا-".

والحالة الثانية صورة منها أنه يذبح لسلطان، ونحوه بعض العلماء ما أطلق أنها شرك، وإنما قال: تحرم لأجل أنه لا يقصد بذلك تعظيم ذاك كتعظيم الله -جل وعلا-.

المقصود أن الشرك بقصد الذبح لغير الله شرك في العبودية، والشرك بذكر غير اسم الله على الذبيحة شرك في الاستعانة؛ ولهذا قال -جل وعلا-: وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ يعني: إن أطعتموهم في الشرك، فإنكم مشركون كما أنهم مشركون.

نكمل -إن شاء الله- بقية الباب غدا بإذن الله، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهداه.

أما بعد:

فأنبه على مسألة ألا وهي أن الكلام في مسائل التوحيد تقريرا أو استدلالا وبيان وجه الاستدلال من الأمور الدقيقة، والتعبير عنها يحتاج إلى دقة من جهة المعبِّر، وأيضا من جهة المتلقي.

أقول هذا لأن بعض الأخوة استشكلوا بالأمس وقبله واليوم -أيضا- بعض العبارات، ومدار الاستشكال أنهم ما دققوا فيما قيل، إما أن يحذفوا قيدا، أو يحذفوا كلمة، أو يأخذ المعنى الذي دل عليه الكلام، ويعبر عنه بطريقته، وهذا غير مناسب؛ لهذا ينبغي أن يكون المتلقي لهذا العلم دقيقا فيما يسمع؛ لأن كل مسألة لها ضوابطها، ولها قيودها، وأيضا بعض المسائل يكون الكلام عليها تارة مجملا، وفي بعض ما سمعه المتلقي يكون سمع أحد الأحوال، وهي فيها تفصيل، ويكون الكلام عليها من حيث الإجمال غير الكلام عليها من حيث التفصيل.

س: هذا سائل يقول: فضيلة الشيخ مما يقع فيه كثير من الناس أنه إذا حصل له أمر، ونجا منه، فإنه يجب عليه أن يتصدق.

ج: الصدقة في مثل هذا ليس لها حكم الوجوب، والشكر لله -جل وعلا- على نعمه، إذا نجي العبد من بلاء، أو حصلت له مسرة يكون تارة بالسجود، وتارة بالصلاة، أو بالصدقة شكرا لله -جل وعلا- على نعمه، وهذا كله من المستحب، وليس من الواجب إلا إذا كان ثم نذر، نذر أنه إن نجي من كذا وكذا، فإنه سيتصدق، فهنا يكون ألزم نفسه بعبادة ألا وهي الصدقة إذا حصل له كذا وكذا؛ فتكون واجبة بالنذر.

أما أصل الصدقة فهو مستحب، وإذا كانت في مقابلة نعمة، أو اندفاع نقمة، فهي -أيضا- مستحبة، وليست بواجبة لا تجب إلا إذا نذر، وتحقق المشروط، تحقق الشرط. نعم.

س: وهذا يقول: فضيلة الشيخ إذا كان الذبح لا يجوز لدفع المرض فكيف نجمع بينه وبين الحديث: داووا مرضاكم بالصدقة ؟

ج: هذا أجبت عنه بالأمس.

س: وهذا يقول: عندنا عادة، وهي أنه من حصل بينه وبين شخص عداوة أو بغضاء بتعدٍ من أحدهما على الآخر، فيطلبون من أحدهما أن يذبح، ويسمون ذلك ذبح صلح، فيذبح ويحضرون من حصلت معه العداوة، فما حكم ذلك؟

ج: ذبح الصلح الذي تستعمله بعض القبائل في صورته المشتهرة المعروفة لا يجوز؛ لأنهم يجعلون الذبح أمام من يريدون إرضاءه، ويريقون الدم تعظيما له أو إجلالا لإرضائه، وهذا يكون محرما؛ لأنه لم يرق الدم لله -جل وعلا-، وإنما أراقه لأجل إرضاء فلان، وهذا الذبح محرم، والذبيحة -أيضا- لا يجوز أكلها؛ لأنها لم تهل، أو لم تذبح لله -جل وعلا-، وإنما ذبحت لغير الله، فإن كان الذبح الذي هذا صفته من جهة التقرب والتعظيم صار شركا أكبر، وإن لم يكن من جهة التقرب، والتعظيم صار محرما؛ لأنه لم يخلص من أن يكون لغير الله، فصار عندنا في مثل هذه الحالة، وكذلك في الذبح للسلطان، ونحوه في المسألة التي مرت علينا بالأمس أن يكون الذبح في مقدمه، وأن يراق الدم لقدومه وبحضرته، هذا قد يكون على جهة التقرب والتعظيم؛ فيكون الذبح حينئذ شركا أكبر بالله -جل وعلا-؛ لأنه ذبح وأراق الدم تعظيما للمخلوق، وتقربا إليه.

وإن لم يذبح تقربا ولا تعظيما، وإنما ذبح لغاية أخرى، مثل الإرضاء ولكنه شابه أهل الشرك فيما يذبحونه تقربا وتعظيما، فنقول: الذبيحة لا تجوز ولا تحل، والأكل منها حرام.

ويمكن للإخوة الذين يشيع عندهم في بلادهم، أو في قبائلهم مثل هذا المسمى ذبح الصلح، ونحوه أن يبدلوه بخير منه، وهو أن تكون وليمة للصلح، فيذبحون للضيافة يعني: يذبحون لا بحضرة من يريدون إرضاءه ويدعونهم ويكرمونهم، وهذا من الأمر المرغب فيه؛ فيكون الذبح كما يذبح المسلم عادة لضيافة أضيافه، ونحو ذلك.

س: وهذا يقول: هناك رجل في منطقتنا يأتي إليه الناس عند فقد أموالهم، فيعطيهم خيطا معقدا، ويقرأ عليه، ويطلب منهم أن يضعوه في المكان الذي فقده، فما حكم ذلك؟ وما حكم الصلاة خلفه؟

ج: هذا من الكهانة؛ لأن هذا الذي يعمل هذه الأشياء عراف، أو كاهن، وقد يكون ساحرا -أيضا-، فلا يجوز عمل مثل هذا العمل، ولا يحل لأحد أن يعين أحدا يدعي معرفة شيء من علم الغيب، والصلاة خلفه لا تجوز؛ لأن هذا إما أن يكون عرافا، أو كاهنا، أو ساحرا، وهؤلاء لا تجوز الصلاة خلفهم. نعم.

س: وهذا يقول: فضيلة الشيخ ما معنى قولهم: الشرك الأصغر أكبر من الكبائر، وكيف يكون كذلك، والشرك الأكبر يعتبر من الكبائر إذ هو أكبر الكبائر، فنرجو إزالة الإشكال؟

ج: هذا -أيضا- أوضحته بالأمس، وهو أن الكبائر قسمان: قسم منها راجع إلى جهة الاعتقاد، والعمل الذي يصحبه اعتقاد، وقسم منها راجع إلى جهة العمل الذي لا يصحبه اعتقاد، مثال الأول الذي يصحبه الاعتقاد أنواع الشرك بالله من الاستغاثة بغيره، ومن الذبح لغير الله، ومن النذر لغير الله، ونحو ذلك فهذه أعمال ظاهرة، ولكن هي كبائر يصحبها اعتقاد جعلها شركا أكبر، فهي في ظاهرها صرف عبادة لغير الله -جل وعلا-، وقام بقلب صاحبها الشرك بالله بتعظيم هذا المخلوق، وجعله يستحق هذا النوع من العبادة، إما على جهة الاستقلال، أو لأجل أن يتوسط.

ميسلووون
22 - 4 - 2007, 03:02 PM
والقسم الثاني: الكبائر العملية التي تُعْمَل لا على وجه اعتقاد مثل: الزنا، وشرب الخمر، والسرقة، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، ونحو ذلك من الكبائر والموبقات، فهذه تعمل دون اعتقاد، وبهذا صارت الكبائر على قسمين، نقول: الشرك الأصغر، ومن باب أولى الشرك الأكبر هذا جنسه أكبر من الكبائر يعني: العملية، فأنواع الشرك الأصغر، ولو كان لفظيا مثل: قول ما شاء الله وشئت، ومثل الحلف بغير الله، أو نسبة النعم إلى غير الله، أو نسبة اندفاع النقم لغير الله -جل وعلا-، أو تعليق التمائم، ونحو ذلك، هذه من حيث الجنس أعظم من الكبائر، ومن حيث الجنس أعظم من كبائر العمل التي لا يصاحبه اعتقاد؛ وذاك لأن الأعمال تلك كالزنا، والسرقة، ونحوها من الكبائر العملية، هذه ليس فيها سوء ظن بالله -جل وعلا-، وليس فيها صرف عبادة لغير الله، أو نسبة شيء لغير الله جل، وإنما هي من جهة الشهوات، والأخرى هي من جهة الاعتقاد بغير الله، وجعل غير الله -جل وعلا- ندا لله -سبحانه وتعالى-، وأعظم الذنب أن يجعل المرء لله ندا، وهو خلقه -جل وعلا-.

س: وهذا يقول: فضيلة الشيخ لماذا لم يبين الرسول -صلى الله عليه وسلم- الشرك للصحابة قبل أن يقعوا فيه في حديث ذات أنواط ؟

ج: من المعلوم أن الشريعة جاءت بالإثبات المفصل، والنفي المجمل، والنفي إذا كان مجملا، فإنه يندرج تحته صور كثيرة، يدخلها من فهم النفي في الدلالة، فلا يحتاج مع النفي أن ينبه على كل فرد فرد؛ ولهذا نقول: من فهم لا إله إلا الله لم يحتج إلى أن يفصل له كل مسألة من المسائل.
فمثلا: النذر لغير الله ليس فيه الحديث النذر لغير الله شرك، والذبح لغير الله ليس فيه حديث الذبح لغير الله شرك، ونحو ذلك من الألفاظ الصريحة، وهكذا في العكوف عند القبور، أو العكوف والتبرك عند الأشجار والأحجار لم يأت فيها شيء صريح، ولكن نفي إلهية غير الله -جل وعلا- يدخل فيها عند من فهم معنى العبادة كل الصور الشركية؛ ولهذا الصحابة -رضي الله عنهم- فهموا ما دخل تحت هذا النفي، ولم يطلب ذات أنواط كما للمشركين ذات أنواط إلا من كان حديث عهد بكفر يعني: لم يسلم إلا قريبا، وهم قلة ممن كانوا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في مسيره إلى حنين.

والإثبات يكون مفصلا، وتفصيل الإثبات تارة يكون بالتنصيص، وتارة يكون بالدلالة العامة من وجوب إفراد الله -جل وعلا- بالعبادة -مثلا-: اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ونحو ذلك من الآيات، والأدلة الخاصة بالعبادة كقوله: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا وكقوله: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ وكقوله: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ فهذه أدلة إثبات تثبت أن تلك المسائل من العبادات، وإذا كانت من العبادات فقول: لا إله إلا الله يقتضي بالمطابقة أنه لا تصرف العبادة إلا لله -جل وعلا-.

إذن فيكون ما طلبه أولئك من القول الذي لم يعملوا راجع إلى عدم فهمهم أن تلك الصورة داخلة فيما نفي لهم مجملا بقول: لا إله إلا الله.

س: وهذا يقول: فضيلة الشيخ، ما حكم التبرك بالصالحين، وبماء زمزم، والتعلق بأستار الكعبة؟

ج: التبرك بالصالحين قسمان: تبرك بذواتهم بعرقهم بسؤرهم يعني: بقية الشراب بلعابهم الذي اختلط بالنوى -مثلا-، أو ببعض الطعام، أو التبرك بشعرهم، أو نحو ذلك، فهذا لا يجوز، وهو من البدع المحدثة، وقد ذكرت لكم أن الصحابة -رضوان الله عليهم- لم يكونوا يعملون مع أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وهم سادة أولياء هذه الأمة شيئا من ذلك، وإنما فعله الخلوف الذين يفعلون ما لا يؤمرون، ويتركون ما أمروا به.

القسم الثاني: بركة عمل، وهي الاقتداء بالصالحين في صلاحهم، والاستفادة من أهل العلم، والتأثر بأهل الصلاح، وهذا أمر مطلوب، والتبرك بالصالحين بهذا المعنى مطلوب شرعا، أما التبرك بالذات -كما كان يفعل مع النبي صلى الله عليه وسلم- فهذا ليس لأحد إلا للنبي -عليه الصلاة والسلام-، أما التبرك بماء زمزم، فإن شرب ماء زمزم بما جاء به الدليل، ولما جاء به الدليل لا بأس به، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال في ماء زمزم: إنها طعام طعم، وشفاء سقم فمن شربها طعاما، أو شفاء سقم شرب بما دل عليه الدليل، كذلك شربها لغرض من الأغراض التي يريد أن يحققها لنفسه فهذا -أيضا- جائز؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ماء زمزم لما شرب له .

فإذن أن يجعل ماء زمزم لأشياء يريدها، فهذا راجع إلى أنه سبب أذن به شرعا، ولو شرب ماء آخر -مثلا- ماء صحة، وأراد بشرب هذا الماء أن يحفظ القرآن، فيكون هذا اعتقادا خاطئا؛ لأن ما جاء فيه الدليل هو الذي يجعل ذلك السبب مؤثرا أو جائزا ليعتقد أنه مؤثر.

أما التعلق بأستار الكعبة رجاء البركة، فهذا من وسائل الشرك، ومن الشرك الأصغر -كما ذكرت لكم بالأمس- إذا اعتقد أن ذلك التبرك سبب، أما إذا اعتقد أن الكعبة ترفع أمره إلى الله، أو أنه إذا فعل ذلك عظم قدره عند الله، وأن الكعبة يكون لها شفاعة عند الله، أو نحو تلك الاعتقادات التي فيها اتخاذ الوسائل إلى الله -جل وعلا- فهذا يكون التبرك على ذاك النحو شرك أكبر؛ ولهذا يقول كثير من أهل العلم: إن أنواع هذا التبرك بحيطان المسجد الحرام، وبالكعبة، أو نحو ذلك، أو بمقام إبراهيم، التمسح بذلك رجاء البركة من وسائل الشرك، بل هو من الشرك، من وسائل الشرك الأكبر، بل هو من الشرك الأصغر كما قرر ذلك الإمام الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله-.

س: وهذا يقول: فضيلة الشيخ يوجد بعض الساعات مكتوب عليها لفظ الجلالة، فهل يجوز الدخول بها إلى الخلاء؟ وجزاكم الله خيرا.

ج: العلماء يقولون: ويكره دخوله الخلاء بشيء فيه ذكر الله، في آداب دخول الخلاء بالفقه، فاصطحاب شيء مما فيه ذكر الله إلى الخلاء مكروه. نكتفي.

نواصل الحديث على باب ما جاء بالذبح لغير الله، قال الإمام -رحمه الله تعالى-: "وقول الله -تعالى-: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ هذه الآية فيها أن عبادة الصلاة، وعبادة النسك، وهو الذبح لله -جل وعلا-"، وقال هنا: "قل إن" وإن من المؤكدات، ومجيء التأكيد في الجمل الخيرية معناه أن من خوطب بذلك منكر لهذا الأمر، أو منزل منزلة المنكر له؛ ولهذا يكون الاستدلال بهذه الآية على أنه خوطب بها من ينكر أن الصلاة لله وحده استحقاقا، وأن الذبح لله وحده استحقاقا، وهم المشركون، فدل على أن هذه الآية في التوحيد يعني: في توحيد الذبح لأجل الله -جل وعلا-، وأن الذبح لغيره مخالف لما يستحقه الرب -جل وعلا-.

قال هنا: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي والنسك هو الذبح، أو النحر يعني: التقرب بالدم، والتقرب بالدم لله -جل وعلا- عبادة عظيمة؛ لأن الذبائح أو المنحورات، الإبل، البقر، الغنم من الضأن، والماعز هذه مما تعظم في نفوس أهلها، ونحرها تقربا إلى الله -جل وعلا-، والصدقة بها عبادة عظيمة فيها إراقة الدم لله، وفيها تعلق القلب بحسن الثواب من الله -جل وعلا-، وفيها حسن الظن بالله -تبارك وتعالى-، وفيها التخلص من الشح، والرغب فيما عند الله -سبحانه- بإزهاق نفس ما هو عزيز عند أهله، وبهذا كان النحر والذبح عبادة من العبادات العظيمة التي يحبها الله -جل وعلا-.

وهذه الآية دلت على أن النحر والصلاة عبادتان؛ لأنه جعل النسيكة لله، والله -جل وعلا- له من أعمال خلقه العبادات؛ فلهذا صار وجه الدلالة أن قوله: "ونسكي" فيه دلالة على أن النسك عبادة من العبادات، وأنه مستحق لله -جل علا-.

قوله: لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ اللام هنا المتعلقة بقوله: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي لام الاستحقاق؛ لأن اللام في اللغة، وفي ما جاء من الاستعمال في القرآن الكريم تأتي لام الملك: أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يعني: يملكونها، أو تكون لام الاختصاص، وهو شبه الملك، أو تكون لام الاستحقاق مثل: الحمد لله، يعني: جميع أنواع المحامد مستحقة لله، كذلك اللام هنا قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي لله يعني: مستحقة لله -جل وعلا-، قال سبحانه: وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ وهنا وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ تكون اللام هذه مع أنها واحدة، لكن يكون معناها على الأول رجوعها للأول غير معناها برجوعها للمحيا والممات، فإن الله -جل وعلا- قال في هذه الآية من آخر سورة الأنعام: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ والمحيا والممات يعني: الإحياء والإماتة، وهذه بيد الله -جل وعلا-، ولله ملكا فهو الذي يملكها -سبحانه وتعالى-؛ لأنها من أفراد ربوبيته -جل وعلا- على خلقه.

فهذه الآية بما اشتملت عليه من هذه الألفاظ الأربع دلت على توحيد الإلهية، وعلي توحيد الربوبية قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي هذا توحيد العبادة، وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي هذا توحيد الربوبية، "لله" اللام إذا أرجعتها للأوليين الصلاة والنسك صار معناها الاستحقاق، وإذا أرجعتها للأخير صار معناها الملك؛ ولهذا يقول أهل التفسير هنا: قل إن صلاتي ونسكي لله استحقاقا، ومحياي ومماتي لله ملكا وتدبيرا وتصرفا.

قال: لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وهذا وجه استدلاله الثالث، حيث قال: لَا شَرِيكَ لَهُ يعني: فيما مر، لا شريك له في الصلاة والنسك، فلا يتوجه بالصلاة والنسك إلى أحد مع الله -جل وعلا-، أو من دونه، وكذلك لا شريك له في ملكه في المحيا والممات، بل هو المتفرد -سبحانه- بأنواع الجلال وأنواع الكمال، وهو المستحق للعبادة، وهو ذو الملكوت الأعظم.

قال: وقوله: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ قال جل وعلا: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ قال:

فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ فأمر بالصلاة، وأمر بالنحر، وإذا أمر به فهو داخل في حد العبادة؛ لأن العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال، والأعمال الظاهرة، والباطنة، والصلاة أمر بها الله -جل وعلا-، وهي محبوبة لديه إذن، والنحر أمر الله -جل وعلا- به، وهو محبوب ومرضي له؛ إذن فيكون النحر عبادة لله -جل وعلا-.

وفي التعريف الآخر أن العبادة هي كل ما يتقرب به العبد إلى الله -جل وعلا- ممتثلا به الأمر والنهي صادق على هذا؛ لأن النحر يعمل تقربا إلى الله -جل وعلا- بامتثال الأمر والنهي.

قال سبحانه: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ والكوثر هو الخير العظيم الذي منه النهر الذي في الجنة، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ الفاء هذه سببية يعني: بسبب ذلك اشكر الله -جل وعلا- بتوحيده بأن صل لربك الذي أعطاك ذلك الخير الكثير، وتقرب إليه بالنحر، وبنسك النسائك له سبحانه؛ لأن الخير إنما أسداه -جل وعلا- وحده.

إذن وجه الدلالة من هذه الآية على الباب أن النحر عبادة، وقد قال -جل وعلا-: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ يعني: وانحر لربك، فصار النحر لغير الله، والذبح لغير الله خارجا عما أمر الله به، فهو -إذن- صرف للعبادة لغير الله -جل وعلا-.

قال -رحمه الله-: وعن علي -رضي الله عنه- قال: حدثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأربع كلمات: لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى محدثا، لعن الله من غير منار الأرض رواه مسلم، الشاهد من هذا قوله: لعن الله من ذبح لغير الله وهذا وعيد يدل على أن الذابح لغير الله ملعون، واللعن هو الطرد والإبعاد من رحمة الله -جل وعلا-، فإذا كان الله هو الذي لعن؛ فيكون قد طرد وأبعد من رحمة الله الخاصة، يكون -جل وعلا- قد طرد وأبعد هذا الملعون من رحمته -جل وعلا- الخاصة.

أما الرحمة العامة فهي تشمل المسلم والكافر، وجميع أصناف الخلق، وإن كان دعاؤنا باللعن عليه لعن الله من ذبح لغير الله كأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال داعيا على من ذبح لغير الله -جل وعلا- باللعن، وهو الطرد والإبعاد من رحمة الله -جل وعلا-، هذا يدل على أن الذبح لغير الله من الكبائر، ومن المعلوم أن اقتران ذنب من الذنوب باللعن يدل على أنه من الكبائر -من كبائر الذنوب-، وهذا ظاهر من جهة أن الذبح لغير الله شرك بالله -جل وعلا- يستحق صاحبه اللعنة والطرد والإبعاد من رحمة الله -جل وعلا-.

وقوله: لعن الله من ذبح لغير الله اللام هذه يعني: من أجل غير الله تقربا إليه وتعظيما، فذبح لغير الله تقربا إلى ذلك الغير، وتعظيما لذلك الغير، وهذا وجه مناسبة هذا الحديث لباب: "ما جاء في الذبح لغير الله" يعني: من الوعيد، وأنه شرك، ومن الوعيد أن صاحبه ملعون.

الحديث الآخر، قال:عن طارق بن شهاب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: دخل الجنة رجل في ذباب، ودخل النار رجل في ذباب. قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: مر رجلان على قوم لهم صنم، لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئا، فقالوا لأحدهما: قَرِّبْ. قال: ليس عندي شيء أقرب. قالوا له: قرب ولو ذبابا. فقرب ذبابا؛ فخلوا سبيله، فدخل النار، وقالوا للآخر: قرب. قال: ما كنت لأقرب لأحد شيئا دون الله -عز وجل-؛ فضربوا عنقه؛ فدخل الجنة رواه مسلم.

وجه الدلالة من هذا الحديث أن التقريب للصنم بالذبح كان سببا لدخول النار، وذلك من حيث ظاهر المعنى أن من فعله كان مسلما، فدخل النار بسبب ما فعل، وهذا يدل على أن الذبح لغير الله شرك بالله -جل وعلا-، شرك أكبر؛ لأن ظاهر قوله: دخل النار يعني: استوجبها مع من يخلد فيها.
ووجه الدلالة -أيضا- أن تقريب هذا الذي لا قيمة له -وهو الذباب- يدل على أن من قرَّب ما هو أبلغ وأعظم منفعة، وأعظم عند أهله، وأغلى أنه سبب أعظم لدخول النار، وقوله هنا: "قرب" يعني: اذبح تقربا، والحق هنا أنهم لم يكرهوهم بالفعل، فالحديث لم يدل على أنهم أكرهوا؛ لأنه قال: مر رجلان على قوم لهم صنم، لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئا فظاهر قوله: لا يجوزه أحد يعني: أنهم لا يأذنون لأحد بمجاوزته عن ذلك الطريق حتى يقرب، وهذا ليس إكراها، إذ يمكن أن يقول: سأرجع من حيث أتيت، ولا يجوز ذلك الموضع، ويتخلص من ذلك.

وهذا يدل على أن الإكراه بالفعل لم يحصل من أولئك، فلا يدخل هذا في قوله: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا ؛ لأنه ليس في الحديث دلالة -كما هو ظاهر- على حصول الإكراه، وإنما قال: مر رجلان على قوم لهم صنم، لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئا لا يجوزه أحد دل هنا على عدم السماح، وعدم المجاوزة، هل هو أنه لا يجوزه حتى يقتل، أو يقرب، أو لا يجوزه حتى يقرب، أو يرجع ؟

بعض العلماء استظهر من قوله في آخر الحديث، من قتلهم لأحد الرجلين أنه لا يجوزه حتى يقتل، وأن هذا علم بالسياق، فصار ذلك نوع إكراه؛ لهذا استشكلوا كون هذا الحديث دالا على أن من فعل هذا الفعل يدخل النار مع أنه مكره.
والجواب عن هذا الإشكال: أن هذا الحديث على هذا القول، وهو أنه حصل منهم الإكراه بالقتل، أن هذا الحديث فيمن كان قبلنا، ورفع الإكراه، أو جواز قول كلمة الكفر، أو عمل الكفر مع اطمئنان القلب بالإيمان، هذا خاص بهذه الأمة، هذا أجاب به بعض أهل العلم.

والثاني -وهو ما قدمت-: أن السياق ليس بمتعين على أنهم هددوه بالقتل، وإذا كان غير متعين أنهم هددوه بالقتل، فإنه لا يحمل على شيء مجمل لم يعين، ودلالة قوله هنا: فضربوا عنقه يعني: فيمن لم يقرب فدخل الجنة، ربما لأنه أهان صنمهم بقوله: ما كنت لأقرب لأحد شيئا دون الله -عز وجل- ؛ لهذا استشكل هذا الحديث طائفة من أهل العلم، وهو -بحمد الله- ليس فيه إشكال، وهو ما أن يحمل على أنه كان فيمن كان قبلنا، فلا وجه -إذن- لدخول الإكراه، أو يحمل على أنهم لم يكرهوه حين أراد المجاوزة، ولكن قتلوه لأجل قوله: لم أكن لأقرب لأحد شيئا دون الله -عز وجل- .

إذن هذا الباب -وهو قوله: باب: "ما جاء في الذبح لغير الله"- ظاهر في الدلالة على أن التقرب لغير الله -جل وعلا- بالذبح أنه شرك بالله -جل وعلا- في العبادة، فمن ذبح لغير الله تقربا وتعظيما، فهو مشرك الشرك الأكبر المخرج من الملة. نعم.

akram-a
22 - 4 - 2007, 04:00 PM
بارك الله فيكِ ((ميسلووون))

وجزيت خير الجزاء