المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مشهد مصور (( الحِـــ طفل ـــجارة ))


 


رسام الغرام
18 - 10 - 2006, 07:37 PM
مشهد من حياة طفل


http://www.al-fateh.net/photo/faph17.JPG


طفل الحجارة


قُرِعَ جَرَسُ النِّهايَةِ , فَغادرْتُ ورفيقايَ المدْرَسَة حامِلاً حَقيبتي على ظَهْري عائِدينَ أدْراجَ مَنازِلِنا , طائِفين بالشّوارِعِ والأزقَّةِ ,التي كانت تَمْتلئ بالحجارةِ في كلِّ أرجائِها كان ذلِكَ يُؤلِمُنا كثيراً فقد كُنّا نحْلُمُ أنْ نرى طرقات بلدتنا نظيفةً خاليةً من الحجارةِ , كأيِّ بُقْعَةٍ منْ بِقاعِ الأرضِ .
كلُّ ذلك كان يدورُ في خُلدنا وحديثنا إلى أن استوقفنا ذلك المنظر المُريع ..
( جندي يهودي يجرُّ فتاةً مسلمةً من شعرها بِقسْوتِهِ وجَبروتِهِ وهي جاثيةٌ على الأرض تصرخ ألماً وتستغيث رهبةً منهُ ) راعني ذلك المنظرُ , وتجمّدت أطرافي , ولم أقوى على الحِراك , بينما هرب رفيقاي الصغيران , فأخذتُ أنظرُ تارةً إلى حجرٍ صغيرٍ مُلقى أمامي على الطريقِ , وأقولُ في نفسي : ( ما عساهُ أن يفعل هذا الحجر ) , وتارةً أخرى أنظرُ إلى ذلك المشهدِ المخيف .. فلاحَ لي مُعلمي في تلك اللحظات , وهو يُحدثنا في المدرسةِ قبلَ قليل عن اليهودِ وأحوالهم , وتذكركُ كيفَ أنّ الحجرَ والشّجر في بِلادنا سينطقُ يوماً ويقولُ : ( يا مُسلمُ هذا يهودي خلفي تعال فاقتلهُ ) .
تذكرتُ ذلك وأنا أنظر للحجرِ بعينٍ قويةٍ شرسةٍ , وبالعينِ الأخرى كنتُ أحدِّقُ في المشهدِ المأساوي , و شحناءُ نفسي تزداد , وغيظي عليهِ يكبُر , والحجرُ يتلألأ أمام ناظري كالشهابِ , و صوتُ المعلمُ يترددُ على مسمعي بالحديثِ :
( يا مُسلم هذا يهودي خلفي تعالَ فاقتلهُ )
ثمَّ أحسستُ وكأن الحجرَ نفسهُ يُناديني : ( يا مُسْلم خُذني فاقتلهُ , خُذني فاقتلهُ , خُذني فاقتلهُ )
و لم أشعر بنفسي إلا وأنا أحمِلُ الحجرَ , وكأن الحجر نفسهُ هو من قفزَ بين أصابعي , فقذفْتُ بهِ ذلِكَ السّافِل فانْطلق منْ قَبْضَتي كالرصاصةِ , وبقوةٍ لمْ أعهدها بي من قبل , فأحسست بحرارةِ الحجرِ المنطلقِ تلسعُ أناملي وعيني تُبصرهُ وهو يخترقُ مُقلتهُ ففقأُ عينهُ , فأخذ يصيحُ ألماً وهو مُمسِكٌ بِعينهِ , مِما خلّصَ الفتاة من قبضتهِ , وانسلت من بينِ ذراعيهِ , ونجت منهُ بِأعجوبةٍ , أما أنا فأسرعتُ هارباً إلى البيت , وأخذتُ أطرق الباب بشدةٍ من الخوفِ والهلعِ , وما إن فتح والدي لي الباب حتى ارتميتُ في حُضْنهِِ باكياً , فأخذ والدي يُهدئ من روعي حتى هدأت نفسي وسكنت مخاوفي فأخذتُ أحدِثهُ بالخبرِ , وأقصُُّ له القصةَ , فقال لي بصوتٍ يغطيهِ الإيمان المطلق بالله تعالى : يا بُني [وما رميت إذ رميت ولكنَّ الله رمى ] … صدق الله العظيم.
ثُمَّ تبسّمَ ضاحِكاً وقالَ لي : يا بُنيَّ رُبّما سيأتي يومٌ , ويحملُ ذاتَ الحجر طِفلٌ آخر يُطيحُ بأمرِ الله العين الأخْرى لِذلِكَ السافل . عِنْدها أحْسست بِفرْحةٍ كُبْرى تغْمُرُني , وما إنْ هدأتِ الأمور حتّى تسللتُ إلى موقعِ الحادث أبحثُ عن حجري الثمين إلى أن وجدتُهُ , وأسْكنْتُهُ كفي وهو مُلطّخٌ بالدماءِ , وها أنا ذا أحتفظُ بِهِ لِيكونَ لي شرفَ اقتلاعِ عين اليهودي الأخُرى ذاتَ يوم .
ومُنذُ ذلك اليوم لا زالت حرارةُ تلك الرمية تراود أناملي بين الحينِ والحين فأدركتُ معنى الآيةُ الكريمة [ … وما رميت إذ رميتَ ولكنَّ الله رمى ] , وأدركتُ أيضاً أهمية الحجارة المتناثرةُ في طرقاتِ بلدتنا كالدرر في كل مكان .


رسام الغرام

همس الحنين
2 - 11 - 2006, 04:38 PM
http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com65.gif
رسام الغرام

صخبك هنا

يجبرني على الاتكاء

والانحناء

و التصفيق

ومجاراة بوحك وإن لم يصل لمستوى ذائقتك الكتابية

http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com65.gif

مررت ذات الطريق

الأشواك

الحجارة

تلنا الصغير

شرفة بيتنا المتهالكة

تسبيح جدي

نواح جارتنا الدائم على صبيانها بعد أن فارقت أجسادهم الحياة

والدتي الثكلى

ووالدي الخمسيني المقعد يتأملنا بشفاه صامتة وعين باكية

أخيتي شاب مفرق رأسها وهي بعد لم تصل العشرين

و اخي الصغير يحمل في يده مقلاعه و حجر تعانقه أنامله

لا ينام إلا بعد أن ييتوسد سجادته التي تحتضن حجارته

و أنا أحمل بين يدي مفكرتي أسجل مايدور من حولي

وفي يوم شتوي قارص البرودة

خرجت بعد أن مللت تلك الجدران

فإذا بأخي الصغير ورفاقه يتهامسون

تبعتهم








فإذا بيد كل منهم مقلاع وفي جيوبهم تكومت الحجارة

خلف الجدار إختبأت و تأملت اندفاعهم

فإذا بعربة العلج تطوف

وصياحه يهتك الصمت

بلا رحمه صوب سلاحه نحو أخي ورفاقه

لم يهابوه لم يرتعشوا لم يرتعبوا

أردت الحراك أردت المضي إليهم

لكن الموت أسرع أخترقت الرصاصة أجسادهم

وعانقت أرواحهم الموت

عناق أبدي

لحظتها أدركت معنى أن أكون طفل حجارة لاطفل قلم

http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com65.gif

رسام الغرام
3 - 11 - 2006, 02:26 PM
الله الله الله

على هذا البوح

كم هو رائع شعورك

صادق قلمك

في وصف خلجات القلب

أحسست بأنك كنتِ هناك

في تلك المعتركات

على الأرض المسلوبة

عرفت عائلتك

وعرفت أخاك الصغير

قد كنت معه ذات يوم

هو رحل بالشهادة

وأنا لازلت ممسكاً بحجري

ربما سأطلقه ذات يوم

كقنبلة عنقودية

تشل الأعداء من على الخريطة

فنقتلع الزرع البريطاني

لشجرة الغرقد الصهيونية من بلادنا

******


همس الحنين


لتكن هذه الصفحة

صفحة نضال القلم

ضد إخوان القردة والخنازير



لك الود مكلل بالإعجاب

همس الحنين
3 - 11 - 2006, 10:31 PM
رسام الغرام


ألم تلحظني ...كيف سهى عن بالك...وعن حيز نظرك



في عينا كل ثكلى

على شفاه كل مسن

في يدا كل مناضل

أنا كنت هناك

أجتر الحزن

ويجترني انتصار المغتصب

دماء ضرجت جسدي

هناك ركام من جثث

وعلى مقربة منها مسجد تداعى

أنظرني
في كل عين بكت

وفي كل آهة تخرج من جوف مكلوم

أنظرني




ساعود لأنثر بعضا مني هنا


رسام الغرام

لاشلت يمينك