المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معلم وموجه **مواجهة تربوية**


 


معتزغباشي
10 - 9 - 2006, 05:23 PM
معلم وموجه **مواجهة تربوية**


دخل الصف مسلحا بدفتر، ومتوعدا
بقلم وقف الطلاب احتراما له، أمضى الحصة
الدراسية الثالثة يراقب، ويدون ، ويرسم خطة الهجوم قبيل انتهاء الدرس، وقف الطلاب احتراما له قبل أن ينصرف
قرع الجرس، وانصرفت ذاك اليوم كنت انتظر قريبا لي، قادما إلى الإمارات، وقد أعلمت
إدارة المدرسة بذلك من قبل، مما دعاني إلى الخروج مسرعاً، دون أن انتظر ما ستسفر عنه جولة المصارعة الختامية، التي تنتهي
كالعادة بهزيمتي ليخرج مزهوا، فقد أدب وعلم وقوم المدرس، وبفضله استقامت العملية
التربوية والتعليمية، ولما فوت خروجي
المفاجىء بالنسبة له هذه الفرصة، فقد كان لابد من جولة أخرى ولتكن على عجل، صبيحة اليوم التالي، وقبل أن ادخل إلى الصف
الحصة الأولى، رأيته خلفي، وبسرعة، دخل
الصف، وقف الطلاب كالعادة احتراما له ..
كنت اكتب على السبورة عنوان الدرس.. نظر إليّ دون أن يتحدث .. تناول دفتر التحضير
الموجود على الطاولة التي أمامي، دون كلمة أخذه مسرعاً، وفي مؤخرة الصف جلس يترقبني
وأنا أقوم بواجبي تجاه طلابي، دون أن يرهبني وجوده لأنني تعودت منذ سنوات طويلة على
تلك المواقف

قبيل انتهاء الحصة وبنبرة الأمر، أطلق
القذيفة الثانية.. احضر دفاتر أعمال
التلاميذ واتبعني إلى حجرة الإدارة..سألته

أتريدها جميعا أم الدفتر الخاص بهذا الصف
فقط؟ نظر إليّ مندهشا وهو يقول. نعم
أريدها جميعا ،قلت في نفسي والعلم عند الله أن أسلحته الهجومية لم تجد طريقا لها أمام
خطوط دفاعي فلا بد لمن أمضى من عمره
عقدين ونيف في هذه العملية أن يجيد الدفاع، وان لم يحاول الهجوم حملت الدفاتر وبخطوات الواثق ذهبت إلى حجرة المدير وتقدمت منه
ووضعتها أمامه ولأنني مرتبط بجدول الحصص
اليومي انصرفت إلى الحصة التالية، وبعد
انتهائي سألت

أين السيد الموجه؟ فلا بد من هزيمة احدنا، هكذا جرت العادة بين كل مدرس وموجه..
صراع عنيف.. استعراض قدرات ومواهب..
فالمعلم معلم والموجه موجه والمعنى مفهوم
وواضح ووسط دهشتي انتظاراً لمن يجيب عن
تساؤلاتي قيل لي. لقد خرج من المدرسة،
لم يستطع الطلاب الوقوف له هذه المرة،
أيقنت عندها أن قذيفته الثانية لم تصب
الهدف، ربما لم يجد السلاح المناسب الذي
يستخدمه معي، ربما كان قريب له قادما
وكان مثلي كما كنت بالأمس على عجل، لكني
حين خرجت بالأمس كنت كما اليوم وكل يوم
بإذن الله قد أديت واجبي لأرضي ربي وضميري

كانت تلك المعركة الأولى التي انتصر فيها
دون إرادتي.. لقد انتصرت على الموجهين
جميعا لا بعلمهم فحسب، بل بنبلهم وشهامة
أخلاقهم مرت أيام طويلة نسيت معها كل أحداث قصة هذا الانتصار الوحيد.. كان اللقاء معه في احد الاجتماعات بالمنطقة التعليمية كانت
له الكلمة الافتتاحية أمام حشد كبير من
أصحاب المهنة المقدسة.. كانت نظراته
كالسهام مصوبة نحوي.. تجاهلتها بمبادلتي لها بالابتسامة التي لا تفارقني.. انتهى الاجتماع فاقترب مني وهو يقول في صوت خافت أستاذ
وليد لي لقاء معك قريباً خارج أجواء العمل.. من يومها أصبح الموجه صديقا يتبادل
معي الرأي.. نتناقش في كل أمور المعرفة
سواء المرتبطة بالمادة أو المجالات الأخرى..
تمنيت في نفسي أن يصل هذا المفهوم لكل
.مربي فاضل سواء كان معلما أو موجها..

معتز غباشي