المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإشارات الكونية في القرآن الكريم ومغزى دلالتها العلمية:


 


ام بيان
17 - 8 - 2006, 08:29 AM
وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً " (الإسراء:32)
________________________________________
الإشارات الكونية في القرآن الكريم ومغزى دلالتها العلمية: " وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً " (الإسراء:32)



هذه الآية الكريمة جاءت في نهايات الثلث الأول من سورة الإسراء‏ ,‏ وهي سورة مكية‏ ,‏ وآياتها‏ (111)‏ بعد البسملة‏ ,‏ وقد سميت بهذا الاسم لاستهلالها بالإشارة إلى معجزة الإسراء والمعراج التي أكــرم الله ـ تعـــالى ـ بها خــاتم أنبيائه ورســله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بما لم ينله مخلوق من قبل ولا من بعد‏.‏

ويدور المحور الرئيسي لسورة الإسراء حول العقيدة الإسلامية ـ شأنها في ذلك شأن كل السور المكية ـ ومن ركائز تلك العقيدة الإيمان بالله ـ تعالى ـ وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر‏ ,‏ وتنزيه الله ـ سبحانه وتعالى ـ عن الشريك‏ ,‏ والشبيه والمنازع‏ ,‏ والصاحبة والولد‏ ,‏ لأن هذه كلها من صفات المخلوقين‏ ,‏ والخالق منزه عن جميع صفات خلقه‏ ,‏ وعن كل وصف لايليق بجلاله‏.‏ وقد سبق لنا عرض سورة الإسراء وما جاء فيها من ركائز العقيدة‏ ,‏ وقواعد الشريعة‏ ,‏ والإشارات الكونية‏ ,‏ وأقوال عدد من المفسرين في شرح دلالة الآية الكريمة رقم ‏(32)‏ منها‏ ,‏ ولذلك أقصر حديثي هنا على الدلالات اللغوية العلمية والتشريعية لهذه الآية الكريمة‏ .‏

من الدلالات اللغوية لألفاظ الآية الكريمة :
في قوله ـ تعالى ـ‏‏ ولا تقربوا الزنا‏)‏ أمر بالابتعاد عن جميع مقدمات الزنا من التبرج والمبالغة في إبداء الزينة‏ ,‏ والاختلاط مع غير المحارم في غير ضرورة‏ ,‏ والخلوة غير الشرعية‏ ,‏ والخضوع المتكلف في القول‏ ,‏ وعدم غض البصر‏ ,‏ والنهي عن مجرد الاقتراب من هذه الجريمة البشعة ـ ألا وهي جريمة الزنا ـ هو أبلغ من النهي الوقوع فيها‏.‏
و‏(‏ الزنا‏)‏ هو وطء المرأة من غير عقد شرعي‏ .‏
يقال‏‏ زنا‏)(‏ يزني‏)‏ زني‏) ,‏ و‏(‏ زناء‏)‏ أي فجر‏ .‏
ويقال‏‏ زاني‏)(‏ مزاناة‏)‏ و‏(‏ زناء‏)‏ بمعني فعل الفجور والفحش‏.‏

وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الفاحشة في تسعة مواضع منها‏ :‏
‏(1)‏ ما ينزه عباد الرحمن عن الوقوع في هذه الجريمة النكراء وفي ذلك بقول ربنا ـ تبارك وتعالى ـ‏:‏ وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ آثاماً يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ‏(‏الفرقان‏:68‏-‏70) .‏

‏(2)‏ ومنها مانزل من هداية الله ـ تعالى ـ لعباده أمرا بالبعد عن جميع مقدمات الزنا فيقول ـ عز من قائل ـ وسط سلسلة من الأوامر الربانية : وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً (الإسراء:32) .

‏(3)‏ ومنها ماجاء حكما لجريمة الزنا في سورة النور وذلك بقول ربنا ـ وهو أحكم الحاكمين‏ :‏ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ المُؤْمِنِينَ الزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى المُؤْمِنِينَ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوَهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ( النور:2-5) .
وبالإضافة إلى هذه الأحكام القرآنية القاطعة فإن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ينفي صفة الإيمان عن الزاني وذلك بقوله الشريف‏ : ‏ لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن‏ ,‏ ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن‏ ,‏ ولا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن‏ ,‏ ولكن أبواب التوبة معروضة ‏(‏ البخاري‏ ,‏ وأبو داود‏ ,‏ وابن ماجة‏) .‏

وعن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال‏:‏ قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن‏ ,‏ وأعوذ بالله أن تدركوهن‏ :‏ لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا‏ ‏ ‏(‏ ابن ماجه‏) .‏

من الدلالات العلمية والتشريعية للآية الكريمة
أولا‏ :‏ من الأضرار الصحية للزنا‏ :‏
تعتبر خلايا التناسل أثمن الخلايا في جسم الإنسان لأنها تحمل المخزون الوراثي من لدن أبينا آدم ـ عليه السلام ـ وحتى قيام الساعة‏;‏ ومن هنا كان واجب المحافظة عليها‏ ,‏ وعدم التفريط فيها بوضعها في غير مواضعها الشرعية‏..‏ ومن هنا أيضا كانت إرادة الخالق ـ سبحانه وتعالى ـ في جعل المناطق الجنسية من أكثر مناطق الجسد حساسية وعرضه للأمراض إذا لم يحافظ عليها بعناية شديدة‏ ,‏ ومن أخطر مايصيبها الصلات غير المشروعة بكل صورها وأشكالها وهيئاتها‏ ,‏ وما يتولد عنها من أمراض فتاكة تدمر الجسد تدميرا‏ ,‏ ومن هنا كانت حكمة تحريم الزنا وجعله من الكبائر‏.‏

ومن الأمراض التي تنتشر بين الزناة ما يلي ‏:‏
‏(1)‏ مرض الزهري : ‏(VENEREALDISEASE) :‏
ويظهر على هيئة قروح جلدية خاصة في الأعضاء التناسلية وحولها‏ ,‏ وفي الشفاه وبين الأصابع وفي الأغشية المخاطية بالجسم ‏.‏
ويصاحب ذلك بآلام في المفاصل وبالصداع الشديد خاصة عند النساء اللائي يضطرب عندهن الحيض‏ ,‏ ويتساقط الشعر من بقع متفرقة من الرأس والحاجبين‏ ,‏ وتتشقق الأظافر ‏.‏ ويتطور هذا المرض ليصل إلى الأجهزة الداخلية بالجسم من مثل الكبد والجهاز الهضمي‏ ,‏ والعقد البلغمية فيلهبها ويؤدي إلى انتشار الأورام المدمرة للأنسجة‏ ,‏ وإلى ظهور التدرنات الجلدية المختلفة‏ ,‏ والتهابات المفاصل والعضلات‏ ,‏ وتشوه العظام‏ ,‏ وتدمير الجهاز العصبي والمخ ‏.‏ وقد يصاب المريض باليرقان والاستسقاء في البطن‏ ,‏ وإلى عدد من الالتهابات في أماكن مختلفة من الجسم تنتهي بكوارث من مثل فقد البصر وغيره من الحواس‏ ,‏ وتشوهات القلب والأوردة والشرايين‏ ,‏ التي قد تفضي بالمصاب إلى القبر بعد معاناة وآلام لا تطاق ‏.‏

وقد تنتقل هذه الأمراض إلى النسل‏ ,‏ فليس هناك احتمال لولادة طفل سليم من أم مصابة بمرض الزهري أو من أب يحمل مسببات هذا المرض ‏.‏

‏(2)‏ مرض السيلان ‏(Gonorrhea) :‏ ويصيب هذا المرض الجهاز البولي ـ التناسلي بالتهابات شديدة تؤدي إلى إفراز قيح مخاطي مع البول‏ ,‏ وقد تنتقل جرثومة المرض بلمس المريض أو لمس بعض ملابسه أو حاجياته‏ .‏ وهذا المرض قد ينتهي بالمريض إلى العقم الكامل بعد سلسلة من الالتهابات المؤلمة في الجهاز البولي ـ التناسلي قد تنتقل إلى بقية أجهزة الجسم‏ ,‏ وتعاني المرأة المصابة بهذا المرض من مضاعفاته الجسدية والنفسية أضعاف أضعاف معاناة الرجل خاصة عندما تصل الإصابة إلى الجلد وتؤدي إلى تشوهات عديدة به‏ ,‏ أو إلى العينين فتصيبهما بالعمى‏ ,‏ أو إلى الأجنة في بطون الأمهات المصابات فيؤدي ذلك إلى تشوهات خلقية عديدة‏ ,‏ ومن أخطار هذا المرض كمونه بمعنى عدم ظهور الأعراض الخارجية له مباشرة‏ ,‏ وجراثيمه كامنة في داخل جسد المصاب ينقلها إلى غيره دون علمه‏.‏

‏(3)‏ مرض الحلأ أو التقرحات الفيروسية ‏Herpes :‏ ويعرف هذا المرض أيضا باسم الحمة الحلئية ‏Herpes virus‏ ويصيب الجهاز البولي التناسلي بالتهابات مصحوبة بنزول سوائل بيضاء أو صفراء كريهة الرائحة تلطخ الملابس الداخلية للمصابين ‏.‏ وتؤدي إلى زحف البثور الناتجة عن هذه الالتهابات لتنتشر على الجلد وتتحول بالهرش إلى جروح شديدة الإيلام‏ .‏

وفيروسات المرض تنتقل بالعدوى‏ ,‏ ومن أخطارها أنها تهاجم الأعصاب وتتسبب في تدميرها‏ ,‏ فإذا وصلت إلى النخاع ألشوكي تسببت في التهاب السحايا‏ ,‏ وإذا وصلت إلى المخ قد تؤدي إلى الموت‏ .‏ ولا يوجد لهذا المرض علاج ناجع إلى اليوم‏ ,‏ حيث إن كل الأدوية المقترحة تخفف من الآلام الناتجة عنه فقط على المدى الطويل من التداوي دون القضاء تماما على فيروسه الذي يظل كامنا بجسم المصاب‏ ,‏ وقد يؤدي إلى سرطانات الجهاز البولي التناسلي مثل سرطانات الرحم‏ ,‏ البروستاتا‏ (‏ الموثة‏)‏ وغيرها‏ .‏

ومن أخطار هذا المرض أنه سريع الانتقال بالعدوى من إنسان لآخر بشكل مباشر‏ ,‏ لأنه لا يصيب إلا الإنسان‏ ,‏ وإذا وصلت فيروساته ‏HSV1 ,HSV2‏ إلى الجلد فإنها تتكاثر بسرعة مذهلة‏ ,‏ ومن أخطاره أيضا قدرة فيروساته على الاختباء في داخل جسم المصاب فلا يصلها تأثير المضادات الحيوية بسهولة‏.‏ ومن أخطار هذا المرض كذلك إمكانية إصابة الأجنة في بطون الأمهات المصابات أثناء عبورها لمنطقة عنق الرحم‏ ,‏ فيولد المولود فاقد البصر‏ ,‏ أو مشوه الخلقة أو مدمر المخ‏ .‏

ومع الفوضى الجنسية التي تجتاح عالم اليوم خاصة بين المراهقين من الشبان والشابات تحت مسمى الحرية الشخصية‏ ,‏ والتي ساعدت على استعارها البحوث الطبية بتوفير وسائل وأدوية منع الحمل والسماح بالإجهاض في أغلب الدول غير المسلمة مما شجع على ممارسة الجنس في سن مبكرة فلا يكاد الشاب أو الشابة يصل إلى سن العشرين إلا ويكون قد أصيب بأحد الأمراض الجنسية التي استقرت في جسده أو جسدها من الأمراض الجنسية التي انتشرت مؤخرا كانتشار النار في الهشيم‏ .‏ والمصاب بها يدخل في دوامة من العلل الجسدية ومن أبرزها العقم‏ ,‏ وأمراض نقص المناعة والأورام السرطانية العديدة‏ ,‏ والأمراض النفسية التي قد يصعب التخلص منها‏ ,‏ ومن صورها القلق‏ ,‏ والتوتر النفسي‏ ,‏ والاضطراب السلوكي‏ ,‏ والعوارض العصابية‏ ,‏ والانهيارات النفسية وغيرها‏ .‏

‏(4)‏ مرض القرح اللين ‏:‏ ويظهر على هيئة إصابات موضعية في الجلد والعقد البلغمية المجاورة خاصة في الأعضاء التناسلية‏ ,‏ ويظهر على هيئة بثور صغيرة متعددة تتقرح بسرعة وتفرز مواد قيحية‏ ,‏ نتنة ودماء وقد تمتد لتصيب مساحات كبيرة من الجلد فتسبب آلاما مبرحة فيه‏ ,‏ وقد تتطور هذه التقرحات إلى التليف والتشوه مما يحتاج أحيانا إلى التدخل الجراحي ‏.‏

‏(5)‏ أمراض النمو ******ي التقرحي ‏:‏ ويظهر على هيئة تقرحات حبيبية أو حويصلية تصيب مساحات كبيرة من الجلد وماتحته والأغشية المخاطية وما تحتها خاصة في الأعضاء التناسلية وما حولها إلى أعلى الفخذين وأسفل البطن‏ ,‏ ويصاحب هذه التقرحات إفرازات منتنة من الدماء والصديد‏.‏ وعند التئام تلك القرح تترك وراءها تليفات وندبا كبيرة مشوهة للغاية ‏.‏ يصعب علاجها حتى بالتدخل الجراحي‏ .‏

‏(6)‏ أمراض النمو البلعمي الالتهابي ‏:‏ ويظهر على هيئة حويصلة أو عدد من الحويصلات في جلد المناطق التناسلية يتجمع داخلها سوائل سرعان ماتتقيح وتتحول إلى تورمات مؤلمة ناتجة عن التهاب وتضخم الغدد البلعمية ‏.‏ ويكون التورم عادة في عقد متفردة تتجمع لتصبح كتلة واحدة تشكل خراجا أو عددا من الخراجات تتحول إلى ناسور يفرز صديدا نتنا مختلطا بالدم‏ ,‏ يصبح مركزا للآلام الشديدة‏ ,‏ وقد يتحول إلى تشوهات خلقية عديدة‏.‏ ويصاحب هذا المرض عادة بشئ من ارتفاع درجة حرارة الجسم‏ ,‏ والتعرق‏ ,‏ والغثيان‏ ,‏ والرغبة في التقيؤ‏ ,‏ وآلام في الظهر والمفاصل‏ ,‏ وانسداد في الشهية‏ ,‏ ونقص في الوزن وشعور بالانحلال العام في الجسم‏.‏ خاصة إذا وصلت الالتهابات إلى السحايا الدماغية‏ ,‏ أو تحولت إلى عدد من الأورام السرطانية ‏.‏

‏(7)‏ أمراض نقص المناعة‏ (‏ الإيدز‏) :‏ ‏AcquiredImmuneDeficiencySyndromeA.I.D.S‏ وهو أحدث وأخطر الأمراض التي تنتقل بواسطة العلاقات الجنسية المحرمة‏ ,‏ ويسببه مايعرف باسم فيروس نقص المناعة في الإنسان‏HumanImmunodeficiencyVirus=(H.I.V.)‏
ويعرف بأنه فيروس انقلابي‏Retrovirus‏ وهو من مسببات الأمراض التي لم تكتشف إلا في سنة ‏1983م‏ ,‏ وهذا الفيروس الانقلابي لايحيا إلا في سوائل الجسم من مثل الدم‏ ,‏ والليمف والإفرازات التناسلية‏ ,‏ وهو لا يستطيع العيش خارج جسم الإنسان لمدد طويلة‏ ,‏ ولذلك فإنه لا ينتقل إلا بالممارسات الجنسية غير المشروعة‏ ,‏ أو عن طريق نقل الدم‏ .‏

ومن أخطار فيروس نقص المناعة كمونه في داخل الجسم وعدم ظهور أعراضه إلا بعد فترات تطول إلى عشر سنوات‏ ,‏ وإن كان بعض المرضي قد يموتون بعد شهور قليلة من بداية ظهور أعراض المرض‏ .‏
ومن أخطار هذا الفيروس أنه يدمر الجهاز المناعي للجسم ويدعه عرضة للإصابة بالأمراض‏ ,‏ ويهاجم كلا من الجهاز الهضمي‏ ,‏ والتنفسي والعصبي‏ ,‏ كما يهاجم الأجنة في بطون أمهاتها المصابة بفيروس المرض ‏.‏ ويصيب المريض بالإسهال المزمن الذي يؤدي إلى جفاف الجسم وهزاله ‏.‏
كما قد ينتقل المرض إلى الجهاز التنفسي فيصيبه بالتهابات عديدة قد تنتهي بالتدرن الرئوي‏ (‏ السل‏) ,‏ ويتسبب مرض نقص المناعة في العديد من سرطانات الجلد وأمراضه‏ ,‏ ويهاجم الجهاز العصبي المركزي مما يؤدي إلى أمراض عصبية ونفسية مختلفة‏ ,‏ وقد يصل إلى المخ فيصيبه بالالتهابات والأورام التي تنتهي بالخرف أو الموت‏ ,‏ هذا فضلا عن الإصابة بالعقم عند الجنسين وبالآلام المبرحة في مختلف أجزاء الجسم‏ .‏
ولا يوجد علاج حقيقي لهذا المرض بعد أنفقت الولايات المتحدة وحدها‏ (118‏ بليون‏)‏ دولار على مدى عشرين سنة في محاولة للوصول إلى مصل مضاد لفيروس نقص المناعة أو واق للأجنة في أرحام الأمهات المصابات به دون جدوى ‏.‏ وتقدر منظمة الصحة العالمية عدد المصابين بهذا المرض العضال في سنة ‏2**0‏م بما يتراوح بين ‏(30‏ مليونا‏) , (40‏ مليون‏)‏ فرد‏ ,‏ وقد تضاعف هذا العدد في هذه الأيام أضعافا كثيرة ‏.‏
وبالإضافة إلى هذه الأمراض السبعة الخطيرة هناك أكثر من سبعين مرضا وعارضا مرضيا آخر تنقلها العلاقات الجنسية غير المشروعة‏ ,‏ وأغلب هذه الأمراض تسببها فيروسات‏ ,‏ وأنواع البكتريا‏ ,‏ والفطريات‏ ,‏ والطفيليات التي وهبها الخالق ـ سبحانه وتعالى ـ القدرة على مقاومة المضادات الحيوية التي تعالج بواسطتها‏.‏ وصدق الله العظيم إذ يقول في الفاسقين‏ :‏ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ العَذَابِ الأَدْنَى دُونَ العَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ، وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ المُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ (22)‏ ‏(‏السجدة‏:22,21) .‏

ثانيا ‏:‏ الأضرار الأخلاقية لجريمة الزنا‏ :‏
تدمر جريمة الزنا كل الأخلاق في المجتمعات التي تنتشر فيها فتغيب الفضائل وتسود الفواحش‏ ,‏ ويتلاشى الحياء‏ ,‏ وينتهي الوفاء‏ ,‏ وتنقلب الموازين‏ ,‏ ويسود الفساد ويمحى التراحم بين الناس‏ ,‏ الذين لا يتحاكمون إلا بالكذب والخيانة‏ ,‏ والوقاحة والخديعة‏ ,‏ والغدر والجريمة‏ ,‏ ولا تسيرهم إلا شهواتهم الدونية‏ ,‏ ورغباتهم الحيوانية‏ ,‏ ونفوسهم الوضيعة‏ ,‏ وأفكارهم الساقطة‏ ,‏ وعقولهم المنحطة‏ ,‏ وقلوبهم الميتة‏ ,‏ التي يتحكم فيها شياطين الإنس والجن تحكما كاملا شاملا‏ ,‏ ومجتمع هذا شأنه مآله إلى الدمار مهما طال به الأجل‏ ,‏ وأفراده غارقون في بحار من التعاسة الفردية والجماعية تعجز الألفاظ عن تصويرها‏ .‏

ثالثا‏:‏ الأضرار الاجتماعية لجريمة الزنا‏ :‏
مع انتشار جريمة الزنا تتفكك العلاقات الأسرية‏ ,‏ وتهون الأعراض‏ ,‏ وتختلط الأنساب‏ ,‏ وتشتعل العداوات‏ ,‏ وتزداد الخلافات‏ ,‏ ويكثر أبناء الحرام‏ ,‏ ويتشردون بين الناس‏ ,‏ وترتفع معدلات الجريمة‏ ,‏ وتضيع الحقوق‏ ,‏ وتكثر الأمراض النفسية والعضوية‏ ,‏ وتنتشر بين الناس أسباب البغضاء والكراهية‏ ,‏ وتتلاشى من قلوبهم الغيرة والحمية‏ ,‏ وينمحي الإحساس بالعار والشعور بالذنب‏ ,‏ فتكثر المعاصي وتنتشر‏ ,‏ ويسود الشعور بالدونية‏ ,‏ وتنتشر الأمراض النفسية والاجتماعية المختلفة‏ .‏

]

ام بيان
17 - 8 - 2006, 08:38 AM
تابع :


الإشارات الكونية في القرآن الكريم ومغزى دلالتها العلمية: " وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً " (الإسراء:32)



رابعا ‏:‏ الأضرار الاقتصادية لجريمة الزنا‏ :‏


لجريمة الزنا من الأضرار الاقتصادية على مستوى الأفراد والجماعات ما لا يكاد العقل يتصوره‏ ,‏ وتكفي في ذلك الإشارة إلى ما ينفقه الزاني من أجل قضاء شهوته في الحرام‏ ,‏ وأعداد المومسات ممن لا عمل لهن سوى الغرق في الرذائل والمعاصي‏ ,‏ وهي طاقات معطلة في أي مجتمع تنتشر فيه هذه الجريمة وتعتمد فيه العاهرات على دخلهن من الحرام‏ .‏
كما تكفي الإشارة إلى ما تنفقه الدول في علاج المصابين بالأمراض الجنسية‏ ,‏ وعلى اللقطاء من أبناء الزنا‏ ,‏ وعلى الأيتام والمقعدين الذين أنتجتهم هذه الجريمة‏ ,‏ وهو عبء حقيقي على كواهل الدول الغنية‏ ,‏ وتدمير حقيقي لاقتصاد الدول الفقيرة‏ .‏
وتكفي الإشارة كذلك إلى أعداد المصابين بعاهات تقعد عن العمل ممن وقعوا فريسة للأمراض الجنسية‏ ,‏ وهم كذلك عبء حقيقي على ميزانيات دولهم وعلى دافعي الضرائب في مجتمعاتهم‏ ,‏ وعلى ذويهم‏ .‏
وتكفي الإشارة إلى ظاهرة المساكنة التي انتشرت في الغرب أخيرا بشكل ملحوظ وفيها يتعايش الصديقان معايشة الزوجية الكاملة بغير أدنى رباط رسمي‏ ,‏ وسرعان ما تنفض هذه العلاقة لأدنى الأسباب وأبسطها‏ ,‏ بعد أن تكون قد خلفت من التبعات ما يثقل كاهل الدولة‏ .‏
كما تكفي الإشارة إلى ظاهرة الأطفال الذين ترعاهم أم دون أب‏ ,‏ أو أب دون أم‏ ,‏ وأعدادهم في تزايد مستمر مع الأيام‏ ,‏ وتكاليف إعاشتهم تثقل كاهل الدول الكبرى‏ ,‏ وتؤدي إلى كوارث اقتصادية واجتماعية في دول العالم الثالث‏.‏

من هنا كانت روعة التشريع الإسلامي بتحريم مجرد الاقتراب من مقدمات الزنا‏ ,‏ وقد نجح الإسلام في تطهير مجتمعاته من دنس هذه الجريمة‏ ,‏ بينما غرقت الدول غير المسلمة في وحل الزنا إلى آذانها بدعوى الحرية الشخصية‏..!!‏ فالحمد لله على نعمة الإسلام‏ ,‏ والحمد لله على نعمة القرآن‏ ,‏ والحمد لله على بعثة الرسول الخاتم ـ صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلى يوم الدين ـ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‏ .‏




د/ زغلول النجار

##وجد##
19 - 8 - 2006, 01:07 AM
جزااك الله خير اختي الكريمه