تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : كسوف الشمس وكسوف العقل


 


عباديات مكة
1 - 6 - 2006, 09:06 AM
ظاهرة كسوف الشمس ظاهرة طبيعية تشغل العالم بعلمائه ومفكريه ،وحتى الجهلاء من الناس كل حسب تفكيره وفهمه للظاهرة
تستمر الظاهرة في أقصى حالاتهاساعتين ثم يعود كل شيء إلى طبيعته ،
إذا كان كسوف الشمس لا يخلف من أثر الا ما تم في غفلة من احتراس،فإن من اشد مخاطر الكسوف هو كسوف العقل لدى الانسان والجمود الفكري الذي يرافقه.
المساهم والصانع الأول لهذا الكسوف هو الهيمنات الدينية التي استطاعت زج رعاياها في حومة ايديولوجيات غيبية في حقبة من الزمن المنصرم ،مستفيدة من جو الجهل العام
وحيث إن العقل متحرك ،مفكر ،قابل للنمو والابتكار،فإن سدنة الأديان وبإيعازمن متعطشي السلطة اجتهدوا في وضع الضوابط التشريعية ،وتأسيس النظم التربوية التي تحجم عقل الإنسان ،وتروضه ،محصورا بقوانين وضوابط تمنعه النظر والتصور وتمثل الأشياء بحرية عبرتحصين الناس وقمعهم من شر وجراثيم الانفتاح الى درجة تكفير وحرق كل من خرج عن خانة النقل والترديد الببغاوي
هذا ما حدث بدءا من القرن الثالث الهجري حيث تمت محاصرة العقل وحرم من وسائل التفكير الانسانية العلمية في الفلسفة والمنطق وقالوا من تمنطق فقد تزندق ،مع أن المفكرين لم يكونوا إلا مع أخلاقيات الاديان الأساسية الداعية الى الخير ،ونبذ الشر،وتعايش الانسان مع أخيه الإنسان،في وقت أن من نصبوا أنفسهم مصلحين ،ودعاة التصحيح لم يكن ديدنهم غير البحث في مستندات ومؤيدات الزعامة الدينية وظاهرة التقديس ووضع الناس تحت الوصاية البشرية عبر اختلاق تأولات دينية منتزعة مبتورة من سياقاتها الحقيقية ابقاء على زعامة الزعماء وورثتهم خلفا عن سلف ،وتمليكا تحت ظلال الدين هيمنة العلماء على الأرض وفي السماء يحكمون الناس حسب الهوى وتبدلات الأحوال وتنامي الهبات والعطايا، وكل من جأر بكلمة صدق استحقاقا للحق ،أو تصحيحا لوضع ،نكل به ،وشرد ،ونفي إلى أن يعودالى القطيع صامتا ،مستسلما أو يموت منبوذا ،والأمثلة لا تحصى في تاريخنا المجيد ،واسوق مثالا واحدا مرتبطا بالكسوف حيث موضوع مقالي
عام 1585 ميلادي استطاع العالم المسلم تقي الدين الراصد ،الرائد في علم الفلك وعلم الهندسة الميكانيكية أن ينتهي من بناء مرصد استانبول وأن يجهزه بالآلات الفلكية التي عرفتها من قبل مراصد بغداد والقاهرة وسمرقند ومراغة،وقد بدا العلماء في رصد المشاهدات الفلكية كاملة
في أواخر هذا العام ظهر شهب مذنب في سماء استانبول فقدم تقي الدين تفسيرا لهذه الظاهرة ،وأخبر السلطان أنه سينتصر على الصفويين
تم الانتصار فعلا غير أن تعفن جثث موتى الصفويين قد جعل مرض الطاعون يشيع بين الناس ،فوجدها الرجعيون من العلماء المتحكمين في سياسة البلاد فرصة بقيادة *** الاسلام العثماني - قاضي زاده - ويقومون بحملة ضد المرصد كونه تجسس على ملائكة السماء وتصرفات الخالق ،فاقتحم الجنود الإنكشارية المرصد وهدموه عن آخره
فهل هذا كسوف شمس أم كسوف عقل أم هما معا؟
أنظروا اليوم حالنا وتعليمنا وفتاوي علمائنا كيف أن وضعنا لا يعرف الجريان ،ورغم ذلك ندعو وقلوبنا كعقولنا ،لا ايمان ولا علم .ادعاء بعد ادعاء بعد آخر والحياة تمر عجالا