الجعيد
13 - 4 - 2006, 12:25 AM
المنمنمة
هي فن التشبيه او التجسيد، الا انها ايضا فن طبيعة الحياة الباعثة على التأمل والخيال من خلال الاتصال بين العالمين الروحاني والمادي، حيث يتمثل عالم الخيال فيها من خلال الحقائق الدينية والعناصر الاسطورية القديمة التي تخص حياة وتقاليد وتراث الشعوب.
ويتخذ الرسم في المنمنمة عادة على شكل مسطح ذي بعدين بألوان شفافة لا تحمل الكثير من عملية التضليل كما هو معتاد في اللوحات الفنية التقليدية لان الهدف الاساسي من استخدام اللون هو التعبير عن سلطة النور واظهار العمق، هذا اضافة الى كثرة تحديدات الشخوص التي تتسم بالحساسية الرقيقة المؤلفة من الخطوط الجميلة التي عادة ما تكون انيقة.
المنمنمة هي عالم ملون بهيج صغير كل ما فيه من تفاصيل يدعو المرء للتوقف والتأمل، لا تعتمد على تصوير الاشياء ونقلها كما هي موجودة في الحياة الواقعية، بل كما يجب ان تكون في العالم المثالي الذي ينشده الفنان.
وفن المنمنمات الاسلامي استقى بعض من جذوره وروافده من مدارس بيزنطية وساسانية ومانوية وصينية وتركت هذه التأثيرات انطباعات عميقة ومؤثرة لدى كبار رواد الفن الاسلامي وخاصة من فناني اهل فارس الذين برعوا كثيرا في هذا النوع من الفنون، اذ جرت العادة ان يكون معيار تقدير المستوى الفني الفارسي لأية منمنمةبمقارنتها بالمستوى الرائع الذي وصل اليه ايضا الفن الصيني في القرن الخامس عشر.
التصوير في المنمنمات الاسلامية يمكن تقسيمه الى قسمين، او اتجاهين تشكيليين رئيسيين: الاول هو الاكثر رسوخا وشعبية، يستعيد تراث الماضي الغابر باعتباره موروثا ثقافيا شاملا وصل ذروته اللونية والتقنية في محاكاة مواضيع تاريخية وانسانية واسطورية ودينية، في محاولة لفهمها واستيعاب اسرارها وابعادها وروابطها الروحية في حياة الواقع الاجتماعي.
اما الاتجاه الثاني فانه ينطلق من محاكاة الطبيعة بواقعية تتسم بالحرص على نقل ادق التفاصيل فيها من اجل الانتقال الى الطبيعة الانسانية الاكثر تعقيدا، وذلك من خلال التركيز على الرؤية الفنطازية والاستقراء الديني والتأمل الروحاني.
مثلما نعلم ان العرب المسلمين عندما خرجوا من شبه الجزيرة العربية، اسسوا دولتهم في بلاد ومناطق ذات حضارات موغلة في القدم، فامتزجت ثقافتهم مع ثقافات السكان الاصليين مما ادى الى نشوء حضارة جديدة، وفي مجال الفنون ظل المسلمون يعتمدون على بعض الصور والمفردات التي طالعتنا في الفنون القديمة، لكنهم اعادوا صياغتها من جديد واعطوها هوية مغايرة.
في العديد من تحف الرسوم التصويرية المنقوشة تطالعنا رسوم لطيور وحيوانات خرافية منها رسوم لنسور ذات رأسين، وتنين تزفر النار من افواهها، وهذه الرسوم لاقت رواجا كبيرا في بلاد الشرق الاسلامي خصوصا في بلاد الاناضول القديمة خلال المرحلة السلجوقية في القرنين الثاني عشر والثالث عشر عندما استخدمها السلاطين كشعار لهم.
وهذه الصور ليست من ابتكار الفنانين المسلمين، فقد سبق وان تعرفنا عليها قديما عند شعوب بلاد الاناضول والرومان والبيزنطيين، لكن المسلمين اعادوا ابتكارها بأسلوب مختلف، فبدلا من ان يرسموا النسر ذا الرأسين كمركز للقوة، صاغوه بطريقة زخرفية، فصار طائرا مجردا، واختلطت اجنحته بالفروع النباتية والاشكال الهندسية.
لى جانب النسر الثنائي الرأس نتعرف في الفنون الاسلامية على حيوانات اسطورية اخرى منها طائر له وجه امرأة وجناحان كبيران، هذ الطائر الذي طالعنا سابقا في الثقافات القديمة مثل الهند وبلاد اسيا الوسطى وبعض بلدان اوروبا، فظهر اولا في مصر ومنها انتقل الى ايران، وهناك حيوان خرافي شاع في العديد من المنمنمات ولاقى رواجا كبيرا نصفه نسر ونصفه الآخر أسد، ويرى البعض انه شبيه بطائر العنقاء.
اشهر المنمنمات الاسلامية هي الفارسية التي انطلقت في القرن الرابع عشر الميلادي، فبعد ان اعتنق القائد الايليخان غازان الديانة الاسلامية الحنيفة عام 1295 طلب الى وزيره رشيد الدين ان يكتب تاريخ القبائل المغولية وغزواتها، فألف رشيد الدين كتاب (جامع التواريخ) الذي يروي تاريخ المغول والفرس والرسل، فعهد الى مجموعة من الفنانين انجاز رسوم ملونة لكتابه، فانجزوا اكثر من عشرين مخطوطة مصورة، لم يبق منها الا اثنتين فقط، وتكشف كل منهما عن تنوع باهر في الاساليب اذ تمتزج المؤثرات العربية الفارسية والصينية، ومؤكدة على الطابع الخاص للمنمنمات الايلخانية التي مهدت لولادة مدارس فنية جديدة بدأت تطالعنا في رسوم المخطوطات المنفذة في ظل الحكم الجلائري.
وكان الجلائريون قد حكموا العراق وجزءا من ايران بعد انهيار الدولة الايلخانية وتميزوا برعايتهم الكبيرة للآداب والفنون وخاصة فن المنمنمات، حتى ان السلطان الجلائري اعويس كان رساما بارعا لفن المنمنمات.
ولم يتأثر فن التصوير بالتحولات السياسية الكبرى التي ادت اليها غزوات تيمور لنك الشهير، ذلك ان اولاده واحفاده الذين تقاسموا مملكته لم ينصرفوا الى الحروب، وكانوا من كبار مشجعي العلوم والفنون، وابرز هؤلاء اسكندر سلطان الذي حكم مدينة شيراز عاصمة اقليم فارس، فقد اشتهر هذا الامير بعشقه للشعر والفنون، وعهد الى الفنانين الذين كانوا يترددون على بلاطه بإنجاز مجموعة قيمة من المخطوطات التي تعد منمنماتها اليوم من الروائع الفنية في العالم.
واذا كان العديد من المنمنمات تأتي مرافقة للنصوص الادبية والتاريخية، فإننا نتعرف على انواع اخرى اشتهر بها الفنان الصفوي رضا عباسي الذي تخلى عن الاساليب الكلاسيكية في رسم المنمنمة التي غالبا ما كانت تجسد مشهدا احتفاليا مليئا بالعناصر من بشر وحيوانات وطبيعة، ليلتفت الى اللوحة التي تتمحور حول شخص واحد فقط يشكل قاعدة العمل الفني، اذ كان هذا الفنان المسلم في اغلب منمنماته يركز على رسم اشخاص في مقتبل الشباب يجلسون مسترخين وكأنهم في حال حلم.
ومن الزاوية الفنية فإن العديد من المنمنمات العربية تدلل على الخصائص المعروفة للفن الشعبي العربي لجهة طرافة المخيلة والبساطة الدالة ولجهة العفوية التقنية وخصوصا ما يتعلق في حشد جميع العناصر البصرية والكتابية والزخرفية في العمل الواحد، واغلب اللوحات المصورة هي تمثيل تشخيصي شعبي من خلال اعادة تصوير الابطال الاسلاميين او الشخوص الشعبيين وهم في حالة صراع مع اعدائهم من بشر وحيوانات خرافية، وهي واحدة من الموضوعات الأثيرة في الفن الشعبي الاسلامي.
ان تقاليد رسم الابطال والاولياء مع اعدائهم تقاليد راسخة منذ القرن الخامس عشر في كل من ايران والعراق ومصر، وهذه الافكار مستعارة بدورها من أدب وتواريخ مكتوبة في فترات ابعد، بعضها مستلهم من تاريخ الواقدي وفتوحاته المعروفة والمشحونة بشطحات اقرب للخرافة منها الى الواقع الحقيقي، وبعضها الآخر يمكن لقاؤه في قصص الف ليلة وليلة وقصصها المثيرة التي لم يفعل الرسم الشعبي سوى اعادة تمثلها على طريقته الخاصة.
ان صورة البطل قاهر الشر إحدى صور الفن التشخيصي الشعبي العربي بمختلف انواعه وفي جميع مناطق العالم العربي، فالمنمنمات التي تهتم بالعشاق الشعبيين المعروفين مثل (عنتر وعبلة) و (قيس وليلى) التي يجمع موضوعها فكرة الحب مع فكرة البطولة، فإن اجوائها تثير الألفة من خلال موضوعاتها ومن خلال الوانها الحارة المنسجمة.
تمثل الفنون المتعلقة بزخرفة المخطوطات القرآنية احد المع الفنون في العصر المملوكي، وكانت تشمل الخط والتوريق والتذهيب والتجليد.
وتشكل المنمنمات استمرار للخصائص والاساليب الفنية التي سبق واطلعنا عليها في المنمنمات العربية المنفذة خلال مرحلة الخلافة العباسية وهي تعرف باسم مدرسة بغداد للتصوير، ومن اشهر نماذجها تلك التي تحويها مخطوطة مقامات الحريري التي نفذها الفنان يحيى بن محمود الواسطي عام 1237 وهي محفوظة في المكتبة الوطنية في باريس.
ويرجع تاريخ نسخ هذه المخطوطة الى عام 1237 وتضم مئة منمنمة، قلة منها صورت على صفحتين متقابلتين في 167 ورقة، طول كل ورقة 37 سنتيمترا وعرضها 28 سنتيمترا، وهذه المخطوطات تعد من روائع التصوير الاسلامي لجهة تنوع مواضيعها وبراعة الواسطي بما ادخله من تجديد على تصاويرها، وبما تنبض به هذه الصور من حيوية، وهذا كله يجعل من هذا العمل خير شاهد على حقبة تاريخية من تاريخنا العربي.
لم تساير مخطوطات الواسطي القوالب التقليدية او الاشكال والنماذج التي شاعت في الفن الاغريقي *****يحي والبيزنطي والساساني، فهي الى جانب تفرد اسلوبها، امتلأت بمواضيع تصور حياة الناس اليومية ومنها مايعكس الحياة الدينية بمافيها من مساجد وخطباء، ومنها مايتناول الحياة القضائية بما فيها من متخاصمين وقضاة العمارة، ومنها مايمثل العمائر الاسلامية بأشكالها الخارجية ومحتوياتها الداخلية.
منذ نهاية القرن السابع عشر انفتح العديد من الفنانين على الفنون الاوروبية وراحوا يقلدونها بطريقة سطحية في بداية الامر، الا ان المنمنمة عادت الى تألقها لتختصر مسيرة الفنون الاسلامية عامة، فقد تمكن العديد من الفنانين العرب *****لمين من ابتكار لغة تشكيلية خاصة بهم قائمة على منطق جمالي متكامل، جاعلين من اللون وشكل الحرف العربي وسيلة تعبير اساسية، وقد بهرت هذه الجمالية كبار فناني الغرب
وهذه اللوحه العمل الفنان يوسف البادي
من منتدى الفن التشكيلي
هي فن التشبيه او التجسيد، الا انها ايضا فن طبيعة الحياة الباعثة على التأمل والخيال من خلال الاتصال بين العالمين الروحاني والمادي، حيث يتمثل عالم الخيال فيها من خلال الحقائق الدينية والعناصر الاسطورية القديمة التي تخص حياة وتقاليد وتراث الشعوب.
ويتخذ الرسم في المنمنمة عادة على شكل مسطح ذي بعدين بألوان شفافة لا تحمل الكثير من عملية التضليل كما هو معتاد في اللوحات الفنية التقليدية لان الهدف الاساسي من استخدام اللون هو التعبير عن سلطة النور واظهار العمق، هذا اضافة الى كثرة تحديدات الشخوص التي تتسم بالحساسية الرقيقة المؤلفة من الخطوط الجميلة التي عادة ما تكون انيقة.
المنمنمة هي عالم ملون بهيج صغير كل ما فيه من تفاصيل يدعو المرء للتوقف والتأمل، لا تعتمد على تصوير الاشياء ونقلها كما هي موجودة في الحياة الواقعية، بل كما يجب ان تكون في العالم المثالي الذي ينشده الفنان.
وفن المنمنمات الاسلامي استقى بعض من جذوره وروافده من مدارس بيزنطية وساسانية ومانوية وصينية وتركت هذه التأثيرات انطباعات عميقة ومؤثرة لدى كبار رواد الفن الاسلامي وخاصة من فناني اهل فارس الذين برعوا كثيرا في هذا النوع من الفنون، اذ جرت العادة ان يكون معيار تقدير المستوى الفني الفارسي لأية منمنمةبمقارنتها بالمستوى الرائع الذي وصل اليه ايضا الفن الصيني في القرن الخامس عشر.
التصوير في المنمنمات الاسلامية يمكن تقسيمه الى قسمين، او اتجاهين تشكيليين رئيسيين: الاول هو الاكثر رسوخا وشعبية، يستعيد تراث الماضي الغابر باعتباره موروثا ثقافيا شاملا وصل ذروته اللونية والتقنية في محاكاة مواضيع تاريخية وانسانية واسطورية ودينية، في محاولة لفهمها واستيعاب اسرارها وابعادها وروابطها الروحية في حياة الواقع الاجتماعي.
اما الاتجاه الثاني فانه ينطلق من محاكاة الطبيعة بواقعية تتسم بالحرص على نقل ادق التفاصيل فيها من اجل الانتقال الى الطبيعة الانسانية الاكثر تعقيدا، وذلك من خلال التركيز على الرؤية الفنطازية والاستقراء الديني والتأمل الروحاني.
مثلما نعلم ان العرب المسلمين عندما خرجوا من شبه الجزيرة العربية، اسسوا دولتهم في بلاد ومناطق ذات حضارات موغلة في القدم، فامتزجت ثقافتهم مع ثقافات السكان الاصليين مما ادى الى نشوء حضارة جديدة، وفي مجال الفنون ظل المسلمون يعتمدون على بعض الصور والمفردات التي طالعتنا في الفنون القديمة، لكنهم اعادوا صياغتها من جديد واعطوها هوية مغايرة.
في العديد من تحف الرسوم التصويرية المنقوشة تطالعنا رسوم لطيور وحيوانات خرافية منها رسوم لنسور ذات رأسين، وتنين تزفر النار من افواهها، وهذه الرسوم لاقت رواجا كبيرا في بلاد الشرق الاسلامي خصوصا في بلاد الاناضول القديمة خلال المرحلة السلجوقية في القرنين الثاني عشر والثالث عشر عندما استخدمها السلاطين كشعار لهم.
وهذه الصور ليست من ابتكار الفنانين المسلمين، فقد سبق وان تعرفنا عليها قديما عند شعوب بلاد الاناضول والرومان والبيزنطيين، لكن المسلمين اعادوا ابتكارها بأسلوب مختلف، فبدلا من ان يرسموا النسر ذا الرأسين كمركز للقوة، صاغوه بطريقة زخرفية، فصار طائرا مجردا، واختلطت اجنحته بالفروع النباتية والاشكال الهندسية.
لى جانب النسر الثنائي الرأس نتعرف في الفنون الاسلامية على حيوانات اسطورية اخرى منها طائر له وجه امرأة وجناحان كبيران، هذ الطائر الذي طالعنا سابقا في الثقافات القديمة مثل الهند وبلاد اسيا الوسطى وبعض بلدان اوروبا، فظهر اولا في مصر ومنها انتقل الى ايران، وهناك حيوان خرافي شاع في العديد من المنمنمات ولاقى رواجا كبيرا نصفه نسر ونصفه الآخر أسد، ويرى البعض انه شبيه بطائر العنقاء.
اشهر المنمنمات الاسلامية هي الفارسية التي انطلقت في القرن الرابع عشر الميلادي، فبعد ان اعتنق القائد الايليخان غازان الديانة الاسلامية الحنيفة عام 1295 طلب الى وزيره رشيد الدين ان يكتب تاريخ القبائل المغولية وغزواتها، فألف رشيد الدين كتاب (جامع التواريخ) الذي يروي تاريخ المغول والفرس والرسل، فعهد الى مجموعة من الفنانين انجاز رسوم ملونة لكتابه، فانجزوا اكثر من عشرين مخطوطة مصورة، لم يبق منها الا اثنتين فقط، وتكشف كل منهما عن تنوع باهر في الاساليب اذ تمتزج المؤثرات العربية الفارسية والصينية، ومؤكدة على الطابع الخاص للمنمنمات الايلخانية التي مهدت لولادة مدارس فنية جديدة بدأت تطالعنا في رسوم المخطوطات المنفذة في ظل الحكم الجلائري.
وكان الجلائريون قد حكموا العراق وجزءا من ايران بعد انهيار الدولة الايلخانية وتميزوا برعايتهم الكبيرة للآداب والفنون وخاصة فن المنمنمات، حتى ان السلطان الجلائري اعويس كان رساما بارعا لفن المنمنمات.
ولم يتأثر فن التصوير بالتحولات السياسية الكبرى التي ادت اليها غزوات تيمور لنك الشهير، ذلك ان اولاده واحفاده الذين تقاسموا مملكته لم ينصرفوا الى الحروب، وكانوا من كبار مشجعي العلوم والفنون، وابرز هؤلاء اسكندر سلطان الذي حكم مدينة شيراز عاصمة اقليم فارس، فقد اشتهر هذا الامير بعشقه للشعر والفنون، وعهد الى الفنانين الذين كانوا يترددون على بلاطه بإنجاز مجموعة قيمة من المخطوطات التي تعد منمنماتها اليوم من الروائع الفنية في العالم.
واذا كان العديد من المنمنمات تأتي مرافقة للنصوص الادبية والتاريخية، فإننا نتعرف على انواع اخرى اشتهر بها الفنان الصفوي رضا عباسي الذي تخلى عن الاساليب الكلاسيكية في رسم المنمنمة التي غالبا ما كانت تجسد مشهدا احتفاليا مليئا بالعناصر من بشر وحيوانات وطبيعة، ليلتفت الى اللوحة التي تتمحور حول شخص واحد فقط يشكل قاعدة العمل الفني، اذ كان هذا الفنان المسلم في اغلب منمنماته يركز على رسم اشخاص في مقتبل الشباب يجلسون مسترخين وكأنهم في حال حلم.
ومن الزاوية الفنية فإن العديد من المنمنمات العربية تدلل على الخصائص المعروفة للفن الشعبي العربي لجهة طرافة المخيلة والبساطة الدالة ولجهة العفوية التقنية وخصوصا ما يتعلق في حشد جميع العناصر البصرية والكتابية والزخرفية في العمل الواحد، واغلب اللوحات المصورة هي تمثيل تشخيصي شعبي من خلال اعادة تصوير الابطال الاسلاميين او الشخوص الشعبيين وهم في حالة صراع مع اعدائهم من بشر وحيوانات خرافية، وهي واحدة من الموضوعات الأثيرة في الفن الشعبي الاسلامي.
ان تقاليد رسم الابطال والاولياء مع اعدائهم تقاليد راسخة منذ القرن الخامس عشر في كل من ايران والعراق ومصر، وهذه الافكار مستعارة بدورها من أدب وتواريخ مكتوبة في فترات ابعد، بعضها مستلهم من تاريخ الواقدي وفتوحاته المعروفة والمشحونة بشطحات اقرب للخرافة منها الى الواقع الحقيقي، وبعضها الآخر يمكن لقاؤه في قصص الف ليلة وليلة وقصصها المثيرة التي لم يفعل الرسم الشعبي سوى اعادة تمثلها على طريقته الخاصة.
ان صورة البطل قاهر الشر إحدى صور الفن التشخيصي الشعبي العربي بمختلف انواعه وفي جميع مناطق العالم العربي، فالمنمنمات التي تهتم بالعشاق الشعبيين المعروفين مثل (عنتر وعبلة) و (قيس وليلى) التي يجمع موضوعها فكرة الحب مع فكرة البطولة، فإن اجوائها تثير الألفة من خلال موضوعاتها ومن خلال الوانها الحارة المنسجمة.
تمثل الفنون المتعلقة بزخرفة المخطوطات القرآنية احد المع الفنون في العصر المملوكي، وكانت تشمل الخط والتوريق والتذهيب والتجليد.
وتشكل المنمنمات استمرار للخصائص والاساليب الفنية التي سبق واطلعنا عليها في المنمنمات العربية المنفذة خلال مرحلة الخلافة العباسية وهي تعرف باسم مدرسة بغداد للتصوير، ومن اشهر نماذجها تلك التي تحويها مخطوطة مقامات الحريري التي نفذها الفنان يحيى بن محمود الواسطي عام 1237 وهي محفوظة في المكتبة الوطنية في باريس.
ويرجع تاريخ نسخ هذه المخطوطة الى عام 1237 وتضم مئة منمنمة، قلة منها صورت على صفحتين متقابلتين في 167 ورقة، طول كل ورقة 37 سنتيمترا وعرضها 28 سنتيمترا، وهذه المخطوطات تعد من روائع التصوير الاسلامي لجهة تنوع مواضيعها وبراعة الواسطي بما ادخله من تجديد على تصاويرها، وبما تنبض به هذه الصور من حيوية، وهذا كله يجعل من هذا العمل خير شاهد على حقبة تاريخية من تاريخنا العربي.
لم تساير مخطوطات الواسطي القوالب التقليدية او الاشكال والنماذج التي شاعت في الفن الاغريقي *****يحي والبيزنطي والساساني، فهي الى جانب تفرد اسلوبها، امتلأت بمواضيع تصور حياة الناس اليومية ومنها مايعكس الحياة الدينية بمافيها من مساجد وخطباء، ومنها مايتناول الحياة القضائية بما فيها من متخاصمين وقضاة العمارة، ومنها مايمثل العمائر الاسلامية بأشكالها الخارجية ومحتوياتها الداخلية.
منذ نهاية القرن السابع عشر انفتح العديد من الفنانين على الفنون الاوروبية وراحوا يقلدونها بطريقة سطحية في بداية الامر، الا ان المنمنمة عادت الى تألقها لتختصر مسيرة الفنون الاسلامية عامة، فقد تمكن العديد من الفنانين العرب *****لمين من ابتكار لغة تشكيلية خاصة بهم قائمة على منطق جمالي متكامل، جاعلين من اللون وشكل الحرف العربي وسيلة تعبير اساسية، وقد بهرت هذه الجمالية كبار فناني الغرب
وهذه اللوحه العمل الفنان يوسف البادي
من منتدى الفن التشكيلي