الرايق المجنون
28 - 3 - 2006, 11:41 AM
الإسلام السني و الإسلام الشيعي
1
في الأسبوع الماضي كتبت خاطرة الصيف وهي مقالة عفوية فيها نقد مبطن للشيعة في العراق الذين يتزاحمون إلى مقابر الموت وكأنه جزء من عقيدتهم. وقد وردني العديد من الرسائل بعضها وهو القليل يؤيدني فيما ذهبت إليه وبعضها يهاجمني ويتهمني بالتعصب. وهاأنا أتجه هذه المرة بنقد الجانب الآخر للإسلام السياسي معمما في العنوان علما أن ما أقصده هو تلك الفئة التي أساءت للإسلام *****لمين بشكل عام لكن عدم تحديد تلك الفئة من قبل المنتمين إلى الإسلام السني بشكل واضح يجعلني أعمم هنا بالرغم من معرفتي أن الإسلام السني بريء من ذلك. لكن سكوت دعاة وقادة الإسلام السني عن ما يرتكب هذه الأيام باسم الإسلام السني يستحق أن نوجه نقدا عاما كون ما يحدث من جرائم بحق الأبرياء ومن دعوات إلى الطائفية وتمزيق صف الأمة دليل على انهيار أخلاقي وهزيمة نفسية خطيرة يتحملها دعاة وقادة الإسلام السني، حيث لم نسمع يوما أن دعاة الإسلام الشيعي في العراق دعوا إلى قتل أبرياء السنة في العراق حين كان صدام يرتكب المجازر الجماعية ضدهم، ولم نسمع أن حزب الله قد دعا إلى قتل الذين وقفوا ضده من أبناء الشعب اللبناني في قتاله مع إسرائيل، فكيف بمن يدعو إلى قتل الإنسان الشيعي في العراق مهما كان بريئا. وانأ أعتقد أن سقوط الإسلام السني أو فشله لا يعني نجاح الإسلام الشيعي. بالرغم من تطور الفكر الإسلامي الشيعي في العشرين سنة الماضية وتحقيقه انتصارات هامة في المجال الفكري والإنساني. ولكن قبل أن يفرح المنتمون إلى الإسلام الشيعي بعنوان مقالتي التي تتحدث عن فشل الإسلام السني، علما أن سقوط أيا منهما ليس في مصلحة المسلمين بشكل عام والعرب بشكل خاص إلا إذا لم يتقبلوا التغيرات العالمية الجديدة وينهجوا نهج التطوير والتحديث. لكنني أحب أن ابدي وجهة نظر هامة للمنتمين إلى الإسلام الشيعي هي : أن ما حققوه من انتصارات جهادية محترمة ونضالية وتسامح منذ الثورة الإيرانية مرورا ببطولات حزب الله وحتى توجه الأغلبية الشيعية في العراق إلى حكم الديموقراطية وصولا إلى ما بعد سقوط صدام حسين : هي إنجازات تكاد أن تذوب وتنعكس بما يشوه الصورة الجديدة للإسلام الشيعي. بسبب ما خرج عليه العامة من شيعة العراق وربما غيرهم أمام الفضائيات العالمية عبر ممارسة طقوس الجلد بالسلاسل والطعن بالسيوف كتعبير عن حزن قديم على مقتل الحسين. علما أن ذلك لم يكن له علاقة بالدين سواء في ما تحويه كتب الشيعة التي تدعي إتباعها لما يقوله أهل البيت والأئمة من ذريتهم ولا بما تحويه المراجع الإسلامية بشكل عام، ولا يعكس صورة جميلة عن ثورة الحسين واستشهاده. ويجب على الشيعة أن يحتفلوا بثورة واستشهاد الحسين بما يليق بالموقف بشكل احتفالي جميل كأن يتم توزيع الحلوى أفضل من تلك الصور الدموية التي تعكس كآبة مزمنة يجب أن تتوقف.
الإسلام الشيعي : أصبح أكثر تقدما وتحررا باعتناقه قيم الحرية والديموقراطية أكثر من الإسلام السني الذي لا يزال يرفض كل القيم الحضارية الحديثة. حيث نرى الإسلام الشيعي في لبنان يقبل المشاركة في العملية الديموقراطية الانتخابية في الوقت الذي يمارس دوره النضالي في تحرير الأرض. وفي العراق نرى الأغلبية الشيعية تنادي بحكم ديموقراطي حر في الوقت الذي ترفض الأقلية السنية ذلك وتنادي بعودة الاستبداد وحكم الفرد ( كحالة فريدة وغريبة ) حيث المعروف أن تنادي الأقليات بحكم ديموقراطي وليس العكس.
ولا ننسى الإقصاء والتهميش الذي يعاني منه الشيعة بشكل عام تحت حكم الانظمة السنية، بعكس ما يدعو إليه الأغلبية الشيعية في العراق من منح كامل الحقوق لجميع طوائف الشعب العراقي. بل أن الإسلام السني عبر إقصاءه للشيعة وخلق المزيد من النزاعات الطائفية وتشويه الآخر الشيعي حتى عبر الكتب المدرسية هو ما ساعد على تمزيق الأمة وتفريقها وإضعافها وتسليمها لقمة سائغة للمستعمر. وعندما أصبح الخطر يهدد مصلحة الإسلام السني السياسي لم يعترف بأخطائه وتحالفه مع الآخر ضد نصف المجتمعات الإسلامية بل عاد ليتهم الإسلام الشيعي بالتآمر عليه وتحميله ما ارتكبته خطايا الإسلام السني في حق المسلمين عامة والعرب بشكل خاص طبقا للقول ( رمتني بدائها وانسلت ).
والإسلام السني في الدول العربية بوجه الخصوص لم يمارس إقصاءه ضد الشيعة فقط وإنما قام بإقصاء كل الأديان والأعراق الأخرى التي تنتمي إلى الأمة العربية جنسا أو أرضا، مما خلق نوع من التنافر بين فئات المجتمع الواحد، حتى أصبح الباكستاني والأفغاني يشعر في بعض البلدان العربية وكأنه أكثر انتماء إلى الوطن من بعض الفئات العربية.
بل ان الاسلام السني سكت عن ابشع المجازر الارهابية ضد السني الكردي في عهد صدام حسين، كتمييز عرقي عنصري لا يليق بأخلاق الاسلام العظيمة، ولا يليق بأمة يجب ان تكون السباقة في اعتناق قيم التقدم والتسامح والحرية !
كما أنه يبدو لي أن الإسلام السني يملك قيادات فاشلة وغير واعية لحركة التاريخ. مع أنها تملك جماهير أكثر وعيا من قياداتها وأكثر قدرة على التقدم إلى الأمام من الجماهير الشيعية.
أما الإسلام الشيعي : فهو يملك قيادات واعية ومحنكة ومدركة لحركة التاريخ ومتعظة من ماضي الألم، لكنها تقود جماهير اقل وعيا من جماهير الإسلام السني، وربما يكون للقمع والاستبداد الذي تعرض له الإسلام الشيعي تحت حكم الأنظمة السنية دور في ذلك.
لكن... الانتصار يكتب لمن يقوده الأكثر وعيا وحنكة والأجدر على القيادة.
آمل من المؤيدين لما سوف اكتبه في الحلقات القادمة عن سقوط الإسلام السني ومن المهاجمين أن يلجأوا إلى العقل في حوارهم ومجادلاتهم. فالأمة بحاجة إلى النقد العقلاني أكثر من السقوط بتخدير العاطفة... والزمن لايرحم !
الأمة العربية بشكل خاص : تعاني من أزمة عقل قد تؤدي بها إلى الهاوية بل أنها في طريقها الى الهاوية، والإنسان العربي بسبب انتماآته المذهبية التعصبية التي رسخها قادة ودعاة الاسلام السني فقد الانتماء إلى عروبته وأوطانه وأصبح متشرذما ما بين الباكستاني والإيراني والأفغاني على حساب أمنه وأرضه وعروبته ومستقبل أجياله.
لكنني سوف أعود بكم لأتحدث عن تلك الانتماآت المذهبية التي مزقت الأمة موضحا سبب السقوط لأحدهما كما يلوح في الأفق وسبب نجاح الآخر. في الوقت الذي أتمنى أن ينجح الحزبان في التلاحم من جديد ليس كحزبين دينيين وإنما كحزبين ينطوي تحت لواءهما كل الأحزاب والأفكار والأعراق والطوائف في سبيل قيادة الأمة إلى مستقبل أكثر رقيا وازدهارا وحضارة. والله من وراء القصد !!
2
الإسلام : دين جميع المسلمين بمختلف مذاهبهم.
الله رب لا شريك له، ومحمد نبي المسلمين ورسولهم.
والقرآن الكريم : كتابهم الموحى إلى نبيهم من الله.
لكن المسلمين بحكم اختلاف الفكر وحكمة الحياة وسنن التاريخ، اختلفوا إلى مذاهب عدة، انطوت كل تلك المذاهب تحت لواء مذهبين كبيرين هما : المذهب السني و المذهب الشيعي. حتى أصبح المذهبان يمثلان للإسلام تعادلية هامة تحافظ على جدلية الفكر وتجدده وتمنعه من السقوط في بحر الجمود القاتل إذا ما عرف المسلمون كيف يستغلون ذلك الاختلاف المذهبي إلى ما يؤدي إلى النهوض بالأمة وليس إلى الخلاف الذي يؤدي إلى إنهاكها وتخلفها وربما انقراضها.
بل أن المذهبين السني والشيعي، يمثلان توازنا للإسلام السياسي والفكري والاجتماعي مثلما يمثله الحزبان الكبيران (الجمهوري والديموقراطي ) بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
حيث يظل الحزبان (الجمهوري والديموقراطي ) يمثلان التعادلية الجدلية الصحية للحفاظ على التوازن السياسي والفكري والاجتماعي والاقتصادي لشعب الولايات المتحدة ليتبادل الحزبان قيادة أمريكا من مرحلة إلى أخرى عبر جدلية سياسية تخضع لأحكام العقل وفلسفة المنطق أكثر من السير وراء العواطف والفوارق الدينية والعرقية.
لكن ما يهدد المسلمين منذ انتهاء خلافة الإمام علي و انتقال الحكم الإسلامي إلى الدولة الأموية : أن الانقسام السني الشيعي عند المسلمين يقود إلى انهيار الأمة الإسلامية كلما كان الحكم سواء كان سنيا أم شيعيا، حكما طائفيا يفسر الإسلام بما يبرر للطائفة الحاكمة أن تقمع وتلغي الطائفة الأخرى.
وقد ظهر في حياة المسلمين ثلاث دول إسلامية كبرى، حكمت المسلمين لفترات طويلة من التاريخ بعد انتهاء الخلافة الإسلامية. حيث حكم الأمويون انطلاقا من الشام كدولة تمثل التيار الإسلامي السني. وحكم العباسيون من بغداد كدولة تمثل التيار السني في بداية حكمها، وكدولة شبه سنية شيعية قبل زوالها.
ثم قيام الدولة الشيعية الفاطمية (الإسماعيلية ) التي بدأ حكمها في المغرب ثم استقرت دولتها في مصر وقد أصبحت قاهرة المعز لدين الله الفاطمي والجامع الأزهر كأشهر المعالم التي ميزت الحكم الفاطمي الشيعي.
ولم يكتب لأي من تلك الدول الثلاث البقاء سوى عبر ما يمثله الفكر السني ذو المنهج الأموي والعباسي أو ما يمثله الفكر الشيعي الذي يدعي إتباعه انه من نهج أهل بيت الرسول.
لكن منهج الإسلام السني قد أصبح أكثر انتشارا منذ سقوط الدولة الفاطمية وحتى قيام الثورة الإسلامية الإيرانية ذات المنهج الشيعي الجعفري، التي بعد قيامها أعادت للمسلمين توازنا جديدا سنيا شيعيا حيث عاد الإسلام الشيعي للبروز منذ قيام الثورة الإيرانية وازداد رسوخا بسقوط البعث العراقي وبروز الأغلبية الشيعية في العراق، وقبل ذلك ظهور حزب الله الشيعي وحركة أمل الشيعية كحزبين منظمين فكريا وعسكريا، إضافة إلى بروز العديد من المذاهب والقوى الشيعية المختلفة في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي كدليل على وجود توازن شيعي سني داخل البيت الإسلامي الواحد، ويجب علينا أن نعترف انه منذ قيام الثورة الإيرانية وبسبب ذلك التوازن السني الشيعي استطاعت الدول العربية المحتلة أراضيها أن تؤسس لقيام مقاومة للاحتلال في لبنان وفلسطين أدى إلى خلق توازن قوة مع الدولة المحتلة، كدليل على صحة وجود توازن سني شيعي بالرغم من أن هناك الكثير من المحاولات لتحويل ذلك التوازن الشيعي السني إلى تناحر واختلاف مثلما يحدث الآن في العراق ويقف وراء ذلك التحالف قوى أجنبية وأحيانا بمساعدة ودعم قوى عربية داخلية.
إلا أن الفرق بين تعادلية الإسلام السني الشيعي وتعادلية الحزبين الأمريكيين الجمهوري والديموقراطي :
أن المسلمين لا يزالون غير مدركين ولا واعين لأهمية التعادلية التي يرفضها كل من الإسلام السني والإسلام الشيعي بسبب نزعة بعضهما لإلغاء الآخر وإقصاءه والقضاء عليه.
بينما ارتقى الشعب الأمريكي بوعيه كي يجعل من تعادلية الحزبين ميزانا يحافظ على توازن الدولة العظمى واستقرارها وكرامة إنسانها وحريته.
وتلك براهين تدل على أن أمريكا سوف تمضي في تفوقها كونها تملك آليات النقد والتصحيح والبناء عبر تعادلية الحزبين اللذين لايسعى احدهما لإقصاء الآخر أو إلغاءه مهما اختلف الحزبان في رؤيتهما نحو المستقبل وحول
الحاضر.بينما لايملك المسلمون غير آلية الهدم والقتل والإلغاء على حساب حاضر الشعوب ومستقبلها
3
كلنا يعرف أن انهيار الدول سواء كانت إسلامية أو غير إسلامية هو نتيجة لانهيار قيمها الأخلاقية، واهم القيم الأخلاقية التي تحافظ على استمرار الدول واستقرارها هي قيم (العدل *****اواة والحرية ).
فالعدل كما يقول العرب أساس الملك، *****اواة جوهر العدالة، والحرية هي أعظم هدايا الرب للإنسانية حيث يستطيع الإنسان الحر أن يشعر بكرامته ووجوده. عندما يمتلك حرية الاختيار والتفكير والتعبير دون إقصاء من احد.
وقد انهارت الدولة الأموية والعباسية والاندلسية والفاطمية نتيجة ما أصاب تلك الدول من انهيارات أخلاقية حيث تفشى الفساد وحورب الشرفاء وسيطرت الخرافات وتم قمع كل رأي حر ومحاربة كل عقل مستنير. وكل ذلك يحدث عندما تقترب الدولة من الهرم دون أن تجد من يجدد لها شبابها.فكان السقوط الحتمي هو النتيجة الحتمية لغياب العقل الذي يعتبر المنبع الرئيسي لكل القيم الراقية.
والإسلام السني السياسي، كان احد مقومات الحضارة الإسلامية عندما يكون الفكر الذي يمثل ذلك الإسلام السني فكرا مستنيرا ومنفتحا مع الآخر، وهو في نفس احد أسباب انهيار الحضارة الإسلامية عندما يلجأ إلى القمع والإلغاء ورفض الآخر والفساد ومحاربة الفكر المستنير وأهله مثلما حدث مع الفيلسوف العظيم ابن رشد.
لو رجعنا إلى الوراء قليلا إلى الوقت الذي قامت فيه الثورة الإيرانية وبزوغ نجم الإسلام الشيعي من جديد.لوجدنا أن الإسلام الشيعي السياسي حقق انتصارات متتالية بسبب امتلاكه فكرا جديدا أقل طائفية وأكثر احتراما لحقوق الإنسان وحريته وكرامته، ربما لأن المسلمين الشيعة قد عانوا من الطغيان أكثر مما عانوه المسلمين السنة، فاتعظ الشيعي من عبر التاريخ وأدرك انه لن ينتصر بفكر الإقصاء وعقلية الإلغاء مهما امتلك من قوة.
والثورة الإيرانية للحق : لم تكن طائفية بالرغم من شيعيتها، وقد وقفت بجانب الحق الفلسطيني ذو الأغلبية الفلسطينية مثلما وقفت مع المسلمين السنة في أماكن أخرى كالبوسنة والهرسك وغيرها. في الوقت الذي لم يقف الإسلام السني خلف مقاومة حزب الله الشريفة، ولا حتى مع مقاومة الشعب الفلسطيني، وذهب للوقوف خلف طالبان التي استعدت كل طوائف الشعب الأفغاني سنة وشيعة بسبب الاختلاف معها في المذهب. وارتكبت المجازر بتأييد غريب من الإسلام السني بدعاته وقادته حتى دفع الله بأمريكا أن تقضي على الطالبان بتأييد معاكس ومتناقض وغريب من الإسلام السني أيضا !
************************************************** ************************************************** ********
منقول
1
في الأسبوع الماضي كتبت خاطرة الصيف وهي مقالة عفوية فيها نقد مبطن للشيعة في العراق الذين يتزاحمون إلى مقابر الموت وكأنه جزء من عقيدتهم. وقد وردني العديد من الرسائل بعضها وهو القليل يؤيدني فيما ذهبت إليه وبعضها يهاجمني ويتهمني بالتعصب. وهاأنا أتجه هذه المرة بنقد الجانب الآخر للإسلام السياسي معمما في العنوان علما أن ما أقصده هو تلك الفئة التي أساءت للإسلام *****لمين بشكل عام لكن عدم تحديد تلك الفئة من قبل المنتمين إلى الإسلام السني بشكل واضح يجعلني أعمم هنا بالرغم من معرفتي أن الإسلام السني بريء من ذلك. لكن سكوت دعاة وقادة الإسلام السني عن ما يرتكب هذه الأيام باسم الإسلام السني يستحق أن نوجه نقدا عاما كون ما يحدث من جرائم بحق الأبرياء ومن دعوات إلى الطائفية وتمزيق صف الأمة دليل على انهيار أخلاقي وهزيمة نفسية خطيرة يتحملها دعاة وقادة الإسلام السني، حيث لم نسمع يوما أن دعاة الإسلام الشيعي في العراق دعوا إلى قتل أبرياء السنة في العراق حين كان صدام يرتكب المجازر الجماعية ضدهم، ولم نسمع أن حزب الله قد دعا إلى قتل الذين وقفوا ضده من أبناء الشعب اللبناني في قتاله مع إسرائيل، فكيف بمن يدعو إلى قتل الإنسان الشيعي في العراق مهما كان بريئا. وانأ أعتقد أن سقوط الإسلام السني أو فشله لا يعني نجاح الإسلام الشيعي. بالرغم من تطور الفكر الإسلامي الشيعي في العشرين سنة الماضية وتحقيقه انتصارات هامة في المجال الفكري والإنساني. ولكن قبل أن يفرح المنتمون إلى الإسلام الشيعي بعنوان مقالتي التي تتحدث عن فشل الإسلام السني، علما أن سقوط أيا منهما ليس في مصلحة المسلمين بشكل عام والعرب بشكل خاص إلا إذا لم يتقبلوا التغيرات العالمية الجديدة وينهجوا نهج التطوير والتحديث. لكنني أحب أن ابدي وجهة نظر هامة للمنتمين إلى الإسلام الشيعي هي : أن ما حققوه من انتصارات جهادية محترمة ونضالية وتسامح منذ الثورة الإيرانية مرورا ببطولات حزب الله وحتى توجه الأغلبية الشيعية في العراق إلى حكم الديموقراطية وصولا إلى ما بعد سقوط صدام حسين : هي إنجازات تكاد أن تذوب وتنعكس بما يشوه الصورة الجديدة للإسلام الشيعي. بسبب ما خرج عليه العامة من شيعة العراق وربما غيرهم أمام الفضائيات العالمية عبر ممارسة طقوس الجلد بالسلاسل والطعن بالسيوف كتعبير عن حزن قديم على مقتل الحسين. علما أن ذلك لم يكن له علاقة بالدين سواء في ما تحويه كتب الشيعة التي تدعي إتباعها لما يقوله أهل البيت والأئمة من ذريتهم ولا بما تحويه المراجع الإسلامية بشكل عام، ولا يعكس صورة جميلة عن ثورة الحسين واستشهاده. ويجب على الشيعة أن يحتفلوا بثورة واستشهاد الحسين بما يليق بالموقف بشكل احتفالي جميل كأن يتم توزيع الحلوى أفضل من تلك الصور الدموية التي تعكس كآبة مزمنة يجب أن تتوقف.
الإسلام الشيعي : أصبح أكثر تقدما وتحررا باعتناقه قيم الحرية والديموقراطية أكثر من الإسلام السني الذي لا يزال يرفض كل القيم الحضارية الحديثة. حيث نرى الإسلام الشيعي في لبنان يقبل المشاركة في العملية الديموقراطية الانتخابية في الوقت الذي يمارس دوره النضالي في تحرير الأرض. وفي العراق نرى الأغلبية الشيعية تنادي بحكم ديموقراطي حر في الوقت الذي ترفض الأقلية السنية ذلك وتنادي بعودة الاستبداد وحكم الفرد ( كحالة فريدة وغريبة ) حيث المعروف أن تنادي الأقليات بحكم ديموقراطي وليس العكس.
ولا ننسى الإقصاء والتهميش الذي يعاني منه الشيعة بشكل عام تحت حكم الانظمة السنية، بعكس ما يدعو إليه الأغلبية الشيعية في العراق من منح كامل الحقوق لجميع طوائف الشعب العراقي. بل أن الإسلام السني عبر إقصاءه للشيعة وخلق المزيد من النزاعات الطائفية وتشويه الآخر الشيعي حتى عبر الكتب المدرسية هو ما ساعد على تمزيق الأمة وتفريقها وإضعافها وتسليمها لقمة سائغة للمستعمر. وعندما أصبح الخطر يهدد مصلحة الإسلام السني السياسي لم يعترف بأخطائه وتحالفه مع الآخر ضد نصف المجتمعات الإسلامية بل عاد ليتهم الإسلام الشيعي بالتآمر عليه وتحميله ما ارتكبته خطايا الإسلام السني في حق المسلمين عامة والعرب بشكل خاص طبقا للقول ( رمتني بدائها وانسلت ).
والإسلام السني في الدول العربية بوجه الخصوص لم يمارس إقصاءه ضد الشيعة فقط وإنما قام بإقصاء كل الأديان والأعراق الأخرى التي تنتمي إلى الأمة العربية جنسا أو أرضا، مما خلق نوع من التنافر بين فئات المجتمع الواحد، حتى أصبح الباكستاني والأفغاني يشعر في بعض البلدان العربية وكأنه أكثر انتماء إلى الوطن من بعض الفئات العربية.
بل ان الاسلام السني سكت عن ابشع المجازر الارهابية ضد السني الكردي في عهد صدام حسين، كتمييز عرقي عنصري لا يليق بأخلاق الاسلام العظيمة، ولا يليق بأمة يجب ان تكون السباقة في اعتناق قيم التقدم والتسامح والحرية !
كما أنه يبدو لي أن الإسلام السني يملك قيادات فاشلة وغير واعية لحركة التاريخ. مع أنها تملك جماهير أكثر وعيا من قياداتها وأكثر قدرة على التقدم إلى الأمام من الجماهير الشيعية.
أما الإسلام الشيعي : فهو يملك قيادات واعية ومحنكة ومدركة لحركة التاريخ ومتعظة من ماضي الألم، لكنها تقود جماهير اقل وعيا من جماهير الإسلام السني، وربما يكون للقمع والاستبداد الذي تعرض له الإسلام الشيعي تحت حكم الأنظمة السنية دور في ذلك.
لكن... الانتصار يكتب لمن يقوده الأكثر وعيا وحنكة والأجدر على القيادة.
آمل من المؤيدين لما سوف اكتبه في الحلقات القادمة عن سقوط الإسلام السني ومن المهاجمين أن يلجأوا إلى العقل في حوارهم ومجادلاتهم. فالأمة بحاجة إلى النقد العقلاني أكثر من السقوط بتخدير العاطفة... والزمن لايرحم !
الأمة العربية بشكل خاص : تعاني من أزمة عقل قد تؤدي بها إلى الهاوية بل أنها في طريقها الى الهاوية، والإنسان العربي بسبب انتماآته المذهبية التعصبية التي رسخها قادة ودعاة الاسلام السني فقد الانتماء إلى عروبته وأوطانه وأصبح متشرذما ما بين الباكستاني والإيراني والأفغاني على حساب أمنه وأرضه وعروبته ومستقبل أجياله.
لكنني سوف أعود بكم لأتحدث عن تلك الانتماآت المذهبية التي مزقت الأمة موضحا سبب السقوط لأحدهما كما يلوح في الأفق وسبب نجاح الآخر. في الوقت الذي أتمنى أن ينجح الحزبان في التلاحم من جديد ليس كحزبين دينيين وإنما كحزبين ينطوي تحت لواءهما كل الأحزاب والأفكار والأعراق والطوائف في سبيل قيادة الأمة إلى مستقبل أكثر رقيا وازدهارا وحضارة. والله من وراء القصد !!
2
الإسلام : دين جميع المسلمين بمختلف مذاهبهم.
الله رب لا شريك له، ومحمد نبي المسلمين ورسولهم.
والقرآن الكريم : كتابهم الموحى إلى نبيهم من الله.
لكن المسلمين بحكم اختلاف الفكر وحكمة الحياة وسنن التاريخ، اختلفوا إلى مذاهب عدة، انطوت كل تلك المذاهب تحت لواء مذهبين كبيرين هما : المذهب السني و المذهب الشيعي. حتى أصبح المذهبان يمثلان للإسلام تعادلية هامة تحافظ على جدلية الفكر وتجدده وتمنعه من السقوط في بحر الجمود القاتل إذا ما عرف المسلمون كيف يستغلون ذلك الاختلاف المذهبي إلى ما يؤدي إلى النهوض بالأمة وليس إلى الخلاف الذي يؤدي إلى إنهاكها وتخلفها وربما انقراضها.
بل أن المذهبين السني والشيعي، يمثلان توازنا للإسلام السياسي والفكري والاجتماعي مثلما يمثله الحزبان الكبيران (الجمهوري والديموقراطي ) بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
حيث يظل الحزبان (الجمهوري والديموقراطي ) يمثلان التعادلية الجدلية الصحية للحفاظ على التوازن السياسي والفكري والاجتماعي والاقتصادي لشعب الولايات المتحدة ليتبادل الحزبان قيادة أمريكا من مرحلة إلى أخرى عبر جدلية سياسية تخضع لأحكام العقل وفلسفة المنطق أكثر من السير وراء العواطف والفوارق الدينية والعرقية.
لكن ما يهدد المسلمين منذ انتهاء خلافة الإمام علي و انتقال الحكم الإسلامي إلى الدولة الأموية : أن الانقسام السني الشيعي عند المسلمين يقود إلى انهيار الأمة الإسلامية كلما كان الحكم سواء كان سنيا أم شيعيا، حكما طائفيا يفسر الإسلام بما يبرر للطائفة الحاكمة أن تقمع وتلغي الطائفة الأخرى.
وقد ظهر في حياة المسلمين ثلاث دول إسلامية كبرى، حكمت المسلمين لفترات طويلة من التاريخ بعد انتهاء الخلافة الإسلامية. حيث حكم الأمويون انطلاقا من الشام كدولة تمثل التيار الإسلامي السني. وحكم العباسيون من بغداد كدولة تمثل التيار السني في بداية حكمها، وكدولة شبه سنية شيعية قبل زوالها.
ثم قيام الدولة الشيعية الفاطمية (الإسماعيلية ) التي بدأ حكمها في المغرب ثم استقرت دولتها في مصر وقد أصبحت قاهرة المعز لدين الله الفاطمي والجامع الأزهر كأشهر المعالم التي ميزت الحكم الفاطمي الشيعي.
ولم يكتب لأي من تلك الدول الثلاث البقاء سوى عبر ما يمثله الفكر السني ذو المنهج الأموي والعباسي أو ما يمثله الفكر الشيعي الذي يدعي إتباعه انه من نهج أهل بيت الرسول.
لكن منهج الإسلام السني قد أصبح أكثر انتشارا منذ سقوط الدولة الفاطمية وحتى قيام الثورة الإسلامية الإيرانية ذات المنهج الشيعي الجعفري، التي بعد قيامها أعادت للمسلمين توازنا جديدا سنيا شيعيا حيث عاد الإسلام الشيعي للبروز منذ قيام الثورة الإيرانية وازداد رسوخا بسقوط البعث العراقي وبروز الأغلبية الشيعية في العراق، وقبل ذلك ظهور حزب الله الشيعي وحركة أمل الشيعية كحزبين منظمين فكريا وعسكريا، إضافة إلى بروز العديد من المذاهب والقوى الشيعية المختلفة في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي كدليل على وجود توازن شيعي سني داخل البيت الإسلامي الواحد، ويجب علينا أن نعترف انه منذ قيام الثورة الإيرانية وبسبب ذلك التوازن السني الشيعي استطاعت الدول العربية المحتلة أراضيها أن تؤسس لقيام مقاومة للاحتلال في لبنان وفلسطين أدى إلى خلق توازن قوة مع الدولة المحتلة، كدليل على صحة وجود توازن سني شيعي بالرغم من أن هناك الكثير من المحاولات لتحويل ذلك التوازن الشيعي السني إلى تناحر واختلاف مثلما يحدث الآن في العراق ويقف وراء ذلك التحالف قوى أجنبية وأحيانا بمساعدة ودعم قوى عربية داخلية.
إلا أن الفرق بين تعادلية الإسلام السني الشيعي وتعادلية الحزبين الأمريكيين الجمهوري والديموقراطي :
أن المسلمين لا يزالون غير مدركين ولا واعين لأهمية التعادلية التي يرفضها كل من الإسلام السني والإسلام الشيعي بسبب نزعة بعضهما لإلغاء الآخر وإقصاءه والقضاء عليه.
بينما ارتقى الشعب الأمريكي بوعيه كي يجعل من تعادلية الحزبين ميزانا يحافظ على توازن الدولة العظمى واستقرارها وكرامة إنسانها وحريته.
وتلك براهين تدل على أن أمريكا سوف تمضي في تفوقها كونها تملك آليات النقد والتصحيح والبناء عبر تعادلية الحزبين اللذين لايسعى احدهما لإقصاء الآخر أو إلغاءه مهما اختلف الحزبان في رؤيتهما نحو المستقبل وحول
الحاضر.بينما لايملك المسلمون غير آلية الهدم والقتل والإلغاء على حساب حاضر الشعوب ومستقبلها
3
كلنا يعرف أن انهيار الدول سواء كانت إسلامية أو غير إسلامية هو نتيجة لانهيار قيمها الأخلاقية، واهم القيم الأخلاقية التي تحافظ على استمرار الدول واستقرارها هي قيم (العدل *****اواة والحرية ).
فالعدل كما يقول العرب أساس الملك، *****اواة جوهر العدالة، والحرية هي أعظم هدايا الرب للإنسانية حيث يستطيع الإنسان الحر أن يشعر بكرامته ووجوده. عندما يمتلك حرية الاختيار والتفكير والتعبير دون إقصاء من احد.
وقد انهارت الدولة الأموية والعباسية والاندلسية والفاطمية نتيجة ما أصاب تلك الدول من انهيارات أخلاقية حيث تفشى الفساد وحورب الشرفاء وسيطرت الخرافات وتم قمع كل رأي حر ومحاربة كل عقل مستنير. وكل ذلك يحدث عندما تقترب الدولة من الهرم دون أن تجد من يجدد لها شبابها.فكان السقوط الحتمي هو النتيجة الحتمية لغياب العقل الذي يعتبر المنبع الرئيسي لكل القيم الراقية.
والإسلام السني السياسي، كان احد مقومات الحضارة الإسلامية عندما يكون الفكر الذي يمثل ذلك الإسلام السني فكرا مستنيرا ومنفتحا مع الآخر، وهو في نفس احد أسباب انهيار الحضارة الإسلامية عندما يلجأ إلى القمع والإلغاء ورفض الآخر والفساد ومحاربة الفكر المستنير وأهله مثلما حدث مع الفيلسوف العظيم ابن رشد.
لو رجعنا إلى الوراء قليلا إلى الوقت الذي قامت فيه الثورة الإيرانية وبزوغ نجم الإسلام الشيعي من جديد.لوجدنا أن الإسلام الشيعي السياسي حقق انتصارات متتالية بسبب امتلاكه فكرا جديدا أقل طائفية وأكثر احتراما لحقوق الإنسان وحريته وكرامته، ربما لأن المسلمين الشيعة قد عانوا من الطغيان أكثر مما عانوه المسلمين السنة، فاتعظ الشيعي من عبر التاريخ وأدرك انه لن ينتصر بفكر الإقصاء وعقلية الإلغاء مهما امتلك من قوة.
والثورة الإيرانية للحق : لم تكن طائفية بالرغم من شيعيتها، وقد وقفت بجانب الحق الفلسطيني ذو الأغلبية الفلسطينية مثلما وقفت مع المسلمين السنة في أماكن أخرى كالبوسنة والهرسك وغيرها. في الوقت الذي لم يقف الإسلام السني خلف مقاومة حزب الله الشريفة، ولا حتى مع مقاومة الشعب الفلسطيني، وذهب للوقوف خلف طالبان التي استعدت كل طوائف الشعب الأفغاني سنة وشيعة بسبب الاختلاف معها في المذهب. وارتكبت المجازر بتأييد غريب من الإسلام السني بدعاته وقادته حتى دفع الله بأمريكا أن تقضي على الطالبان بتأييد معاكس ومتناقض وغريب من الإسلام السني أيضا !
************************************************** ************************************************** ********
منقول