المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قوة الحسم وشمولية المراجعة عندبن تيمية


 


اسامة الشلفي
14 - 12 - 2005, 10:34 PM
مقاربة فكرية:

قوة الحسم وشمولية المراجعة في فكر بن تيمية

لاشك أن ظهور العالم الجليل بن تيمية رحمه الله في القرن السابع الهجري مثّل نقطة تحول في حركة الأفكار الإسلامية ومرحلة انتقال في مساراتها ، تمكن فيها هذاالعالم أن ينتزع لقب ((*** الإسلام)) – مجدّدالقرن السابع – واستحق خطابه أن يحوز صفة المرجعية .. حتى ليمكننا القول أن هذه الشخصية تجاوزت محيطها وأن حركته الفكرية اتسمت بدينامكية الامتداد والتقادم الزمني والمكاني وأصبح فكره ذاحضور فاعل ومؤثر في الحياة الفكرية المعاصرة على امتداد العالم الإسلامي

هذه الفرضية تبدو موضوعية لسببين:

1-قوة الحسم: فالرجل كان حاسما في تناوله لمختلف القضايا والتزامه للمواقف ، صاحب مواجهات ومساجلات كأنه ليث حرب كما وصفه الحافظ الذهبي رحمه الله"له حدة قوية تعتريه في البحث وكأنه ليث حرب..."

2- شمولية المراجعة: وتتمثل في أرائه الجريئة واجتهاداته وواقعية مشروعه وأفكاره الإصلاحية ناهيك عن الترابط الوثيق بين الفكر العقدي والكلامي ورؤيته للعقل والعقلانية ، فلقد قدم مراجعات علمية وعملية كثيرة في جميع المعارف والمجالات مثّلت ثورة حضارية.

القراءة المنقوصة لأرث بن تيمية:

أولاً الإرث النظري:

القسم الأول/ مؤلّفات تتصف بالنقد والاحتجاج والنقض: تعامل معها *** الإسلام بمنطق المحارب وكأنه في ساحة قتال وميدان القلم عنده أشد من ميدان السيف،ولك أن تلحظ من أول وهلة عناوين بعض مؤلفاته نحو""اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم"" وكتاب "" الصارم المسلول على شاتم الرسول"" و كتابه "بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية"

وفي تقديري أن الخطاب الديني المتلبّس بهذه المنهجية والذي يخرج علينا اليوم بعناوين تملأ المكتبات حتى لتئن الرفوف وتتقوس هابطة!! "التبديع.. التكفير.. التضليل- إنما هونتيجة لاختلال العلاقة في التعامل مع أفكار بن تيمية فقط يجري استلال الألفاظ والمصطلحات المحتدّة والتي اقتضتها هموم المواجهة اليومية والمعارك الملتهبة التي كانت لها علائقها، وأما الشانئين فإنهم يعيدون ذلك إلي الحدّية الزائدة لدى بن تيمية ويعبرون عنها بالأحادية والضيق بالمخالفين( يكفر خصومه لأدنى المواقف الاجتهادية التي قديخالفهم فيها)والكلام هناللبوطي من المعاصرين.

ومن القضايا التي كان *** الإسلام حاسما فيها :

-موقفه من علم الكلام ففي حين انتهى حجة الإسلام الغزالي في القرن الخامس الهجري إلي تهافت الفلاسفة ورفض علم الكلام رأينا بن تيمية بذكائه الوقّاد يوغل في هذا العلم ويوظفه في المجال العقدي ويحتل مساحة واسعة من تفكيره وعلى العكس من ذلك رفض المنطق جملة وتفصيلا وقلّل من شأنه وفك ارتباط المسلمين به وتعلقهم فيه على طريقته في الحسم وكان يقول(إن المنطق اليوناني لايحتاج إليه الذكي ولا ينتفع به البليد) وفي كلام له يقول( إن المنطق مطية التكذيب بالحق والعناد والزندقة والنفاق) .. وألّف في ذلك رسالة مختصرة سمّاها"نقض المنطق" وكتابا بعنوان" الرد على المنطقيين"وهنا يمكن القول إن هذا المركب الصعب والقول الشطط في علم المنطق- فيه نوع من التطرف والمغالاة وقد أشار إلي شئ من ذلك أبو الحسن الندوي في كتابه عن *** الإسلام وان كان قد حاول التبرير والدفاع عن هذا الموقف لانه لايريد أن يقدم نفسه ناقداً لابن تيمية وهو الذي بالغ في منزلته واعتبره مجددا لعلوم الشريعة .

والالتباس الحاصل في الأوساط الإسلامية المتأثرة بفكر بن تيمية هو الآخذ الكامل والتبني المطلق دون مقارنة أوتمحيص أو انتخاب والتمييز بين ما ينفع وما يضر ولم يسترعهم التباين والتخالف الكبير في موقف حجة الإسلام الغزالي الفقيه الاصولي المجدد الذي بلغ من موسوعيته ان تستوعب مكونات ثقافته ربما مكونات الثقافة العربية والإسلامية كلها وقد أعلى من شأن المنطق ورفع منزلته بين العلوم واعتبره معيار العلم والقسطاس المستقيم واعتبر أن المنطقيات على منهج الصواب ولاعلاقة لها بالدين.

- ومن أكثر القضايا حسماًعندبن تيمية في مشروعه الفكري:

التصوف حيث شنع على أصحابه وانتقدهم بشدة وخاض في مواجهتهم بقسوة وضراوة وكان يرى " أن دفع ضرر أهل التصوف من أعظم الواجبات ويشبهه بدفع التتار عن المؤمنين " لكن الذي لايبرزه الباحثون في فكره من مراجعات هو تقسيمه للتصوف الي قسمين:

1- تصوف أهل العلم : كتصوف أبي القاسم الجنيد والفضيل بن عياض ومعروف الكرخي فقد أثنى عليهم واعتبر تصوفهم متوافقاً مع كتاب الزهد لأحمدبن حنبل .

2- التصوف السلوكي ويؤرخ له مع نهاية القرن الثالث الهجري بعد أن تحول إلي تصوف له وقواعده ومصطلحاته فهذالنوع هوالذي أعمل فيه سهامه وجرّدله سيفه.

القسم الثاني : من المؤلفات "فتاوى بن تيمية" هذا القسم الأكثر حضوراً وفاعلية والأقوى تداولاً وتعميماً خاصة في الأوساط الدينية التي تنتسب الي فكربن تيمية ومنهجه.

والمشكل في هذاالتعاطي تجريد هذه الفتاوى من طبيعتها وتناولها بعيداً عن شرائط المكان والزمان والحال وعن مكونات البيئات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية،ويحصل التعامل معها بشكل جاهز وتوزع بشكل منشورات يجري اقتناؤها مباشرة واتباع مضامينها بدون تحقيق اوتعليق أواعمال نظر.

الإرث الواقعي والعملي لابن تيمية:

إن الشيء اللافت في الصياغة الحديثة لفكر *** الإسلام ذلك الانكفاء على الفكر العقدي المجرد لابن تيمية والانفصال الشديد عن واقعيته ومشروعه الإصلاحي حيث سجّل لنا التاريخ رفضه للجمود في النظم الفكريه والساسية السائدة في عصره وخاض معها معارك ودخل في مواجهات ومن ذلك:

1- خروجه عن اجماع المذاهب الاربعة في قضية الطلاق بالثلاث والبدعي والطلاق المعلق بشرط غير معتبر

2- اتهامه من قبل القاضي بن مخلوف المالكي في أنه أثبت الصفات اثباتاً يقتضي التجسيم وطُلب حضوره الي مصر وانتهى به الامر الي السجن.

3- تعرض لامتحان في معتقده سنة705هـ بمرسوم من السلطان يدعوه للحضور للتباحث مع القضاة في صحة وسلامة عقيدته وعُقدله جلسات في هذاالشأن. والرجل حين تطيل النفس في تأريخه تجدأوقاتاًعصيبة مرً بها تكرر معه التفتيش والتحقيق والسجن كلما تكرر منه الانطلاق والتحرر من القيود والاجتهاد في المسائل وانتهى به الأمر الي الموت في سجن القلعة سنة728هـ

وعلى صعيد آخر تتجلى المراجعات لدى *** الإسلام في الجانب السياسي وإعادة الدور الريادي للعالم ( دور التوجيه والتحريض على مقاومة المعتدين على الأرض والعرض ) فقد كانت له مشاركة فاعلة في مواجهة عودة التتار إلي بلادا لشام سنة7**هـ فأعلن الجهاد وبث الحماس في نفوس الناس وخاطب الحكام وأمراء الجيوش بضرورة التصدي والدفاع عن بلاد الإسلام

الغريب انه لم يبق من الإصلاح الذي قام به بن تيمية الاّوجهه السلفي وهذا هو منشأ الاشكاليه والتأزم والجمود الذي أصاب الفكر السلفي اليوم.
كتب عبدالعليم الشلفي

بدر بن تركي
15 - 12 - 2005, 08:48 PM
شكراً لك أخي الكريم
وجزاك الله خيراً