المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رؤية الله في القرآن والسنة


 


حماده
3 - 10 - 2005, 09:44 AM
رؤية الله في القرآن والسنة
قال الله تعالى : ( لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ).
الرؤية في كتب العهدين :
ما ورد فيه من تصريح برؤية الرب :
1 - وقال ( الرب ) : لا تقدر أن ترى وجهي ; لأن الإنسان لا يراني ويعيش . وقال الرب : هو ذا عندي مكان فتقف على الصخرة ، ويكون من اجتاز مجدي أني أضعك في نقرة من الصخرة وأسترك بيدي حتى اجتاز ثم أرفع يدي فتنظر ورائي ، وأما وجهي فلا يرى وعلى هذا فالرب يرى قفاه ولا يرى وجهه
2 - رأيت السيد جالسا على كرسي عال . . فقلت : ويل لي لأن عيني قد رأتا الملك رب الجنود والمقصود من السيد هو الله جل ذكره . إن مسألة رؤية الله تعالى قد طرحت على صعيد البحث والجدال في القرن الثاني ، عندما حيكت العقائد على نسق الأحاديث ، ووردت فيها رؤيته سبحانه يوم القيامة 0
الرؤية بالأبصار لا بالقلب ولا بالرؤيا : يقول سبحانه : ( وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )
يقول ابن حزم : إن الرؤية السعيدة ليست بالقوة الموضوعة بالعين ، بل بقوة أخرى موهوبة من الله ، إلى غير ذلك من الكلمات التي حرفت النقطة الرئيسية في البحث ، ومعتقد أهل الحديث الأشاعرة ، ونحن نركز في البحث على الرؤية بالأبصار ، وأما الرؤية بغيرها فخارجة عن مجاله . قال الرازي في تفسير قوله ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) : احتج علماء التوحيد قديما وحديثا بهذه الآية على نفي كونه جسما مركبا من الأعضاء والأجزاء ، حاصلا في المكان والجهة و الإمام علي قال في خطبة الأشباح : الأول الذي لم يكن له قبل فيكون شئ قبله ، والآخر الذي ليس له بعد فيكون شئ بعده ، والرادع أناسي الأبصار عن أن تناله أو تدركه0 وقد سأله ذعلب اليماني فقال : هل رأيت ربك يا أمير المؤمنين ؟ فقال: أفأعبد ما لا أرى ؟ فقال : وكيف تراه ؟ فقال : لا تدركه العيون بمشاهدة العيان ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان ، قريب من الأشياء غير ملابس ، بعيد منها غير مبائن
- الرؤية في منطق العلم والعقل : إن الرؤية في منطق العلم والعقل لا تتحقق إلا إذا كان الشيء مقابلا أو حالا في المقابل من غير فرق بين تفسيرها حسب رأي القدماء أو حسب العلم الحديث ، وعلى كل تقدير فالضرورة قاضية على أن الإبصار بالعين متوقف على حصول المقابلة بين العين والمرئي أو حكم المقابلة ، كما في رؤية الصور في المرآة .
- الرؤية بلا كيف : ومعناه أن الله تعالى يرى بلا كيف وأن المؤمنين في الجنة يرونه بلا كيف ، أي منزها عن المقابلة والجهة والمكان .
- اختلاف الأحكام باختلاف الظروف : ان البعض قد أدركوا بعقولهم أن الرؤية لا تنفك عن الجهة التجأوا إلى القول بأن كل شيء في الآخرة غيره في الدنيا ، ولعل الرؤية تتحقق في الآخرة بلا هذا اللازم السلبي . لكن هذا الكلام رجم بالغيب ، لأنه إن أراد من المغايرة بأن الآخرة ظرف للتكامل وأن الأشياء توجد في الآخرة بأكمل الوجوه وأمثلها ، يقول سبحانه : ( كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً ) ولكن إن أراد أن القضايا العقلية البديهية تتبدل في الآخرة إلى نقيضها فهذا يوجب انهيار النظم الكلامية والفلسفية والأساليب العلمية التي يعتمد عليها المفكرون
- موقف الذكر الحكيم من أمر الرؤية: إن الذكر الحكيم يصف الله سبحانه بصفات تهدف جميعها إلى تنزيهه عن الجسم والجسمانية ، وأنه ليس له مثل ولا نظير ، ولا ند ولا كفو ، وأنه محيط بكل شيء ، ولا يحيطه شيء و نشير إلى بعض منها :
قال سبحانه :
( فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )، ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) ،
( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) وحصيلة هذه الآيات أنه لا يوجد في صفحة الوجود له مثل ، وهو أحد لا كفو له ، لم يلد ولم يولد ، بل هو أزلي ، فبما أنه أزلي الوجود ، فوجوده قبل كل شيء أي لا وجود قبله . وبما أنه أبدي الوجود ، فهو آخر كل شيء إذ لا وجود بعده . وبما أنه خالق السماوات والأرض فالكون قائم بوجوده ، فهو باطن كل شيء
الشبهات : - قال سبحانه : ( وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ * ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) ( البقرة / 55 - 56 ).
فالمتدبر في هذه الآيات يقضي بأن القرآن الكريم يستعظم الرؤية ويستفظع سؤالها ويقبحه ويعد الإنسان قاصرا عن أن ينالها على وجه ينزل العذاب عند سؤالها . فلو كانت الرؤية أمرا ممكنا ولو في وقت آخر ، لكان عليه سبحانه أن يتلطف عليهم بأنكم سترونه في الحياة الآخرة لا في الحياة الدنيا ، ولكنا نرى أنه سبحانه يقابلهم بنزول الصاعقة فيقتلهم ثم يحييهم بدعاء موسى ، كما أن موسى لما طلب الرؤية وأجيب بالمنع تاب إلى الله سبحانه وقال : أنا أول المؤمنين بأنك لا ترى .
- لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ قد عرفت تعبير الكتاب عن الرؤية إجمالا ، وأنه يعد طلب الرؤية وسؤالها أمرا فظيعا ، قبيحا ، موجبا لنزول الصاعقة والعذاب ، والآيات السالفة وضحت موقف الكتاب من هذه المسألة لكن على وجه الإجمال وأن الأشياء في مقام التصور على أصناف :
1 - ما يرى ويرى كالإنسان .
2 - ما لا يرى ولا يرى كالأعراض النسبية كالأبوة والنبوة .
3 - ما يرى ولا يرى كالجمادات .
4 - ما يرى ولا يرى وهذا القسم تفرد به خالق جميع الموجودات بأنه يرى ولا يرى ، والآية بصدد مدحه وثنائه بأنه جمع بين الأمرين يرى ولا يرى لا بالشق الأول وحده نظير قوله سبحانه : ( فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ ) ودلالة الآية على أنه سبحانه لا يرى بالأبصار بمكان من الوضوح غير أن للرازي ومن لف لفه تشكيكات نأتي بها مع تحليلها :
رؤية الله في الذكر الحكيم - الآية الأولى : إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ استدل القائلون بجواز الرؤية بآيات متعددة والمهم فيها هو الآية التالية ، أعني قوله سبحانه : ( كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ * تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ) يقول الشارح القوشجي في شرحه لتجريد الإعتقاد : إن النظر إذا كان بمعنى الانتظار يستعمل بغير صلة ويقال انتظرته ، وإذا كان بمعنى التفكر يستعمل بلفظة في ، وإذا كان بمعنى الرأفة يستعمل بلفظة اللام ، وإذا كان بمعنى الرؤية استعمل بلفظة إلى ، فيحمل على الرؤية 0 إن الله سبحانه استخدم كلمة وجوه لا عيون ، فقسم الوجوه إلى قسمين : وجوه ناضرة ، ووجوه باسرة ، ونسب النظر إلى الوجوه لا العيون ، فلو كان المراد هو الرؤية لكان المتعين استخدام العيون بدل الوجوه 0 وعندما نعلم أن الحسنى والزيادة ( لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) فقد روى مسلم في صحيحه عن صهيب عن النبي قال : إذا أدخل أهل الجنة قال الله تبارك وتعالى : تريدون شيئا أزيدكم ، فيقولون : ألم تبيض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار ؟ قال : فيكشف الحجاب ، فما أعطوا شيئا أحب إليهم من التنظر إلى ربهم عز وجل . وفي رواية ثم تلى ( لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ) وقال : ( لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ ) ثم جعل المضاعف منه حقا للعامل أيضا ، وهذا أيضا بكرمه وفضله ، وقال : ( مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا )
رؤية الله في الأحاديث النبوية : إذا كان الكتاب العزيز مهيمنا على سائر الكتب فلماذا لا يكون مهيمنا على السنن المروية عن الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، التي دونت بعد مضي 341 سنة من رحيله ( صلى الله عليه وآله ) ولم تصن عن دس الأحبار والرهبان ، قال سبحانه : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ )ولا يعني ذلك ، حذف السنة من الشريعة ورفع شعار حسبنا كتاب الله ، بل يعني التأكد من صحتها ثم التمسك بها في مقام العمل . ومن الاحاديث الصحيحة : روى البخاري في باب الصراط جسر جهنم بسنده عن أبي هريرة قال : قال أناس : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال : هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب ؟ قالوا : لا يا رسول الله ، قال : هل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب ؟ قالوا : لا يا رسول الله ، قال : فإنكم ترونه يوم القيامة ، كذلك يجمع الله الناس فيقول : من كان يعبد شيئا فليتبعه ، فيتبع من كان يعبد الشمس ، ويتبع من كان يعبد القمر ، ويتبع من كان يعبد الطواغيت ، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها ، فيأتيهم الله في غير الصورة التي يعرفون ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : نعوذ بالله منك ، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا أتانا ربنا عرفناه ، فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : أنت ربنا فيتبعونه ويضرب جسر جهنم . . . إلى أن يقول : ويبقى رجل مقبل بوجهه على النار فيقول : يا رب قد قشبني ريحها ، وأحرقني ذكاوها ، فاصرف وجهي عن النار ، فلا يزال يدعو الله فيقول : لعلك إن أعطيتك أن تسألني غيره ، فيقول : لا وعزتك لا أسألك غيره ، فيصرف وجهه عن النار ، ثم يقول بعد ذلك : يا رب قربني إلى باب الجنة ، فيقول : أليس قد زعمت أن لا تسألني غيره ؟ ويلك ابن آدم ما أغدرك ، فلا يزال يدعو فيقول : لعلي إن أعطيتك ذلك تسألني غيره ، فيقول : لا وعزتك لا أسألك غيره ، فيعطي الله من عهود ومواثيق أن لا يسأله غيره ، فيقربه إلى باب الجنة ، فإذا رأى ما فيها سكت ما شاء الله أن يسكت ، ثم يقول : ربي أدخلني الجنة ، ثم يقول : أو ليس قد زعمت أن لا تسألني غيره ، ويلك يا ابن آدم ما أغدرك ، فيقول : يا رب لا تجعلني أشقى خلقك ، فلا يزال يدعو حتى يضحك ( الله ) ، فإذا ضحك منه أذن له بالدخول فيها . - ورواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة ، مع اختلاف يسير
رؤية الله في روايات أئمة أهل البيت : إن أهل البيت أحد الثقلين الذين تركهما النبي بعد رحيله وأمر أن يتمسك بأقوالهم وأفعالهم ، وحينما نراجع ما روي عنهم ودونه الأثبات من المحدثين كال*** الصدوق ( 630 - 381 ه‍** روى الصدوق عن عبد الله بن سنان عن أبيه قال : حضرت أبا جعفر ( محمد الباقر ) ، ( عليه السلام ) فدخل عليه رجل من الخوارج فقال له : يا أبا جعفر أي شئ تعبد ؟ قال : الله ، قال : رأيته ؟ قال : لم تره العيون بمشاهدة العيان ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان ، لا يعرف بالقياس ، ولا يدرك بالحواس ، ولا يشبه بالناس ، موصوف بالآيات ، معروف بالعلامات ، لا يجور في حكمه ، ذلك الله لا إله إلا هو ، قال : فخرج الرجل وهو يقول : الله أعلم حيث يجعل رسالته
الرؤية القلبية : كان المرتقب من أئمة الحديث والكلام الإشارة إلى قسم آخر من الرؤية الذي لا يتوقف على الأعين والأبصار ، ينالها الأمثل فالأمثل من المؤمنين 0

عاشق الاسلام
3 - 10 - 2005, 03:04 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


جزاك الله خيرا ً على الموضوع الرائع أخي الكريم حمادة